ملخص: يتطلب الحفاظ على علاقة صحية ومُرضية، مستوىً معيناً من الثقة والتواصل والاحترام بين الشريكين. ومع ذلك، من المهم أيضاً وضع حدود تحمي خصوصية كل منهما وفرديته.
تخيل هذا السيناريو: تتصفح هاتف شريك حياتك وتبحث عن بعض الصور اللطيفة لكما، وتعثر بالصدفة على رسالة نصية من شريكه السابق، فتشعر بالفضول والغيرة ويغريك فتحها وقراءة المحادثة بأكملها؛ لكنك تتذكر أن لشريكك الحق في خصوصيته، ويُعد التطفل على رسائله الشخصية انتهاكاً للثقة والاحترام بينكما.
كيف يمكنك التعامل مع هكذا وضع؟ هل ستعترف باكتشافك وتطلب تفسيراً، أم ستتظاهر بعدم حدوث شيء وتحترم حدوده وخصوصيته؟ الحدود الصحية بين الشركاء ضرورية للحفاظ على التواصل والتناغم؛ ولكن ليس من السهل دائماً تحديدها أو ممارستها، وهذا المقال سيساعدك على تحقيق ذلك.
ما هي الحدود الصحية والمساحة الشخصية؟
يمكن تعريف الحدود الصحية بأنها مجموعة القواعد والإرشادات التي يضعها الفرد لنفسه وللآخرين في العلاقة؛ مثل كيفية التواصل ومشاركة العواطف والتعامل مع النزاعات واحترام كل شخص لاحتياجات الآخر وتفضيلاته، للمساعدة على إيضاح السلوك الذي تتقبله من الآخرين ومعرفة السلوك الذي يتوقعونه منك بدورهم، وقد تكون تلك الحدود غير مادية وغير مرئية؛ لكنها توفر إحساساً بالاحترام المتبادل والحماية والدعم.
وتشير المساحة الشخصية إلى المسافة الجسدية والنفسية التي يحتاج إليها الأفراد للشعور بالراحة والأمان والاستقلالية، وحماية أنفسنا من الاتصال الجسدي غير المرغوب فيه والانزعاج العاطفي، وتختلف المساحة الشخصية من شخص لآخر باختلاف الثقافات والعلاقة المعنية.
اقرأ أيضاً: كيف تصمد علاقة الشريكَين في وجه الأيام؟
كيف يمكن وضع الحدود الصحية بين الشريكين؟
يُقال: "الحدود هي البوابة إلى علاقات صحية"، فهي ما يمنح القدرة على الحب بإخلاص والتضحية دون نكران للذات. ووفقاً للطبيبة النفسية المتخصصة في علاج الأزواج، تريسي دالغليش (Tracy Dalgleish)؛ ثمة 4 مجالات للحدود الصحية وهي:
1. كيف تشعر
أنت الوحيد الذي يعرف ما تشعر به؛ لذلك تحتاج إلى إخبار شريكك بمشاعرك، فلا تتوقع منه أن يخمّن ما يزعجك! في الزواج الصحي، ولتحقيق الحدود الصحية، عليك إدارة مشاعرك ومشاركتها، فإذا كان هناك خطب ما، أخبر شريكك حتى يتمكن من مساعدتك.
2. ما تتوقعه
لا يستطيع الشريك قراءة عقلك؛ لذلك عليك أن تخبره بما تريد وأن تكون على استعداد لتقديم التنازلات. عموماً، على الزوجين تعلم توصيل توقعاتهم وإلا سيُصاب أحدهما بالغضب أو خيبة الأمل.
على سبيل المثال؛ قد ترغب الزوجة بقضاء ليلة في الخارج، على أمل أن يحجز زوجها مطعماً وجليسة أطفال؛ بينما يعتقد هو أن مشاهدة أحد أفلامهما المفضلة على الأريكة في المنزل بعد أن ينام الأطفال هو الفكرة المثالية لسهرة مشتركة لهما.
ولتجنُّب سوء فهم بعضكما لبعض، عليك توضيح ما تريده لتجنب الشعور بالإحباط وخيبة الأمل. ومع ذلك، إذا كنت تريد زواجاً صحياً، فلن تجري الأمور على طريقتك دائماً؛ عليك أن تجد حلأً وسطاً بينكما.
