"سأكتب رواية جديدة!" هكذا أعلنتها بكل فخر لأصدقائي وأفراد عائلتي، كنت متفائلة ومتحمسة، والجميع شجعني، بعض أصدقائي أخبروني أني موهوبة بالفطرة، فرحت كثيراً لكلمات التشجيع والثناء، بدأت الكتابة، وقبل منتصف الطريق، توقفت تماماً، سألتني أمي قبل أيام عن روايتي، أخبرتها أن الأمور لم تسر على ما يرام، قالت إنه الحسد، ولكني متأكدة من أن الحسد ليس السبب، ومن خلال هذا المقال سأخبركم السبب العلمي لفشل الخطط والأهداف بعد مشاركتها مع الآخرين.
محتويات المقال
لماذا تفشل خططك وأهدافك بعد مشاركتها مع الآخرين؟
لطالما كنت شخصية تشارك أهدافها وخططها مع أصدقائها وأسرتها، وذلك من أجل الحصول على الدعم والتشجيع، ولكن تبين أن مشاركة الأهداف تعوق عملية تحقيقها، وذلك للأسباب التالية:
1. تأثير الدوبامين
عندما تضع هدفاً محدداً نصب عينيك، أو خطة تنوي تنفيذها في الواقع، يكون لديك دافع وطموح نحو الهدف الذي تصبو إليه، وهذا يساعدك على مواصلة السعي نحوه، وذلك لأن الفجوة بين ما أنت عليه الآن وما تصبو إليه هي الدافع، أو القوة، التي تدفعك للاستمرار، لكن هذا الوضع يتغير تماماً حين تشارك أهدافك وخططك مع الآخرين؛ ففي هذه الحالة يفرز عقلك هرمون الدوبامين، وهي المادة الكيميائية نفسها التي يفرزها عند تحقيق الهدف، ولهذا حين تشارك أهدافك وخططك سوف تحس بالمتعة ذاتها التي تشعر بها بعد تحقيق الهدف، من ثم يفقد عقلك الدافع للسعي نحو الأهداف والخطط، إذ إنه حصل بالفعل على مكافأته مسبقاً.
اقرأ أيضاً: تكتم أهدافك أو تعلنها؟ علماء النفس يجيبون
2. الشعور الزائف بالإنجاز
حين كشفت لصديقتي المقربة عن رغبتي في كتابة رواية أخبرتني أني موهوبة بالفطرة، وربما كلمات الثناء التي تلقيتها منها ومن باقي أصدقائي وأفراد عائلتي جعلتني أحس شعوراً زائفاً بالإنجاز لهذا لم أعد في حاجة للكتابة، وهنا يمكن القول إن الثناء الشخصي عوضاً عن الثناء العملي يقلل الدافعية نحو الإنجاز والرغبة في تحقيق الأهداف.
في سياق متصل، كشفت دراسة بحثية أجرتها جامعة نيويورك أن كثيراً من الأشخاص يعتقدون أن إخبار الآخرين بخططهم يشجعهم على الالتزام، لكن نتائج الدراسة أظهرت العكس؛ فإعلان الخطط يعطي شعوراً نفسياً زائفاً بالإنجاز، فيظن الشخص أنه قطع شوطاً نحو الهدف بينما لم يبدأ بعد.
3. ردود الفعل السلبية
حين تشارك أهدافك وخططك مع الآخرين وتتلقى الكثير من الثناء والتشجيع قد تتوقف عن السعي لتحقيق هدفك بسبب شعورك الزائف بالإنجاز، وعلى الجانب الآخر، حين تتلقى ردود فعل سلبية قد تتراجع أيضاً عن خططك وأهدافك خوفاً من الفشل، خاصة إذا كنت مبتدئاً.
4. المنافسة تضعف قدرتك على تحقيق الأهداف
هل سبق لك أن أخبرت صديقك المقرب بهدف تصبو إليه أو خطة محكمة تنوي تنفيذها، مثل رغبتك في تعلم لغة جديدة، ليخبرك أن هناك الكثيرين غيرك يحاولون فعل الشيء نفسه؟ مع أن هذه الملاحظات قد تكون حسنة النية، فإنها قد تضعف جهودك لأنها تضعك في منافسة مع آخرين، لذلك قد يكون من الأفضل الاحتفاظ بهدفك لنفسك والانخراط في العمل دون وعي بالمنافسة التي تواجهها، على الرغم من ذلك هناك بعض الحالات التي تعزز فيها المنافسة أداءك؛ منها على سبيل المثال التمارين الرياضية، لذا، إذا كان هدفك مرتبطاً بالتمرين، مثل التدريب على ماراثون، أو إنقاص الوزن، أو تحسين أوقات السباحة، فقد يعزز التنافس جهودك.
5. تأثير الضغط الاجتماعي
عندما تعلن عن أهدافك للآخرين، فإنك تعرض نفسك لضغط اجتماعي من أجل تحقيقها، هذا يمكن أن يؤدي إلى تفاقم مشاعر التوتر والقلق، ما يصعب عليك تحقيق أهدافك، تخيل معي أنك أخبرت صديقك بهدفك، وكل مرة يقابلك يسألك عن مدى التقدم الذي أحرزته، في هذه الحالة قد تكون المساءلة مهمة ودافعة للأمام، لكنها على الجانب الآخر قد تكون ضاغطة.
