هل يخفف البكاء من الضغط النفسي؟

البكاء
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ما بين حزن وإحباط وتراكم للمشاعر السلبية دون تنفيس، تختلف المواقف التي يبكي فيها الأفراد. كما قد يبكي البعض من فرط السعادة عند المرور بمواقف تثير شعورهم بالفرح الشديد؛ ما يعني أن البكاء ينجم عن العديد من المشاعر المختلفة ويؤدي أدواراً مختلفة أيضاً.
يقول الطبيب النفساني الإكلينيكي في جامعة كاليفورنيا “ستيفن سيدروف” (Stephen Sideroff) إن البكاء ينشِّط الجسم بطريقة صحية. لذلك فتخلي المرء عن حذره ودفاعاته وترك دموعه تنهمر عند شعوره برغبة قوية في البكاء هو أمر إيجابي وصحي للغاية.

ما أنواع الدموع؟

على الرغم من أنه عندما يتحدث الناس عن البكاء فهم يشيرون عادةً إلى نوع واحد من الدموع، وهو الدموع العاطفية التي تحدث استجابة لمجموعة من المشاعر القوية؛ فإن هناك أنواعاً أخرى من الدموع يشير لها موقع “كليفلاند آي كلينيك” (Cleveland Eye Clinic)، وهي:

  • الدموع الانعكاسية (Reflex Tears): وهي الدموع الناتجة عن المهيِّجات؛ مثل الغبار أو الدخان، ويتم ذرفها لطرد هذه المهيجات من العين بهدف حمايتها.
  • الدموع القاعدية أو المستمرة (Basal Tears): تفرز القنوات الدمعية باستمرار هذا النوع من الدموع، وهو سائل مضاد للجراثيم غني بالبروتين يساعد على إبقاء العين رطبة في كل مرة يرمش فيها الشخص، وتحمي من العدوى.
  • الدموع العاطفية (Emotional Tears): وهي الدموع التي يذرفها الشخص استجابةً للمشاعر القوية، وهي تحتوي على مستوى أعلى من هرمونات التوتر مقارنةً بأنواع الدموع الأخرى.

كيف يفيد البكاء صحتك النفسية؟

تتعدد فوائد البكاء للصحة النفسية. بالإضافة لعمل الدموع الانعكاسية على حماية العين، والدموع المستمرة على الحماية من العدوى؛ تشمل فوائد البكاء للصحة النفسية ما يلي:

1. يساعد على التهدئة الذاتية

قد يكون البكاء من أفضل آلياتك لتهدئة نفسك. أوضحت دراسة منشورة في مجلة فرونتيرز إن سايكولوجي (Frontiers in Psychology) أن البكاء ينشط الجهاز العصبي السمبثاوي (PNS)؛ ذلك الجهاز الذي يساعد جسمك على الراحة. ومع ذلك، فإن تلك الراحة لا تحدث بشكل فوري. قد يستغرق ذرف الدموع عدة دقائق قبل أن تشعر بآثار البكاء المهدئة.

2. يخفف الألم

وفقاً للدراسة ذاتها؛ البكاء لفترات طويلة يطلق هرمون الأوكسيتوسين (Oxytocin) والمواد الأفيونية الذاتية المعروفة باسم الإندورفين (Endorphins)؛ التي تساعد على تخفيف الآلام الجسدية والعاطفية.

بمجرد إطلاق الإندورفين، قد يدخل جسمك إلى حد ما في مرحلة التخدير. كما يمكن أن يمنحك الأوكسيتوسين إحساساً بالهدوء.

3. يحسِّن المزاج

تشير الدراسة المذكورة أيضاً إلى أنه بالإضافة إلى المساعدة على تخفيف الألم؛ يمكن للبكاء، وخاصة البكاء الشديد (Sobbing)، أن يكون جيداً لتحسين حالتك المزاجية لأنه عندما تبكي، فإنك تأخذ أنفاساً سريعةً من الهواء البارد. ويمكن أن يساعد استنشاق ذلك الهواء على تنظيم درجة حرارة دماغك وحتى خفضها. نتيجة لذلك؛ قد يتحسن مزاجك بعد نوبة بكاء.

