ملخص: انتقاد الآخرين أو الذات من خلال التركيز على السلبيات فقط فخّ نسقط فيه جميعاً، والأصعب من ذلك أنّنا نتجاهل الانعكاسات النفسية لهذه العقلية المتشائمة التي لا ترى إلّا النصف الفارغ من الكأس. من حقّنا طبعاً أن نحلّل ما يجري حولنا ونحاول تفسير مواقف الآخرين لكن عندما يتحوّل الأمر إلى حرص مرَضي يصبح سلوكنا النقدي المستمر نيراناً صديقة نطلقها على أنفسنا قبل الآخرين. إليك إذاً علاج الإقلاع عن الانتقاد.
عندما تحاول الانخراط في مشروع جديد أو خوض تجربة مختلفة أو التعرّف إلى أشخاص جدد أو الانتقال إلى مرحلة أخرى في مسارك الشخصي أو المهني، قد يثنيك الصوت الداخلي الذي يتردّد في ذهنك عن هذه الأهداف. وقد تسمع هذا الناقد الذاتي يردّد في نفسك: أنت لست كفئاً بما يكفي، بل أنت سخيف أو ضعيف أو ذو طموحات غير واقعية وغير مشروعة إلى غير ذلك.
ثمّة أشخاص يخشون كثيراً انتقادات الآخرين، بل يشعر بعضهم بقلق شديد تّجاه مراقبة الآخرين له، أو التدقيق في سلوكياته ومن ثمّ انتقاده. ينطبق هذا الأمر مثلاً على الأشخاص الذين يعانون السكوبوفوبيا أو رُهاب نظرات الآخرين. ولكن ماذا لو كان انتقادنا لذواتنا أو للآخرين هو ما يجب علينا التخلص منه أولاً كي نتمكن من عيش حياة طبيعية بالكامل؟ هذا ما يقترحه علاج "الإقلاع عن الانتقاد".
أوقف دورة الأفكار السلبية
تقول مؤلفة كتاب "الإقلاع عن الانتقاد" (Judgement Detox) غابرييل بيرنستين (Gabrielle Bernstein) في تصريح لموقع ويمنز هيلث (Women’s Health): "قد يستنزف الانتقاد طاقتك الجسدية ويزيد مستوى توتّرك ويحرمك من النوم". هذا يعني أنّ الجهر بأفكارك السلبية حول الأصدقاء أو الغرباء أو حتّى حول الذات لن يفيدك بشيء.
توضح المختصّة في علاج القلق كلوي برادريدج (Chloe Brotheridge) مخاطر هذا السلوك قائلة: "توجّه الأفكار النقدية والأحكام التي نطلقها أذهاننا نحو ما هو سلبي، فنعتاد بمرور الوقت على البحث عن الأخطاء والنواقص والمشكلات في المواقف كلّها".
لا نستطيع بالطبع منع أنفسنا من تفسير تفاعلاتنا أو أفعالنا الشخصية أو ما يحدث حولنا، والتعليق على ذلك كلّه أو النظر إليه برؤية نقدية، لأنّ أدمغتنا مبرمجة على تحليل كلّ شيء وتقييمه سواء كان مؤكداً أو لا، وفقاً لما ذكرته المعالجة النفسية كامالين كور (Kamalyn Kaur) في تصريح لموقع ستايلست (Stylist). لكنّنا نستطيع أحياناً أن نستغني عن هذا السلوك النقدي المستمر.
تقرّ كامالين كور بصعوبة ذلك قائلة: "في عالمنا هذا الذي تملأه المقارنات المستمرة والتوقعات المجتمعية والانجذاب إلى شبكات التواصل الاجتماعي من السهل أن نسقط في فخّ توجيه الانتقادات غير الدقيقة إلى الذات والآخرين، وقد تؤدي هذه الانتقادات إلى النزعة السلبية والتوتّر واضطراب العلاقات وقد تعوّق التطور الشخصي والمهني".
تعرف إلى مبدأ الإقلاع عن الانتقاد
نظراً إلى أنّ هذا السلوك قد يعوّق رفاهيتنا من المفيد أن نطبق مبدأ "الإقلاع"، لأنه يمكن أن يساعدنا على التخلّص من توجيه الانتقاد في الحالات التي لا يكون فيها ضرورياً. وفقاً لكامالين كور فإن الإقلاع عن الانتقاد قد يجعلنا أقل توتراً وأكثر ثقة بالنفس وانفتاحاً على التجارب الجديدة، ويسمح لنا بخلق علاقات جديدة وزيادة تقديرنا لذواتنا وأصدقائنا وأقاربنا.
يقدم الخبراء عدّة نصائح تساعد على الإقلاع عن الانتقاد. وفي هذا السياق تنصح غابرييل بيرنستين بالتوقف قليلاً عن استخدام شبكات التواصل الاجتماعي إذا كانت تثير رغبتنا في توجيه الانتقادات. وللتعمّق في حلّ المشكلة تدعو الكاتبة إلى تحليل المواضيع التي ننتقدها.
على سبيل المثال إذا كنّا ننتقد بانتظام الإنجازات المهنية للآخرين فقد يكون هذا الأمر نابعاً من مشكلة شخصية نواجهها في مسارنا المهني الشخصي. إنّ طرح هذه الأسئلة على الذات هو الذي يسمح لنا بمعرفتها واستكشافها، وهو أمر لا بدّ منه في عملية الإقلاع عن الانتقاد وفقاً للمعالجة النفسية كامالين كور.
لذا، تقترح ما يلي: "اسأل نفسك: هل هذه الانتقادات تمثّل رأيك الشخصي أم أنّها انتقلت إليك من أشخاص آخرين أم تلقّيتها خلال تنشئتك؟". وتدعو الخبيرة في النهاية إلى التحلّي بعقلية منفتحة والاستناد إلى الخبرة بدلاً من الأفكار المسبقة، مع الامتنان للنفس والآخرين.
اقرأ أيضاً: