ملخص: غالباً تصعب إدارة اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)؛ لكن العلاج السلوكي لفرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD CBT) يمثّل خياراً علاجياً واعداً إذ يمكن أن يساعد الأفراد المصابين على تطوير استراتيجيات عملية لإدارة الأعراض؛ مثل تحسين مهارات إدارة الوقت، ومعالجة أنماط التفكير السلبية، وتخفيض الاندفاع، ويمكن أن يسهم أيضاً في تحسين الحالات النفسية المصاحبة للإصابة مثل القلق أو الاكتئاب، ويستفيد الأفراد مع هذا النوع من العلاج النفسي من تحسين أدائهم في الحياة اليومية. يستكشف هذا المقال أهمية العلاج السلوكي المخصّص لعلاج فرط الحركة وتشتت الانتباه، وكيف يمكن أن يؤدّي إلى تحسين الأعراض.
يؤثّر اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) في ملايين الأشخاص في أنحاء العالم جميعها؛ ما يجعله أحد أكثر اضطرابات النمو العصبي شيوعاً، الذي يمكن أن يجعل الحياة اليومية عبارة عن سلسلة من التحدّيات؛ حيث يؤثّر في قدرة الشخص على التركيز والتنظيم وإكمال المهام.
في حين أن الأدوية يمكن أن تكون مفيدة في إدارة الأعراض، فإن العلاج السلوكي لفرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD CBT) هو خيار علاجي شائع وفعّال بشكل متزايد للأفراد المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه؛ إذ إنه يُمكّن الأفراد من تعلّم الاستراتيجيات العملية ومهارات التأقلم لإدارة أعراضهم بشكل أفضل ومن ثم إعطائهم فرصة لتحسين نوعية حياتهم وجودتها.
أعراض اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه
فرط الحركة وتشتت الانتباه (Attention-Deficit/Hyperactivity Disorder) هو اضطراب نمو عصبي يمكن أن يؤثّر في كلٍ من الأطفال والبالغين، وهو أحد أكثر اضطرابات النمو العصبي شيوعاً في مرحلة الطفولة. ويتميّز بأعراض مثل صعوبة الانتباه والاندفاع وفرط النشاط، وتستمرّ تلك الأعراض حتى مرحلة البلوغ.
ومن الطبيعي أن يستصعب الأطفال التحكّم في سلوكهم الاندفاعي ويحسنوا التصرّف؛ إلا أن أعراض الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه تتطوّر إلى عائق يحول بينهم وبين الدراسة أو حتى بينهم وبين أصدقائهم وعائلاتهم.
وبحسب الخبراء من مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) تتلخّص الأعراض في الآتي:
- أحلام اليقظة الكثيرة.
- النسيان أو تضييع الأشياء.
- التشنّج أو التململ.
- الثرثرة وكثرة الكلام.
- ارتكاب أخطاء بسبب الإهمال أو تحمّل مخاطر غير ضرورية.
- صعوبة مقاومة المغريات والمشتتات.
- صعوبة تأدية الأدوار.
- صعوبة الانسجام مع الآخرين.
والجدير بالذكر أنه لا توجد أسباب محدّدة للإصابة باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه؛ لكن العوامل الجينية والوراثية قد تؤدّي دوراً مهمّاً في احتمالية الإصابة.
اقرأ أيضاً: تعرف إلى الجلسات العلاجية المعرفية والسلوكية
الآثار المحتمَلة الجانبية للعلاج الدوائي
تختلف الآثار الجانبية للأدوية من شخص إلى آخر، فقد يعاني أحدهم من بعضها أو قد لا يعاني من أي آثار جانبية، وبعضها قد يختفي مع الوقت، بينما أخرى قد لا تختفي؛ ما يجعل التحدّث إلى الطبيب المُعالج أمراً ضروريّاً. ويوضّح الخبراء من هيلث لاين (Healthline) إنّ هناك بعض الآثار الجانبية لاستخدام الأدوية المخصّصة لعلاج فرط الحركة وتشتت الانتباه؛ ونلخصّها كالآتي:
- مشكلات النوم سواء كان الدواء قصير أو طويل المفعول.
- الإفراط في تناول الطعام وصعوبة كبح الشهية.
- التشنّجات اللاإرادية عند الأطفال، ويُنصح بتغيير الدواء إذا استمرّت لفترة طويلة .
- التقلبّات المزاجية عند تناول جرعة كبيرة من الدواء؛ ما قد يسبّب التهيّج أو البكاء.
- الغثيان والصداع، وقد تختفي في غضون بضع أسابيع.
- ارتداد الأعراض وعودتها أكثر شدة من ذي قبل عند تلاشي مفعول الدواء في نهاية اليوم.
- قد يسبّب الدواء زيادة طفيفة في ضغط الدم والنبض.
كيف يمكن أن يحسّن العلاج السلوكي أعراض فرط الحركة وتشتت الانتباه؟
العلاج المعرفي السلوكي (CBT) هو نهج علاجي يجمع بين العلاج المعرفي والعلاج السلوكي، ويعتقد مؤسسو العلاج المعرفي أن الأفراد جميعهم لديهم أفكار تلقائية تتبادر إلى الذهن على الفور استجابةً لمحفّز مثل حدث أو موقف.
يمكن أن تكون هذه الأفكار مفيدة وتؤدّي إلى المشاعر الإيجابية والتكيّف الفعّال، أو يمكن أن تكون سلبية وتسبّب مشاعر القلق أو الاكتئاب وتؤدّي إلى عدم القدرة على التكيّف.
