ملخص: تخيل أنك تجلس في السينما أو مع أصدقائك في المنزل، وفجأة انتابك إحساس قوي بأن شيئاً مروعاً على وشك الحدوث. وعلى الرغم من عدم وجود أي أخطار تحيط بك، لا تزال تشعر بالخوف الشديد والهلاك الوشيك، تُرى ما أسباب هذا الشعور؟ وكيف يمكن التغلب عليه؟ الإجابة في هذا المقال.
محتويات المقال
ذهبت في أحد الصباحات القريبة بصحبة أطفالي الصغار إلى المدرسة، وفي الطريق إلى هناك، تلفت حولي فلم أجد ابني الصغير، شعرت فجأة بالاختناق والدوار، وقفزت إلى ذهني فكرة مرعبة مفادها أني قد لا أرى صغيري مرة أخرى، كان إحساساً مرعباً بالهلاك الوشيك، والحقيقة أننا جميعاً قد نمر بلحظات رعب وخوف شديد على مدار أيام حياتنا، ومن الطبيعي والمنطقي أن نشعر بالهلاك الوشيك في أثناء المرور بموقف يهدد حياتنا مثل الكوارث الطبيعية أو حوادث السيارات، لكن غير المنطقي هو الإحساس بالهلاك الوشيك دون وجود خطر حقيقي يهدد حياتك، فما سر ذلك الشعور؟ وكيف يمكن التغلب عليه؟ الإجابة من خلال هذا المقال.
ما شعور الهلاك الوشيك؟
يبدو شعور الهلاك الوشيك مثل هاجس يخبرك بأن شيئاً مأساوياً على وشك الحدوث، بمعنى آخر الهلاك الوشيك تجربة نفسية تتسم بالخوف والرعب الشديد، حيث تُطلق خلالها هرمونات التوتر مثل الأدرينالين والكورتيزول، ويصبح الجهاز العصبي في حالة تأهب قصوى للقتال أو الهروب، والأشخاص الذين يعانون الهلاك الوشيك يمرون بتجربة داخلية مؤلمة مع غياب التهديد الفعلي في الواقع.
اقرأ أيضاً: 3 نصائح بسيطة وفعالة تخلصك من القلق نهائياً
6 علامات تؤكد شعورك بالهلاك الوشيك
تؤكد المختصة النفسية سنام حفيظ (Sanam Hafeez) أن وصف شعور الهلاك الوشيك أمر صعب؛ إنه يشبه إحساسك بأن منزلك على وشك الحريق أو طائرتك على حافة الانهيار والتحطم، مع عدم وجود خطر واضح في الواقع، وهذه هي أهم علامات إحساس الهلاك الوشيك:
- ارتفاع معدل ضربات القلب.
- التعرق الشديد.
- الشعور بالانفصال عن الواقع.
- ضيق التنفس.
- المعاناة من الهبات الساخنة.
- الشعور بالغثيان.
اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع شخص دائم التوتر؟ 5 خطوات فعالة
تعرف إلى الأسباب النفسية والجسدية التي قد تشعرك بالهلاك الوشيك
يوضح الطبيب النفسي أليكس ديميتريو (Alex Dimitriu) أن شعور الهلاك الوشيك يتغذى على أوهام العقل، ويؤدي إلى حدوث بعض الأعراض مثل ارتفاع معدل ضربات القلب والتنفس السريع، ليدخل بعدها الشخص في نوبة هلع.
وفي هذا السياق يؤكد استشاري الطب النفسي أنس ابن عوف عباس أن نوبات الهلع هي إحساس كارثي بالخوف الشديد والمفاجئ، لذا تعد حالة من حالات القلق لكنها تأتي بجرعات مركزة وتجعل المصابين بها يحسون بالهلاك الوشيك؛ إنها حلقة مفرغة تساعد على تفاقم مشاعر القلق والتوتر، والحقيقة أن هناك أسباباً مختلفة قد تجعل الأشخاص يشعرون بالهلاك الوشيك، وهذه الأسباب تشمل حالات الصحة النفسية والجسدية، ومنها على سبيل المثال:
1. اضطرابات القلق
وفقاً للجمعية الأميركية للطب النفسي (APA) فإن اضطرابات القلق تعد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً، وتختلف عن الشعور الطبيعي بالقلق والتوتر، حيث إنها يمكن أن تجعل المصابين بها يتجنبون المواقف التي تؤدي إلى ظهور الأعراض أو تفاقمها، وبالتالي تؤثر سلباً في حياتهم اليومية. وتأتي اضطرابات القلق مع الكثير من الأعراض مثل تسارع دقات القلب والتعرق، ومن أشهر اضطرابات القلق التي تؤدي إلى شعور الهلاك الوشيك اضطراب القلق العام (Generalized Anxiety Disorder)، واضطراب الوسواس القهري (OCD)، واضطراب الهلع، واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).
2. الاضطراب الثنائي القطب
تشرح المختصة النفسية سنام حفيظ أن الأشخاص المصابين باضطراب ثنائي القطب يعانون تغيرات شديدة في الحالة المزاجية، وعادة ما يتأرجحون بين ارتفاع نوبات الهوس وأدنى درجات الاكتئاب، وفي أثناء النوبة الاكتئابية قد يغمرهم الشعور بالهلاك الوشيك واليأس وعدم القيمة.
3. الإصابة بالاكتئاب
تعتقد المختصة النفسية سوزان ألبيرز بولينج (Susan Albers-Bowling) أن الإصابة بالاكتئاب تشبه ارتداء نظارات سوداء، حيث تجعل الأشخاص يعتقدون أن الحياة شديدة القتامة وغير قابلة للتوقع، وقد تشمل أعراض الاكتئاب الإحساس باليأس والتشاؤم وانخفاض الطاقة والتعب والهلاك الوشيك.
4. ورم القواتم (pheochromocytoma)
هو نوع نادر من الأورام ينمو داخل الغدد الكظرية، حيث تتفاعل الهرمونات التي تعدل الحالة المزاجية مثل الأدرينالين والنورادرينالين والدوبامين لتسبب زيادة مفاجئة في ضغط الدم وارتفاع معدل ضربات القلب والتعرق، ومن ثم تولد الشعور العميق بأن شيئاً فظيعاً على وشك الحدوث.
5. الانسداد الرئوي
يؤدي هذا المرض الالتهابي الرئوي إلى إعاقة تدفق الهواء الخارج من الرئتين ما يسبب مشكلات في التنفس، وقد تصاحبه بعض الأعراض مثل ضيق التنفس والدوار والشعور بالهلاك الوشيك، يُذكر أن هذا المرض قد يؤدي حقاً إلى الهلاك، إذ تؤكد منظمة الصحة العالمية (WHO) أن مرض الانسداد الرئوي هو السبب الرئيسي الثالث للوفاة في أنحاء العالم كافة.
6. الوعي تحت التخدير
يمكن أن تحدث هذه الحالة في أثناء العملية الجراحية عندما تكون كمية المخدر المستخدمة في أثناء العملية غير كافية للتسبب في فقدان الوعي التام، وقتها قد يشعر المرضى بالهلاك الوشيك نتيجة لذلك.
7. تفاعلات نقل الدم
قد تؤدي عمليات نقل الدم إلى تفاعلات حساسية وخاصة مع انحلال خلايا الدم الحمراء المنقولة، وبسبب رد الفعل التحسسي الشديد تظهر أعراض القلق والهلاك الوشيك قبل ظهور أعراض أخرى مثل ضيق التنفس وخفقان القلب وانخفاض ضغط الدم.
8. التعرض للتسمم
يشمل ذلك على وجه الخصوص لسعات قنديل البحر، والتسمم بالسيانيد، ويعد الشعور بالهلاك الوشيك من الأعراض الأولى للتسمم.
9. النوبات القلبية
قد يسبق الشعور بالهلاك الوشيك النوبات القلبية، وفي كثير من الحالات يحدث الشعور بالهلاك الوشيك قبل ظهور الأعراض التي قد تشير إلى حالة طبية طارئة حقيقية.
اقرأ أيضاً: خفقان قلب وضيق تنفس: نوبة قلبية أم نوبة هلع؟ إليك كيفية التمييز بينهما
5 خطوات فعالة لتتجاوز شعورك بالهلاك الوشيك بأمان
إن الشعور بالهلاك الوشيك ليس اضطراباً في حد ذاته ولا مرضاً يمكن علاجه، ولهذا يجب عليك التعامل مع أصل المشكلة التي أدت إلى ذلك الشعور. على سبيل المثال، إذا كنت تعاني اضطراب القلق أو الاكتئاب يمكنك التحدث مع معالجك النفسي وتلقي العلاج المناسب، وفيما يلي بعض الاستراتيجيات التي يمكن أن تساعدك على التعامل مع إحساس الهلاك الوشيك:
- تنفّس بعمق: عندما تضغط علينا مشاعر القلق والتوتر، تتسارع أنفاسنا وهذا يحرم دماغنا من الأوكسجين، ولهذا حاول قدر الإمكان ممارسة التنفس العميق لأنه يحد من مشاعر القلق، ويقلل توتر العضلات ويخفض ضغط الدم ويبطئ معدل ضربات القلب.
- ارخِ عضلاتك تدريجياً: تعتبر تقنية "استرخاء العضلات التدريجي" طريقة شائعة وفعالة للتعامل مع شعور الهلاك الوشيك، وترتكز على شد العضلات بطريقة متعمدة ومنتظمة ثم إرخائها من أعلى الرأس إلى أصابع القدم، ابدأ بالشد مدة 5 ثوانٍ ثم الإرخاء مدة 30 ثانية، حيث يؤدي هذا التمرين إلى تحول الجسم من حالة اليقظة المفرطة إلى حالة الاسترخاء.
- اطلب المساعدة فوراً: إذا كان شعورك بالهلاك الوشيك مرتبطاً بحالة نفسية مثل القلق أو الاكتئاب تواصل مع طبيبك النفسي على الفور من أجل وضع خطة علاجية، وإذا شعرت بالهلاك الوشيك في مكان العمل أو أحد الأماكن العامة تحدث إلى أحد زملائك أو تواصل مع أفراد العائلة للحصول على الدعم، وإذا كان سبب إحساسك بالهلاك الوشيك مرتبط بحالة طبية خطيرة عليك الذهاب إلى المستشفى أو التواصل مع طبيبك.
- ابحث عن مكان هادئ: حين شعرت بالهلاك الوشيك من قبل، كنت في طريقي إلى المدرسة، كان الشارع مزدحماً للغاية ولم أتمكن من التنفس، ولهذا إذا حدث معك موقف مشابه، ابحث عن مكان هادئ على الفور، أو اتكئ على جدار قريب والتقط أنفاسك، فهذا يمكن أن يساعد ذهنك على الاسترخاء ومن ثم تخفيف حدة توترك.
- تعرّف إلى محفزاتك: جميعنا لدينا مخاوف محددة، وقد تتفاقم تلك المخاوف إذا لم نتعامل معها، وحتى تتجنب شعور الهلاك الوشيك في المرة القادمة، تعرف إلى محفزاتك وتعلّم كيفية إدارة مسبباتها أو تجنبها.