3. ما تنجزه
في الزواج، لا بد من تحديد الحدود الصحية بين الزوجين فيما يتعلق بما يقومون به من أعمال ومهمات، فليس بإمكانك أن تفعل كل شيء لكل شخص، حتى لو كان شريك حياتك. لذلك؛ عليك أن تكون صادقاً مع نفسك ومع شريكك حول قدراتك وإمكاناتك، وأن تطلب المساعدة عند الحاجة، فقد تواجه ضغوطاً من شريكك لإنجاز بعض المهمات المنزلية في وقت محدد بينما أنت مرهَق من عملك.
في هذه الحالة، لا تحاول أن ترضي الشريك بالقيام بكل شيء دون اعتراض، فهذا قد يؤدي إلى تراكم الضغينة والاستياء في نفسك؛ بل عليك أن تخبره بصراحة عن حدود وقتك وطاقتك، وأن تتفاوض معه على تقسيم المهمات أو تأجيل بعضها.
قد يختلف شريكك عنك في مستوى الحرص على العمل أو في سرعة إنجازه. لذلك؛ عليك أن تحترم الاختلافات بينكما، وأن تتوصل إلى حل وسط يرضي الطرفين، فالأهم من كل شيء هو المحافظة على السلام والانسجام في علاقتكما.
اقرأ أيضاً: جاك سالومي: كيف تحب الآخرين دون أن تحب نفسك؟
4. الوقت المشترك بينكما
ليس من الضروري أن تكون مع شريكك في كل لحظة من حياتك؛ بل قد يكون من المفيد أن تطلب منه بعض الوقت الخاص بك، وهذا لا يعني أنك لا تحبه؛ بل أنك تحترم نفسك وشخصيتك واحتياجاتك. فالزوجان ليسا نسختين متطابقتين؛ بل كل منهما لديه اهتمامات وميول وصداقات مختلفة.
والاستمتاع بهذه الأشياء على نحو مستقل يجعل الزوجين أكثر سعادة ورضا؛ ومن ثَمّ يزيد قوة رابطتهما، فلا تخَف من أخذ استراحة من حياتك المشتركة، ولا تفسر رغبة شريكك في ذلك على أنها رفض أو إهمال؛ بل انظر إلى ذلك على أنه فرصة لإثراء نفسك وزواجك.
اقرأ أيضاً: لماذا نغار من ماضي الشريك؟ وكيف نتعامل مع ذلك؟
متى يمكن تجاوز الحدود الصحية بين الشريكين؟
على الرغم من ضرورة الحدود الصحية بين أي شريكين للحفاظ على الاحترام والثقة بينهما، فثمة حالات يمكن تجاوز هذه الحدود بموافقة الطرفين وتفاهمهما؛ مثل:
- حالات الطوارئ: في المواقف العاجلة، قد يكون من الضروري تجاوز حدود معينة من أجل سلامة شريكك وصحته. على سبيل المثال؛ الوصول إلى هاتف الشريك دون إذن للاتصال بالعائلة في أثناء حالة الطوارئ الطبية.
- المخاوف الصحية: إذا كان الشريك مريضاً أو يحتاج إلى رعاية طبية، فلا ضير من تجاوز بعض الحدود لضمان حصوله على الرعاية المناسبة، وإدارة حالته الطبية بإشراف الاختصاصيين.
- الاتفاق المتبادل: قد تكون ثمة حالات يوافق فيها الشريكان على تجاوز حدود معينة من أجل علاقتهما أو لتحقيق أهداف مشتركة؛ مثل مشاركة المذكرات أو القرارات المالية.
- الدعم والراحة: في أثناء فترات الاضطراب العاطفي، قد يكون تجاوز الحدود ضرورياً لتوفير الدعم والراحة للشريك؛ قد يتضمن ذلك قراءة رسائله الشخصية لمساعدته على التعامل مع الموقف الصعب.
اقرأ ايضاً: التجسس بين الأزواج: تجارب واقعية
في الختام، تذكَّر أن التعامل مع خصوصية شريك حياتك هو توازن دقيق، يتطلب الاحترام والتواصل والثقة، وأن كل علاقة فريدة من نوعها، فما يناسب أحد الزوجين قد لا يناسب الآخر بالضرورة؛ لذا عليك دائماً طلب التوجيه من المختص النفسي فيما يتعلق بالمساحة الشخصية في العلاقة وحدودها.