ويوكّد الخبراء من برنامج الأطفال والبالغين المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (CHADD)، إنّ العلاج السلوكي لفرط الحركة وتشتت الانتباه يعمل بشكل أساسي على مناقشة الأفكار والسلوكيات الخاصة لدى المصابين ونظرتهم لأنفسهم؛ حيث يساعد المعالجون على تحديد هذه الأفكار والمعتقدات غير العقلانية من خلال الاشتباك معها فكرياً وإثبات عدم منطقيتها من خلال الحوار مع الشخص المصاب.
وبشكلٍ عام، يمكن أن يساعد العلاج السلوكي لفرط الحركة وتشتت الانتباه على تحسين مهارات المصابين في التأقلم ووضع استراتيجيات أكثر فعالية لإدارة أعراضهم؛ ما يؤدي إلى تحسين الأداء ونوعية الحياة. وهذه هي كافّة الطرائق التي يمكن من خلالها أن يحسّن العلاج السلوكي أعراض فرط الحركة وتشتت الانتباه:
- معالجة أنماط التفكير والسلوكيات السلبية التي يمكن أن تؤدّي إلى تفاقم أعراض اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه؛ مثل التشكيك في الذات والتسويف والتجنّب.
- تطوير استراتيجيات لإدارة أعراض الاضطراب؛ مثل مهارة إدارة الوقت، والمهارات التنظيمية، ومهارة حلّ المشكلات.
- تعليم تقنيات اليقظة للمساعدة على إدارة الاندفاع والتشتت.
- تقديم الدعم والتوجيه لإدارة الحالات النفسية المصاحبة للاضطراب مثل القلق والاكتئاب؛ والتي يمكن أن تؤدّي بدورها إلى تفاقم الأعراض.
- التشجيع على إجراء تغييرات في نمط الحياة؛ مثل ممارسة التمارين الرياضية بانتظام وتناول الطعام الصحي والحصول على قسطٍ كافٍ من النوم.
كيف يعمل العلاج السلوكي المخصّص لعلاج فرط الحركة وتشتت الانتباه؟
يركّز العلاج السلوكي لفرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD CBT) بشكل أساسي على التعرّف إلى الأفكار السلبية لدى المصابين، وتغيير وجهات نظرهم عن أنفسهم واستبدالها بأفكار إيجابية لا تحول بينهم وبين أهدافهم من خلال إعادة الهيكلة المعرفية لديهم عن ذواتهم والآخرين.
ويختلف هذا الأسلوب من العلاج عن الأشكال التقليدية للتحليل النفسي أو العلاج النفسي الديناميكي؛ إذ إنّ أهدافه وأساليبه تكون أكثر وضوحاً.
يتضمّن العلاج السلوكي لفرط الحركة وتشتت الانتباه نهجاً تعاونياً بين الفرد المصاب والمعالج، مع التركيز على تطوير المهارات والاستراتيجيات العملية لإدارة الأعراض وتحسين الأداء في الحياة اليومية؛ إذ يشرح هذا المعالج الطرائق التي يمكن للمصاب من خلالها أن يغيّر نمط أفكاره ومشاعره وسلوكياته؛ مثل وضع جداول زمنية لإنجاز المهام اليوميّة، والتوقّف عن الحديث السلبي عن الذات، وإدارة الوقت بشكل أكثر فعالية. وعادة يتراوح عدد الجلسات في أغلب الحالات بين 10 و14 جلسة مخصّصة.
هل يستفيد الأطفال من العلاج السلوكي لفرط الحركة وتشتت الانتباه؟
توضّح اختصاصية الأمراض النفسية والعصبية بالمركز السعودي التخصصي للطب النفسي بمنطقة جازان (SPC)، شيماء الشيخ إنّ خطة العلاج السلوكي بالنسبة إلى الأطفال تشمل برنامجاً تأهيلياً للطفل، وتدريباً للوالدين حول كيفية التعامل مع طفل مصاب بفرط الحركة وتشتت الانتباه؛ بحيث يمكنّهم هذا التدريب من فهم طبيعة الاضطراب وكيفية استخدام أساليب المكافآت والاستجابة في تعاملهم مع الطفل.
ووفقاً للخبراء من معهد تشايلد مايند الأميركي (Child Mind Institute)، فقد يتوقّع الآباء أن يقوم الطفل المصاب بمعظم المهام في أثناء رحلته العلاجية؛ ولكن في الواقع تتطلّب هذه التدخلات استثماراً كبيراً للوقت والجهد من الوالدين اللذَين يمكن أن يستفيدا أيضاً من تعزيزٍ أكبر لشعورهم بالثقة في التعامل مع سلوك طفلهما.
وفي حين أن هذه التدخلات لا تعالج أعراض اضطراب فرط الحركة وتشتّت الانتباه بشكل مباشر، فقد ثبت أنها تحسّن أعراضه، وتكون نتائجها أكثر فعالية لدى الأطفال الذين يُظهرون سلوكاً معاديا أو متحديّاً.
اقرأ أيضاً: كيف يُستخدم العلاج المعرفي السلوكي لعلاج الإدمان على المخدرات؟
وختاماً، على الرغم من التحدّيات المصاحبة للإصابة باضطراب نمو عصبي، فالعلاج السلوكي لفرط الحركة وتشتت الانتباه يمكّن من إدارة الأعراض والتحكّم في تبعاتها لكلّ من الأطفال والبالغين ما يؤثّر على نحوٍ إيجابي في الفرد؛ مثل تحسّن تنفيذه للمهام وإنتاجيته كالإنجاز في العمل أو إدارة الوقت بشكل جيّد.