دراسة علمية تخبرك بسمات الشخصية الجديرة بثقتك

2 دقيقة
الشخص الجدير بالثقة
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: لم يعد من السّهل أبداً على المرء أن يضع ثقته في الآخرين، بل أصبح منحها لهم في بعض الأحيان مرادفاً للسذاجة وقلة الخبرة. لكنّ هذا لا يعني أن أهل الثقة قد انقرضوا ولم يعد لهم أيّ وجود. هناك أشخاص نعُدّهم جديرين بالثقة لأنّهم يتميّزون ببعض الصفات الخاصة التي ترتبط بطبيعة شخصياتهم. من هو الشخص الجدير بالثقة إذاً؟ ما سماته الشخصية؟ وكيف يمكننا التحقّق من جدارته بها؟

هل تعرف الشخص الذي يمكنك الاعتماد عليه؟ ربّما يكون جواب هذا السؤال أحد أهم الشروط المطلوبة لمعرفة مدى قدرتك على منح ثقتك لشخص ما ولا سيّما من أصدقائك. هل هذا الشخص جدير بهذه الثقة؟ هل يمكن أن يظلّ وفياً لك؟ هل تظنّ أنّه سيساعدك عندما ستحتاج إليه؟ وهل سيهتمّ بمصلحتك؟ وهل تظنّ في المقابل أنك شخص جدير بالثقة في نظر أصدقائك؟

إذا كانت الجدارة بالثقة من المزايا الأساسية المطلوبة لأداء مهمّة مهنية فهي ضرورية أيضاً في إطار علاقاتنا الشخصية. لهذا السبب يجب أن نتأكد من الفهم الصحيح لمسألة الجدارة بالثقة كي نتمكّن من كشفها لدى الآخرين، والتعرّف إلى كيفية تطويرها على المستوى الشخصي.

ما معنى أن تكون "جديراً بالثقة"؟

يقول المختص في علم النفس السريري والعصبي أراش إمام زاده (Arash Emamzadeh) في مقال له على موقع سايكولوجي توداي (Psychology Today): "الجدارة بالثقة تعني إدراك توقّعات شخص آخر والشعور بأنك مسؤول عن تلبيتها". في هذا السياق سعى الباحثون في دراسة نشرتها دورية الشخصية وعلم النفس الاجتماعي (Journal of Personality and Social Psychology) بعنوان "من الجدير بالثقة؟ التنبؤ بنواياه وسلوكياته" (Who is trustworthy? Predicting trustworthy intentions and behavior) إلى التمييز بين مفهوم الثقة ومفهوم الجدارة بالثقة.

وأوضح الباحثون ما يلي: "تعكس الثقة استعداد الشخص الذي يمنحها لإمكانية التعرّض إلى الخطر بسبب توقّعاته الإيجابية تّجاه الشخص الذي يحظى بها، بينما تعكس الجدارة بالثقة ميل هذا الشخص الذي يحظى بالثقة إلى تلبية تلك التوقّعات الإيجابية". بعبارة أخرى تتطلّب الجدارة بالثقة إدراك توقّعات الآخر وتحمّل مسؤولية إرضائها وتلبيتها.

الشعور بالذنب ضمان الجدارة بالثقة

في الدراسة التي نُشرت سعى الباحثون إلى معرفة السبب الذي يجعل شخصاً أكثر جدارة بالثقة من غيره. وتوصلوا إلى بعض النتائج باستخدام استبانة شملت 401 من الأشخاص البالغين. تضمّنت الاستبانة أسئلة موجهة إلى المشاركين حول مدى ميلهم إلى الشعور بالذنب في مواقف معينة، كما طلب منهم الباحثون المشاركة في لعبة مالية تجمع طرفين يتعيّن على كلّ واحد منهما تحديد مدى جدارة الآخر بالثقة. كشفت النتائج أنّ الميل إلى الشعور بالذنب يؤدي دوراً مهماً في تحمّل المسؤولية الشخصية، ومن ثمّ يؤثّر في السلوكيات التي تُظهر جدارة المشاركين بالثقة أو عدم جدارتهم بها.

تقول المختصة في الطبّ النفسي السريري إليزابيث هوبر (Elizabeth Hopper) في مقال لها على موقع غريتر غود ماغازين (Greater Good Magazine): "أفاد المشاركون المعرّضون إلى الشعور بالذنب أنهم أحسّوا بأنهم مجبرون على التصرف بطريقة أخلاقية ومسؤولية خلال التفاعل مع شركائهم في اللعب، ويظهر الشعور بالذنب عندما يدرك الأفراد أنهم ارتكبوا خطأ ما، كما يميل المشاركون المعرّضون إلى الشعور بالذنب إلى تجنّب تبني بعض السلوكيات التي يمكن أن تؤذي الآخرين أو تخيّب ظنونهم". ولتجنب هذا الشعور بالذنب يلتزم هؤلاء الأشخاص بسلوكيات تلبّي توقعات الآخرين. وإذا لم يلتزموا بذلك أو ارتكبوا أخطاء خلال اللعب فإنّ شعورهم بالذنب يدفعهم إلى اتخاذ إجراءات لتصحيح الموقف.

ما سلوكيات الشخص الجدير بالثقة؟

لقياس مدى جدارة شخص بالثقة يمكن إذاً اختبار شعوره بالذنب من خلال سؤاله عن بعض تجاوزاته السابقة واحتمالية ندمه عليها، أو دفعه إلى وصف معضلة صعبة واجهها في الماضي، وهو أمر قد يقدم مؤشرات مفيدة. علاوة على مؤشر الشعور بالذنب يمثّل التزام الفرد بقيمه وتوافق أقواله وأفعاله وتحمّله مسؤولياته مزايا تدلّ على أنّه جدير بالثقة.

كما أنّه يتميّز بالصدق في أفعاله وأفكاره ومشاعره أيضاً وفقاً لمقال نشره موقع هاك سبيريت (HackSpirit). ويحترم الشخص الجدير بالثقة أيضاً حدود الآخرين وعواطفهم وأوقاتهم الشخصية. كما أنّه يعترف بأخطائه ويُظهر استعداداً للتعلّم.

اقرأ أيضاً: