كيف يساعد التشخيص الذاتي في مواقع التواصل على التخلص من وصمة عار الأمراض النفسية؟

التشخيص الذاتي
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: لم يعد المرض النفسي وصمة عار يحاول صاحبها إخفاءها عن الآخرين بعد أن أصبح المشاهير ونجوم المجتمع يتحدثون عن أشكال معاناتهم النفسية في مواقع التواصل الاجتماعي ويقترحون بعض أساليب التشخيص الذاتي. يوضح هذا المقال المقصود بالتشخيص الذاتي، ويحدد الفوائد التي يقدمها والمخاطر التي ينطوي عليها.

قد تنتابنا رغبة شديدة وملحة أحيانا في فهم معاناتنا. لذا تتزايد اختبارات التشخيص الذاتي في مواقع الإنترنت لا سيّما مع خروج مواضيع الأمراض النفسية من دائرة المحرمات. فهل التشخيص الذاتي فكرة جيدة أم سيئة؟

ما هو توجّه التشخيص الذاتي؟

تحدّثنا مؤخراً عن دور الشهادات التي يدلي بها المشاهير في مساعدتنا على فهم بعض الأمراض وزيادة وعينا بصحتنا النفسية، إذ يعكسون بذلك مشكلاتنا كما تفعل أحياناً شخصيات المسلسلات والأفلام السينمائية وهو أمر جيد لأنه يساعدنا على إخراج المعاناة النفسية من دائرة المحرمات التي ما تزال محصورة فيها. وفي هذا الإطار تتزايد عروض التشخيص الذاتي عبر الإنترنت أو مواقع التواصل الاجتماعي أو بعض المواقع غير المعروفة ومنها وسم التشخيص الذاتي (#autodiagnostics) الذي وصل إلى نحو 3 ملايين ونصف مليون منشور في موقع التواصل الاجتماعي تيك توك.

يقترح بعض المؤثرين والمدربين في هذا الوسم مقاطع فيديو تشرح للمتابعين أعراض بعض الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب أو الاضطراب الثنائي القطب أو اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط أو دونه (TDAH). ثم يدعونهم إلى استخدام قائمة أعراض محددة لمعرفة ما ينطبق عليهم منها أو يوجهونهم إلى اختبارات مدفوعة. قد يساعد التشخيص الذاتي هؤلاء المتابعين على التخلص من وصمة العار المرتبطة بالاضطرابات النفسية، ما يعزز رفاهيتهم، لكن الأمر ينطوي أيضاً على بعض المخاطر.

هل هناك مخاطر للتشخيص الذاتي؟

لنتطرق أولاً إلى احتمال التشخيص الخاطئ لأن مجال الصحة النفسية واضطراباتها واسع ومعقد جداً. وإذا لم تكن هناك مؤشرات بيولوجية تدل على الاضطرابات النفسية فإن عمليات التشخيص نادراً ما تكون سهلة مع أن الأطباء النفسيين يقضون 10 سنوات على الأقل في الدراسة ليكونوا مؤهلين لممارسة هذه المهنة.

قد تشعر بالقلق أو الكآبة أو التعب أو التوتر العصبي وقد تجهش بالبكاء أو يسيطر عليك التشاؤم فتؤكد عملية التشخيص الذاتي بناءً على ذلك أنك مصاب بالاكتئاب علماً أن هذه الأعراض قد تخفي وراءها اضطراباً نفسياً آخر. ولا يمكن تشخيص هذا الاضطراب إلا بالاعتماد على دراسة عميقة لحالتك النفسية وماضيك. دون هذه الخطوة قد تخطئ في تشخيص حالتك.

احتمال الوقوع في خطأ التداوي الذاتي كبير أيضاً: إذا اقتنعت بنجاحك في التشخيص الذاتي فقد تستهويك فكرة علاج مرضك بنفسك. هذه على وجه التحديد هي مشكلة وسائل التواصل الاجتماعي التي تتساهل أحياناً مع عملية شرح العلاجات المخصّصة للاكتئاب على سبيل المثال. يمكن أن يؤدي العلاج الخاطئ أو غير الفعال إلى آثار سلبية في حالتك الصحية، علاوة على أن التخلص من الاكتئاب وغيره من الاضطرابات النفسية يجب أن يعتمد على الجلسات العلاجية وليس على الأدوية فقط.

تعرف إلى أهمية الإصغاء إلى الذات

التشخيص الذاتي مهم باعتباره خطوة فقط في طريق العلاج. إنه وسيلة لاكتساب الوعي الذي نحتاج إليه لعلاج بعض أشكال معاناتنا النفسية.
يكمن الجانب الإيجابي في هذا الانفتاح على قضايا الصحة النفسية إذاً في مساعدة الأشخاص الذين يعانون الأمراض النفسية على الخروج من عزلتهم والتخلص من شعورهم بالاختلاف حيث يعكس كلام المؤثرين أو المشاهير معاناتهم فيدركون أنها ليست حالة شاذة أو مرحلة فراغ سرعان ما ستزول. إذا كنت تتشارك مع أحدهم بعض الأعراض التي يشعر بها أو جميعها، فقد يعني ذلك أنك تمكنت من تشخيص حالة الاكتئاب التي تعانيها مثلاً، لكن هذا لا يغني عن استشارة طبيب مختص.

تذكر: من المهم استشارة الطبيب المختص لمعرفة التشخيص الصحيح

لا يُنصح أبداً بالاعتماد على التشخيص الذاتي وحده. عليك أن تأخذ موعداً لدى طبيب عام أو نفسي لتحدّثه عن الأعراض التي تشعر بها، لأن ذلك سيسمح لك بتدقيق حالتك الصحية بالاستعانة بخبير مختص واتخاذ الإجراء العلاجي المناسب. ولا تنس أن الخبير النفسي المختص وحده القادر على تشخيص الاضطراب النفسي بالاعتماد على تقييم شامل.