لماذا يبدو الزوج الغاضب أقل ذكاءً؟ وكيف يسيطر على غضبه؟

10 دقائق
الزوج الغاضب
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

إذا كنت شديد الغضب، فإن زوجتك ستعتبرك أقل ذكاءً! هذا ما توصلت إليه دراسة علمية نشرتها مجلة علم النفس التطوري (Evolutionary Psychology). فما هذه العلاقة الغريبة بين الغضب والذكاء؟ وكيف يمكن السيطرة على الغضب في إطار العلاقات الزوجية والعاطفية؟ إليك التفاصيل.

اقرأ أيضاً: شريك حياتك يتألم ويدّعي أنه بخير؟ إليك ما يمكنك فعله

في عيون النساء: الغضب يشير إلى قلة الذكاء!

شملت تلك الدراسة 148 زوجاً، قاس فيها الباحثون كلاً من سمة الغضب، والذكاء الموضوعي للرجال (باستخدام اختبارات الذكاء القياسية)، والذكاء المقدّر (الذي يقدرونه بأنفسهم والذي تقدره شريكاتهم)، إضافة إلى رضا الزوجين عن العلاقة.

فتبين أن النساء تعتبر الرجال الأكثر غضباً أقل ذكاء، وذلك بغض النظر عن مستويات ذكائهم الفعلية؛ فعلى الرغم من أن بعض الرجال سريعي الغضب قد تمتعوا بدرجات ذكاء عالية، فإن ذلك لم يبرّئهم من سمة الذكاء المحدود في أعين شريكاتهم.

ما العلاقة بين الغضب والحكم بقلة الذكاء؟

في الواقع ومن وجهة نظر تطورية، فإن الذكاء واللطف من الصفات التي تحظى بتقدير كبير في اختيار الشريك؛ لكن الذكاء لا يتعلّق بمعدّل الذكاء والقدرات الذهنية فقط؛ بل يرتبط بمهارات حل المشكلات والتخطيط وتنظيم العواطف واتخاذ القرارات والقدرة على التكيف الاجتماعي، في حين يشير اللطف إلى الاستعداد للتعاون وتقديم الدعم العاطفي.

تميل النساء بصورة خاصة إلى إعطاء الأولوية للاستقرار العاطفي والذكاء عند اختيار الشريك على المدى الطويل؛ لأن هذه السمات تشير إلى الموثوقية والقدرة على التعامل مع تحديات الحياة بصورة فعالة.

ولأن الغضب يرتبط غالباً بالاندفاعية وضعف التنظيم العاطفي واتخاذ القرارات المتسرعة، فإنه يجعل الرجل يبدو أقل كفاءة وقدرة على التعامل مع المواقف العاطفية والاجتماعية المعقدة في نظر شريكته، وذلك حتى لو كان ذكياً من ناحية القدرات الذهنية.

اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع شريك حياتك الذي يدمر ثقتك بنفسك؟

كيف يؤثّر الغضب في الشعور بالرضا عن العلاقة؟

يمكن أن يمثّل الغضب عائقاً كبيراً أمام العلاقات الرومانسية الصحية. ووفقاً للدراسة، فإن الرجال الذين يعانون سمة الغضب العالية أعربوا عن انخفاض رضاهم عن العلاقة، وكذلك أعربت شريكاتهم. يحدث هذا لعدة أسباب؛ إذ تؤدي نوبات الغضب المتكررة غير الصحية إلى تحويل الخلافات البسيطة إلى قضايا أكثر تعقيداً، وقد تفاقم مشاعر الاستياء والجفاء.

علاوة على أنه يقوّض الشعور بالاحترام المتبادل، ويسبب الشعور بعدم الأمان العاطفي أو الجسدي، وقلة الثقة، وقد يؤدي إلى الانفصال، وخاصة إذا تفاقم وأودى إلى إساءة لفظية أو عاطفية أو جسدية.

اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع شريك حياتك الشكاك؟

7 نصائح عملية لإدارة الغضب والتعبير عنه بطريقة صحيّة

قبل النصائح، لا بُد من توضيح نقطة أساسية، فالغضب ليس شعوراً خاطئاً أو سيئاً؛ إنما هو عاطفة طبيعية، أو يمكن القول إنها استثارة عصبية فيزيولوجية تنشأ عندما يحدث تحفيز الدماغ بوساطة تهديد ما أو ظلم او إحباط، الأمر الذي يدفع الجسم إلى التأهّب والتصرف.

