نعيش اليوم في عالم مزدحم ومتسارع جداً ومليء بالتنافسية، ونتيجة لذلك أضحى التوتر والضغط النفسي جزءاً من الحياة اليومية، سواء كان ضغطاً متعلقاً بالعمل أم قلقاً بشأن الأمور المالية أو العلاقات الاجتماعية، وأحياناً يدفعك التفكير المفرط والرغبة في أداء الكثير من المهام إلى الشعور بالضغط النفسي الذي يؤثر تأثيراً كبيراً في صحتك النفسية والجسدية، ولكن هل كنت تعلم أن تأثير ذلك الضغط يمكن أن يمتد إلى قوة الإبصار ويسبب مشاكل في عينيك؟ إليك إجابة العلم من خلال هذا المقال.
محتويات المقال
كيف يؤثر الضغط النفسي في عينيك وقوة إبصارك؟
عندما تكون متوتراً وتحس بالضغط النفسي يفرز جسمك هرمونات التوتر مثل الكورتيزول والأدرينالين ما يجعلك تدخل في استجابة القتال أو الهروب أو التجمد، إلى جانب تعرضك لزيادة في معدل ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم وتوتر العضلات، علاوة على حدوث مشكلات في الرؤية، وعندما يستشعر جسمك الضغط النفسي، فإن ذلك يؤدي إلى زيادة الأدرينالين ويجعل حدقة العين تتسع للسماح بدخول المزيد من الضوء إلى عينيك وإدراك الأشياء والمخاطر على نحو أفضل وأوضح، وذلك حتى تتمكن من التعامل مع التهديدات التي يمكن أن تؤذيك، ويمكن القول إن تأثير الضغط النفسي في عينيك يتجسد عبر الطرائق التالية:
1. جفاف العين
يمكن أن يعطّل الضغط النفسي والتوتر توازن إنتاج الدموع ويؤدي إلى جفاف العين، وذلك لأن التعرض للضغط يسبب قلة الرمش، ما يؤدي إلى تبخر الدموع على نحو أسرع، ويجعل العينين تعانيان الجفاف والانزعاج.
2. عدم وضوح الرؤية
هل لاحظت من قبل كيف تصبح رؤيتك ضبابية في أثناء فترات التوتر والضغط النفسي على نحو خاص؟ يحدث ذلك الأمر لأن التغيرات الناجمة عن إفراز هرمونات التوتر تؤثر في عملية تدفق الدم إلى الأوعية الدموية الصغيرة التي تغذي العينين، ما يؤدي إلى عدم وضوح الرؤية، ويجعل من الصعب عليك التركيز، وعلى الرغم من أن هذه الظاهرة تكون مؤقتة فإنها مزعجة للغاية.
3. حساسية الضوء
تتسبب استجابة القتال والهروب التي يدخل فيها جسمك خلال أوقات الضغط النفسي في اتساع حدقة العين، وذلك من أجل محاولة زيادة تدفق الضوء إلى العينين واكتشاف التهديدات المحتملة بسهولة، ومع مرور الوقت تؤدي مستويات التوتر الشديدة المستمرة والإفرازات اللاحقة للأدرينالين إلى اتساع حدقة العين باستمرار ومن ثم الإصابة بحساسية الضوء في نهاية المطاف، علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي الضغط النفسي إلى ارتعاش عضلات العين وشدها، ما يسبب مشاكل في الرؤية وعدم الراحة في العين بسبب الإجهاد.
وعلى الجانب الآخر، يؤدي القلق المصاحب للضغط النفسي إلى زيادة الحساسية تجاه المحفزات المختلفة، بما في ذلك الضوء، ويمكن أن تتفاقم هذه الظاهرة المعروفة باسم رهاب الضوء (Photophobia)، بسبب استجابة الجسم للتوتر، وخاصة أن جسمك يخضع لتغيرات فيزيولوجية، مثل اتساع حدقة العين وزيادة الإدراك الحسي، ومن ثم تجعل هذه التغييرات الأضواء الساطعة تبدو أكثر شدة وغير مريحة.
اقرأ أيضاً: هل يخفف البكاء من الضغط النفسي؟
4. إجهاد العين
يمكن أن يؤدي الضغط النفسي إلى تفاقم حالات العين الموجودة مثل اللابؤرية أو قصر النظر أو مدّ النظر، ما يجعل من الصعب عليك الرؤية بوضوح، وفي بعض الأوقات قد يحدث إجهاد العين إذا كنت تقضي وقتاً طويلاً على الشاشات، والذي غالباً ما يرتبط ببيئات العمل المجهدة، ويمكن القول إن زيادة الضغط على العينين يسهم في التعب ويؤدي إلى تفاقم حالات الصداع النفسي.
5. ارتفاع خطر الإصابة بأمراض العين
يرتبط الضغط النفسي المزمن بزيادة خطر الإصابة ببعض أمراض العين، بما في ذلك الغلوكوما، والتنكس البقعي، واعتلال الشبكية السكري، ومع استمرار تعرضك للضغط النفسي ستُلحق هرمونات التوتر الضرر بعينك عن طريق تقليل تدفق الدم إلى شبكية العين والعصب البصري وزيادة الضغط في عينك.
6. ارتعاش العين
تُعرف هذه الاستجابة التي تبديها عينيك في أثناء فترات الضغط النفسي أو التوتر أو قلة النوم باسم تقلص العضلات، والعضلة المسؤولة عن ارتعاش العين هذه هي عضلة مولر، وهي المسؤولة أيضاً عن توجيه حركة الجفن، ويكون التحكم فيها بواسطة الجهاز العصبي الودي.
