5 أنواع من اضطرابات القلق: تعرّف إلى أعراضها وطرق علاجها

5 دقائق
المصابون باضطرابات القلق
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

غالباً ما يستهان بخطورة اضطرابات القلق. فهي مجموعة من الحالات النفسية التي يمكن أن يكون لها تأثير مدمّر في حياة الأشخاص. يعاني المصابون باضطرابات القلق (Anxiety Disorders) بطرائق لا يستطيع معظم الناس تصوّرها. فالعيش في حلقة مغلقة من الخوف والفزع والذعر يمكن أن يتداخل على نحوٍ معقّدٍ مع العمل والعلاقات والأنشطة اليومية.
يمكن أن يتسبب ذلك في عزل المصابين وانسحابهم، لأنهم خائفون جداً من الخروج إلى العالم أو الانخراط في تجارب جديد وإن كانت عادية. يمكن أن تسبّب اضطرابات القلق أيضاً أعراضاً جسدية مثل ألم الصدر والصداع وصعوبة التنفس، حيث يظلّ التوتّر المستمر يسيطر على حياة المصابين بدون هدنة.

اضطراب القلق العام

اضطراب القلق العام (GAD) هو اضطراب قلق يؤثّر على ملايين الأشخاص حول العالم. ويتميّز بالقلق المستمرّ والمفرط والخوف إزاء مختلف جوانب الحياة، مثل الصحة والمال والعلاقات. غالباً ما يشعر الأشخاص الذين يعانون من اضطراب القلق العام (GAD) بالإرهاق من قلقهم، ويمكن أن يعانوا من أعراض جسدية مثل الصداع والتعب والأرق. ويحدّد الخبراء من خدمة الصحة الوطنية البريطانية (NHS) الأعراض التالية لاضطراب القلق العام، والتي يمكن أن تختلف من شخص لآخر:

  • الشعور بالضيق أو الخوف.
  • مواجهة صعوبة في التركيز أو النوم.
  • الدوار أو خفقان القلب.

اضطراب الوسواس القهري

الوسواس القهري (OCD) هو اضطراب قلق، يتميّز بالأفكار الدخيلة والوساوس وعدم القدرة على التحكم في السلوكيات الناتجة عنها. قد يعاني الأشخاص المصابون بالوسواس القهري من أفكار أو مخاوف غير مرغوب فيها ومتكررّة، مثل القلق بشأن المرض أو التعرّض للخطر. قد يميلون أيضاً إلى غسل أيديهم أو تكرار بعض السلوكيات كالعد أو التحقّق أو التنظيف بشكلٍ هوسي، على أمل منع الأفكار الوسواسية أو التخلص منها. ومع ذلك، فإن أداء ما يسمى بـ "الطقوس" (Rituals) يوفّر راحة مؤقتة فقط، لأن عدم القيام بها يفاقم من أعراض القلق لديهم بشكل ملحوظ.

وتمثّل الوساوس (Obsessions) أحد الأعراض الرئيسية في اضطراب الوسواس القهري؛ وهي الأفكار أو الاندفاعات أو الصور المتكرّرة والمستمرّة التي تسبّب مشاعر مؤلمة مثل القلق أو الخوف أو الاشمئزاز. يمكن أن تتجلى تلك الوساوس على سبيل المثال في الخوف من التلوث بسبب الأشخاص أو البيئة، والأفكار أو الصور الجنسية المزعجة، والأفكار غير المرغوب فيها، بما في ذلك العنف أو تلك المتعلّقة بالدين، والاهتمام الشديد بالترتيب أو الاتّساق أو الدقّة، والخوف من فقدان أو التخلّص من غرضٍ مهم.

وتعتبر السلوكيات القهرية (Compulsions) العرض الرئيسي الثاني، وهي السلوكيات المتكرّرة التي يشعر الشخص المصاب بالحاجة لتأديتها استجابةً لهوسٍ ما. وبعض الأمثلة على ذلك تشمل:

  • غسل اليدين أو الاستحمام أو تفريش الأسنان أو استخدام المرحاض.
  • التنظيف المتكرّر للأدوات المنزلية.
  • ترتيب وتنظيم الأغراض بطريقة معينة.
  • التحقّق بشكل متكرّر من الأقفال والمفاتيح والأجهزة والأبواب وما إلى ذلك.
  • السعي باستمرار للحصول على التأييد أو التَطمين.
  • تأدية طقوس متعلقة بالأرقام، مثل العدّ أو التكرار أو التفضيل المفرط أو تجنّب أرقام معينة.
  • تجنّب بعض الأشخاص أو الأماكن أو المواقف التي تسبّب الضيق وتثير الهواجس.

