الماندالا: رسومات منظّمة لإعادة التركيز

2 دقائق
الماندالا
الماندالا

يمكن أن يساعدنا تلوين الماندالا على محاربة الإجهاد والتشتت والقلق، وذلك وفقاً لرغباتنا. هذه الرسوم البيانية التي تمثل الكون بأسره في التقاليد الهندية والتبتية تمنحنا القدرة على إعادة التركيز والهدوء. فيما يلي قدم المعالج النفسي الجسدي ومؤلف كتاب "إعادة شحن طاقتك باستخدام الماندالا"، لورانس لوي-تاني تفسيراته حولها.

نفسيتي: ما معنى الماندالا؟

لورانس لوي-تاني: يفيد رسم "الماندالا" المركز والدائرة. هذه مخططات لأشكال مختلفة (دائرية ولكن أيضاً مربعة ومثمن) منظمة حول المركز.

تمثل هذه المخططات في التقاليد الهندية والتبتية رمز علاقة البشر بالكون، والكون بأسره. ولكن يمكننا أن نجدها أيضاً في التقاليد المسيحية، لأنها تشبه شكل الورود الموجودة في الكنائس التي تهدف إلى التقاط النور للارتقاء نحو الإله.

في الواقع، يمكننا أن نجد هذا الشكل في كل مكان حولنا؛ في دماغنا على سبيل المثال أو نظامنا الشمسي. لكن هل يوجد في الخلية و الزهرة أيضاً؟

نفسيتي: وكيف يمكن أن تساعدنا حقاً؟

لورانس لوي-تاني: تُستخدم الماندالا في التقاليد الروحية كأداة للتأمل ولكن يمكن أيضاً استخدامها لأغراض صحية و نفسية.

كان كارل غوستاف يونغ أول من لاحظ أنه عندما يمر الناس بمراحل صعبة، فإنهم يرسمون تلقائيا أشياء تشبه الورود. وبعد إجراء الكثير من الأبحاث، توصل إلى استنتاج مفاده أن الماندالا من الناحية النفسية تمثل الشخص بأكمله، وأن هذا التصميم منظم حول مركز ما يجعل من الممكن تحقيق التوازن والتناغم.

وبالتالي إذا كنا نمر بمرحلة ما من حياتنا مليئة بالفوضى، نفسياً أو جسدياً، فإن القدرة على العمل مع الماندالا إما عن طريق رسمها أو تلوينها، ستسمح لنا بإعادة الاتصال بهيكلنا العميق مع تشغيل كل إمكاناتنا وقدراتنا النفسية.

نفسيتي: على وجه التحديد، كيف تتواصل مع رسم الماندالا؟

لورانس لوي-تاني: يمكنك أن تأخذ الماندالا المرسومة للعمل على التأمل، وفي هذه الحالة من الأفضل الانتقال إلى الماندالا التقليدية.

أما إذا كنت تبحث عن المزيد لإعادة التركيز والاسترخاء، فمن الأفضل العمل مع الماندالا المرسومة مسبقاً والتي ستقوم بتلوينها. إذا عملنا باتجاه المركز فسنشجع على إعادة التركيز والحركة الداخلية. وفي أثناء التلوين نحو المحيط، نعمل أكثر على تفتحنا.

في البداية من المهم اختيار الماندالا التي تناسبنا، إما بشكل عفوي لأننا نحبها ونريد تلوينها أو حسب الموضوع الذي نريد العمل عليه. ثم علينا اختيار الألوان التي نحبها. وفي الحقيقة، إنه اختيار شخصي يوضح أن المرء يمكنه الوصول إلى نتائج مختلفة بصرياً على الرغم من تشابه الرسم.

نفسيتي: هل يتطلب تلوين رسم الماندالا معرفة مسبقة بالرسم؟

لورانس لوي-تاني: ليست هناك حاجة على الإطلاق لمعرفة كيفية الرسم! نحن نحاول خلق الجمال وليس إعادة إنتاج النماذج. والأساسي في كل هذا هو الاستمتاع باللحظة والاسترخاء،  والانسياب مع ما تشعر به.

نفسيتي: كيف نفسر تأثير هذه الممارسة في رفاهيتنا؟

لورانس لوي-تاني: قبل كل شيء ينبغي أن تعلم أنها أداة للتركيز. إن تركيز كل انتباهنا على الرسم يعيدنا إلى اللحظة الحالية. يؤدي هذا بطبيعة الحال إلى حالة من الاسترخاء والهدوء والسلام حيث لا مكان للتفكير في مخاوفنا. إنه أمر مفيد بشكل خاص لمكافحة الإجهاد.

علاوة على ذلك، أنا مقتنع بأن هناك تأثيراً دقيقاً للطاقة فينا، فشكل الماندالا والمركز يقودنا تلقائياً إلى حالة من الوحدة، وهذا ما يسمح لنا بإعادة التركيز. ولكن هناك أيضاً الألوان التي ترتبط بالأشكال والتي ستخلق بصرياً أحجاماً ستظهر منها أحاسيس وطاقات مختلفة جداً.

في المقابل هناك شيء واحد فقط مؤكد، فمفعول رسم الماندالا لا يشبه دواء الأسبرين الذي نتناوله عندما يكون لدينا صداع؛ كما أنه ليس عصا سحرية. من أجل العمل على موضوع معين يجب أن يكون هناك اقتراح. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تصاغ المشكلة لاستخراج حل أو جواب موجود أساساً لدينا. بهذه الطريقة تساعدنا الماندالا لأنها تفسح المجال نحو الوعي، ثم يعود الأمر إلينا، لاسيما إذا أردنا العمل على ذلك.

نفسيتي: تُعتبر صفحات التلوين للكبار ناجحة جداً اليوم في المكتبات؛ لكن هل يُعتبر هذا ميلاً لتقريب فوائد الماندالا؟

لورانس لوي-تاني: بالنسبة لي هذان شيئان مختلفان. الماندالا تدور حول الهيكل والاتساق. أما التوازن الذي تمنحه يأتي من محورها المركزي، لذلك فإن التلوين لا يعني التحقق من مركزية رسم الماندالا. من المسلم به أن هذا يتيح لك قضاء بعض الوقت مع نفسك، وبالتالي الشعور بالاسترخاء تلقائياً. لكن في رأيي لن تكون هناك نتائج فعلية، خاصة من وجهة نظر نفسية. وعلى الرغم من أن بعض المعالجين يستخدمون فنون الرسم فإن هذا العمل موجهاً أكثر نحو الإبداع، وهذا مجال مختلف تماماً.

اقرأ أيضاً: هل يمكن معالجة المشاكل النفسية عن طريق الفن؟

المحتوى محمي