ملخص: تأسرنا الصور المولدة بالذكاء الاصطناعي؛ لكن هل هي أفضل من تلك التي يُنشئها البشر؟ وأيهما نفضل؟
محتويات المقال
هل ننجذب إلى الرسومات الفنية المولدة بالذكاء الاصطناعي أكثر من تلك التي يقدمها البشر؟ في محاولة للإجابة عن هذا السؤال، وفهم التأثيرات النفسية والشعبية لأدوات الذكاء الاصطناعي، أُجريت عدة دراسات سنناقش بعضاً منها في هذا المقال.
ما الذي يجذبنا إلى الرسومات الفنية المولدة بالذكاء الاصطناعي؟
باستخدام أي أداة ذكاء اصطناعي خاصة بتوليد الصور، جرب أن تكتب نصاً من كلمات معدودة، وانتظر بضع ثوانٍ أو دقائق، واحصل على صورة مصطنعة تأسرك بجمالها وفقاً لتفضيلاتك وأفكارك، سواءً كانت صورة رمزية أو شخصية أو خيالية أو حتى لوحة فنية، وقد تكون أجمل بالنسبة إليك من تلك التي يرسمها فنان مشهور، فما السبب وراء ذلك؟
هذا ما حاول الباحثون في معهد ماكس بلانك للجماليات التجريبية (MPIEA)، ومعهد إرنست سترونغمان (ESI) لعلم الأعصاب في ألمانيا، ومعهد ماكس بلانك لعلم اللغة النفسي في هولندا (Max Planck Institute for Psycholinguistics)، الإجابة عنه في دراستهم المنشورة في دورية علم النفس الأميركية.
فقد أظهر الباحثون أن الأهمية الذاتية هي عامل حاسم في الجاذبية الجمالية للفن، وهي مؤشر رئيس إلى ما يحبه الناس؛ لأنها تتحدث عن هوياتنا أو ذكرياتنا أو احتياجاتنا أو مشاعرنا، وهذا ما تركز عليه الصور المولدة بالذكاء الاصطناعي.
ففي البداية، ملأ المشاركون في الدراسة استبانةً تركز على جوانب شخصية ذاتية، فقدموا معلومات عن ذكريات الطفولة والأماكن التي نشؤوا فيها، والإجازات الأخيرة التي قضوها، وهوياتهم الشخصية والاجتماعية. وباستخدام أداة ذكاء اصطناعي تسمَّى "ستايل ترانسفر" (Style Transfer)، أنشأ الباحثون صوراً مخصصة بالاعتماد على المعلومات الفردية التي قدمها كل واحد من المشاركين، وعرضوها عليه دون أن يعلم أنها مصممة خصيصاً له، بالإضافة إلى أعمال فنية أُنشئت للآخرين، ومجموعة متنوعة من الأعمال الفنية المولدة بالذكاء الاصطناعي والتي لا علاقة لها بالمشاركين في الدراسة.
وصف المشاركون الصور المصممة لهم خصيصاً بأنها أكثر جاذبية من الناحية الجمالية بالمقارنة مع الصور المصممة لأشخاص آخرين، فقد كانوا يربطون تفاصيل الصور بأنفسهم، واستطاع الباحثون أيضاً التنبؤ بالصور التي قد يجدها المشاركون أكثر جاذبية بالنسبة إليهم بناءً على المعلومات الشخصية التي قدموها لهم.
وعلى الرغم من ذلك، يقول الباحثون إنه لا يجب علينا النظر إلى الفن من وجهة نظر شخصية؛ بل يجب أن نرى أيضاً تجارب الآخرين من خلال فنهم، وأن نرى فيه ما لا نعرفه، وأن ذلك "لا يعني أننا لا نستطيع الارتباط بالفن إذا كان العمل يحتوي على عناصر تؤسس الأهمية الذاتية أو تعززها، فمع ذلك، من الممكن الوصول إلى فهم أعمق ومن ثَمّ متعة أكبر" وفقاً للمؤلف الرئيس للدراسة، إدوارد فيسيل (Edward A. Vessel).
في الفن الحقيقي، نكتشف العناصر المرئية ذات الصلة بأنفسنا دون وعي؛ لذلك نحبها دون أن نعرف السبب. باختصار، نحن نحب الصور والأعمال الفنية ذات الأهمية الذاتية الفردية بالنسبة إلينا، ولا نركز على القواعد العامة التي يرتكز عليها الفن مثل التصميم الجمالي أو النسبة الذهبية، على الرغم من أنهما عاملان يمكن أن يفسرا بعض أسباب الإعجاب بالفن وليس كلها، والصور المولدة بالذكاء الاصطناعي مستندة إلى التفضيلات والرغبات الشخصية، وهذا سبب تفضيلنا لها.
اقرأ أيضاً: ما هي هلوسات الذكاء الاصطناعي؟ وهل يمكن لعلماء النفس تفسيرها؟
أيهما أجمل في أعيننا: الصور المولدة بالذكاء الاصطناعي أم التي يُنشئها البشر؟
على الرغم من أن النسبة الأكبر من البشر تفضل الصور التي يصنعها البشر على الصورة المولدة بالذكاء الاصطناعي، ففي دراسة أخرى، صمم فريق الباحثين مجموعة من الصور بأداة الذكاء الاصطناعي آرت بريدر (Artbreeder)، وعرضوها على عدد من الأشخاص، وأخبروهم إن بعض هذه الصور من صنع البشر وبعضها من توليد الذكاء الاصطناعي.
وكانت النتيجة أن فضّل المشاركون معظمهم الصور المصنوعة من قِبل الإنسان، وهذا يعني أنه لدينا تحيز ضد الذكاء الاصطناعي، وننظر إليه على أنه أقل قيمة وعمقاً، واستنتج الباحثون أن الذكاء الاصطناعي قادر تقنياً على خلق فن يقدرّه البشر؛ إلا أن التفضيل البشري ما يزال يميل إلى الفن الذي ابتكره البشر.
اقرأ أيضاً: كيف يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين الرعاية الصحية النفسية؟
في النهاية، ينشأ فن الذكاء الاصطناعي من أفكار ومدخلات بشرية ويخضع لاختيار الإنسان؛ ومن ثَمّ يمكنه أن يحمل في طياته قصصاً بشرية، ناهيك بأن النماذج مدرّبة على الفن الإنساني. لكن ستبقى الإجابة عن سؤال: "هل سنستبدل بالصور المولدة بالذكاء الاصطناعي الواقعية منها أم لا؟" متروكة للمستقبل!