4. يُظهر الحاجة للدعم

إذا كنت حزيناً فإن البكاء هو وسيلة لإعلام من حولك أنك بحاجة إلى الدعم. يُعرف ذلك باسم “المنفعة الشخصية” (interpersonal benefit) بحسب دراسة بحثت في الفروق الفردية في ميل البالغين للبكاء والمنشورة أيضاً في مجلة فرونتيرز إن سايكولوجي (Frontiers in Psychology).

تشير الدراسة إلى أنه خلال مرحلة الطفولة، يكون البكاء مرتبطاً بالتعلُّق؛ حيث يبكي الطفل رغبةّ منه في الحصول على الراحة والرعاية من الآخرين. لذلك فالبكاء بالنسبة للبالغين قد يكون أيضاً عاملاً ضرورياً لطلب المساعدة عندما تصبح الأمور صعبة وتفوق قدرات الفرد.

5. يساعد على التعافي من الحزن والكآبة

تشير الدراسة ذاتها إلى أن الحزن يتضمن فترات من الشعور بالأسى والخدر وكذلك الشعور بالذنب والغضب. في تلك الأوقات، يكون البكاء مهماً بشكل كبير، وقد يساعدك على معالجة وقبول فقدان أحد الأحباء. لكن إذا أصبح البكاء شديداً لدرجة تعيقك عن أداء مهامك اليومية؛ قد يكون من الأفضل استشارة الطبيب.

6. استعادة التوازن العاطفي

البكاء لا يحدث فقط استجابة للحزن؛ قد تبكي أحياناً عندما تكون سعيداً للغاية أو خائفاً أو متوتراً. تشير دراسة من جامعة ييل الأميركية إلى أن البكاء في تلك الأحيان قد يساعد على استعادة التوازن العاطفي. عندما تكون سعيداً أو خائفاً بشدة وتبكي، قد تكون تلك طريقة صحية لكي يتعافى جسمك من تجربة تلك المشاعر القوية.

اقرأ أيضاً: البكاء أثناء النوم: عَرَض لألم أكثر عمقاً

متى يجب أن تطلب المساعدة؟

إن البكاء هو استجابة طبيعية وصحية للمواقف التي تمر بها؛ لا يجب أن يشعر الفرد بالحرج أو الخوف من ذرف الدموع عند الشعور بالحاجة لذلك.

لكن في حالة البكاء المفرط، يجب أن تتحدث عنه مع طبيبك. قد يكون في تلك الحالة علامة على الاكتئاب؛ الذي تشمل أعراضه وفقاً لموقع “مايو كلينيك” (Mayo Clinic):

  • مشاعر الحزن أو اليأس.
  • مشاعر الغضب أو الانفعال أو الإحباط حتى بشأن الأمور الصغيرة.
  • تغيرات في الشهية، فقدان الوزن أو زيادته.
  • التعب ونقص الطاقة حتى لأداء المهام الصغيرة.
  • اضطرابات النوم؛ مثل صعوبة النوم أو النوم لفترات طويلة.
  • الآلام غير المبرَّرة؛ مثل آلام الظهر أو الصداع التي لا يكون لها سبب واضح.
  • أفكار متكررة عن الموت أو الانتحار.
  • الشعور بانعدام القيمة أو الذنب والتركيز على إخفاقات الماضي أو لوم الذات.
  • صعوبة في التفكير والتركيز واتخاذ القرارات وتذكر الأشياء.

اقرأ أيضاً: هل تخاف من الرد على الهاتف؟ ربما تعاني من آثار صدمة نفسية

إن كبح دموعنا كبالغين حتى لا نظهر ضعفاء أمام الآخرين هو أمر قد يؤثر سلباً في صحتنا النفسية، ويحرمنا من العديد من فوائد البكاء.

لذلك قد يكون التفكير في المكان المناسب والأشخاص الذين نذرف دموعنا أمامهم هو الحل الأمثل، عوضاً عن كبح دموعنا تماماً.

المحتوى محمي !!