ملخص: ارتبطت تسمية "المتلاعب" بالشخص سيئ النية الذي يسعى إلى استغلال الآخرين أو السيطرة عليهم، ويرى المفكر والكاتب الأكثر مبيعاً الذي ركز في مؤلفاته على الموضوعات المتعلقة بأسرار العقل، فابيان أوليكار أن التلاعب هو سلوك يحاول من خلاله المتلاعب الحصول على غرض معين من شخص ما؛ لكن وفقاً لكتابه الأخير "دليل مكافحة التلاعب" يبدو أننا جميعاً نمارس هذا السلوك دون وعي أحياناً، فكيف ذلك؟
ارتبطت تسمية "المتلاعب" بالشخص سيئ النية الذي يسعى إلى استغلال الآخرين أو السيطرة عليهم. في كتابه "دليل مكافحة التلاعب" (L’anti-guide de la manipulation)، يتحدث المفكر فابيان أوليكار (Fabien Olicard) عن سلوكيات التلاعب الخبيثة التي يمارسها بعض الأشخاص؛ ولكنه يوضح أيضاً من جهة أخرى أن معنى هذا المصطلح أوسع مما هو متعارف عليه، وأننا جميعاً نمارس سلوكيات التلاعب بشكل أو بآخر في بعض المواقف دون وعي أحياناً، فكيف ذلك؟
يرى المفكر والكاتب الأكثر مبيعاً الذي ركز في مؤلفاته على الموضوعات المتعلقة بأسرار العقل، فابيان أوليكار أن التلاعب هو سلوك يحاول من خلاله المتلاعب الحصول على غرض معين من شخص ما، ووفقاً لكتابه الأخير "دليل مكافحة التلاعب" يبدو أننا جميعاً نمارس هذا السلوك. ويقول المفكر: "الأمر أبسط مما تخيل، فنحن لا يمكننا التواصل دون تلاعب وهي حقيقة، ويُعد التواصل غير اللفظي أفضل مثال على ذلك فحتى قبل أن تبدأ بالكلام ثمة الكثير من المعلومات التي تتيح للطرف الآخر فهم حالتك الذهنية وإذا كان من المناسب أن يتحدث إليك أو لا".
ووفقاً للمفكر فإننا نتلاعب ببعضنا بعضاً من خلال الحيل اللفظية أغلب الأحيان، وفيما يلي نتعرف إلى 4 مواقف من الحياة اليومية قد تمارس فيها التلاعب أحياناً أو تكون عرضةً له أحياناً أخرى، إضافةً إلى كيفية التعامل مع كل موقف منها لتتجنب الوقوع في فخ التلاعب.
حيلة السؤال المفتوح
يقول فابيان أوليكار: "عندما تسأل محاورك سؤالاً وتريد التوصل إلى إجابة مباشرة فإنك تحيد عواطفك وتوضح له النتيجة المتوقعة بأسرع ما يمكن وتنتظر منه تأكيدها "بنعم" أو "لا"، وهذا ما يُسمى بالسؤال المغلق الذي تكون إجابته واضحة وحاسمة وقد تثير حفيظة السائل. وعلى العكس من ذلك، فإن السؤال المفتوح الذي يأتي بعد عرض محايد وواقعي للمشكلة يكون فعالاً غالباً، فعندما تسأل محاورك "ما رأيك؟ أو "ماذا تقترح؟" من الصعب عليه ألا يترك كل ما يشغله على الفور ليهتم بمشكلتك".
كيف تجيب السؤال المفتوح دون أن تبدو لئيماً أو عدائياً؟ يمكنك الرد على محاورك بأنك مشغول في هذه اللحظة بالتحديد ولا يمكنك التفكير في سؤاله على الفور.
