5 سمات شخصية لا غنى عنها لنجاح رواد الأعمال

6 دقيقة
سمات شخصية
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

في العالم الواسع لريادة الأعمال، لا يكفي أن يكون لديك أفكار جيدة من أجل تحقيق النجاح، فالأمر يعتمد اعتماداً كبيراً على الشخصية التي تحمل هذه الأفكار وتنفذها؛ حيث يجب أن يمتلك رواد الأعمال الناجحون مجموعة من السمات التي تساعدهم على اجتياز التحديات الصعبة، واغتنام الفرص، والإبداع في حل المشاكل، ما يجعلهم مختلفين عن غيرهم، وذلك لأنهم قادرون على تحويل الأحلام والأمنيات إلى مشاريع واقعية، والعقبات إلى دروس، والأفكار البسيطة إلى نجاحات ملهمة، فما هي أهم السمات الشخصية التي يجب أن يمتلكها رواد الأعمال؟ الإجابة عبر هذا المقال.

1. الثقة بالنفس 

ثمة علاقة قوية بين الثقة بالنفس وريادة الأعمال، حيث تعد من أهم السمات التي يجب أن تمتلكها، وفي جوهرها ترتكز الثقة بالنفس على تحويل الخوف إلى تفكير وأهداف وعمل مركز؛ فالثقة بالنفس هي ما يمكنك من تحويل العقبات إلى فرص، والضعف إلى مزايا، والنكسات إلى إنجازات، وسواء كنت في قمة نجاحك أم تحاول فقط اجتياز مرحلة صعبة من عملك، فإن الثقة بالنفس ستجعل أهدافك الريادية جميعها تبدو قابلة للتحقيق لك ولمن حولك، وحتى ترسخ ثقتك بنفسك في عالم ريادة الأعمال، ركز على الأمور التالية:

  • تقبل الفشل؛ لأنك مهما بلغت درجة تخطيطك واستعدادك سوف تواجه أوقاتاً تفشل فيها، إذ لا يمكنك التنبؤ بالمستقبل، وببعض المتغيرات مثل تغير متطلبات السوق، وهنا عليك أن تتعلم ألا تأخذ الفشل على محمل شخصي، وبدلاً من ذلك، أفضل ما يمكنك فعله هو التعلم من أخطائك، واستخدامها حافزاً ورؤى يمكنك الرجوع إليها من أجل المضي قدماً.
  • ضع أهدافاً واقعية وقابلة للتحقق، ومتوافقة مع مواردك وقدراتك؛ وذلك حتى تهيئ نفسك للنجاح، وتأكد أن الأهداف غير الواقعية يمكن أن تسبب لك خيبة أمل وتزعزع ثقتك بنفسك، بالإضافة إلى ذلك، قسم أهدافك الكبيرة إلى خطوات أصغر يسهل تحقيقها، لأن هذا يسمح لك بتتبع تقدمك والاحتفال بالإنجازات الصغيرة على طول الطريق.
  • وسع مداركك، وتعلم مهارات جديدة، وتحد نفسك، وحاول الخروج من منطقة الراحة تدريجياً، ومع مرور الوقت يمكنك تعزيز ثقتك بنفسك وتوسيع آفاق حياتك. تعرف إلى نقاط قوتك وركز عليها، وإذا شعرت بأن نقاط ضعفك تعوق أداءك، اتخذ إجراءات من أجل تحسينها وتحويلها إلى نقاط قوة.
  • تبن عقلية النمو؛ ففي عالم ريادة الأعمال، يمكن لهذه العقلية أن تحدث فرقاً كبيراً بين النجاح والفشل، حيث ترتكز تلك العقلية على فكرة أن المواهب والقدرات والمهارات يمكن تطويرها من خلال التفاني والعمل الجاد والاستعداد للتعلم من الإخفاقات، وتعد عقلية النمو بالغة الأهمية لرواد الأعمال في مواجهتهم للتحديات والنكسات وعدم اليقين المصاحب لبناء الأعمال وإدارتها.

اقرأ أيضاً: استعادة الثقة بالنفس: التغيير هو المفتاح

2. المخاطرة 

تكمن أهمية المخاطرة لرواد الأعمال في أن النجاح الحقيقي لا يتحقق دون مخاطرة؛ فإذا كنت ترغب في التقدم والازدهار بمجال ريادة الأعمال عليك المخاطرة، قد يكتفي بعض رواد الأعمال بفعل ما اعتادوا عليه أو باتباع أسلوب عمل نمطي، لكن في العديد من القطاعات، لن تنجح هذه العقلية، وتجدر الإشارة إلى أن المخاطرة لا تعني القفز إلى المجهول دون تفكير، وإنما هي قرارات محسوبة تتخذ بعد تحليل وتقييم دقيقين للنتائج المحتملة، وبصفتك رائد أعمال، يجب عليك موازنة المخاطر بالمكافآت، وتحديد إذا ما كان الأمر يستحق المخاطرة. وحتى تكتسب شجاعة خوض غمار المخاطرة، حاول اتباع النصائح التالية:

  • أعد صياغة علاقتك بالمخاطر، حيث إن الكثير من الأشخاص يربطون المخاطرة بالفشل أو الخسارة، لكنها تمثل أيضاً فرصة للتعلم والنمو وربما النجاح؛ فكل مخاطرة تقدم عليها، كبيرة كانت أم صغيرة، هي فرصة للتعلم والنمو، وربما النجاح، لهذا حول تركيزك من مخاوفك إلى المكتسبات، وتذكر أن اللعب الدائم بأمان يؤدي إلى ضياع الفرص والركود.
  • طور نظاماً من أجل تقييم مخاطرك، فعندما يتعلق الأمر بخوض مخاطر أفضل، من المهم أن يكون الأمر مدروساً بعناية ويرتكز على استراتيجية واضحة؛ لهذا فكر جيداً وجرب إجراء دراسة دقيقة وشاملة، قارن بين الإيجابيات والسلبيات، وناقش أفكارك مع فريق عملك.
  • ابدأ بخطوات صغيرة، لأنك لست ملزماً بالمخاطرة الكبرى منذ البداية، لهذا جرب مخاطر صغيرة يمكنك إدارة تبعاتها، ثم طور قدرتك على التحمل تدريجياً، على سبيل المثال، جرب استراتيجية جديدة في مشروعك، ومع ازدياد شعورك بالراحة مع هذه المخاطر الصغيرة، ستبدأ ببناء الثقة والمرونة، ما يسهل عليك اتخاذ خطوات أكبر على الطريق.
  • انطلق ولا تنتظر الوقت المثالي، وذلك لأن انتظار أن تنسجم الظروف كلها، أو أن تكون المتغيرات جميعها مثالية قد يؤدي إلى التراخي وتفويت الفرص، والحقيقة هي أنه لا يوجد وقت مثالي للتحرك، عليك فقط أن تجهز خطتك وتقيم خياراتك، وتثق بجسدك، ثم تنطلق، وذلك لأن المخاطرة بطبيعتها، تنطوي على عدم يقين، وسيكون هناك دائماً قدر من عدم القدرة على التنبؤ.

3. الدافع إلى الإنجاز 

يشبه دافع الإنجاز وجود مدرب داخلي يشجعك باستمرار على التميز؛ إنه القوة النفسية التي تجعلك ترغب في تحقيق أداء أفضل ما يمكن، ومواجهة التحديات وجهاً لوجه، ووضع معايير قد تبدو مستحيلة للآخرين. وعلى عكس الدوافع الخارجية مثل المال أو التقدير، ينبع دافع الإنجاز من الداخل ويتعلق بالرضا الناتج عن معرفة أنك بذلت قصارى جهدك، ويمكن القول إن هذه السمة مهمة للغاية بالنسبة لرائد الأعمال، وخاصة أن هذا المجال مليء بعدم اليقين، وتقلب الأوضاع، والخسائر المحتملة، وحتى ترسخ هذه السمة داخلك، جرب الإرشادات التالية:

  • ركز على التعلم والتحسين المستمر؛ إذ نادراً ما تجد رائد أعمال ناجحاً لا يتعلم شيئاً جديداً باستمرار، حيث تدفعه الرغبة في الإنجاز إلى البحث عن المعرفة، والمهارات، ووجهات النظر التي يمكن أن تساعده على الأداء بصورة أفضل، لهذا فإنه يتابع تطورات المجال، ويطلب الإرشاد، ولا يخشى الاعتراف عندما لا يعرف.
  • أحط نفسك بالأشخاص الناجحين؛ وذلك لأن إحاطة نفسك بأفراد متحمسين يمكن أن يرفع دافعيتك ومعاييرك، على سبيل المثال، انضم إلى مجموعات رواد الأعمال، وابحث عن مرشدين يجسدون توجهك نحو الإنجاز، وابن علاقات مع أشخاص يحفزونك على التحسن.
  • تجاوز العقبات والنكسات التي تواجهك بعد تحليلها دون إصدار أحكام، حيث تساعد هذه الممارسة على تعزيز أنماط التفكير الإيجابية الموجهة نحو الإنجاز، وتبني المرونة النفسية اللازمة للنجاح في ريادة الأعمال.

اقرأ أيضاً: وهم الإنجاز: تعرف إلى أضرار المقاطع التحفيزية وكيفية تجنبها

4. الانضباط الذاتي 

يمكن القول إن الانضباط الذاتي هو الخيط الخفي الذي ينسج قصص نجاح رواد الأعمال؛ إنه القدرة على تركيز طاقتك على أهدافك الكبيرة والصغيرة، ومقاومة جاذبية المشتتات، والإشباع قصير المدى. يشبه الأمر وضع خطة والالتزام بها، حتى في أصعب الظروف، ما يعني أن ذلك الانضباط الذاتي هو قوة صامتة تحول الأحلام إلى واقع، والعادي إلى استثنائي ومميز.

