هناك عدة قواعد حياتية رسختها في تعاملاتي منذ عدة سنوات، إحدى أهم هذه القواعد ألا أدخل في جدال عقيم مع شخص تبين لي كذبه؛ لأنه مهما قدمت له من أدلة تؤكد بطلان حديثه فإنه غالباً ما سيعيد تشكيل الوقائع لتخدم أكاذيبه، فالشخص الذي يعاني الكذب المرضي لا يعترف بكذبه إنما يفضل التلاعب بطرائق مختلفة.
والحديث هنا يختلف عن الأكاذيب العابرة التي قد يقع فيها بعض الأفراد بين الحين والآخر لتمرير المواقف المحرجة أو لحماية أنفسهم من الضرر المحتمل، أو على سبيل مجاملة الأصدقاء والأقرباء، إنما هو يتعلق بالكذب المرضي الذي يجعل المصاب به مصدر عناء لمن حوله، فما العلامات والعبارات الدالة عليه؟ الإجابة في المقال.
من هو الشخص الذي يعاني الكذب المرضي؟
ربما قد تكون صادفت في حياتك أحد الأفراد لا يكف عن الكذب في الأمور الصغيرة أو الكبيرة، تقريباً يمارس الكذب باعتباره عادة يومية ولا يبالي بما ينتج عن أكاذيبه من أضرار، الأمر بالنسبة له أشبه بسلوك قهري لا يستطيع التوقف عنه، في هذه الحالة ينطبق وصف الكذب المرضي على هذا الشخص.
ويؤكد الكذب المرضي أن الأكاذيب تكون بلا أهداف منطقية مثل الهروب من الصعاب أو المواقف المحرجة، أو تجنب جرح مشاعر أحد الأشخاص، وهناك علامات تشير إلى المريض بالكذب، أهمها:
- يسرد الحادثة بتفاصيل غير متناسقة ويظهر ذلك عندما يرويها لأكثر من شخص.
- يبالغ في تفاصيل رواياته.
- يغضب عندما تكثر عليه الأسئلة.
- يُظهر نفسه بمظهر البطل أو الضحية في قصصه.
اقرأ أيضاً: دراسة حديثة: الكذب يدمر تقدير الذات، فما هي الحلول الفعالة للإقلاع عنه؟
هذا الرد يكشف المريض بالكذب
قد تظن أحياناً أنك إذا جمعت كل الدلائل التي تكشف الشخص الكاذب وواجهته بها ستنجح في وضع حد لأكاذيبه، لكن للأسف هذا لا يحدث ولن يعتذر أو يبدي ندمه على الإطلاق، إنما ما سيحدث هو عكس ذلك تماماً، إذ توجد عبارة شائعة بين المرضى بالكذب يردون بها عند مواجهتهم وهي: "مهما قلت لك فلن تصدقني"، وتوجد صياغات أخرى مرادفة لها، مثل: "ما الفائدة من الشرح إذا كنت لن تصدقني؟"، أو "بغض النظر عما سأقوله لك فأنت لن تغير قرارك لذا لا داعي للحديث".
تكشف العبارات السابقة عن أسلوب من أساليب التلاعب، فهو يحاول من خلالها الظهور بمظهر الضحية وإيجاد مخرج آمن من المحادثة وتجنب النقاش الصريح بقلب الحقائق والإفلات من المسؤولية، لذا يكون الحل الأفضل أحياناً هو قطع الصلة بذلك الشخص إذا كان هذا متاحاً، فوفقاً للمختص النفسي عبد الله الجطيلي يفسد الكذب العلاقات بين الأفراد حتى وإن لم ينكشف؛ لأن الشخص الكاذب دائم الشك ويعتقد أن الآخرين مثله، ما يؤثر سلباً في استقرار علاقاته بهم.
اقرأ أيضاً: الكذب وسط كومة حقائق: كيف يُفلت النرجسي من تحمّل مسؤولية أخطائه؟