هل تشعر بالتعب دون مبرر واضح؟ قد تكون شخصيتك السبب

3 دقيقة
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: الإرهاق الذي تشعر به لا ينجم دائماً عن قلة النوم أو كثرة الجهد الذي تبذله. هناك سبب مفاجئ قد لا يتوقعه الكثيرون: الشخصية. نعم، بعض سماتك الشخصية تسهم في إرهاقك دون أن تدرك. وفقاً للمختصة النفسية سوزان ويتبورن فإن طريقة إدارة الفرد لعواطفه قد تؤدي إلى شعوره المزمن بالإرهاق. تشير سوزان ويتبورن إلى مثالين: 1) العُصابية: تدفع بعض الأشخاص إلى التعامل مع تحديات الحياة ولو كانت بسيطة بقلق وتوتر، وهو الأمر الذي يستنزف طاقاتهم. يولد هذا التوتر المستمر استجابات جسدية ملحوظة مثل إفراز هرمون الكورتيزول المسؤول عن التوتر، فيدخلون في حلقة مفرغة من الشعور بالقلق والإرهاق. 2) كبت العواطف: يؤدي إلى الشعور بالإرهاق لأن عملية الكبت تتطلب طاقة نفسية هائلة. لمكافحة الإرهاق المرتبط بالشخصية تنصحك ويتبورن بخطوات بسيطة لكنها فعالة: 1) الوعي بعواطفك والأنماط التي ترهقك. 2) التعبير عن مشاعرك بصراحة بالتحدث أو الكتابة. 3) ممارسة اليقظة الذهنية الكاملة أو التأمل. 4) التوقعات الواقعية والتخلص من النظرة المثالية.

عادة ما نقرن الإرهاق بقلة النوم أو كثرة العمل لكن قد لا يكون هذان السببان وحدهما وراء هذا الشعور. وفقاً لما ذكرته المختصة النفسية سوزان ويتبورن (Susan Whitbourne) في مقال لها على موقع سايكولوجي توداي (Psychology Today) فإن الإرهاق الذي تشعر به قد تكون له صلة قوية ببعض جوانب شخصيتك. لذا، تدعوك إلى إعادة التفكير في أسباب شعورك بالإرهاق.

فقد تؤثر طريقة إدارتك لعواطفك وعلاقاتك وتوترك في مستوى طاقتك أكثر ممّا تعتقد. إليك إذاً كيف تسهم شخصيتك في حالة الإرهاق التي تشعر بها.

العُصابية: أرضية خصبة للإرهاق

إذا كنت في معظم الأحيان قلقاً أو مهموماً فقد يرهقك ذلك أكثر مما تتصور. يختبر الأشخاص الذين لديهم ميل قوي إلى العصابية حالات القلق اليومي كلها باعتبارها مصدر توتر كبير، ويتطلب منهم ذلك منهم بذل جهد كبير لإدارتها. ومن الممكن أن يصبح أيّ موقف ولو كان عادياً مرهقاً بالنسبة إليهم، وقد يسبب لهم ضغطاً نفسياً وجسدياً كبيراً.

توضح ويتبورن أن هذا التوتر المستمر يولد استجابات جسدية ملحوظة، مثل زيادة إفراز هرمون الكورتيزول المسؤول عن التوتر. عندما يفرز جسمك هذا الهرمون بكميات زائدة على مدار فترة طويلة فإنه يؤدي إلى استنزاف طاقتك. فيصبح من الصعب عليك كسر هذه الحلقة المفرغة التي يؤدي فيها الشعور بالقلق إلى المزيد من الإرهاق. والنتيجة هي أنك كلما شعرت بالقلق زاد شعورك بالإرهاق، وصعُب عليك توفير الطاقة الكافية لمواجهة تحديات الحياة اليومية.

كبت العواطف يؤدي إلى الإرهاق المزمن

نعتقد في معظم الأحيان أن الاحتفاظ بعواطفنا الشخصية لأنفسنا يجنبنا النزاعات مع الآخرين أو توتر علاقاتنا بهم. قد يبدو هذا الحل مناسباً على المدى القصير، لكن كبت العواطف الشخصية يتطلب طاقة نفسية كبيرة. وفقاً للمختصة النفسية فإن هذا الكبت العاطفي يؤدي إلى إرهاق عميق أو مزمن لأن العواطف المكبوتة لا تختفي أبداً، بل تتراكم وتتزايد بمرور الوقت دون أن ندرك ذلك.

لا يؤثر هذا التراكم على المدى الطويل في حالاتنا المزاجية فحسب، بل يضر بصحتنا العضوية أيضاً. فرغبة الفرد الدائمة في إظهار الهدوء بينما يشعر باضطراب داخلي، حالة تستنزف موارده. وقد يؤدي هذا السلوك إلى أعراض أخرى مثل توتر العضلات واضطراب النوم ومشكلات في الهضم.

لا يسمح لنا التعبير عن هذه العواطف سواء بالكلام أو الكتابة أو أساليب إبداعية أخرى بتخفيف هذا العبء العاطفي فحسب، بل يساعدنا أيضاً على الحفاظ على طاقاتنا. من المهم إذاً أن تدرك أن التحرر من عبء هذه العواطف بطريقة صحية لا يعني بالضرورة الدخول في نزاعات مع الآخرين، بل الهدف منه هو الاعتناء بالذات والرفاهية العاطفية الشخصية.

كيف تعثر على نقطة التوازن لتعيش حياة أفضل؟

لمكافحة الإرهاق المرتبط بشخصيتك، تقترح عليك المختصة النفسية سوزان ويتبورن عدة تقنيات بسيطة لكنها فعالة. الخطوة الأولى هي الوعي بعواطفك والأنماط التي ترهقك. يمكنك بعد ذلك التعبير عن مشاعرك بصراحة، سواء من خلال التحدث إلى أصدقائك أو أقربائك أو استخدام بعض الأساليب الإبداعية مثل الكتابة. كما أن ممارسات مثل اليقظة الذهنية الكاملة أو التأمل يمكن أن تساعدك أيضاً على إدارة التوتر اليومي وتجنب تعرّضك إلى الإرهاق الشامل.

من الضروري أيضاً أن تتعلم تقبل عيوبك. فالتخلص من ضغط النظرة المثالية يمكن أن يساعد الكثيرين على توليد طاقة هائلة. كما أن تعديل التوقعات وتقبل غياب الكمال يسمح لنا بتوفير قدر كبير من الطاقة الذهنية والنفسية. وتتيح لنا هذه النظرة الموضوعية إدارة أفضل للشعور بالإرهاق وتحقيق التوازن الصحي ومواجهة الحياة اليومية بمرونة نفسية أكبر.

المحتوى محمي