هل أصبح الفصل بين الحياة المهنية والشخصية أمراً مستحيلاً بالفعل؟ يفكر 92% من المدراء التنفيذيين في أعبائهم المهنية خارج ساعات العمل، ويبدو أن حالة "العبء الذهني المهني" آخذة في الانتشار.
- المديرة التنفيذية الأم: تراكم الأعباء الذهنية
- العبء الذهني المهني يؤثر في رفاهية من حولك
يقتحم العمل حياتنا الشخصية بصورة متزايدة، ولا يعود ذلك فقط إلى التغييرات التنظيمية التي أُجريت في الشركات منذ عام 2020، بسبب القيود التي فرضتها جائحة "كوفيد-19"، وتعميم أسلوب العمل عن بعد تبعاً لذلك. يوضح "مقياس العبء الذهني المهني" الذي صدر بالتعاون بين معهد آيفوب وشركة مون كارد، النسخة الثانية؛ والذي نُشر في 22 يونيو/ حزيران من عام 2021، أن 92% من المدراء التنفيذيين، من جميع الأعمار ومن كلا الجنسين، وفي جميع القطاعات المهنية، يفكرون في أعباء العمل بعد انقضاء ساعات الدوام الرسمي، بينما يفكر 55% منهم في هذه الأعباء معظم الوقت".
المديرة التنفيذية الأم: تراكم الأعباء الذهنية
يُعرَّف العبء الذهني المهني بأنه "الضغط النفسي الناجم عن مخاوف ذات طابع مهني؛ بما في ذلك الضغط النفسي خارج ساعات العمل". ولقياس شدته؛ أنشأ معهد آيفوب "مؤشر العبء الذهني" بناءً على ردود المجيبين على استبانة من 6 عناصر وهي:
- مستوى التوتر الذي يشعر به الشخص في العمل.
- التفكير في أعباء العمل خارج ساعات الدوام الرسمي، وفي عطلات نهاية الأسبوع.
- الشعور "بعدم القدرة على الخروج من دائرة العمل".
- صعوبة النوم ليلاً.
- الشعور بتداخل الحياة المهنية مع الحياة الشخصية.
وبمتوسط إجمالي يتجاوز 4/10 على المؤشر، فمن الواضح أن العبء الذهني المهني يرهق المدراء التنفيذيين بالفعل. ومع ذلك، فإن تأثيره في الرجال والنساء غير متساوٍ، وهذا ما تؤكده نتائج نسخة 2021 من المؤشر؛ إذ بلغ متوسطاً قدره 4.9/ 10 للنساء مقابل 4.5/ 10 للرجال. ومن جهة أخرى؛ تتفاوت هذه الأرقام بين المديرات التنفيذيات الأمهات اللواتي بلغ متوسط مؤشر العبء الذهني لديهن 5.2، واللواتي ليس لديهن أطفال معالون؛ إذ ينخفض لديهن إلى 4.7.
يصف مفهوم "العبء الذهني" الذي انتشر في السنوات الأخيرة، الضغط الذي يثقل كاهل أحد الزوجين (المرأة عموماً) خلال الإدارة اليومية للأسرة، من وجهة نظر عائلية، وإدارية، وعملية. إذاً تجمع المرأة بين العبء الذهني الأسري، والمهني، وتقول واحدة من كل اثنتين من الأمهات تقريباً إن لديها انطباع بأنها "لن تتمكن من تدبر أمورها في العمل" (44% من الأمهات، مقابل 31% من الآباء فقط). ولم يغيّر انتشار أسلوب العمل عن بعد أي شيء؛ إذ تجد 85% من النساء اللواتي لديهن أطفال معالون، صعوبةً في التوفيق بين حياتهن المهنية والشخصية، وهي نسبة مطابقة لتلك التي وردت في النسخة الأولى من مؤشر مون كارد-آيفوب في عام 2019.
العبء الذهني المهني يؤثر في رفاهية من حولك
كلما زاد العبء الذهني المهني، زادت العواقب المحسوسة في الحياة اليومية للمدير التنفيذي الذي يعاني من هذه الضغوط. وتبرز مشكلات النوم والشعور بالإرهاق، كنتيجتين مباشرتين للعبء الذهني المهني، ففي أغلب الأحيان يعاني 39% من المدراء التنفيذيين من صعوبة في النوم بسبب التفكير في أعباء العمل، ويشعر 33% بأنهم ليسوا على ما يرام.
علاوةً على ذلك؛ يؤثر العبء الذهني المهني في علاقات المدراء التنفيذيين الشخصية، وجودة حياة من حولهم. يعترف 16% منهم بأنهم يفكرون أحياناً في أعباء العمل حتى في أثناء ممارسة العلاقة الحميمة (18% للنساء، 14% للرجال). أما بالنسبة للمدراء التنفيذيين الأكثر تعرضاً لضغط العمل، فيزداد الاحتمال بأن تعتري التوترات علاقاتهم الشخصية، وهذا هو الحال بالنسبة إلى 69% من أولئك الذين يتجاوز مؤشر العبء الذهني لديهم 7/ 10.
بعد أكثر من عام ونصف العام من العمل عن بُعد، يبدو أن "مزايا" أسلوب العمل هذا تزيد من أعباء المدراء التنفيذيين؛ إذ أصبحت مؤتمرات الفيديو مصدر إزعاج كبير لمعظمهم (65%)، وبصورة خاصة بالنسبة للذين مارسوا العمل عن بعد بشكل مكثف (من 4 إلى 5 أيام في الأسبوع). بالإضافة إلى ذلك؛ يعاني المدراء الشباب، في كثير من الأحيان من المقاطعة في أثناء العمل بسبب القيود المرتبطة بحياتهم الشخصية، وهو ما يسبب لهم حالةً من الضيق. كما أن ما يقرب من 50% من أولئك الذين تقل أعمارهم عن 35 عاماً، يشعرون أنهم غير متاحين لعائلاتهم وأحبائهم بصورة كافية. ومع بدء الشركات التفكير في التغييرات التنظيمية الجديدة في العمل للعام القادم، فمن المرجح أن يكون العثور على التوازن الصحيح أمراً صعباً.