يبدو المنحرف النرجسي في معظم الأحوال شخصاً ذا كاريزما، وجاذبية جسدية وثقة بالنفس؛ وهذا ما يجعله شخصاً مثيراً ومرغوباً فيه من الآخرين. لكن من الضروري أن تتذكر أن هذا النوع من الأشخاص لا يحمل أيّ تعاطف تجاه الآخر، وقد يتحول في أيّ لحظة إلى شخص متلاعب ومتسلط، علاوة على تقديره الذاتي المشوه. وخلافاً لما يُظهره، فإنه لا يهتم بشريكه في الحقيقة ولا يحترم مشاعره أو احتياجاته. لذا؛ قد يكون بناء علاقة حب مع منحرف نرجسي أمراً معقداً ومربكاً لاعتبارات عدة.
محتويات المقال
لقد أظهرت دراسة نشرتها المجلة العلمية سايج (Sage) أن نمط الشخصية النرجسية مطلوب بكثرة في العلاقات القصيرة الأمد. ومع ذلك، من الضروري أن نتساءل حول الدوافع التي تشجعنا على الوقوع في حب هذا النوع من الأشخاص، وعن دورنا أيضاً في التشبث باستمرارية علاقة غالباً ما تكون سامة. إليك إذاً 3 أسباب رئيسة قد تجعلك غير قادر على مقاومة جاذبية الشخصية النرجسية وفقاً للأبحاث العلمية.
اقرأ أيضاً: 7 استراتيجيات يستخدمها الشخص النرجسي لإبقاء ضحيته تحت سيطرته
لماذا يقع البعض في حب الشريك النرجسي؟
يبحث الأشخاص الذين يرغبون دون وعي في الهروب من مشاعرهم السلبية، أو يواجهون شعوراً عميقاً بالملل والسخط على حيواتهم عن الشركاء الذين يثيرون بقوة حماسهم العاطفي الإيجابي أو السلبي. يقول الطبيب النفسي مارك ترافيرز (Mark Travers): "الشخص النرجسي بارع في تسلية الآخرين، لأن هذا الأمر يلبي حاجته الدائمة إلى نيل الإعجاب؛ وهذا ما يجعله شريكاً مفضلاً للباحث عن الإثارة والحماس المستمرَّين". ويتجلى هذا الميل في عدة مظاهر:
- مشاركة روح الدعابة والاستمتاع بالأنشطة نفسها.
- الاهتمامات المشتركة.
- تفضيل أفلام الرعب أو المحتوى الإعلامي العنيف.
كما يساعد قضاء لحظات عاطفية مشتركة والاستمتاع بها رفقة شريك الحياة على خلق ذكريات إيجابية مشتركة. لكن التعلق المفرط بالآخر قد يخفي وفقاً للمختص في النفسي إشارات تحذيرية مثل:
- غياب الحميمية العاطفية والارتباط بالذات والآخرين.
- المشكلات النفسية العميقة غير المعالَجة.
- السلوك الإدماني أو غير الصحي أو هما معاً.
اقرأ أيضاً: هل قررت الانفصال عن شريك حياتك النرجسي؟ احذرا! سيمارس تجاهك هذه السلوكيات
كيف تؤثر الاعتمادية العاطفية في التعلق بالشريك النرجسي؟
يعاني البعض "متلازمة الفتاة التي في خطر"، وتنتظر البطل الذي سيأتي لتخليصها وإنقاذها من العدو أو الظروف المأساوية. تدل هذه المتلازمة على شكل من أشكال الاعتماد العاطفي الذي يكون فيه أحد الشريكين عرضة إلى التعلق الشديد بالآخر والخضوع إليه؛ وهو نمط نجده كثيراً في العلاقات مع الأشخاص النرجسيين.
ينبه مارك ترافيرز إلى ذلك قائلاً: "على كل طرف أن يتحمّل أعباءه ومسؤولياته في العلاقة، وعلى الرغم من أنك قد تشعر بنوع من الأمان العاطفي في الارتباط بشخص نرجسي تذكّر أنه سيحرص على أمانه الشخصي أولاً قبل أن يفكر فيك". وإذا حدث هذا الاختلال في توازن العلاقة فقد يؤدي إلى مشكلات عدة؛ من هذه المشكلات التأثير السلبي في تقديرك لذاتك وتراجع التعاطف معها.
كما أن الاختلال الناجم عن هذه العلاقة قد يُلحق ضرراً كبيراً بمستوى ثقتك بنفسك؛ لكن من المهم أن نشير إلى أن هذه العلاقة قد تكشف أنك تحمل تصوراً خاطئاً عن معنى العلاقة الصحية، وهو تصور غالباً ما ينجم عن غياب نماذج العلاقة الصحية في محيطك.
احذر من الانسياق وراء التشابه بينك وبين الشريك النرجسي
أظهرت الأبحاث أن تشابه السمات الشخصية بين الشريكين ظاهرة شائعة، فنحن نميل عادة إلى البحث عن أشخاص يشبهوننا ونتشارك معهم بعض الصفات. يولّد هذا الأمر شعوراً بالأمان والارتياح في إطار هذه العلاقة ويقلل النزاعات. يضيف المختص النفسي: "مع ذلك يجب أن تكون حذراً؛ لأن النرجسي سيحرص على تبني سلوكيات تشبه سلوكياتك لنيل إعجابك؛ وهو الأمر الذي قد يبدو لك في البداية مجرد تشابه في العادات والأذواق".
لكن لا داعي للخوف، فتشارُك بعض السمات الشخصية مع شريك نرجسي لا يعني أنك نرجسي أيضاً. كما أن تشخيص حالة اضطراب الشخصية النرجسية يحتاج إلى رأي المهنيين المختصين؛ لكن المطلوب منك ببساطة هو الحذر من الوقوع في فخ الارتباط بشخص سام مثل الشخص النرجسي.