وبالنسبة لرواد الأعمال، فإن الانضباط الذاتي مهم جداً، لأنه يتعلق بإصرار البقاء على المسار الصحيح عندما تتسلل الشكوك، أو تحدث انتكاسات، أو يصبح طريق النجاح وعراً ومتعرجاً، وفي هذه الحالة يمكن لرائد الأعمال أن يصبح أفضل نسخة من نفسه، وأن يركز على أهدافه، وأن يتخذ باستمرار خيارات تتماشى مع أهدافه التجارية، وإليك أهم الإرشادات التي تساعدك على تحسين انضباطك الذاتي:

  • حدد أهدافك بوضوح، واحرص على تدوين أين تريد أن تكون بعد سنتين، أو 5 أو 8 سنوات، وعلقها في مكان تراه كل يوم. لأن التذكيرات البصرية محفزات قوية، ويمكن القول إن تدوين أهدافك والسعي لتحقيقها باستمرار سوف يساعدك على التركيز على الصورة الأكبر، بدلاً من الانغماس في التحديات اليومية لإدارة الأعمال.
  • ضع روتيناً يومياً وسوف يساعدك على اكتساب عادات جيدة، والتركيز على أهدافك. ويمكن أن يشمل الروتين أوقاتاً محددة لمهام مثل التحقق من البريد الإلكتروني، وإجراء مكالمات المبيعات، والعمل على المشاريع. ومن خلال الروتين، يمكن لرواد الأعمال تطوير الانضباط الذاتي عبر جعل إنجاز المهام عادة يومية.
  • تدرب على تحديد الأولويات، وضع قائمة مهام أو خطة عمل من أجل البقاء منظماً، ومع مرور الوقت سوف تحس بالإنجاز مع كل مهمة تنهيها. على سبيل المثال، ضع المسؤوليات المهمة في المقدمة، وأنجزها أولاً، ثم توجه إلى بقية المهام تباعاً.
  • تعاطف مع نفسك حين تشعر ببعض التقصير، وسامحها، ثم امض قدماً، وتأكد أن الانضباط الذاتي لا يعني أنك روبوت، بالطبع سوف ترتكب بعض الأخطاء، ويمكن أن تتعرض للفشل، المهم أن تحاول مجدداً وتتعلم من أخطائك، لا أحد كامل، لهذا كن لطيفاً مع نفسك.

اقرأ أيضاً: كيف تطبق مبدأ الانضباط الذاتي لتزيد ثقتك بنفسك

5. إدارة الوقت بفعالية 

عند إدارة مشروعك الخاص، تكون أنت محور كل شيء؛ فأنت توازن بين الالتزام بالمواعيد النهائية، وإدارة الشؤون المالية، وقيادة فريقك، وفي كثير من الأحيان يبدو الأمر كأن قائمة مهامك لا تنتهي، لهذا فإن الوقت بالنسبة لرائد الأعمال لا يقدر بثمن، وإدارته الجيدة مهارة أساسية، خاصة أن العمل في ساعات متأخرة من الليل وفي عطلات نهاية الأسبوع ليس وسام شرف، بل هو خطأ جسيم، وطريق سوف يؤدي لا محالة إلى الشعور بالإرهاق والاحتراق النفسي، وحين تنهار، سوف يتوقف عملك حتى تتعافى، لهذا لا تجبر نفسك على الوصول إلى الحافة، ويمكن القول إنه لا توجد وصفة مثالية لإتقان إدارة الوقت، ولكن يمكنك تطوير عادات تتوافق مع جدولك الزمني وإيقاع عملك، وحتى تدير وقتك بنجاح وفعالية جرب التالي:

  • خطط لنفسك جدول أعمال فعالاً؛ ابدأ بتحديد أوقاتك الأكثر إنتاجية في اليوم وخصص ساعات التركيز لأهم مهامك التي تتطلب الإبداع، تجنب تعدد المهام، لأنه قد يقلل إنتاجيتك الإجمالية، حدد أهدافاً واضحة لكل يوم للحفاظ على المسار الصحيح، ورتب أولويات مهامك بناءً على أهميتها ومواعيدها النهائية.
  • فوض بعض المهام إلى الآخرين، وتأكد أن الاستفادة من نقاط قوة فريقك تمكنك، بصفتك رائد أعمال، من التركيز على التخطيط الاستراتيجي والنمو، ما يمكن الجميع من تقديم أفضل ما لديهم، لذلك جرب أن تثق بفريقك من أجل تعزيز الإنتاجية، وتطوير الموظفين، وتحسين التركيز والإبداع.
  • استخدم التكنولوجيا الرقمية في إدارة وقتك، على سبيل المثال، فكر في استخدام تطبيقات تتبع الوقت لمراقبة كيفية قضاء وقتك يومياً. وعلى الجانب الآخر، سوف تساعدك أدوات إدارة المشاريع على تنظيم المهام بكفاءة، كما تتيح لك تطبيقات التقويم جدولة أنشطتك وتحديد أولوياتها بسهولة.

في النهاية، يؤكد المختص النفسي، عبد الرحمن المهدلي، أن جهازك العصبي لا يمكن أن يهدأ في بيئة تستنزفه باستمرار، لذلك يجب أن تحاول قدر الإمكان أن تتخلص من الفوضى حولك، وتحدد الوقت الذي تقضيه على هاتفك، وتخرج للمشي في الهواء الطلق.

المحتوى محمي