7. فقدان البصر
ربما تكون هذه الحالة هي الأكثر قتامة وشدة، ولكن مستويات الضغط النفسي المرتفعة يمكن أن تسبب تسرب السوائل إلى البقعة الموجودة في شبكية العين، ومع مرور الوقت يؤدي هذا التسرب إلى اعتلال البقعة المصلي المركزي، ما يؤدي إلى عدم وضوح الرؤية أو تشوهها وفقدان حدة البصر، في الحالات الأكثر شدة، يمكن أن يتسبب الضغط النفسي في فقدان مفاجئ للرؤية.
8 إرشادات تساعدك على تقليل تعرضك للضغط النفسي وحماية عينيك
إذا أردت الحفاظ على قوة إبصارك وحماية عينيك عليك أولاً عدم التعرض للضغط النفسي، وحتى نكون واقعيين يبدو هذا الأمر صعباً في خضم معترك الحياة الحديثة، وعلى الرغم من ذلك علينا أن نحاول، وإليك أهم الإرشادات التي ستساعدك على حماية نفسك وتحصينها من الضغط النفسي:
1. تنفّس بعمق
يسمح التنفس العميق لجسمك بالاسترخاء ويخلق حالة من الراحة العميقة، علاوة على ذلك فإن تمارين التنفس يمكن أن تغير رد فعل جسمك تجاه التوتر والضغط النفسي، وتزيد تدفق الأوكسجين إلى دماغك، ولهذا احرص على التنفس بعمق في أثناء فترات التوتر والضغط النفسي، ويمكنك أيضاً ممارسة تقنيات الاسترخاء الأخرى مثل التأمل أو اليوغا.
2. خذ فترات راحة منتظمة
إذا كان عملك يقتضي البقاء ساعات طويلة أمام الشاشة، فابذل جهداً متعمداً لأخذ فترات راحة منتظمة، على سبيل المثال، يمكنك اتباع قاعدة 20-20-20: وتعني كل 20 دقيقة، انظر بعيداً عن شاشتك وركز على شيء يبعد 20 قدماً أو ما يعادل 6 أمتار مدة 20 ثانية على الأقل، ويمكن أن تساعد هذه القاعدة البسيطة على تقليل إجهاد العين ومنع التعب.
اقرأ أيضاً: كيف يؤدي الضغط النفسي إلى البهاق؟ وكيف تتعامل معه؟
3. خصص وقتاً كافياً من أجل النوم
الحصول على قسط كافٍ من النوم ليلاً أمر ضروري من أجل الحفاظ على صحتك النفسية والجسدية، بما في ذلك صحة العين، ولهذا احرص على الحصول على 7-8 ساعات من النوم الجيد كل ليلة، واتبع روتيناً مريحاً قبل النوم يساعدك على الاسترخاء والاستعداد لنوم هادئ، على سبيل المثال، لا تتصفح هاتفك قبل النوم مباشرة وعوضاً عن ذلك يمكنك أن تقرأ كتاباً أو تحصل على حمام دافئ.
4. حافظ على رطوبة جسمك
اشرب الكثير من الماء طوال اليوم للحفاظ على رطوبة جسمك وعينيك، وتجنب الإفراط في تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين أو الكحول، لأنها يمكن أن تسهم في جفاف جسمك وتزيد أعراض جفاف العين.
5. تناول الطعام الصحي
تناوُل الطعام الصحي المتوازن والغني بالخضروات والفواكه والمكسرات يمكن أن يساعدك على تقليل التوتر ويقوي جهاز المناعة لديك ويحسن مزاجك وينظم ضغط الدم، لهذا احرص جيداً على اتباع نظام غذائي صحي. على سبيل المثال، بعض العناصر الغذائية مثل فيتامين أ وفيتامين ج وفيتامين هـ والزنك مفيدة لصحة العين وقد تساعد على الحماية من أمراض العيون المرتبطة بالعمر.
6. حافظ على نشاطك البدني
يمكن أن تساعدك الحركة المنتظمة وممارسة التمارين الرياضية بانتظام على النوم وتحسين مزاجك وتقليل التوتر والقلق، علاوة على ذلك، فإن ممارسة الرياضة تحسّن جودة نومك وتساعد جسمك على إفراز هرمون الإندروفين ما يعزز صحتك النفسية.
7. مارس اليقظة الذهنية
يوضح المختص النفسي، عبد الله آل دربا، أن الضغط النفسي والقلق يؤديان إلى ضعف منطقة الحصين التي تعد مركز الذاكرة في الدماغ، ما يتسبب في تلف خلايا المخ، وينصح آل دربا بضرورة عدم التفكير الزائد ومحاولة العيش في اللحظة الحاضرة دون تفكير في الماضي أو قلق بشأن المستقبل، كما ينصح آل دربا أيضاً بمحاولة تغيير الأفكار والمعتقدات السلبية إلى أخرى إيجابية.
8. افحص عينيك بانتظام عند الطبيب المتخصص
لا تهمل صحة عينيك، وحين تتفاقم أعراض مشاكل الرؤية بسبب الضغط النفسي، حدد موعداً لإجراء فحوص عينية منتظمة مع طبيب عيون لمراقبة رؤيتك وفحص أي حالات محتملة في العين، حيث يعد الاكتشاف المبكر والعلاج أمران أساسيان للحفاظ على الرؤية ومنع المضاعفات طويلة الأمد.
اقرأ أيضاً: كيف تمرن دماغك ليبقى هادئاً في أثناء تعرضك إلى الضغط النفسي؟