اضطراب الهلع

اضطراب الهلع (Panic Disorder) هو نوع من اضطرابات القلق الذي يمكن أن يسبّب نوبات خوف مفاجئة وحادّة. وتحدث هذه النوبات، المعروفة باسم نوبات الهلع (Panic Attacks)، دون سابق إنذارٍ. حيث تسبّب أعراضاً جسدية مثل زيادة معدل ضربات القلب والتعرّق وصعوبة التنفس. قد يعاني الأشخاص المصابون باضطراب الهلع أيضاً من القلق الاستباقي (Anticipatory Anxiety) والقلق المستمّر بشأن النوبات المستقبلية. اضطراب الهلع هو حالة نفسية خطيرة يمكن أن تتعارض بشكل كبيرٍ مع الحياة اليومية للفرد إذا تركت بدون علاج.

ووفقاً للمعلومات الصادرة عن المعهد الوطني الأميركي للصحة النفسية (NIMH)، يمكن أن يعاني الأشخاص المصابون باضطراب الهلع من الأعراض التالية:

  • نوبات هلع مفاجئة ومتكرّرة، ناتجة عن قلقٍ وخوفٍ شديدين.
  • قلق شديد بشأن موعد حدوث نوبة الهلع التالية.
  • الخوف أو تجنّب الأماكن التي حدثت فيها نوبات هلع في الماضي.

أما الأعراض الجسدية، فتشمل الآتي: تسارع ضربات القلب، والتعرّق، والقشعريرة أو الارتجاف، وصعوبة في التنفس، والدوار، والوخز أو خدر اليدين، وألم في الصدر، وآلام في المعدة أو الغثيان.

اضطراب ما بعد الصدمة

اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، هو اضطراب قلق يمكن أن يحدث نتيجة للمعاناة من حدث مؤلم. يمكن أن يشمل ذلك تجارب مثل الحرب أو الكوارث الطبيعية أو الاعتداء الجنسي أو حوادث السيارات أو أي حدث آخر يسبّب الخوف الشديد أو العجز أو الرعب. يمكن أن يكون لاضطراب ما بعد الصدمة تأثيرات خطيرة في الصحة النفسية والجسدية، وقد يكون من الصعب التعامل معها على أساس يومي.

يمكن أن يعاني الأشخاص المصابون باضطراب ما بعد الصدمة من مجموعة واسعة من الأعراض، بما في ذلك: تذكّر الماضي، والكوابيس، والقلق الشديد، والاكتئاب. وقد يتجنّبون بعض المناطق أو الأنشطة التي تذكّرهم بالحدث الصادم.

اضطراب القلق الاجتماعي

يعرف اضطراب القلق الاجتماعي (Social Anxiety Disorder) أيضاً باسم الرهاب الاجتماعي (Social Phobia)، ويتعلّق بشعور الخوف الشديد والقلق المفرط قبل وأثناء وبعد المواقف الاجتماعية. قد يخشى الأشخاص الذين يعانون من اضطراب القلق الاجتماعي من الحكم عليهم أو تقييمهم من قبل الآخرين، ما قد يؤدّي إلى صعوبة التحدث إلى غرباء أو أشخاص غير مألوفين، أو التحدث علناً أو التعبير عن الذات.

ويؤكّد الخبراء من خدمة الصحة الوطنية أن هذه الحالة تكون شائعة وتبدأ عادة خلال سنوات المراهقة. وبينما تتحسّن الأعراض مع التقدّم في السن عند البعض، يحتاج الكثير من الأشخاص إلى علاج. خاصة أن العديد منهم يعانون أيضاً من حالات نفسية أخرى، مثل الاكتئاب أو اضطراب القلق العام أو اضطراب الهلع.

أما بالنسبة لقائمة أعراض اضطراب القلق الاجتماعي، فهي كالتالي:

  • القلق بشأن الأنشطة اليومية، مثل مقابلة الغرباء أو بدء المحادثات أو التحدّث عبر الهاتف أو العمل أو التسوّق.
  • القلق المفرط الذي ينتج عن محاولة تجنّب المشاركة في الأنشطة الاجتماعية، مثل المحادثات الجماعية، وتناول الطعام مع زملاء العمل، والحفلات.
  • القلق الدائم بشأن القيام بمهمة ما، نتيجة الاعتقاد بأنها ستكون محرجة. ويصاحب ذلك أعراض جسدية مثل الاحمرار أو التعرّق أو الظهور كشخصٍ غير كفءٍ.
  • إيجاد صعوبة في تأدية المهام عندما يشاهد الآخرون، إذ يشعر المصاب وكأنه يخضع للمراقبة والحكم عليك طوال الوقت.
  • الخوف من الانتقاد، وتجنّب التواصل بالعين، أو ضعف احترام الذات.
  • الشعور بالغثيان أو التعرّق أو الارتعاش أو تزايد ضربات القلب.
  • شعور غامر بالخوف والقلق في أثناء نوبات الهلع، الذي عادة ما تستمّر لبضع دقائق فقط.