ومع ذلك، عندما يُعبَر الشخص عن غضبه بطرائق غير صحية، من خلال العدوانية أو السلبية أو الكبت، فقد يُدمِّر العلاقات، ويُضعف القدرة على الحكم، ويؤثر سلباً في الصحة البدنية والنفسية. باختصار، لا تكمن المشكلة في مشاعر الغضب في حد ذاتها؛ إنما الطريقة التي تعبّر فيها عن الغضب هي أساس المشكلة.

لذلك، ونظراً للتأثير السلبي للتعبير غير الصحي عن الغضب سواء فيما يخص الرضا عن العلاقة وتقدير مستوى الذكاء أيضاً، فإن إدارة الغضب بصورة فعالة أمر ضروري للحفاظ على علاقة زوجية صحية ومُرضية. وإليك أهم النصائح لتحقيق ذلك:

1. حدِّد السبب الجذري

ينبع العديد من نوبات الغضب من مشكلات عاطفية أعمق، مثل القلق، أو انعدام الأمان، أو الإحراج، أو صدمات نفسية سابقة. لذلك، وبدلاً من الانفعال السريع، اسأل نفسك: "ما الذي يجعلني غاضباً حقاً؟"، "هل غضبي يخفي عاطفة أخرى مثل الخوف أو الحزن؟"، "هل رد فعلي يتناسب مع خطورة الموقف؟".

2. تعرّف إلى العلامات التحذيرية المبكرة

غالباً ما يعطي جسدك إشارات معينة قبل أن تنفجر غضباً، مثل تيبّس العضلات، أو شد الفك، أو شد الكتفين، أو التنفس السريع، أو زيادة معدل ضربات القلب، أو الشعور بالاحمرار أو التعرق، أو صعوبة التركيز. إن الانتباه لهذه العلامات يسمح لك بالتدخل قبل فقدان السيطرة.

3. حدِّد المحفزات وأنماط التفكير السلبية التي تنخرط فيها

تشمل المحفزات الشائعة البيئات المُرهِقة، والصراعات الشخصية، والشعور بعدم الاحترام. أما أنماط التفكير السلبية التي تغذّي الغضب، فتشمل التعميم المُفرط، مثل "لا أحد يهتم بما أريد" أو "أنت تقاطعني دائماً"، أو امتلاك نظرة جامدة لكيفية سير الأمور والغضب حينما لا يتوافق الواقع مع الرؤية، فضلاً عن أن القفز إلى الاستنتاجات وافتراض ما يفكر به الآخرون أو يشعرون به قد يسهمان في الغضب. علاوة على أن ترك الانزعاجات الصغيرة تتراكم دون معالجتها وتجاهل الإيجابيات قد يصلان بك إلى حد الانفجار بسبب شيء تافه.

لذلك، حاوِل إعادة صياغة أفكارك بطرح الأسئلة التالية: "ما الدليل على صحة هذه الفكرة أو زيفها؟"، و"هل ثمة طريقة أكثر إيجابية وواقعية للنظر إلى الموقف؟"، و"ماذا كنت لأقول لصديق يمر في الموقف نفسه؟".

اقرأ أيضاً: 10 تشوهات معرفية تفاقم توترك: إليك خطوات التخلص منها!

4. استخدِم تقنيات التهدئة الفورية

بمجرد أن تتعرف إلى علامات انفعالك وتتوقع محفّزاتك، يمكنك التصرف بسرعة للتعامل مع الغضب. وثمة العديد من التقنيات التي تساعد على التهدئة السريعة، مثل التنفس العميق والبطيء من البطن وإدخال أكبر قدر ممكن من الهواء إلى الرئتين.

إضافة إلى العدّ ببطء إلى عشرة، فعلى الرغم من أنه فعل بسيط؛ فإنه يسمح لتفكيرك العقلاني باستيعاب مشاعرك. وثمة حيلة بسيطة قد تنفع في التخفيف من الحدة العاطفية للغضب، ألا وهي التركيز على الأحاسيس الجسدية وما تشعر به يسري في جسدك، من حرارة أو وخز أو تيبس أو غير ذلك. إضافة إلى أن استخدام الحواس من بصر وشم وسمع وتذوّق ولمس لمراقبة البيئة المحيطة قد يساعد على تخفيف التوتر والتهدئة السريعة.

