في كل ساعة يضع شخص ما حداً لحياته في فرنسا. وغالباً ما يُنظر إلى السلوك الانتحاري أو محاولات الانتحار على أنها "دليل على جبن الشخص"، أو أن "لها علاقة بأسباب وراثية"، أو أن "الأشخاص الذين يعانون اضطراباً عقلياً" هم فقط من يقدمون على الانتحار. هنالك الكثير من الأفكار التي تعكس فهماً مغلوطاً حول نحو 80,000 شخص يقدمون على الانتحار في فرنسا كل عام.
ويوضح لنا بينيديكت نوفيس، المستمع في مؤسسة "إس أو إس سويسايد فينيكس" (SOS Suicide-Phénix)، في ليون، بفرنسا كيف أن هذه المعتقدات حول الشخص ذي السلوك الانتحاري خاطئة.
1- الحديث عن الانتحار لجذب الانتباه
الاعتقاد الخاطئ: الأشخاص الذين يتحدثون عن نيتهم قتل أنفسهم يفعلون ذلك فقط لجذب الانتباه.
لا ينبغي أن نقلل من أهمية نوايا الشخص عند حديثه عن الانتحار. فعندما تسمع شخصاً يقول: "أريد أن أنهي الأمر، لا يمكنني تحمله بعد الآن..." فهو يعاني بشدة، وقد يكون كلامه صرخة طلب للمساعدة. إنها طريقته لإخبار الآخرين أنه ليس على ما يرام، وليس مجرد حوار عابر.
2- يعاني الأشخاص ذوو السلوك الانتحاري من اضطرابات عقلية
الاعتقاد الخاطئ: الأشخاص الذين يقدمون على الانتحار يعانون من اضطرابات نفسية خطيرة.
يشكل المرضى النفسيون نسبة منخفضة للغاية من حالات الانتحار البالغة 10,000 حالة سنوياً في فرنسا. إن معظم الأشخاص الذين يفكرون بالانتحار هم مثل أي شخص آخر. تراكمت لدى البعض منهم صعوبات عاطفية أو مهنية أو مالية وأصبح من الصعب عليهم تحملها، بينما عانى آخرون من صدمات نفسية في مرحلة الطفولة، ولم يتمكنوا من الحصول على الأدوات العاطفية اللازمة للتغلب على تقلبات الحياة.
3- الانتحار هو العزم على الموت
الاعتقاد الخاطئ: إن الذين يقدمون على الانتحار يملكون تصميماً كاملاً على الموت.
لا يرغب الشخص الذي يقدم على الانتحار بالموت حقاً. إنما يأمل، من خلال الانتحار، بوضع حد لألم لم يعد يطاق بالنسبة له، وذلك بعد أن حاول بعدة طرق، ودون جدوى، إيجاد حل لمشكلاته.
4- الانتحار اختيار شخصي
الاعتقاد الخاطئ: الانتحار هو اختيار شخصي، ولا جدوى من التدخل.
إن الانتحار ليس اختياراً، بل هو تعبير عن عدم تمكن الشخص من رؤية أي اختيارات ممكنة، إذ يعتقد خطأً أنه لا توجد احتمالات أخرى لوقف معاناته. فالقول بأن الانتحار هو اختيار شخصي للمنتحر ولا فائدة من التدخل هو وسيلة الأشخاص المحيطين به للتخلص من الشعور بالذنب، فالتدخل لمساعدته ممكن دائماً.
5- الانتحار عمل لا يمكن التنبؤ به
الاعتقاد الخاطئ: لا يمكننا منع الانتحار لأنه لا يمكن التنبؤ به.
نادراً ما يكون الانتحار فعلاً غير متوقع. كما أن المعرفة الجيدة بالشخص تتيح بشكل كبير ملاحظة أي تغيرات سلوكية قد تطرأ عليه. ومن المهم أن ننتبه لأي إشارات تصدر عن الشخص. لكن في بعض الأحيان نفضل عدم رؤية هذه الإشارات، لأن تخيل فعل الانتحار أمر مخيف. فعلى الرغم من كل الحب الذي يمكن أن نكنه لأحبائنا، هناك أشياء يصعب علينا قبولها وتصورها.
6- السلوك الانتحاري هو سلوك وراثي
الاعتقاد الخاطئ: السلوك الانتحاري له أسباب وراثية، وأولئك الذين يحاولون إنهاء حياتهم يأتون من عائلات انتحارية.
لا يوجد جين للسلوك الانتحاري، فهو ليس سلوكاً وراثياً بيولوجياً. يمكن أن نرى عدة حالات انتحار في نفس العائلة، ولكن ما ينتقل بين أفرادها فعلياً هو مرض الاكتئاب. فعندما لا يتم علاج الاضطرابات النفسية، يمكن أن تنتقل من جيل إلى آخر. لذلك يجب أن نتحدث عن الاضطرابات النفسية، لأن اعتبارها من المحرمات وتجاهل الحديث عنها قد يؤدي إلى تكرار السلوكيات المرتبطة بها بين الأجيال.
7- تبدو على الشخص ذي السلوك الانتحاري علامات الحزن
الاعتقاد الخاطئ: الشخص المرح مُحصن ضد الانتحار.
في بعض الأحيان، يعد استخدام الفكاهة أو إضحاك الآخرين وسيلة للتخفيف من المعاناة الداخلية للشخص وقد تعمل هذه السلوكيات على تهدئته وطمأنة من حوله، ولكن غالباً ما تكون هناك فجوة كبيرة بين واقع التجربة الداخلية والصورة التي يعطيها الشخص الذي يعاني عن نفسه.
8- الشخص الذي حاول الانتحار ستكون لديه رغبة دائمة بالموت
الاعتقاد الخاطئ: إن الشخص الذي يحاول الانتحار، سيكرر المحاولة بالتأكيد.
باستثناء المرضى النفسيين، فهذا ليس هو الحال. بالطبع، تظل محاولة الانتحار أهم عامل خطر لتكرار الفعل الانتحاري. ولكن إذا تمت السيطرة على الأزمة اللاحقة لمحاولة الانتحار بشكل صحيح، فمن الممكن أن يستعيد الشخص رغبته في العيش وتذوق الحياة مجدداً.
9- الشخص ذو السلوك الانتحاري لا يرغب بالحصول على المساعدة
الاعتقاد الخاطئ: إن الأشخاص الذين يحاولون قتل أنفسهم لا يودون الحصول على المساعدة.
يجب اعتبار أي إشارة تصدر عن الشخص ذي السلوك الانتحاري طلباً جاداً للمساعدة، إذ إن العديد من الأشخاص الذي ينوون الانتحار يكررون إيماءتهم. فالأشخاص الذين يفعلون كل شيء لضمان الكشف عن نية الانتحار لديهم، من خلال ترك الأبواب مفتوحة على سبيل المثال، هم في الحقيقة يطلبون المساعدة. إنهم في محنة كبيرة ويصرخون لننقذهم.
10- الشخص ذو السلوك الانتحاري هو شخص جبان
الاعتقاد الخاطئ: إن الشخص الذي يُقدم على الانتحار هو شخص جبان.
يعاني الشخص ذو السلوك الانتحاري من مشاعر وعواطف معينة إلا أن توصيفها بالجبن أو الشجاعة ليس توصيفاً صحيحاً لما يعانيه الشخص. ويعد هذا الحكم وسيلة أخرى للتخلص من الشعور بالذنب تجاه الشخص الذي يُقدم على الانتحار.