عوامل الخطر المساهمة في الإصابة باضطراب القلق

تصاب النساء باضطرابات القلق أكثر من الرجال، الذين قد يساعدهم مستوى هرمون التستوستيرون العالي في تخفيف أعراض القلق، وفقاً للمعلومات الصادرة عن كليفلاند كلينيك (Cleveland Clinic). ويرجعون ذلك إلى احتمالية مساهمة الهرمونات المتقلّبة لديهن على مدار الشهر.

كما أن تضافر بعض العوامل الجينية والبيئية قد يزيد من خطر الإصابة باضطرابات القلق. وتتمثّل تلك العوامل في الآتي:

  • بعض السمات الشخصية، مثل الخجل أو التثبيط السلوكي (Behavioral Inhibition)، أي الشعور بعدم الارتياح تجاه الأشخاص أو المواقف أو البيئات غير المألوفة وتجنّبها.
  • الأحداث المجهدة أو المؤلمة في مرحلة الطفولة المبكرة أو مرحلة البلوغ.
  • وجود حالات اضطرابات القلق أو حالات أخرى للصحة النفسية في العائلة الواحدة.
  • بعض الحالات الصحية، بما في ذلك مشاكل الغدة الدرقية وعدم انتظام ضربات القلب (Arrhythmias).

طرق العلاج وتقليل الأعراض المعتمدة في اضطرابات القلق

يمكن للمصابين أن يتعلموا إدارة قلقهم ويعيشوا حياة منتجة ومُرضية، من خلال المزيج الصحيح من العلاجات، حيث يعتبر العلاج المعرفي السلوكي (CBT) النوع الشائع من العلاج الذي يمكن أن يساعد الأشخاص على تحدّي نمط تفكيرهم المقلق واستبداله بنمط تفكير أكثر واقعية وإيجابية.

ويقترح خبراء خدمة الصحة الوطنية البريطانية أيضاً نوعاً جديداً من العلاج النفسي، وهو العلاج بالتقبّل والالتزام (ACT). الذي يستخدم استراتيجيات مثل اليقظة وتحديد الأهداف لتقليل أعراض القلق.

ويمثّل العلاج الدوائي طريقة أخرى يمكن أن تتماشى جنباً إلى جنب مع العلاج النفسي بتوصية من الطبيب أو المختص. إذ يمكن أن تساعد الأدوية النفسية في تخفيف الأعراض. وتعتبر مضادات الاكتئاب والأدوية المضادة للقلق مثل "البنزوديازيبينات" (Benzodiazepines) وحاصرات بيتا، أكثر فئات الأدوية المستخدمة لمكافحة اضطرابات القلق.

  • مضادات الاكتئاب: يمكن للأدوية المستخدمة لعلاج الاكتئاب أن تساعد في تحسين طريقة تعامل الدماغ مع بعض المواد الكيميائية التي تتحكّم في الحالة المزاجية أو التوتّر. وتستغرق مضادات الاكتئاب عدّة أسابيع حتى يبدأ مفعولها في الظهور.
  • الأدوية المضادة للقلق: تساعد الأدوية المضادة للقلق في تخفيف أعراض القلق أو نوبات الهلع أو الخوف والقلق الشديد. وتعتبر البنزوديازيبينات الأدوية الأكثر شيوعاً، نظراً لمفعولها السريع.
  • حاصرات بيتا: تستخدم حاصرات (Beta-blockers) غالباً لعلاج ارتفاع ضغط الدم، ولكن يمكن أن تساعد أيضاً في تخفيف الأعراض الجسدية للقلق، كتسارع ضربات القلب، والارتجاف واحمرار الوجه.

كما يمكن أن تساعد أنواع أخرى من العلاجات، مثل تقنيات اليقظة والاسترخاء، الأشخاص على التعامل بشكل أفضل مع الأعراض الجسدية لاضطراب القلق العام. ومع القليل من الصبر والتحمّل، يمكنهم أن يتعلّموا إدارة قلقهم وأن يعيشوا بمستويات خوف وقلق أقل.

يمكن أن تتسبّب أنواع اضطراب القلق المختلفة في إنهاك الأشخاص المصابين، فتجعل حياتهم عبارة عن سلسلة لا تنتهي من المعاناة والضيق. ولا يتوقّف تأثّرهم في الأعراض النفسية مثل الخوف والقلق وصعوبة التركيز، بل يمكن أن تشمل حتى بعض الأعراض الجسدية مثل صعوبة النوم وخفقان القلب.

لحسن الحظ، هناك علاجات مثل العلاج المعرفي السلوكي والأدوية التي يمكن أن تساعد في إدارة أعراض اضطرابات القلق، وعيش حياة طبيعية.

المحتوى محمي