ملخص: المداومة على ممارسة الرياضة ليست أمراً سهلاً لأنها تحتاج إلى استعداد نفسي وذهني كبير. وعادة ما يبحث الكثيرون عن دوافع قوية للإقبال على النشاط البدني؛ لكن الخبير النفسي توماس روتليدج يرى أن الحافز الأقوى لممارسة الرياضة هو الذي ينبع من الذات والدوافع الشخصية. لذا يركز على أهمية لغة التحفيز الشخصية التي يستخدمها الفرد لتشجيع نفسه، ويؤكد إنها أساسية ويجب انتقاء كلماتها وعباراتها بعناية. ويوضح إن الدوافع النابعة من التجارب والقيم الشخصية أكثر تحفيزاً. لذا؛ إذا أردت المداومة على ممارسة الرياضة فعليك أن تختار الكلمات الصحيحة التي تنجح في تحفيزك بالتوازي مع تحديد الدوافع الشخصية المرتبطة بالقيم والفوائد ذات الصلة بممارستك الرياضة، وأخيراً تعزيز العقلية الإيجابية بعدم ترك فرصة للإحباط يتسلل إلى نفسك عندما تسمع مثلاً إن عليك ممارسة تمرين معين 3 مرات أسبوعياً لتحقق نتائج واضحة، فمجرد انطلاقك يعني أنك ستغنم فوائد ليست قليلة.
نشر أستاذ علم النفس في جامعة كاليفورنيا سان دييغو (University of California San Diego) توماس روتليدج (Thomas Rutledge) مقالاً في موقع سايكولوجي توداي (Psychology Today) حول موضوع البحث عن الحافز للمواظبة على النشاط البدني. يقول الخبير النفسي: "خلافاً لما نعتقده فإن أفضل طريقة تساعدك على بدء حياة نشيطة بدنياً هي أن تختار بعناية الكلمات التي تستخدمها عندما تفكر في النشاط البدني أو تتحدث عنه، فالكلمات لها دلالات عاطفية أهم من معانيها المعجمية".
اختر الكلمات التي تنجح في تحفيزك
يتعلق الأمر وفقاً للخبير النفسي بتحديد الجوانب التي تثير اهتمامك في ممارسة الرياضة لاختيار الكلمات المناسبة التي ستحفزك. يعتمد هذا الأمر على معرفة الذات جيداً. يوضح الخبير النفسي: "قد يشعر البطل الرياضي مثلاً عند استخدام كلمات وعبارات من قبيل: التمرين، أو التدريب، أو السعي إلى تحقيق أرقام قياسية شخصية، بدفعة من الطاقة والتحفيز، في المقابل يمكن أن تحمل الكلمات والعبارات نفسها دلالات سلبية مؤثرة بالنسبة إلى شخص آخر، فما هي الدلالات الشخصية التي تفهمها من الكلمات المرتبطة بالنشاط البدني؟ وما هي لغة النشاط البدني التي تبدو أكثر أو أقل إلهاماً لك؟".
ثم يضيف: "عليك أن تدرك أنك إذا اخترت الكلمات والعبارات السيئة لتحفيز نفسك فمن غير المرجح أن تنجح في تنفيذ برنامجك البدني، حتى مع توفير المعدات وتحديد الأهداف والدعم الشخصي المناسب".
حدد دوافعك الشخصية
يرى روتليدج ضرورة طرح الأسئلة المناسبة للتمكن من تحديد "الدوافع" التي تحفزك على ممارسة الرياضة. لماذا تريد أن تتحدى قدراتك؟ ما هي دوافعك الشخصية؟ ويوضح أنّ ممارسة الرياضة فقط لأن "الناس جميعاً يقولون إنها مفيدة للصحة" نادراً ما يكون كافياً على المدى الطويل، لأنه لا يولد مشاعر أو دوافع شخصية.
لذا؛ فإن التحرر من "الدوافع" التقليدية والتركيز على الدوافع الشخصية هو مفتاح الانخراط الكامل في النشاط البدني. يؤكد الخبير النفسي ذلك قائلاً: "يرتكز الحافز المثالي للمواظبة على النشاط البدني المستمر على قيم الفرد والفوائد التي يتصورها، لهذا فإن الدوافع المحفزة شخصية وليست عامة، إنها تنبع من ذواتنا وتجاربنا الشخصية وقيمنا ولا نستمدها من الآخرين أو حتّى من الدراسات العلمية". لذا ينصحك الخبير النفسي بالبحث في أعماق نفسك عن الدوافع المناسبة لممارسة النشاط الرياضي المستدام.
عزز عقليتك الإيجابية
يرى الخبير النفسي أن المشكلة الأساسية التي نواجهها عند البدء بممارسة الرياضة أو العودة إليها هي الخوف من صعوبة البداية وعدم معرفة كيفية الشروع فيها. إذ عادة ما نتابع بعض النماذج ومقاطع الفيديو التي تبدو صعبة، فنشعر بالإحباط عندما نسمع مثلاً أننا نحتاج إلى ما لا يقل عن 3 جلسات أسبوعياً لتحقيق نتائج واضحة.
لكن روتليدج يوضح: "لا يتطلب الأمر الكثير من النشاط البدني لتحقيق تحسن كبير على المستوى الصحي أو تحقيق الرفاهية، بل إن الرياضة تصبح أكثر إمتاعاً عندما ندرك أن خطواتنا الأولى في ممارسة المشي مثلاً قد تمنحنا وحدها بعض الفوائد، كما أن هناك دراسات علمية متزايدة تثبت أن مجرد زيادة عدد خطواتك يومياً حتى تصل إلى 10 كيلومترات بمرور الوقت، قد يحقق نتائج ملحوظة على مستوى تحسين صحتك الاستقلابية وجودة نومك، بل يمكن أن يؤثر حتّى في طول عمرك".
لذا يمكنك أن تحدد قواعدك الشخصية. فهي تمثل أولاً وقبل كل شيء تحدياً لنفسك، ومن خلال تبني هذه العقلية الإيجابية ستخلق حالة مزاجية مواتية لممارسة الرياضة. صغْ إذاً لغتك التحفيزية الشخصية لتعزيز ميلك إلى ممارسة النشاط البدني، وحدّد "دوافعك" الذاتية وقواعدك الخاصة كي تتمكن من الاستمرار في ممارسة رياضتك المفضلة.