لماذا يجعلك اللطف أكثر جمالاً في عيون الآخرين؟ العلم يجيب

3 دقيقة
اللطف
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

لطالما تغزّل الفلاسفة بفكرة أن الجمال الحقيقي يكمن في شخصية الإنسان وفضائله وليس في شكله فحسب؛ فهل يتفق العلم مع الفلسفة هذه المرة؟ إلى حدّ كبير نعم. إذ كشفت دراسة حديثة منشورة في الدورية البريطانية لعلم النفس الاجتماعي (British Journal of Social Psychology)، عن وجود ارتباط بين السلوكيات الاجتماعية الإيجابية (الأفعال التي تهدف إلى خدمة الآخرين وإرضائهم ومساعدتهم) وبين التقييم الإيجابي للجاذبية الجسدية. فما الذي توصلت إليه الدراسة بالتحديد؟ ولماذا نقيّم الأشخاص اللطفاء بأنهم أكثر جاذبية من الآخرين؟ وكيف لنا أن نستفاد من هذه النتائج؟ إليك التفاصيل.

اقرأ أيضاً: تأثير الحرباء: لماذا قد نصبح صورة طبق الأصل عمن حولنا؟

هل نحكم على الأشخاص اللطفاء بأنهم أجمل شكلاً من الآخرين؟

للإجابة عن ذلك، أجرت الباحثتان 10 تجارب مختلفة شملت 4 آلاف مشارك؛ حيث وضعتا سيناريوهات عديدة لدراسة الافتراضات العلمية. فكان على المشاركين في التجارب المختلفة ملاحظة سلوكيات اجتماعية إيجابية في الحياة الواقعية، أو قراءة وصف لأفعال ودية، أو تخيل سيناريوهات تنطوي على سلوكيات مفيدة للآخرين.

من ثم قارنتا التصورات التي يكوّنها المشاركون عن الجاذبية الجسدية للأشخاص الذين يتصرفون بمودة ولطف مقارنة بأشخاص يتصرفون بحيادية، وكيف يؤثّر تكرار السلوكيات المحببة (التي تتسم باللطف والتعاون) في مستوى الجاذبية، مقارنة بالسلوك الذي يحدث مرة واحدة.

وتوصلتا إلى أن الناس يقيّمون الأشخاص الذين يظهِرون سلوكيات ودية ومفيدة بأنهم أجمل وأكثر جاذبية جسدية من الأشخاص الذين لا تتسم أفعالهم باللطف والمودة. ولاحظت الباحثتان أن هذا التأثير دائم بغض النظر عن جنس المشارك في التجربة، أو جنس المراقَب، وحتى في ظل غياب الإشارات البصرية (مثل أن يتخيل المشاركون الشخص الذي يبدي سلوكاً ما بناءً على الأوصاف فقط). كما لاحظتا أن تأثير اللطف يكون أقوى في حال تكررت السلوكيات الاجتماعية مقارنة فيما لو كان هذا السلوك الاجتماعي المحبب يحدث لمرة واحدة.

ولا يمكن القول إن هذه النتائج مفاجئة؛ إذ سبق وأن توصل باحثون آخرون في دراسة منشورة في مجلة السلوك الاقتصادي والتنظيم (Journal of Economic Behavior and Organization) في مارس/ آذار 2024، إلى أن السلوك الاجتماعي الإيجابي (الأفعال التي تفيد الآخرين مثل التعاون أو الكرم) يمكن أن تعزِّز جاذبية الشخص الجسدية في نظر الآخرين.

لكنها وجدت أيضاً أن العلاقة بين الجمال والسلوك الاجتماعي الإيجابي ثنائية الاتجاه؛ أي يتوقع الناس أن يكون الأشخاص الجذابون أكثر تعاوناً وكرماً، ويقيّمون من ناحية أُخرى أولئك الذين يظهِرون سلوكاً اجتماعياً إيجابياً بأنهم أكثر جاذبية.

