هل يسيطر عليك القلق كثيراً؟ ربما تعاني من تدني احترام الذات!

3 دقائق
احترام الذات

قد ينتابنا بعض القلق حين يسألنا أحدهم: "صف نفسك في كلمة" أو "ما هي أكثر كلمة تعبّر عنك؟" أو "ما هي مميزات شخصيتك؟".

ينبع هذا القلق من أمرين؛ إما أننا نكون قلقين من أن نظهر متكبرين حين نتحدث عن أنفسنا بصورة إيجابية ونعدد صفاتنا الجيدة وإنجازاتنا، أو أننا نفتقر إلى احترام الذات وتقديرها من الأساس، فلا نستطيع أن نكوِّن رأياً عن أنفسنا أو نصفها بصفات محددة.

لكن العلاقة بين القلق وتقدير الذات لا تقف عند هذه النقطة؛ بل تذهب لأبعد من ذلك، فلتدني احترام الذات دور كبير في الشعور بالقلق في عدة حالات؛ نذكر بعضاً منها في هذا المقال.

كيف يزيد تدني تقدير الذات من القلق؟

بحسب الطبيبَين جاي ماركس (Jay Marks) وميليسا كونراد ستوبلر (Melissa Conrad Stöppler)؛ هناك علاقة وطيدة بين التوتر وتقدير الذات، فالتوتر يؤدي إلى تفاقم أعراض جميع الحالات الطبية والعاطفية تقريباً.

لذلك إذا كان الفرد يعاني من الاكتئاب أو اضطرابات المزاج أو غيرها من الأمراض التي تؤدي إلى تدني احترام الذات، فقد تزداد لديه معدلات القلق أيضاً ويصبح أقل قدرة على إدارة الضغوط اليومية.

كما ترتبط قوة نظام الدعم الاجتماعي للفرد ارتباطاً وثيقاً بتصوراته وخبراته مع القلق والتوتر؛ حيث يُبلغ الأشخاص الذين لديهم أنظمة دعم اجتماعي قوية عن مستويات أقل من التوتر مقارنةً بأقرانهم الذين يفتقدون ذلك الدعم. وفي هذه الحالة؛ تكون مستويات القلق لدى الأشخاص الذين يعانون من تدني احترام الذات ولا يملكون أنظمة دعم اجتماعي قويةً مرتفعة.

علاوة على ذلك؛ عندما يتمتع الفرد بصحة جسدية ونفسية جيدة، يكون من الأسهل التعايش مع القلق والإجهاد. لكن بما أن تدني احترام الذات يضر بالاستعداد العاطفي للتعامل مع التحديات اليومية، فهو بالتالي يزيد من القلق والتوتر.

العواقب النفسية لتدني احترام الذات

كشفت نتائج دراسة أُجريت على طلاب المدارس الثانوية في فيتنام لتحديد العلاقة بين تدني احترام الذات والقلق والاكتئاب والضغوط الأكاديمية والتفكير الانتحاري لديهم، عن ارتباطهم بشكل كبير؛ ما يؤثر بشكل سلبي في نوعية حياة الطلاب الذين لا يملكون تقديراً جيداً لذاتهم.

وأوضحت دراسة أخرى من جامعة "بانتيون" للعلوم الاجتماعية والسياسية بأثينا (Panteion University of Social and Political Sciences)، ارتباط التوتر واحترام الذات على مستويات متعددة، فعلى المستوى البيولوجي، يؤدي تدني احترام الذات إلى زيادة مستويات هرمون الكورتيزول وبالتالي زيادة معدلات القلق والتوتر. كما يقلل التعرّض لمستويات عالية من القلق المبكر في الحياة من احترام الذات لدى الأطفال؛ ما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب في المستقبل.

علاوة على ذلك؛ يؤدي احترام الذات دوراً مهماً في القلق الذي يعاني منه الطلاب؛ حيث يمكن للطلاب الذين يتمتعون بتقدير الذات العالي إدارة الإجهاد بكفاءة وبالتالي الحصول على أداء أكاديمي أفضل. ويرتبط تقدير الذات بالإجهاد المهني والأداء الوظيفي والرضا الوظيفي أيضاً، فالعاملون ذوو الإجهاد المهني العالي تكون لديهم ثقة أقل بالنفس وبالتالي لديهم احتمال قوي للقلق والتوتر.

وفي السياق ذاته؛ بحثت دراسة من قسم علم النفس بجامعة جامعة "سيراكيوز" (Syracuse University) الأميركية في تقدير الذات كأحد موارد المواجهة المستخدمة في عملية التقييم لدى مرضى الربو والتهاب المفاصل الروماتويدي، وأشارت إلى أن الأفراد الذين يعانون من انخفاض تقدير الذات، يعانون من شدة إجهاد وضغط عصبي، أكبر وتفاقم أكبر لأعراض مرضهم خلال حياتهم اليومية أكثر من الأفراد الذين يملكون مستويات مرتفعة من تقدير الذات..

اقرأ أيضاً:

بناء تقدير الذات لخفض القلق والتوتر

لما كان هناك ارتباط وثيق بين تدني احترام الذات والقلق، يمكن باتباع بعض الطرق لبناء تقدير الذات المساعدة على خفض التوتر الناتج عنه؛ ما يساعد على خفض هذه المشاعر السلبية القوية، وتعزيز الإيجابية.

تقدم لنا المؤلفة المتخصصة في إدارة الإجهاد وعلم النفس الإيجابي والعلاقات والرفاهية العاطفية، إليزابيث سكوت (Elizabeth Scott) بعض النصائح لتنمية تقدير الذات؛ وهي:

1. كن متفائلاً

إذا كنت قادراً على تطوير القدرة على رؤية نصف الكوب الممتلئ، فقد يساهم ذلك في الشعور بالكفاءة الذاتية، بالإضافة إلى السعادة وراحة البال. علاوة على ذلك؛ هناك العديد من الفوائد المؤكدة للتفاؤل، لذا فإن تعزيز هذا الشعور وخلق أفكار وأنماط تفكير تميل نحوه يمكن أن يساعد على تعزيز سعادتك.

2. تطوير حديث ذاتي إيجابي

أحد الأشياء التي لها تأثير كبير في احترام الشخص لذاته هو "حديثه الذاتي" أو الحديث بينه وبين نفسه، والطريقة التي يفسر بها الأشياء داخل رأسه. بينما يمكن لأسلوب التفكير السلبي أن يغذي النظرة السلبية عن حياة الفرد ونفسه، بالإضافة إلى التسبب في مشكلات أخرى، يساعد الحديث الذاتي الإيجابي على دعم احترام الذات.

3. ابتعد عن الشخصيات السامة

يمكننا جميعاً أن نشعر بالسلبية من وقت لآخر؛ لكن هناك بعض الأشخاص الساميين الموجودين في حياتنا الذين يضرون أكثر مما ينفعون، ويعبثون بتقديرنا لذاتنا ومحاولاتنا لتحسينه. لذلك يجب تعلم كيفية تحديد وإنشاء حدود مع الذين يستنزفون احترامنا لذاتنا، كما يمكن أن يؤدي توطيد العلاقات مع الأصدقاء الأكثر دعماً إلى توطيد ثقتنا بأنفسنا بشكل كبير.

وأخيراً؛ إذا لم يكن لنا يد في تدمير تقديرنا لأنفسنا في مراحل عمرية مبكرة، فيمكن العمل على تعزيزه وبناء الحياة الاجتماعية التي نستحقها حقاً بمجرد الوعي بما يناسبنا وما يجب أن نتوقف عن فعله، وإقصائه من حياتنا.

المحتوى محمي