حيلة الخيارات المحدودة
في هذه الحيلة يتيح لك المتلاعب خيارات ولكن بعد أن يحددها سلفاً ويحصرها بما يتوافق معه وهو ما يسميه فابيان أوليكار "الخيار المفروض"، ويقول: "إنها طريقة لإجبار الشخص على الاعتراف بوجود خيار واحد فقط من خلال إخفاء الخيارات الأخرى الممكنة". مثلاً عندما تذهب مع صديقك إلى السينما فقد يقول لك: "هل تفضل أن تشاهد هذا الفيلم أو ذاك؟"، وبهذه الطريقة أتاح لك الاختيار بين الفيلمين اللذين يثيران اهتمامه بعد أن تجاهل الأفلام العشرة الأخرى في صالات العرض.
كيف تواجه حيلة الخيارات المحدودة؟ إذا أُتيح لك خياران فلا تتسرع وفكر قليلاً باحتمالية وجود بدائل أخرى، وفي حال عثرت على أي منها فلا تتردد في تأكيد رغبتك، ففي مثالنا هذا إذا كنت ترغب في مشاهدة فيلم آخر بخلاف الفيلمين اللذين خيّرك صديقك بينهما اقترح عليه ذلك.
حيلة الطلب القابل للاتساع
يطلب منك أحدهم مساعدة قد تبدو بسيطة فتوافق على مد يد العون له دون أن تعي أن ذلك سيكلفك أكثر مما تتخيل، وأنه يخطط لما هو أبعد من ذلك، فإما أن يضيف طلبات أخرى إلى الطلب الأصلي أو يعدّله تدريجياً لتجد نفسك في النهاية تقدم له أكثر بكثير مما طلبه منك بداية الأمر. يقع كثير منا في فخ الطلبات القابلة للاتساع عندما يستخدم الطرف الآخر عبارات من قبيل: "بما أننا وصلنا إلى هذه المرحلة هل تكمل معروفك معي وتساعدني في كذا؟"، ويستمر على هذا المنوال، وخطوة بخطوة نجد أننا ساعدناه على بلوغ هدفه الأكبر رغم أننا لم نكن لنقبل بذلك لو طلبه منا مباشرةً في البداية.
كيف يمكنك رفض الطلبات القابلة للاتساع؟ يمكنك التعبير عن رفضك أو رغبتك في الانسحاب مهما كانت المرحلة التي بلغتها في تقديم المساعدة مع العلم أن تصرفك بهذه الطريقة لن يهدد علاقتك بالطرف الآخر سواء كان صديقاً أو زميلاً في العمل، إذا كانت العلاقة صحية في الأساس، وإذا كنت تستصعب الرفض فضع حدوداً واضحة للمساعدة التي يمكنك تقديمها كحصرها بمدة زمنية محددة مثلاً والالتزام بها.
حيلة الطلب غير المباشر
يؤكد فابيان أوليكار إن الطلب غير المباشر من أساليب التلاعب الفعالة ويقول: "لقد أصبح هذا الأسلوب أشبه بلغة"، وهذا بعض الجمل البسيطة التي تخفي طلبات ضمنية: على سبيل المثال؛ عندما يلقي شخص ما بنفسه على الأريكة في منزل صديقه ويقول: "الجو حار جداً وأنا أشعر بالعطش"، قد تبدو هذه العبارة عادية للوهلة الأولى لكنها تعني في الحقيقة: "ألن تحضر لي شيئاً لأشربه؟" وبالفعل سيذهب مضيفه إلى المطبخ ليحضر له زجاجة عصير رغم أنه لم يطلب منه ذلك بوضوح. والحال كذلك عندما نقول: "الطعام ينقصه الملح" (أحضر لي الملح)، أو "أضعت مفاتيحي" (ساعدني في العثور عليها)، أو "يبدو أن النافذة لا تغلق جيداً" (ساعدني على إصلاحها)، وغير ذلك من الطلبات غير المباشرة.
كيف تواجه حيلة الطلب غير المباشر؟ طالما أنه ليس طلباً صريحاً فلا تستجب له، وفي هذه الحالة سيضطر الطرف الآخر إلى الكشف عن نواياه الحقيقية، فإما أن يعبر عن طلبه بوضوح أو يحاول تلبيته بنفسه.