اقرأ أيضاً: 7 عبارات تشير إلى أنك أذكى من الآخرين: تعرف إليها

لماذا نقيّم الأشخاص اللطفاء بأنهم أكثر جاذبية جسدياً؟

ربما يمكن تفسير هذه النتائج من خلال جانبين محتملين؛ الأول هو تأثير الهالة (Halo effect)؛ وهو تحيز معرفي كثيراً ما يقع به الإنسان، حيث يتضمن إطلاق حكم عام بناء على سمة واحدة؛ أي يدفعنا هذا التحيز إلى افتراض أن الشخص الذي يتمتع بصفة إيجابية واحدة (مثل اللطف) يمتلك سمات إيجابية أُخرى (مثل المظهر الجسدي)، وذلك حتى لو لم تتوفر الأدلة الكافية لتأكيد هذه الافتراضات.

ومن ناحية أُخرى، فقد يكون لهذا التقييم تفسير من منظور تطوري؛ إذ قد تشير السلوكيات الاجتماعية المحببة إلى سمات تعاونية وإيثارية لدى الشخص، وهي سمات مرغوبة لتكوين شراكات طويلة الأمد.

اقرأ أيضاً: ما هو تأثير الأسبقية؟ وكيف توظفه لتترك انطباعاً أفضل عنك؟

إليك 4 نصائح لتوظّف هذه النتائج في ترك انطباع أفضل عند الآخرين

إذاً، جاذبية الشخص لا تتوقف على سماته الجسدية فحسب؛ بل تؤدي سماته الشخصية أيضاً دوراً مهماً فيها، لذلك، وحتى تستغل هذه النتائج لصالحك، راعِ النصائح التالية:

  1. كُن لطيفاً: انخرط في سلوكيات تدل على اللطف والتعاون والثقة. سواء كنت تساعد صديقاً، أو تتطوع في عمل خيري، أو تسهم في عمل مجتمعي، أو تبتسم للآخرين، أو تمتدحهم، فإن هذه التصرفات لا تعمل على تحسين العلاقات فحسب، بل تزيد أيضاً مدى جاذبيتك في نظر الآخرين.

في الواقع، عندما تكون لطيفاً، فأنت لا تؤثّر في الآخرين فقط؛ بل تؤثّر في نفسك أيضاً؛ إذ يقول المعالج النفسي، أسامة الجامع، إن للطف له قوة عجيبة تجاه صاحبها، فعند فعل الخير طواعية لمساعدة الآخرين وليس خوفاً منهم ولا رغبة بنيل مصلحة منهم، فإنك تنال فوائد نفسية وعضوية كبيرة دون أن تعلم.

  1. ركّز على بناء علاقات طويلة الأمد: نظراً لأن السلوكيات الاجتماعية المحببة تحظى بتقدير خاص في حال تكررت فقط، لذا، عليك أن تواظب على إبداء سلوكيات اللطف والتعاطف والتعاون.

اقرأ أيضاً: هل تقل سعادتنا مع تقدمنا في العمر؟ إليك ما يقول العلم

  1. استفد من تأثير الهالة لترك انطباع أفضل: أدرِك أن كونك لطيفاً ومتعاوناً سيؤثّر في أحكام الناس بشأن جاذبيتك. لذا، حاوِل أن تبني سمعة إيجابية من خلال هذه السلوكيات. وتذكّر أن تأثير الهالة قد يعمل بطريقة معكوسة؛ أي أن ملاحظة صفة سلبية واحدة، قد تؤدي إلى ترك انطباع سلبي عام عنك، وذلك حتى دون أدلة تدعم هذا الانطباع.
  2. ركِّز على تحقيق التوازن الداخلي والخارجي: فعلى الرغم من أن المظهر الجسدي قد يؤثر في الانطباعات الأولية، فإن السلوكيات الاجتماعية لا تقل أهمية في زيادة الجاذبية الشخصية، لذا لا تهمل جانباً على حساب آخر، وأعطِ الأولوية لتحسين الذات واللطف إلى جانب العناية الذاتية الجسدية.

المحتوى محمي