6. تتدفق الطاقة حيث يتوجه الاهتمام
كلما أمضيت وقتاً أطول في الحديث عما ستفعله، قل الوقت والطاقة المتاحان لك لتنفيذه، وذلك لأن الطاقة محدودة، وإذا أهدرتها في إثبات ذاتك بالكلام، فسيكون لديك ما هو أقل لتقدمه للتنفيذ، ويمكن القول إن أقوى الأشخاص يتركون أفعالهم تتحدث عنهم، لذلك تحدث أقل وافعل أكثر.
اقرأ أيضاً: وهم الإنجاز: تعرف إلى أضرار المقاطع التحفيزية وكيفية تجنبها
كيف تحافظ على خصوصية خططك وأهدافك وتنجح في تحقيقها؟
غالباً ما تكون استراتيجية الحفاظ على خصوصية أهدافك وخططك أكثر فعالية من مشاركتها علناً، وحتى تفعل ذلك وتنجح في تحقيقها، اتبع الخطوات التالية:
1. تعرف إلى نفسك جيداً
ينقسم الأشخاص إلى فاعلون وحالمون؛ الفاعلون هم الأفراد الذين يميلون إلى اتخاذ الإجراءات العملية، بينما الحالمون هم أولئك الأشخاص الذين يحبون مناقشة خططهم وأهدافهم. بالنسبة للفاعلين، يمكن أن تكون مشاركة الأهداف محفزة وتصنع شعوراً بالمسؤولية. فهم يزدهرون بالتصديق والتشجيع الخارجيين، ما يدفعهم إلى مواصلة التقدم، أما الحالمون فإنهم يحسون بالإنجاز لمجرد التعبير عن أهدافهم، ما يقلل دافعيتهم لتنفيذها فعلياً.
والخطوة الأولى من أجل تحقيق أهدافك هي معرفة نفسك جيداً؛ إذا كنت شخصاً فاعلاً وعملياً يمكنك مشاركة جزء من أهدافك وخططك مع الآخرين لأن المشاركة في حالتك مفيدة، أما إذا كنت شخصاً حالماً فكن واعياً بشأن توقيت المشاركة مع الآخرين لأنها تقلل دافعيتك.
2. دون أهدافك وخططك
عوضاً عن مشاركة أهدافك وخططك مع الآخرين، ما رأيك لو فكرت في تدوينها؟ إذ يعد تدوين الأهداف من الاستراتيجيات المهمة التي تساعدك في التركيز على هدفك، كما أنها تسمح لك بقياس التقدم الذي تحرزه مع مرور الوقت، بالإضافة إلى ذلك، فإن تدوين أهدافك يساعدك على وضع خطة لتحقيقها، ويسمح لك بتعديل تلك الخطط في المستقبل وفقاً للظروف المختلفة التي تواجهك.
3. ركز على التعلم الجيد
حين تتحدث عن أهدافك وخططك باستمرار سوف تشتت نفسك عن التركيز على كيفية تحقيق أهدافك، لهذا ما رأيك لو ركزت عوضاً عن ذلك على التعلم الجيد؟ على سبيل المثال، إذا كنت تنوي كتابة رواية، ركز على قراءة كلاسيكيات الأدب العالمي، وإذا كنت ترغب في التطور في شركتك، اقرأ أكثر عن التخصص والتحق بدورات تعليمية، وتذكر أن التعليم عملية مستمرة سوف تمدك بالكثير من الخبرة والتطور.
4. طور روتيناً والتزم به
يعد إنشاء روتين يومي أمراً بالغ الأهمية للحفاظ على الإنتاجية وتحقيق الأهداف؛ فالروتين يساعد على تنظيم يومك، وتخصيص الوقت بفعالية، وخلق شعور بالنظام، ومن خلال دمج عادات منتظمة في جدولك اليومي، يمكنك تنفيذ الخطط والأهداف التي وضعتها، كما يمكنك إعطاء الأولوية لأهدافك المهمة، وحين تقطع شوطاً كبيراً في إنجاز هدفك شارك بعض الإنجازات مع الآخرين.
اقرأ أيضاً: كيف تطبق مبدأ الانضباط الذاتي لتزيد ثقتك بنفسك؟
5. احرص على تبني عقلية التفكير الإيجابي
رحلتك نحو تحقيق أهدافك لن تكون ممهدة على الدوام، فقد تقابل بعض التحديات والصعاب التي يجب على اجتيازها حتى تصل إلى هدفك، وهنا تكمن أهمية عقلية التفكير الإيجابي لأنها ستساعدك على الثقة بالنفس وستجعلك تثق في قدراتك على مواجهة التحديات، وتقليل التوتر، والحفاظ على نظرة بناءة وإيجابية للأمور، وحين تتبنى هذه العقلية، فإنك لا تعزز دافعيتك فحسب، بل تحسن أيضاً مهارات حل المشكلات؛ ما يؤدي إلى سعي أكثر إرضاءً وفعالية لتحقيق أهدافك.
ويؤكد استشاري العلاج النفسي، عبد الله الزهراني، أن التفكير الإيجابي يعزز الثقة بالذات والتفاؤل، ويحسن صحتك النفسية والجسدية، كما أنه يطور قدراتك ويساعدك على تحقيق الأهداف المهنية والشخصية، ويعزز الرضا والسعادة في الحياة.