كيف يمكن للانطوائيين الوقاية من الإرهاق الاجتماعي والتغلب عليه؟

4 دقائق
الإرهاق الاجتماعي
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: إذا كنت شخصاً انطوائياً فلا بد أنك خجول ومنعزل وغير اجتماعي، وفي مجتمعنا الذي يولي قيمة كبيرة للانفتاح والتفاعلات الاجتماعية بكل أشكالها، تبدو الانطوائية عائقاً في حياة المرء؛ لكنها ليست كذلك في حقيقة الأمر. تناولت دراسة علمية ظاهرة الإرهاق الاجتماعي التي يعاني منها الانطوائيون بغية تفسيرها، فما أهم علاماتها؟ وكيف يمكن تجنبها والتخلص منها؟ إليكم الإجابات فيما يلي.

يتسم الأشخاص الانطوائيون بحساسيتهم الشديدة تجاه المحيط، وحتى أن التفاعلات الاجتماعية قد تصبح مصدر معاناة بالنسبة إليهم، وإذا كنت انطوائياً وتعاني الحالة ذاتها، إليك في المقال التالي أفضل طريقة للتعامل معها.

إذا كنت شخصاً انطوائياً فلا بد أنك خجول ومنعزل وغير اجتماعي، وفي مجتمعنا الذي يولي قيمة كبيرة للانفتاح والتفاعلات الاجتماعية بكل أشكالها، فقد تبدو الانطوائية عائقاً في حياة المرء؛ لكنها ليست كذلك في حقيقة الأمر. يبدو الانطوائيون عادة أكثر هدوءاً وحذراً من غيرهم، ويستمدون طاقتهم اليومية من الأنشطة التي يفضلون ممارستها في عزلتهم التي اختاروها؛ ولذلك فإن التفاعلات الاجتماعية التي تمنح الأشخاص المنفتحين الحيوية، قد تكون على العكس سبباً للتعب والإرهاق بالنسبة إليهم.

وعلى الرغم من ذلك فإنهم لا يكرهون الاختلاط بالناس أو يتسمون بطبيعة "برية" كما يُظَن؛ بل يقدرون كثيراً رفقة الآخرين لكن الانتقال من بيئة اجتماعية إلى أخرى يتطلب منهم جهداً وطاقة أكبر بكثير، وعلى المدى الطويل يمكن أن يسبب لهم ذلك الإرهاق الاجتماعي. تناولت دراسة علمية هذه الظاهرة بغية تفسيرها، فما أهم علاماتها؟ وكيف يمكن تجنبها والتخلص منها؟ إليكم الإجابات فيما يلي.

تعرف إلى علامات الإرهاق الاجتماعي

يُعرَّف الإرهاق الاجتماعي بأنه العواقب العاطفية والجسدية التي يسببها التحفيز الاجتماعي المفرط الذي يؤدي إلى التعب واستنزاف الطاقة، وكذلك يُسمَّى "إرهاق الشخص الانطوائي"، ويشير هذا الإرهاق بالنسبة إلى الشخص الانطوائي إلى أنه تفاعل اجتماعياً بما يفوق قدرته على التحمل إلى درجة أن التفاعل مع الآخرين صار مستحيلاً بالنسبة إليه.

وعلى الرغم من أن الإرهاق الاجتماعي لا يمثل حالة طبية محددة، فإنه تجربة حقيقية يمكن أن يمر بها أي شخص سواء كان انطوائياً أو حتى منفتحاً. يسبب الإرهاق الاجتماعي التعب الجسدي والتوتر الشديد وسرعة الانفعال وحتى الغضب؛ إذ يكون الشخص قد بلغ أقصى حدود قدرته على التحمل فيشعر أن طاقته الحيوية كلها مستنزفة وأنه يحمل عبئاً ثقيلاً أو حتى أنه مريض حينما يكون رفقة الآخرين. وكذلك فإن البعض قد لا يقوى على الاستيقاظ صباحاً بسبب شعور الإرهاق الذي يسيطر عليه؛ لذا يجب الانتباه إلى العلامات التحذيرية للإرهاق الاجتماعي قبل الوصول إلى هذه المرحلة المتقدمة، وأبرزها:

  • الشعور المتزايد بالانفصال عن الآخرين.
  • عدم القدرة على التركيز.
  • الصداع النصفي أو العادي الشديد والمتكرر.
  • التعب والافتقار إلى الطاقة.
  • صعوبة النوم.
  • شدة التأثر العاطفي.
  • سرعة الانفعال.
  • الشعور بالقلق.

أظهر البحث أن التفاعلات الاجتماعية التي تزيد مدتها على 3 ساعات تسبب الإرهاق للأشخاص الانطوائيين؛ إذ يحتاج هؤلاء إلى وقت أطول لاستعادة طاقتهم. إذاً ما الذي يمكنك فعله لتجنب الانغماس في الوحدة المفرطة إذا كنت شخصاً انطوائياً؟ يقول مدير الدراسة المشارك، الأستاذ ليكاس (Leikas): "يجب أن تراقب نفسك وتتعلم الاستماع إليها، فأنت الوحيد القادر على اكتشاف قدرتك على التحمل وتحديدها، والإرهاق الاجتماعي لا يحدث بين عشية وضحاها". ولذلك ينصحك المختص بأن تنتبه إلى صحتك النفسية وتراعيها لتتجنب الإصابة بالإرهاق الاجتماعي.

