أعتقد أنّ أي نجاح أو تقدم حقيقي لا يحدث بين عشية وضحاها، إنما يخفي وراءه عادات يومية متنوعة أسهمت جميعها في الدفع بالشخص نحو الأمام، فما نفعله يومياً يسهم مع مرور الزمن في تشكيل طريقة تفكيرنا وتحديد نمط شخصيتنا، وهو أيضاً يرتبط بتحسن صحتنا النفسية والجسدية أو تدهورها، ومن هنا نصل إلى استنتاج مفاده أن حياتك هي انعكاس لعاداتك، لذا في هذا المقال سنعرفك إلى أفضل العادات لصحتك النفسية وكيف تدمجها في روتينك اليومي.
محتويات المقال
كيف تؤثر عاداتك اليومية في صحتك النفسية؟
يوضح المعالج النفسي أسامة الجامع أن السلوكيات اليومية نوعان: الأول سلوكيات عقيمة مثل تصفح الهاتف الذكي دون تحقيق أي فائدة، أو انبطاح الشخص على السرير على الرغم من استيقاظه، أو الحركة دون هدف بالمنزل، أما النوع الثاني فسلوكيات منتجة مثل ممارسة الرياضة أو الهوايات كالكتابة والقراءة والأعمال اليدوية؛ ومن المؤكد أن كل نوع يؤثر في مزاج الفرد طوال اليوم.
يوافق الجامع في رأيه المختص النفسي معتز العتيبي الذي يرى أن الاكتئاب لا يأتي فقط من الأفكار السلبية والصدمات النفسية، بل قد يعانيه البعض نتيجة سوء العادات اليومية، مثل النوم غير المنتظم والأكل غير المتوازن، وكذلك قلة الحركة والعزلة الاجتماعية، لذلك يشير إلى أن العلاج قد يبدأ أحياناً من إصلاح الاحتياجات اليومية قبل البحث عن الأسباب الأعمق.
اقرأ أيضاً: دراسة حديثة: العادات الجديدة تحتاج إلى أكثر من 21 يومياً لترسيخها
دراسة ترشدك إلى أفضل العادات اليومية لصحتك النفسية
أجرت جامعة كيرتن الأسترالية (Curtin University) دراسة علمية ستُنشر رسمياً في يونيو/حزيران 2025 استطلع فيها الباحثون بيانات أكثر من 600 شخص بالغ، وتوصلوا إلى أن الأشخاص الذين يجرون محادثات يومية مع الآخرين سجلوا 10 نقاط أعلى من غيرهم على مقياس الصحة النفسية مقارنة بأولئك الذين تحدثوا إلى غيرهم بمعدل أقل من مرة واحدة أسبوعياً، بينما ارتبط قضاء الوقت في الطبيعة يومياً بزيادةٍ قدرها خمس نقاط، إلى جانب رصد عادات يومية أخرى مؤثرة أهمها لقاء الأصدقاء وممارسة الرياضة، والاهتمام بالروحانيات ومد يد المساعدة للآخرين.
وحسب المؤلفة الرئيسية للدراسة كريستينا بولارد (Christina Pollard)، تقدم النتائج السابقة دليلاً واضحاً على أن هناك إجراءات يومية منخفضة التكلفة ومتاحة يمكن أن تصنع فارقاً في صحتنا النفسية، فالتواصل المنتظم مع الآخرين من خلال الدردشات اليومية يسهم في زيادة المشاعر الإيجابية، وكذلك قضاء الوقت في الهواء الطلق أو ممارسة أنشطة مثل حل الكلمات المتقاطعة أو القراءة يمكنه أن يحسّن القدرات الذهنية للفرد.
7 إرشادات فعالة لترسيخ أي عادة جديدة في حياتك
ربما ستواجه صعوبة في حال رغبتك بالتخلي عن بعض عاداتك اليومية السيئة لتستبدل بها عادات إيجابية، لكن هذه المهمة يمكن تسهيلها ببعض الإرشادات، أهمها:
- لا تشتت نفسك بمحاولتك تبني عدة عادات جديدة في الوقت نفسه، لكن ابدأ فقط بعادة واحدة، وبعد أن ترسخها انطلق إلى عادة أخرى حتى لا تنهار جهودك.
- ضع خطة تدريجية طويلة الأمد تمكّنك من أن تدمج هذه العادة في يومك دون أن تشعر بالضجر أو الانزعاج، واحرص على تقسيم الخطة إلى خطوات صغيرة محددة.
- اجعل ممارسة العادة الجديدة ممتعة، فمثلاً في حال قررت تناول طعام صحي، فلا يعني ذلك بالضرورة تناول الأجبان الخالية من الملح أو الأطعمة المسلوقة، إنما يمكنك اختيار الأطعمة الصحية التي تشتهيها مثل البطاطا المشوية أو الفواكه اللذيذة.
- غيّر إيقاعك اليومي ليتماشى مع العادة الجديدة. على سبيل المثال، إذا رغبت بأن تمارس رياضة المشي في الصباح الباكر فليس من المنطقي أن تنام في ساعة متأخرة من الليل.
- كافئ نفسك عندما تنجح جزئياً في الالتزام بتطبيق العادة الجديدة، وتابع دوماً تقدمك لتشعر بالنجاح.
- لا تتطلع إلى الكمال وتوقع أنك ربما تفشل في المحاولات الأولى، لكن ذلك ليس سبباً منطقياً لتتوقف عن المحاولة.
- ابحث عن رفيق وداعم للنجاح يشاركك الاهتمام بالعادة نفسها حتى تتمكن من الصمود في طريق تحويل تلك العادة إلى روتين ثابت في حياتك اليومية.
اقرأ أيضاً: مارس هذه العادات يومياً لتكتسب ثقة بنفسك لا تتزعزع