كيف تتوقف عن انتظار السعادة وتعيشها اليوم؟

5 دقيقة
تأجيل الشعور بالسعادة
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

وأنت تبدأ قراءة كلمات هذا المقال، هل تنتظر شيئاً ما تظن أنه سوف يجعلك سعيداً؟ على سبيل المثال، هل تنتظر الحب الحقيقي أو العمل في وظيفة أحلامك، أو امتلاك منزلك الخاص، أو ربما السفر حول العالم أو أن تملك الكثير من المال؟ إذا كانت إجابتك نعم دعني أخبرك حقيقة قد تكون مؤلمة أو صادمة بعض الشيء، لن تظهر السعادة فجأة عندما تحقق هذه الأشياء، وصدقني أنا أخبرك بذلك من منطلق تجربة حقيقية إذ سبق لي وحققت العديد من أحلامي، ولهذا أكمل قراءة هذا المقال حتى تتعرف إلى كيفية التوقف عن انتظار السعادة والبدء بإسعاد نفسك.

ما هي الأسباب التي قد تدفعك إلى تأجيل الشعور بالسعادة؟

كنت أعتقد طوال سنوات أن السعادة سوف تأتي من تلقاء نفسها حين أحقق نجاحات كبرى في حياتي، لكني كنت مخطئة، وهذه هي أهم الأسباب التي قد تدفعك إلى تأجيل الشعور بالسعادة في الوقت الحالي:

1. نظرتك الخاصة إلى ماهية السعادة

في الكثير من الأحيان قد تظن أن السعادة هي شعور دائم بالإيجابية سوف يغمرك بمجرد تحقيق حلم أو اكتساب شيء ما. على سبيل المثال، تفترض أنك سوف تكون سعيداً حين تفقد الوزن، ولهذا تنهي رحلتك في خسارة الوزن وبعدها تقف في انتظار السعادة، ولكن هذا لن يحدث، لأن نظرتك إلى السعادة غير حقيقية، فهي ليست حالة من النشوة المستمرة التي لا تنتهي، بل هي إحساس عام بتجربة مشاعر إيجابية، وهي حالة عاطفية تتسم بالفرح والإنجاز والرضا.

وهناك فكرة أخرى مهمة جداً تؤثر في نظرتك إلى ماهية السعادة، وهي أنك تظن أنها عاطفة لا تشوبها شائبة، وهذا غير صحيح؛ فالأشخاص السعداء يحسّون بمجموعة كاملة من المشاعر البشرية مثل الغضب والإحباط والملل والوحدة وحتى الحزن من وقت لآخر، ولكن ما يميز الشخص السعيد هو أنه عندما يواجه تحديات الحياة أو المواقف المزعجة فإنه يكون متأكداً وعلى قناعة كاملة أن الأمور ستتحسن وأنه قادر على الشعور بالسعادة مرة أخرى.

اقرأ أيضاً: سؤال بسيط يختصر طريقك نحو السعادة

2. اعتقادك أنك لا تملك وقتاً للسعادة

أحياناًً قد تظن أنك مثقل بالمهام؛ ما بين أداء العمل اليومي والواجبات المنزلية والاجتماعية ولهذا فأنت لا تملك وقتاً للشعور بالسعادة حالياً، وفي الحقيقة لقد وقعت في هذا الفخ مسبقاً، كان يومي مليئاً بالمهام المهنية والأسرية ورعاية أطفالي وكنت أظن أني لا أملك وقتاً حتى أكون سعيدة، ولكن هل تعلم شيئاً؟ ستمر الأيام والسنون ولن يأتِ الوقت المناسب أبداً، لذلك عليك أن تغير هذا المعتقد.

لذا لا تحاول أن تبحث عن المزيد من الوقت في جدولك اليومي، بدلاً من ذلك، يجب عليك أن تخلق الوقت لأي شيء يجعلك سعيداً، على سبيل المثال، إذا كنت تحب الموسيقا، فيمكنك الاستماع إلى بعض أغانيك المفضلة باعتبار ذلك جزءاً من روتينك الصباحي.

3. أنت تظن أنك لا تستحق السعادة حالياً

ثمة فكرة اجتماعية قد تكون راسخة عند العديد من الأشخاص وهي أنك في حاجة إلى أن تنحت في الصخر حتى تصل إلى السعادة، وفي هذه الحالة، أنت تنظر إلى السعادة بصفتها وجهة عليك أن تشد لها الرحال، وحتماً يجب أن تعاني حتى تصل إلى هناك، وحتى لو حققت نجاحاً قد لا تحس بالسعادة لأنك لم تعانِ بما فيه الكفاية. على سبيل المثال، قد تختار عدم الاحتفال بترقية وظيفية في شركة تحبها لأنك تعتقد أن نجاحك جاء بسهولة شديدة، وربما تعتقد أنه كان يجب عليك العمل ساعات أطول أو إنهاء مشاريع أكثر تحدياً وصعوبة.

كيف تتوقف عن انتظار السعادة وتسعد نفسك؟

الاعتقاد بأنك ستكون سعيداً فقط عندما تستوفي شروطاً معينة يجعلك تتجاهل وضعك الحالي حتى لو كان جيداً، وإليك أهم النصائح التي يمكن أن تساعدك على إسعاد نفسك في الوقت الحالي ومن غير انتظار:

1. غيّر منظورك إلى السعادة

الخطوة الأولى لإسعاد نفسك هي تغيير منظورك إلى السعادة، إذ يجب أن تضع في اعتبارك أنها تختلف من شخص إلى آخر، وإلى جانب ذلك حاول معرفة الآتي:

  • نمط الحياة اليومي الذي تعيشه هو جزء من معادلة السعادة، ولهذا يمكن لموقفك تجاه الأحداث والأشياء التي تحدث لك كل يوم أن يؤثر تأثيراً كبيراً في مستوى سعادتك.
  • يسلك الناس طرائق مختلفة بحثاً عن الرضا والسعادة، ولذلك حين تجد الآخرين ليسوا على طريقك فهذا لا يعني أنهم ضلوا الطريق.
  • لا توجد لحظة مثالية سوف تتحقق فيها السعادة ولذلك لا تنتظر هذه اللحظة.

