ملخص: عندما تفرط في التعميم فأنت تفترض وجود استنتاجات عامة جداً بناءً على حدث أو أحداث قليلة جداً، وهو نوع من التفكير السلبي الذي يشوه الواقع ويؤثر سلباً في الصحة النفسية، فما السبيل إلى مواجهة الإفراط في التعميم وتقليله؟
محتويات المقال
"لا شيء يكتمل في حياتي"، "لماذا يحدث لي هذا دائماً؟"، "لماذا لا أتعرّف سوى إلى الأشخاص السيئين؟"، "الرجال جميعهم خَوَنة"، "النساء جميعهنّ غير ناضجات"، "كانت مقابلة عمل سيئة. أنا أعلم أنها ستكون كذلك، فدائماً ما أفسد كل شيء".
هل تستخدم العبارات السابقة أو ما يشابهها؟ إذا كان الأمر كذلك، فأنت تفكّر وفق طريقة مشوّهة مبالغ فيها وغير مستندة إلى الحقائق؛ تُسمى "الإفراط في التعميم" (Overgeneralization)، ويعرّفك مقالنا إلى هذا النوع من التفكير وتأثيره في صحتك النفسية وطرائق مواجهته.
ما هو الإفراط في التعميم؟
هو نمط تفكير سلبي أو غير عقلاني، يحدث عندما تضع افتراضات أو تستخلص استنتاجات فضفاضة جداً ومشوَّهة بناءً على عدد قليل جداً من الحوادث أو التجارب، بغض النظر عما إذا كانت هذه الحوادث أو التجارب قابلة للمقارنة.
لمزيد من التوضيح، تشير المختصة النفسية سلمى محمد إلى أن الإفراط في التعميم هو: "تشوّه معرفي يحدث عندما نصل إلى استنتاج عام بناءً على حادثة واحدة أو دليل واحد، فلو وقع مكروه لمرة واحدة فقط، نتوقع أن يحدث مراراً وتكراراً؛ مثلاً لو قُدِّمت لك خدمة سيئة في أحد المطاعم، فقد تظن أن مطاعم المدينة جميعها سيئة، ولو تعرضت للخيانة من أحد الأصدقاء، فقد تفكر أن الخيانة صفة أصيلة في الناس كلهم فتقرر الانعزال عنهم، وقد يرى شخص ما أن خسارته في أمر ما هي دليل على نمط انهزامي لا ينتهي"!
اقرأ أيضاً: لا تدع أحداً يضللك، إليك أشهر 8 مغالطات منطقية وطريقة مواجهتها
6 علامات تدل على أنك تعمم على نحو مفرط
هل تحتار فيما إذا كنت تفرط في التعميم أو لا؟ إليك العلامات الشائعة لهذا النمط من التفكير:
- تفترض حدوث الأسوأ دائماً.
- تعتقد أن ارتكابك لخطأ واحد يعني أن محاولات المستقبلية كلها ستنتهي بالفشل.
- تمارس الحديث السلبي عن النفس.
- تعتقد أنه لا يمكنك فعل أي شيء على نحو صحيح.
- تستخدم بعض المفردات الشديدة التعميم لوصف الأحداث أو السلوكيات؛ مثل: "دائماً"، "نهائياً"، "الناس جميعهم"، "لا أحد".
- تنظر إلى الأحداث المنفردة وكأنها نمط منسق يتكرر دائماً.
كيف يؤثر الإفراط في التعميم في صحتك النفسية؟
يفرط الناس معظمهم في التعميم بين حين وآخر، فإذا وجدت نفسك يوماً ما تشكو من تهميشك الدائم في العمل والحياة، أو أن لا أحد يساعدك أبداً، أو أن الناس جميعهم لا يتمنون لك الخير، فأنت تعمم على نحو مفرط.
