الثقة بالنفس أم الغرور؟ إليك الفرق الدقيق الذي يصنع القائد الحقيقي

3 دقيقة
الثقة بالنفس
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

أشاهد بين الحين والآخر على منصات التواصل الاجتماعي جدلاً يتجدد دائماً حول شخصية أحد الممثلين المصريين المشهورين، فهناك فريق من المعلقين يراه مغروراً بينما يراه الفريق الآخر شخصاً ناجحاً واثقاً من نفسه لا يبالي بآراء الحاقدين عليه، وكذلك في المجال المهني الإداري قد يظهر هذا الجدال تجاه أحد القادة، وحينها سيكون من الضروري أن نضع أيدينا على الفرق الدقيق بين الغرور والثقة بالنفس، وهذا ما سنعمل على توضحيه في مقالنا بالتفصيل.

ما هو الفرق بين الثقة بالنفس والغرور؟

يُعرّف استشاري الطب النفسي طارق الحبيب الثقة بالنفس أنها معرفة الفرد بذاته وقوته في مواجهة أحداث الحياة، أما الغرور فهو ضعف مُبطن يعكس نظرة دونية للذات، ويوضح استشاري الطب النفسي محمد اليوسف أن بين الثقة بالنفس والغرور شعرة، مشيراً إلى أنه كلما كان الشخص أكثر ثقة بنفسه زاد تواضعه ومرونته في التعامل مع المواقف المختلفة حسبما تحتاج إليه وتقتضيه. ومن وجهة نظر اليوسف، إن أحد الفروق الدقيقة بين الثقة بالنفس والغرور هي أن الواثق من نفسه يحترم الآخرين بينما المتكبر يحتقرهم.

ويرجع الاستشاري النفسي مصطفى أبو سعد التكبر والغرور إلى الشعور بالنقص أو انعدام الثقة بالنفس، لأن الإنسان كلما قدّر نفسه وعرف قيمتها تواضع، وهذا يرتبط أيضاً بأن الغرور يتجلى في اعتقاد الشخص أنه أفضل من كل من حوله؛ ما يعكس شعوراً زائفاً مبالغاً فيه بأهميته، بينما الواثق من نفسه يؤمن بنفسه وقدراته بصورة إيجابية معتدلة، إذ يكون واعياً بنقاط قوته وضعفه ولا يمانع أبداً من أن يتلقى الملاحظات البناءة ليعمل بها من أجل أن يكون شخصاً أفضل.

اقرأ أيضاً: إليك الحركات التي تفضح عدم ثقتك بنفسك

لماذا تعد الثقة بالنفس سمة ضرورية لنجاح القائد؟

الثقة بالنفس والنجاح سمتان مرتبطتان بتميز القيادة، فالقادة الذين يقدّرون ذواتهم ويثقون بحدسهم ترتفع عندهم احتمالية اتخاذ القرارات السليمة، فهم لا يتأثرون بالضغوط الخارجية، ولديهم من الثبات الانفعالي ما يكفي لأخذ القرار المناسب كل مرة، وهم في الوقت نفسه يستطيعون أن يبثوا روح الثقة بالنفس في أفراد فريقهم الذين يعملون باطمئنان مرجعه أن قادتهم أقوياء جديرون بالثقة.

من ناحية أخرى يكون القائد الواثق من نفسه أكثر تفاؤلاً وإيجابية ولا ينهار أمام العوائق والتحديات، وذلك يعني إقامة بيئة عمل إيجابية يتمكن العاملون فيها من صنع أقوى الإنجازات، ولا يتأثرون إلى حد كبير بالنزاعات والضغوط التي يديرها قادتهم باحترافية.

إضافة إلى أن الثقة بالنفس تساعد القادة على الخروج من مناطق الراحة بكل شجاعة والسعي وراء تحقيق مسارات طموحة غير مسبوقة، وهذا ما يعني المزيد من النجاح لفرقهم فنادراً ما تحقق المؤسسات إنجازات كبيرة حال بقائها ضمن مناطق الراحة، إلى جانب أنه غالباً ما يكون القائد الواثق من نفسه أكثر مباشرة ووضوحاً وهذا يسهم في تجنب أي التباس قد يعرقل تحقيق أهداف شركته.

اقرأ أيضاً: الهيبة لا تعني الصراخ: كيف تفرض حضورك بهدوء؟

كيف تكون قائداً واثقاً من نفسه؟

يمكن القول إن للقائد الواثق بنفسه تركيبة متشابكة بعض الشيء، فهو لا يعتمد على عنصر واحد إنما يصنع خلطته السرية بذكاء، وحتى تكون مثله إليك عدة إرشادات ستفيدك:

  1. لا تهمل، مهما بلغ نجاحك، تعلمك المستمر وتطوير مهاراتك؛ حتى تشعر بالكفاءة والثقة أنك في المنصب الصحيح، وفي الوقت نفسه تكون قدوة حسنة لأفراد فريقك.
  2. احرص على أن تستمتع إلى الصوت الآخر، وهذا يعني أن تأخذ الملاحظات البناءة على محمل الجد، وتذكّر أنك غالباً ستجد في وجهات النظر المختلفة ما يفيدك ويجعلك تجري التعديلات اللازمة لتحسين أسلوب قيادتك.
  3. تحلَّ بالذكاء العاطفي قدر الإمكان، ومن الأمثلة على ذلك عندما يخطئ أحد أفراد فريقك أو تواجهه عقبة ما فلا تتعامل معه بغضب إنما بحكمة وروية، وساعده على أن تعود الأمور إلى مسارها الصحيح، فالقائد الواثق من نفسه ليس مضطراً لأن يصرخ في الآخرين، هو يعتمد على إمكانات ذاتية أخرى أكثر قوة من صوته.
  4. تجنب النغمة السلبية وركز على تعزيز الإيجابية في محيطك، وكن واعياً بأن تمسك دفة مناخ فريقك ولا تترك فرصة للبعض بأن يقللوا عزيمتهم أو يبثوا الإحباط بداخلهم.
  5. اتّسم بما يكفي من المرونة ولا تفزع عند التعرض للتغيرات غير المتوقعة، فإحدى سمات الثقة بالنفس المرتبطة بالقيادة هي التكيف مع التغيرات بذكاء في أقل وقت ممكن.
  6. قدّر جهود الآخرين وأثنِ على نجاحاتهم، فبهذه الخطوة ستكون قد وطّدت روح المشاركة في فريقك وجعلت أفراده يركّزون على نجاحهم ويبذلون ما بوسعهم من جهد لتحقيق الأهداف الموضوعة لهم.
  7. اهتم بمظهر جسدك ولغته، وكذلك أناقة ملابسك وعطرك، فجميع ما سبق عناصر تحسّن الصورة التي يأخذ المحيطون بك من خلالها انطباعهم عنك، وهي بالتأكيد تسهم في قدرتك على التأثير فيهم.
  8. اجعل كلمتك ثمينة ولها وزن، وكن وفياً بعهودك، إذ سيرسّخ ذلك الثقة بك في نفوس الأشخاص الذين يعملون معك.

اقرأ أيضاً: من وحي علم النفس: كيف تصبح قائداً ناجحاً؟

المحتوى محمي