ملخص: تحوّلت مواقع التواصل الاجتماعي إلى منصّات لتبادل الخبرات والتجارب العلاجية في مواجهة العديد من الأمراض النفسية. وتُعدّ التحدّيات التي يطلقها بعض المستخدمين أحد الأساليب الشائعة على غرار تحدّي الخوف من الأكل، الذي انتشر بين مستخدمي تيك توك المصابين باضطرابات السلوك الغذائي. فما المقصود بتحدّي الخوف من الأكل؟ وكيف يمكن أن يساعد المرضى على مواجهة معاناتهم؟ إليك الإجابة.
"قد أشعر بالخوف من الأكل كشعور شخص آخر بالخوف من العناكب أو النوم في الظلام"! هذه شهادة من الشهادات التي تعكس تزايد مستخدمي موقع التواصل الاجتماعي تيك توك، الذين يكشفون تجاربهم ومعاناتهم، أو يطلبون المساعدة أو يقدمون بعض النصائح. يعجّ هذا الموقع بالشهادات ومقترحات الأساليب العلاجية، ولا سيّما تلك المتعلقة بالصحة النفسية.
على سبيل المثال؛ تشهد هذه المنصّة انتشاراً للعديد من التحدّيات بين المستخدمين الذين يعانون اضطرابات السلوك الغذائي؛ ومنها تحدّي الخوف من الأكل (Fear Food Challenge) الذي ظهر مؤخراً. يهدف هذا التحدّي إلى تشجيع المرضى على العودة إلى تناول بعض المواد الغذائية والأطباق التي يخشونها بسبب هذا الاضطراب.
ما المقصود بتحدّي الخوف من الأكل؟
تقول صانعة المحتوى في منصة تيك توك، إيزور تايبوا (Isaure Taillebois): "أثّر فقدان الشهية الذي أعانيه في حياتي تأثيراً بالغاً، لقد دفعني إلى كره العديد من أصناف الطعام". تعاني هذه المؤثرة الفرنسية الشّابة فقدان الشهية العُصابي لذا شاركت في هذا التحدّي. تدوّن شقيقتها أسماء بعض الأطعمة التي تخاف تناولها في أوراق صغيرة، وتطلب منها اختيار إحداها عشوائياً، ثم تدخل غمار تحدّي أكلها.
من الأطعمة التي تخاف إيزور تناولها نوع من أنواع الكعكات التي تبيعها المخابز. تروي إيزور قصّتها مع هذه الكعكة وهي تقارن مرضها بأشكال أخرى من الرُّهاب يقبلها المجتمع: "تمثّل هذه الكعكة بامتياز الموادّ التي دفعني المرض والمجتمع إلى كرهها؛ أقصد السكر والزبدة والشوكولاتة. إنها مكوّنات ليست سيئة بالضرورة؛ لكن تشويه صورتها في نظري أصابني بخوف شديد منها. أخاف أن آكل؛ إنه خوف غير منطقي"! وتقدّم تايبوا مثالاً لهذه المقارنة قائلة: "لا أحد يطلب من الشخص الذي يخشى النوم في الظلام أن يقضي بين عشية وضحاها ليلة كاملة بأنوار مطفأة". لذا؛ اختارت العودة التدريجية إلى تناول بعض الأطعمة "لمواجهة هذا الخوف".
أداة علاجية حقيقية للمرضى
إذا كانت إيزور تايبوا تنشر تفاصيل مسارها ونجاحاتها في مواجهة المرض، فإنها تحرص في الوقت نفسه على تحسيس المتابعين بضرورة تجنّب المقارنة بين تجاربهم وتجارب الآخرين. فهي لا تسعى إلى إضفاء صورة مثالية على معاناتها، وتذكّر أيضاً بأنها لا تُظهر في مواقع التواصل الاجتماعي سوى جانب بسيط من حياتها. لقد مكّنها هذا التحدّي من اختبار قدراتها ومواجهة مخاوفها واسترجاع الرغبة الطبيعية في الأكل، بعد أن فقدتها بسبب المرض. بالموازاة مع هذا التحدّي، تخضع صانعة المحتوى إلى متابعة المختصّين في المجال الطبي. فعلى الرغم من أن هذا التحدي قد يساعد المريض على استعادة علاقة صحية مع الطعام، فإنه لا يمكن أن يكون بديلاً من الإشراف الطبّي.
في المقابل، قد يؤدي هذا التحدي إلى نتائج عكسية، وفقاً لما أورده موقع سلات (Slate) نقلاً عن الطبيبة النفسية فانينا ميكيلي ريتشمان (Vannina Micheli-Rechtman). تقول الطبيبة النفسية: "إن ظهور الفرد في أثناء الأكل مضرّ لسببين: أولاً لأنه يفرض ذلك على نفسه، وثانياً بسبب نظرة الآخرين إليه". يدفع هذا التحدي صاحبه إلى استعراض نفسه، ويحفّز الذين يشاهدونه على مقارنة أنفسهم به. وقد يؤدي ذلك إلى شعور المتابعين المرضى بالذنب إذا لاحظوا أنهم لم يصلوا بعد في علاجهم إلى المرحلة التي وصل إليها هذا الشخص.
علاوة على ذلك، فإن تعامل المريض مع هذه الأطعمة التي يخاف تناولها يجب أن يكون في أول مرة تحت إشراف الطبيب المختصّ وفقاً لما يؤكده الدكتور جيسون ناغاتا (Jason Nagata) في تصريح لموقع ماشبل (Mashable). يمكن أن تكون مواجهة المخاوف أداة مفيدة للمرضى؛ لكنّها يجب أن تكون مصحوبة بأشكال أخرى من الإشراف العلاجي.
اقرأ أيضاً: