لماذا قد نقف أحياناً في طريق نجاحنا؟ تعرف إلى التخريب الذاتي

4 دقيقة
التخريب الذاتي
shutterstock.com/GOLDMAN99

تخيل أنك قررت الحفاظ على صحتك وتناول الأكل الصحي المتوازن، ثم خرجت مع أصدقائك وأفرطت في تناول الطعام، لتقرر بعدها الالتزام ثم تعود مرة أخرى إلى الأكل المفرط، ما فعلته في هذه الحالة يُطلق عليه اسم "التخريب الذاتي" (Self-sabotage) إنه يشبه قوة غير مرئية تدفعك في الاتجاه المعاكس للهدف الذي تود الوصول إليه، ويمكن القول إن التخريب الذاتي يمنعك من تحقيق أهدافك، ويحرمك فرصة الاستمتاع بالحياة، ولكن ما هو التخريب الذاتي، ولماذا قد تمنع نفسك من تحقيق النجاح؟ الإجابة عبر هذا المقال.

ما هو التخريب الذاتي (Self-sabotage)؟

يُعرّف أستاذ علم النفس في جامعة كولومبيا (Columbia University)، ريان سلطان (Ryan S. Sultan)، مفهوم التخريب الذاتي بأنه السلوكيات والأفكار التي تمنعك من تحقيق أهدافك، ويمكن أن يحدث هذا التخريب بوعي أو دون وعي، وعادة ما تؤثر سلوكيات التخريب الذاتي في نجاحك الشخصي والمهني وصحتك النفسية.

تقول المعالجة النفسية، شيراني باتاك (Shirani Pathak)، إن التخريب الذاتي هو في الواقع آلية تكيف قد تلجأ إليها من أجل حماية نفسك من الخطر المحتمل، وتضيف باتاك أن التجارب الجديدة أو التحديات المختلفة قد تؤدي إلى إطلاق أجراس إنذار القلق داخل دماغك، وهذا قد يمنعك من الانخراط في الأنشطة غير المألوفة.

ويوضح المعالج النفسي، أسامة الجامع، أن سلوكيات التخريب الذاتي تقود الفرد إلى تدمير نفسه تدريجياً، ومن أهم أمثلة سلوكيات التخريب الذاتي الأكل المفرط والتدخين والإدمان وشرب الكحول ولعب القمار.

اقرأ أيضاً: هل تشعر أنك لا تستحق الأشياء الجيدة؟ فتش عن كره الذات

10 علامات تخبرك بأنك تخرّب ذاتك

هناك الكثير من علامات التخريب الذاتي التي يجب أن تنتبه إليها، حيث إن القدرة على اكتشافها يمكن أن تكون الخطوة الأولى نحو التغلب عليها، ومن أهم تلك العلامات:

  1. التسويف وتجنّب بعض المهام باستمرار حتى عندما تعلم أن إنجازها ضروري لنجاحك.
  2. الحديث السلبي مع الذات.
  3. إعطاء الأولوية لاحتياجات الآخرين على احتياجاتك.
  4. رفض طلب المساعدة من الآخرين.
  5. مقاومة التغيير من خلال البقاء في منطقة الراحة الخاصة بك، بدلاً من تجربة أشياء جديدة.
  6. مقارنة نفسك بالآخرين.
  7. عدم أخذ فترات راحة، ما قد يؤدي إلى الإرهاق أو الاحتراق النفسي.
  8. عدم التوافق بين رغباتك وأفعالك.
  9. التأخر عن المواعيد أو الاجتماعات المهمة.

ما هي أهم الأسباب التي قد تدفعك إلى سلوك التخريب الذاتي؟

على الرغم من رغبتك بتحقيق النجاح وسعيك إليه، فإنك في بعض الأوقات قد تجسّد عقبة في طريقك، وهناك الكثير من الأسباب التي قد تدفعك إلى تخريب ذاتك، منها على سبيل المثال:

1. الخوف من النجاح

توضح المعالجة النفسية، كيشا برودن (Keischa Pruden)، أنك قد تلجأ إلى تخريب ذاتك خوفاً من النجاح، وعلى الرغم من أن هذا الأمر قد يبدو مربكاً وغير منطقي، فإن النجاح يأتي مع قدر كبير من المسؤولية والمجازفة، وقد تخاف الضغط الإضافي الناتج عن النجاح.

2. انخفاض احترام الذات

هل لديك ذلك الصوت الذي يهمس في رأسك قائلاً "أنت لست جيداً بما فيه الكفاية"؟ في الحقيقة إن هناك بعض الأيام التي يكون فيها هذا الصوت مرتفعاً جداً، لكن إذا كنت تستمع إليه باستمرار فذلك يعني أنك تعاني انخفاض احترام الذات، وفي هذه الحالة سوف تلجأ إلى التخريب الذاتي حتى يتماشى واقعك مع معتقداتك الداخلية عن نفسك، بمعنى آخر يكون التخريب الذاتي آلية دفاعية، فإذا حدث وأخطأت تشعر بأنك مسيطر على إحساس الفشل.

3. الخوف من المجهول

يمكن أن يكون التغيير مخيفاً، حتى لو كان إيجابياً؛ حيث تمّدك الأنشطة المألوفة بإحساس الأمان حتى لو كانت غير مفيدة، لكن التحديات خارج منطقة الراحة الخاصة بك هي عالم جديد أحياناً قد تكون غير مستعد لاستكشافه، ومن ثم، فإنك تسحب نفسك دون وعي، وتعيق تقدمك وتخرّب ذاتك.

4. السعي إلى الكمال

يرتبط السعي إلى الكمال ارتباطاً وثيقاً بالتخريب الذاتي؛ فإذا كنت شخصاً يسعى إلى تحقيق المثالية والكمال، فقد تخشى ارتكاب الأخطاء، أو تعتقد أنك إذا لم تكن قادراً على إنجاز إحدى المهام إنجازاً مثالياً، فيجب عدم البدء فيها على الإطلاق، ويمكن أن يؤدي هذا التفكير بطريقة الكل أو لا شيء إلى سلوكيات تخريبية للذات مثل التسويف.

5. صدمات الطفولة

يعتقد أستاذ علم النفس، ريان سلطان، أن صدمات الطفولة يمكن أن تؤدي إلى الشعور بعدم الأمان والقلق والخوف، ويضيف سلطان أن تعرض أحد الأشخاص إلى الانتقادات المستمرة أو الإهمال خلال فترة الطفولة قد تجعله يشعر بعدم الكفاءة، وهذا يزيد فرص الإصابة بسلوك التخريب الذاتي.

6. التنافر المعرفي

التنافر المعرفي هو التوتر الذي يمكن أن يشعر به الشخص عندما يحمل معتقدين يتناقضان بعضهما مع بعض أو عندما تتعارض أفعاله مع أفكاره الداخلية. على سبيل المثال، قد ترغب حقاً في تحقيق النجاح، ولكنك تحمل اعتقاداً داخلياً راسخاً بأنك لا تستحق النجاح، في هذه الحالة، قد يتسبب سعيك تجاه تحقيق النجاح في حدوث تنافر معرفي وذلك لأنه يتناقض مع اعتقادك الداخلي بعدم الاستحقاق.

اقرأ أيضاً: ما معنى أن تحب نفسك؟ وكيف تطبق ذلك في حياتك؟

6 نصائح عملية لتجنب التخريب الذاتي وتحقيق النجاح

تؤكد الطبيبة النفسية، شروتي موتاليك (Shruti Mutalik)، أن التخريب الذاتي لا يمنعك من تحقيق النجاح فحسب، بل يؤدي أيضاً إلى زيادة الإصابة بالقلق والاكتئاب، وحتى تحمي نفسك من سلوكيات التخريب الذاتي حاول اتباع النصائح التالية:

1. تتبّع أنماط سلوكك

هناك العديد من الأنماط المختلفة المرتبطة بالتخريب الذاتي، وإحدى أكثر الخطوات أهمية في تجنب سلوك التخريب الذاتي هي تتبع أنماطك؛ دوّن مذكراتك بانتظام ووثق سلوكياتك وأنماط تفكيرك لمعرفة مصدرها، بعد ذلك، طوّر رؤيتك عن نفسك، وحدّد جيداً التغييرات التي تحتاج إلى إجرائها.

2. راقب حديثك مع نفسك جيداً

ترى المختصة النفسية، جورجينا ستورمر (Georgina Sturmer)، أن التخريب الذاتي قد ينبع من صوت ناقدك الداخلي، ولهذا عليك محاولة تحدي هذا الصوت، وكلما انتقدك تحقّق من رسائله جيداً، ومع مرور الوقت اصنع رواية جديدة لنفسك مستخدماً التوكيدات الإيجابية، وتذكر أن الحديث الذاتي الإيجابي هو مهارة تستحق التعلم من أجل تحقيق أهدافك.

3. قسّم أهدافك الكبرى إلى مهام صغيرة

يمكن أن يستمر سلوك التخريب الذاتي لأنك تظن أنك لا تفعل شيئاً على نحو صحيح، ولذلك من المهم أن تبني ثقتك بنفسك واحترامك لذاتك، وسوف تفعل ذلك الأمر حين تقسّم أهدافك الكبرى إلى مهام صغيرة قابلة للتحقيق، وحين ترى نفسك وأنت تنجز تلك المهام واحدة تلو الأخرى، سوف تشعر بالإنجاز وتزداد ثقتك بنفسك، ومع مرور الوقت سوف تنجح في تحقيق أهدافك.

4. توقف عن السعي إلى الكمال

يؤدي السعي إلى الكمال والمثالية إلى سلوكيات التخريب الذاتي خاصة إذا كنت تفكر كثيراً في التفاصيل وترغب في إنجاز العمل دون أي أخطاء على الإطلاق، ولهذا توقف عن ذلك تماماً، اجعل هدفك هو التميز وليس المثالية، حاول إجراء تحسينات صغيرة ولاحظ التقدم على الطريق نحو تحقيق الهدف المطلوب.

5. مارس التعاطف مع الذات

عامل نفسك باللطف والتفهم نفسهما كما تفعل مع صديق مقرب، وتذكر أن كل شخص لديه انتكاساته، لذا، بدلاً من الانغماس في الحديث السلبي مع الذات، من المهم الاعتراف بما حدث على نحو خاطئ والتعلم منه من أجل المضي قدماً.

6. اطلب المساعدة المتخصصة عند الحاجة

عندما تعوق سلوكيات التخريب الذاتي حياتك اليومية وتؤثر بالسلب في تقدمك الوظيفي، وحين يكون لديك نمط سلبي ثابت من السلوكيات المدمرة للذات يصاحبها مشاعر الضيق الشديد والقلق والحزن والذنب؛ عليك طلب المساعدة من الطبيب النفسي المتخصص، ففي هذه الحالة ربما توجد جذور عميقة لتلك السلوكيات تمتد من الطفولة أو صدمات الماضي.

المحتوى محمي