كيف تحمي نفسك من الإرهاق الاجتماعي؟

الوقاية خير من العلاج؛ ولذلك ثمة سبل يمكنك الاستعانة بها في حياتك اليومية لتتجنب استنزاف طاقتك دون أن تعزل نفسك كلياً عن الآخرين.

ابحث عن مسببات الإرهاق الاجتماعي لديك

خذ وقتاً كافياً لتحديد المواقف التي تؤدي إلى شعورك بالتعب والتوتر الشديد، فلكل شخص نقاط ضعف مختلفة عن الآخر؛ قد تكون مثلاً التفاعل مع أشخاص كُثُر ولا سيما في مكان العمل، أو المشاركة في الاجتماعات والمناسبات العائلية، أو المناسبات التي تتطلب الانخراط في مجموعات مثل الحفلات الموسيقية أو مجرد العمل ضمن مجموعة لفترات زمنية طويلة، فإذ كنت لا تشعر بالراحة في هذه المواقف، حاول تجنبها قدر الإمكان.

حدد قدرتك على التحمل

من المهم أن تتعلم كيف ترفض المشاركة في المناسبات التي تستنزفك عاطفياً، وعلى هذا النحو ستتمكن من توفير الوقت والطاقة للأنشطة المحببة لك أو الأشخاص الذين تستمتع برفقتهم بالفعل. وكذلك، يمكنك أن تحدد مدة زمنية لاجتماعات عمل معينة يتعين عليك حضورها.

خصص وقتاً تنفرد فيه مع نفسك

ينصحك الأستاذ ليكس بشدة بتخصيص وقت لنفسك كل يوم، ولا يُشترط أن يكون الوقت طويلاً بالضرورة؛ إذ يوضح إن 10-30 دقيقة يومياً كافية، ويقول: "يجب أن يكون هذا الوقت ملكك وحدك لتستعيد خلاله طاقتك وتتأمل ذاتك؛ إذ يمكن أن يساعدك ذلك على إدارة المواقف التي تسبب لك انفعالاً عاطفياً شديداً خلال اليوم ويمنحك الطاقة اللازمة للاستمرار".

لكن في بعض الأحيان، قد لا ننتبه إلى الإشارات التحذيرية للإرهاق الاجتماعي، ونُصاب به بالفعل، فما العمل حينئذ؟

4 ممارسات للتغلب على الإرهاق الاجتماعي

التعافي من الإرهاق الاجتماعي ممكن وهو في متناول الجميع، وإليك بعض الممارسات الفعالة لمساعدتك على استعادة طاقتك والحفاظ على صحتك النفسية.

عبّر عما في نفسك لشخص تثق به

قد تبدو هذه النصيحة غير ملائمة في حالة الإرهاق الاجتماعي، وعلى الرغم من ذلك فإنها فعالة. عبّر عما في نفسك لشخص تثق به، سواء كان شريك حياتك أو أحد أصدقائك أو معالجك النفسي، فمن المهم أن تتحدث عن مشاعرك السلبية وتعبر عن الإرهاق الذي تشعر به، والهدف هو أن تجد من يستمع إليك دون الخوف من حكمه عليك لتتمكن من النظر إلى الموقف الذي يستنزف طاقتك من زاوية مختلفة وبعين المراقب الخارجي.

ابتعد عن وسائل التواصل الاجتماعي

نمضي الكثير من الوقت باستخدام هواتفنا ونحن على اتصال شبه مستمر بالإنترنت، وتسبب التفاعلات الاجتماعية الافتراضية إرهاقاً مماثلاً لذلك الذي تسببه التفاعلات الحقيقية؛ لذا حاول أن تنفصل عن مواقع التواصل الاجتماعي قدر الإمكان، أو حتى فكر في تجربة الصيام الرقمي لأنه قد يكون مفيداً جداً لك.

مارِس التأمل

أصبحت فوائد التأمل معروفة تماماً؛ إذ يساعدك المشي في الطبيعة أو الاستماع إلى موسيقا هادئة أو ممارسة أساليب التنفس العميق على تهدئة قلقك وإدارة المواقف المثيرة للتوتر بطريقة أفضل. وكذلك، يمكنك أن تمارس الطبخ أو الرقص أو مشي التأمل اليقظ؛ إذ تخلّصك هذه الأنشطة من التعب وتقلل مستوى التوتر لديك على نحو كبير.

دوّن يومياتك

أظهرت دراسة علمية التأثيرات الإيجابية لتدوين اليوميات في صحتنا النفسية، فتدوين يومياتك لمدة شهر يمكن أن يحد من أعراض الاكتئاب والقلق، فالتعبير عن صعوباتك النفسية بالكتابة يساعدك على تجاوزها، بالإضافة إلى ذلك، يسهّل عليك تدوين اليوميات تحديد المواقف أو الأشخاص الذين يستنزفون طاقتك ويتسببون بشعورك بالإرهاق الاجتماعي.

المحتوى محمي