2. حاول تنمية عقلية التفاؤل

هل تعلم أن الأشخاص المتفائلين هم الأكثر شعوراً بالسعادة، وذلك لأنهم يملكون يقيناً داخلياً قوياً أن الأمور مهما كانت صعبة فإنها سوف تتحسن قريباً وسيشعرون بالسعادة مرة أخرى، علاوة على ذلك فإنك حين تكون متفائلاً سوف تتحكم في زمام الأمور ولن تنظر إلى نفسك بصفتها ضحية للظروف.

اقرأ أيضاً: هل تفتقد السعادة؟ هذا النوع من الموسيقا يحسن مزاجك

3. جرّب التباطؤ وخذ لحظة للاسترخاء

في أثناء كتابة كلمات هذا المقال، وبعد أن انتهت من كتابة الفقرة الأولى، صنعت لنفسي كوباً من مشروب الشوكولاتة الساخن، وخرجت حتى أشربه في الشرفة، استمتعت كثيراً بمشاهدة السحب في السماء وغمرتني لحظة من السعادة، بعدها عدت للعمل، وهذا تحديداً ما أطلب منك فعله، أن تتوقف قليلاً وتحاول الاستمتاع بيومك، عجلة الحياة اليومية لن تتوقف من تلقاء نفسها، عليك أنت فعل ذلك، جرب تمارين التنفس العميق أو التأمل، كل ما تحتاج إليه هو بضع دقائق في اليوم.

4. ابحث عن مصادرك الخاصة للسعادة

إن إحدى أسرع الطرائق لضخ المزيد من السعادة في كل يوم هي أن تفهم حقاً ما يجعلك سعيداً، قد تعتقد أنك تعرف بالفعل ما يجعلك سعيداً أو قد لا تكون لديك أدنى فكرة، لهذا في كلتا الحالتين اقض بضع دقائق واكتب أي شيء يخطر ببالك، بعد ذلك تعمّق في بعض مصادر سعادتك وادمجها في روتينك اليومي.

5. حاول إيجاد التوازن

كي تجعل نفسك سعيداً، عليك إيجاد التوازن، أحياناً قد يكون الحصول على وظيفة جيدة والاستقرار المالي أمراً مهماً للسعادة، ولكن يجب عليك أيضاً موازنة هذه الأشياء مع عوامل أخرى تعزز السعادة، بما في ذلك صحتك وعلاقاتك والمساعي الأخرى ذات المغزى، وبالإضافة إلى ذلك، يجب عليك أن تعلم أنه لا يوجد حل سريع للسعادة؛ إنها عملية موازنة، لذا لا تكرس نصيب الأسد من الطاقة لملاحقة هدف واحد مع استبعاد باقي مناحي الحياة المهمة.

6. كن حاضراً في اللحظة الحالية

تخيل معي أن السعادة تمر عليك يومياً ولكنها تجدك مشغولاً في أداء مهامك اليومية، أو تجدك قلقاً بشأن المستقبل، في هذه الحالة عليك أن تكون مركزاً في اللحظة الحالية دون الانشغال بالماضي أو المستقبل، على سبيل المثال، عندما تشارك في نشاط ممتع أو هادف، انغمس فيه تماماً من خلال التركيز على ما يمكنك رؤيته وسماعه وشمه وتذوقه ولمسه.

7. مارس الامتنان

لا تنبع السعادة من الأشياء التي تحدث معك أو الظروف التي تواجهك، ولكنها تأتي من رؤيتك لتلك الأحداث والظروف، لذلك عليك أن تغير وجهة نظرك تجاه أفعالك اليومية، ومن هنا تأتي أهمية الامتنان، حيث إنه يدرب عقلك على ملاحظة الأشياء الجيدة في الوقت الحالي وتقديرها بوعي.

اقرأ أيضاً: لا تقس سعادتك على معايير تقارير السعادة العالمية

8. قدّر الأشياء الصغيرة

ثمة فكرة شائعة حول السعادة هي أنها يجب أن تكون كبيرة ودائمة وتنطلق من حدث عظيم مثل الحصول على شهادة جامعية مرموقة أو شراء سيارة حديثة، ولكن هذه الفكرة غير صحيحة، ففي الحقيقة، توجد السعادة في اللحظات الصغيرة التي نتجاهلها كل يوم، على سبيل المثال، المشي تحت سماء مرصعة بالنجوم، إذ تُطلق المعالجة النفسية ديب دانا (Deb Dana) على هذه اللحظات الصغيرة من السعادة اسم "وميض" لأنها تلمع خلال يومك وتغمرك بإحساس جيد.

9. كن شجاعاً 

حتى تستكشف السعادة وتصل إليها، عليك الخروج من منطقة الراحة الخاصة بك والتوجه نحو المجهول والبحث عن مغامرات في مناطق جديدة، وهذا الأمر يتطلب الشجاعة والجرأة للتحرر من المألوف، وفي هذا السياق يؤكد الطبيب النفسي، عاصم العقيل، على ضرورة المضي قدماً من أجل تحقيق ما تطمح إليه وما تريده لأنك المسؤول الأول عن تحقيق سعادتك، وحتى تتولى زمام هذه المسؤولية وتعيش حياة سعيدة وعظيمة عليك أن تكون شجاعاً.

المحتوى محمي