كيف تميّز بين المعاناة النفسية الحقيقية والمعاناة العابرة؟

2 دقيقة
المعاناة
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: من الطبيعي تحت ضغوط العمل ومفاجآت الحياة اليومية وأعباء الواجبات الشخصية أن نشعر أحياناً بالتوتّر والقلق وربّما الاكتئاب؛ لكنّنا قد نخطئ التقدير أحياناً ونفسّر معاناتنا النفسية بأنّها مجرّد أيام سيئة عابرة. فكيف نميّز إذاً بين المعاناة النفسية المزمنة وحالات الانفعال العابرة الناجمة عن الأحداث السيئة؟ إليك الإجابة.

مررنا جميعاً من قبل بيوم بدأ بداية سيئة فتراكمت بعدها أحداث بسيطة سبّبت لنا الشعور بالتوتّر، ودفعتنا إلى أن نصفه باليوم "الأسوأ حقّاً"، وربّما تطلّب منّا الأمر انتظار اليوم التالي للعودة إلى مسارات حيواتنا الصحيحة؛ لكنّ استئناف هذه المسارات بحالة مزاجية إيجابية قد يكون صعباً في بعض الأحيان، وبدلاً من أن يقتصر الأمر على يوم واحد، قد يتحوّل الأمر إلى أسبوع سيئ. وهنا نتساءل: هل هناك عامل أهمّ يقف وراء هذه السلسلة من الأيام السيئة قد يتطلّب منّا الخضوع إلى علاج أو استشارة مختصّ نفسي؟

الخطوة الأولى: التوقّف عن كبت العواطف

من الطبيعي أن يعيش المرء أياماً حلوة وأخرى مرة في ظل تحديات الحياة اليومية؛ لكن كيف تعرف أن حالتك النفسية السيئة السيئة ترجع إلى ما يتجاوز ذلك؟ عليك أن تنتبه إلى تصرفاتك وتراقبها، لترى إذا كانت غير متناسبة مع المواقف التي تتعرّض إليها. من السهل أن نخفي حالة القلق أو الحزن الشديد فترة معينة، وقد لا يلاحظ الآخرون أنّ هناك ما "يؤثّر" فينا، علاوة على أن بعضنا يبرع في فنّ التمويه إلى درجة أنه قد لا ينتبه حتّى إلى مشاعره الشخصية؛ لكنّ الخطوة الأولى في علاج هذه المشكلة تكمن في الإصغاء إلى الذات والانتباه إلى العواطف. تقول المدربة المختصة في تعزيز الرفاهية، ييتوندي بانكولي (Yetunde Bankole)، في تصريح لمجلة ستايلست (Stylist): "تختلف علامات بعض الأمراض النفسية وأعراضها الأكثر خطورة من شخص إلى آخر؛ لذا فإنّ أفضل طريقة للتأكد من حاجتك إلى مساعدة مختصّ نفسي هي ملاحظة مدى استمرارية تأثير عواطفك في حياتك اليومية". هل فقدت مثلاً شهية الأكل أو تغيّر إيقاع نومك أو لاحظت أيّ تغيير في أنشطتك المعتادة؟ عليك أن تنتبه إلى بعض العلامات التي يمكن أن تشكّل أعراضاً عضوية مثل الصداع أو خفقان القلب، أو غيرهما من الأعراض المرتبطة باضطرابات الصحة النفسية.

تقييم تأثير عواطفنا في حيواتنا اليومية

توضّح المدربة ييتوندي بانكولي: "من المهم الانتباه إلى مدّة هذه الانفعالات والمشاعر والتأكد من استمرارية تأثيرها في حياتك اليومية". على سبيل المثال؛ قد يبدو خوض جدال ما بقدر من الانفعال أمراً طبيعياً؛ لكنّ احتفاظك بمشاعر الضيق والحزن بعد حلّ هذا الخلاف قد يكون علامة على أنّك تعيش ظروفاً نفسية صعبة تنبّهك إلى ضرورة طلب المساعدة. وإذا كانت عواطفك تؤثر سلباً في أدائك المهني أو صداقاتك أو علاقاتك العاطفية مثلاً، فمن المؤكد أن ما يحدث لك ليس مجرّد أيام أو أسابيع سيئة تمرّ بها. لهذا؛ تنصحك الخبيرة النفسية بممارسة التأمل الذي سيسهّل عليك تحديد الأعراض المقلقة وطلب المساعدة للخروج من هذه الدوامة السلبية.

متى يجب أن تثير الأيام السيئة قلقك؟

الوعي بما ينتابك من عواطف ومشاعر خطوة أساسية إذاً؛ لأنّ الاقتناع بضرورة استشارة الطبيب أو المعالج النفسي للتحدث عن حالة صحتك النفسية قد يكون قراراً صعباً في بعض الأحيان. يسمح لك هذا الوعي أيضاً بالتقدّم في مسار العلاج من خلال التوقّف عن الشكّ في ذاتك وقدراتك، واستعادة عافيتك وسكينتك. إذا لاحظت تغيراً مؤثّراً في صحتك النفسية ورصدت آثاره في مجال أو أكثر من مجالات حياتك، فعليك أن تدرك أنّك في حاجة إلى مساعدة أحد المختصّين النفسيين. علاوة على ذلك، يتيح لك هذا النوع من الوعي التحدث عن صحتك النفسية وعواطفك بأريحية. لذا؛ عليك أن تتحلّى بالجرأة الكافية وتخبر من حولك من المقرّبين بما تعانيه، وتهدم جدار الصمت الذي يحيط بهذه القضايا النفسية المسكوت عنها مثل حالات الاكتئاب العابرة أو العواطف السلبية المزعجة.

اقرأ أيضاً: عمرو وردة ليس الأول: تعرَّف إلى معاناة أشهر الرياضين مع الاكتئاب.