ويمكن أن يؤثر هذا النوع من التفكير في صحتك النفسية من خلال عدة جوانب؛ أهمها: تقليل الدافع، وتثبيط الثقة في النفس، وزيادة القلق، وكذلك يمكن أن يؤدي إلى تدهور الصورة الذاتية عن النفس. وقد يصبح التعميم المفرط نبوءة تحقق ذاتها، فقد تمنع الأفكار السلبية من قبيل: "لست جيداً بما يكفي" أو "لا يمكنني فعل ذلك أبداً"، الشخص من العمل الجاد واتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق الأهداف؛ ما يضر بحياته المهنية والاجتماعية.
بالإضافة إلى ذلك، وُجد أن الأشخاص الذين يفرطون في التعميم يميلون إلى الشعور بالغضب أكثر من غيرهم، ويعبّرون عن هذا الغضب بطرائق غير صحية وكثيرة الضرر، فيعانون عواقب أكبر لغضبهم.
خلاصة الحديث أن للإفراط في التعميم تأثير سلبي في العافية النفسية؛ إذ يمكن أن يسهم في ظهور اضطرابات القلق، وكثيراً ما يؤثر في الأشخاص المصابين بالاكتئاب أو اضطرابات القلق، ناهيك بأنه يشيع بين مَن يعانون اضطرابات ما بعد الصدمة؛ حيث تتضمن أعراض تلك الاضطرابات تعميم الخوف من تجربة مؤلمة على الأحداث المستقبلية ما يؤدي إلى الشعور بالخوف والقلق والقيام بردود أفعال تجنُّبية.
6 نصائح لتجنُّب التعميم المفرط
ثمة العديد من النصائح والاستراتيجيات التي يمكن اتّباعها لإدارة التعميم المفرط وتقليل آثاره؛ مثل:
- اعترف بالمشكلة: اعترف في البداية أنك تفرط في التعميم، ثم حدد الأفكار السلبية أو غير المفيدة التي تعتريك، أو متى تتجنب تنفيذ بعض الأنشطة اعتقاداً منك بأنك ستفشل، وكُن أكثر واعياً بأفكارك، وجرِّب أن تدوّنها في دفتر يوميات.
- قيّم أفكارك بدقة: ألقِ نظرة فاحصة على الأفكار التي دوّنتها واسأل نفسك: "هل هذا صحيح؟". فكِّر في الأدلة التي تدعم هذه الأفكار، فهل بنيت استنتاجك على الكثير من البيانات ذات الصلة، أم على القليل منها؟ كُن واقعياً في توصيف مُجريات الأحداث، وحاول أن تنظر إليها بعين المنتقد.
- توقَّف عن لوم نفسك: أنت إنسان، وما من إنسان مثالي، والناس كلهم معرضون لارتكاب الأخطاء. وعلى الرغم من ضرورة تحمُّل مسؤولية الأخطاء، فمن المهم ألا تلوم نفسك على كل خطأ يحدث أو أن تعمم نتائجه على التجارب المستقبلية كلها.
- غيّر طريقة حديثك مع نفسك: توقَّف عن الحديث مع نفسك على نحو سلبي وانظر إلى الإيجابيات في نفسك وفي حياتك، فلكل إنسان على هذه الأرض نقاط ضعف وقوة؛ لذا اعترف بإنجازاتك والأوقات التي تفوقت فيها والوقت الممتع الذي قضيته مع أصدقائك، ولا تكن قاسياً في الحكم على نفسك.
- تمرّن أكثر: من غير الواقعي أن تعتقد أنه يمكنك تغيير أسلوب تفكيرك بين عشية وضحاها، فقد يستغرق الأمر بعض الوقت، ويمكن القول إن عملية إعادة صياغة أفكارك عبر تحديد ما هو سلبي، والاستعاضة عنها بأُخرى أكثر إيجابية، أداة فعالة وسهلة التعلم إلى حد ما؛ لكنها تحتاج الى ممارسة منتظَمة.
- اطلُب المساعدة: في حال أدركت أنك تفرط في التعميم ولا تستطيع التخلص منه، ففكر في طلب المساعدة من المختصين النفسيين الذين يستطيعون من خلال العلاج المعرفي السلوكي مساعدتك على تطوير عادات تفكير صحية.
اقرأ أيضاً: التشوهات المعرفية: كيف نقع أحياناً ضحية أفكارنا؟