حاول أيضاً أن تتحرك وتمشي، أو أن تدلّك المناطق المشدودة من جسدك؛ مثل رقبتك أو كتفيك أو فروة رأسك ببطء. وحاوِل، عندما تبدأ بالانزعاج من أمر ما، أن تسأل نفسك "هل يستحق الأمر الغضب حقاً؟"، أو "هل استجابتي مناسبة حقاً للموقف؟"، "هل ثمة شيء يمكنني فعله حيال ذلك؟".

اقرأ أيضاً: ما هو سبب الرغبة في تكسير الأشياء عند الغضب؟

5. عبِّر عن غضبك بطريقة صحية

إذا وجدت أن الموقف يستحق الغضب فعلاً، فمن الأفضل أن تعبِّر عن مشاعرك بطريقة صحية. ومن أهم النصائح أن تتفاعل بإنصاف؛ أي حتى لو كنت منزعجاً، عليك التعبير عن احتياجاتك دون إهانة الطرف الآخر أو إيذائه، فهذا يساعد على منع انهيار العلاقات.

عبّر عن مشاعرك واحتياجاتك باستخدام عبارات تبدأ بالضمير "أنا" بدلاً من إلقاء اللوم والاتهام. وتذكّر أن هدف النزاعات ينبغي أن يكون تعزيز العلاقة، لا "الفوز" في النقاش. لذلك، ركّز على الحاضر وتجنب إثارة الصراعات الماضية أو المظالم غير ذات الصلة، وركِّز على الحلول بطريقة تعاونية بدلاً من التركيز على المشكلة.

ومن العناصر الأساسية الأخرى الاستعداد للتسامح، وهو أمرٌ أساسي لحل النزاعات. فالتمسك بالغضب والاستياء لا يؤدي إلا إلى إطالة أمد الأذى. أما إذا بدا الحل مستحيلاً، فلا بأس من الاتفاق على الاختلاف والمضي قدماً، ما يُوفّر الطاقة العاطفية.

وهنا يقول المعالج النفسي، أسامة الجامع: "ما أجمل الشريك -الزوج أو الزوجة- إذا غضب من شريكه وانفعل قال له "الله يهديك". بلا شتائم، وبلا سخرية، وبلا تذكير بأخطاء الماضي، وبلا انتقاص، إنها قوة الشخصية الحقيقية؛ لأن الأسهل هو تفريغ الغضب تجاه الآخر بلا حساب، لكنه لا يفعل ولا تفعل هي ذلك، تلك النماذج موجودة ويمكن صناعتها".

6. مارِس استراتيجيات إدارة الغضب على المدى الطويل

لمنع الغضب من أن يصبح مشكلة مزمنة، اتبع عادات تعزِّز التنظيم العاطفي، مثل ممارسة التمارين الرياضية بانتظام والتأمل والتنفس العميق والتحدث إلى شخص تثق به، فضلاً عن أن اتباع نمط حياة صحي من نوم كافٍ وتغذية متوازنة وتجنب المنبهات، سيعزز الاستقرار العاطفي.

اقرأ أيضاً: ما هي أفضل طرق التنفيس عن الغضب؟ 

7. دوِّن مشاعرك

يساعد تدوين المشاعر السلبية على التخلص منها وتنظيم أفكارك ورؤية المواقف بموضوعية أكبر. علاوة على ذلك، يمكنك أن تلجأ إلى استخدام الفكاهة والنكتة عندما تشعر أنك على وشك الغضب؛ إذ يمكن أن يخففا حدة التوتر ويعيدا صياغة المشكلات ووضعها في نصابها الصحيح.

ختاماً، إذا كان الغضب يؤثر بدرجة كبيرة في العلاقات أو العمل أو الحياة اليومية، فقد يكون من الأفضل اللجوء إلى العلاج النفسي؛ إذ يساعد العلاج السلوكي المعرفي الأفراد على تحديد أنماط التفكير المشوهة وتطوير استجابات عاطفية أكثر صحة. كما يمكن لبرامج إدارة الغضب والاستشارات النفسية أن توفر دعماً منظماً.

المحتوى محمي