10 نصائح للنجاة من الشخص السيكوباتي

7 دقائق
الشخصية السيكوباتية
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: تتميز الشخصية السيكوباتية بغياب التعاطف مع الآخرين والانفصال عنهم شعورياً؛ ما يسهّل عليها التلاعب بالآخرين واستخدامهم لتحقيق مصالحها الشخصية دون الالتفات إلى احتياجاتهم أو مشاعرهم أو الشعور بالذنب حتى. وعلى الرغم من الصفات والسلوكيات المؤذية للأشخاص السيكوباتيين، يصعب التعرّف إلى شخصيتهم السامة في البداية؛ حيث يظهرون كأشخاص جذابين ويستخدمون الأكاذيب بحنكة شديدة لإرباك الطرف الآخر والهروب بأفعالهم المشينة. إذا كان زميلك أو مديرك في العمل أو شريكك يتسم بهذه الصفات، إليك هذا المقال لفهم طبيعة هذه الشخصية والتعرف إلى الطرائق المثلى للتعامل معها والحفاظ على صحتك النفسية.
يتميز الاعتلال النفسي أو السيكوباتية (Psychopathy) بضعف الاستجابات العاطفية والضوابط السلوكية، وغياب التعاطف مع الآخرين والانفصال عنهم شعورياً، بالإضافة إلى القسوة؛ إذ يتلاعب الأشخاص السيكوباتيون بالآخرين دون الشعور بالذنب أو تأنيب الضمير.

ويُعد هذا الاضطراب العصبي النفسي من بين أصعب الاضطرابات النفسية التي يمكن اكتشافها؛ حيث يظهر الشخص السيكوباتي كشخص عادي في البداية بل وقد يكون ذو شخصية جذابة.

ويتجلى الاعتلال النفسي في مجموعة من السمات الشخصية الأساسية التي تسمح للفرد بتجاهل حقوق الآخرين خلال السعي وراء أهداف تخدم الذات؛ ما قد يؤدي إلى السلوك الإجرامي أحياناً.

اقرأ أيضاً: ما هو اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع؟ وما علاجه؟

ما نقاط ضعف الشخصية السيكوباتية؟

تنمو جذور الشخصية السيكوباتية في سن مبكرة جداً، وتشمل المؤشرات المبكرة لها وجود صفات قاسية غير عاطفية مقترنة بمشكلات السلوك والانحراف لدى الشباب التي تصبح أكثر تأصلاً وصعوبة مع الانتقال إلى مرحلة البلوغ، وذلك بحسب دراسة من جامعة نيو مكسيكو (University of New Mexico).

ويفتقر الشخص السيكوباتي إلى القدرة على ضبط النفس، فيتغير سلوكه فجأة دون وجود محفّز واضح، ليصبح ماكراً أو قاسياً أو حتى عنيفاً ابتغاءَ ما يريد. وهو ليس شخصاً متمحوراً حول ذاته يسعى إلى إرضاء رغباته على حساب الآخرين فقط؛ بل إنه يسعى دائماً إلى استخدامهم كأدوات لتلبية احتياجاته الشخصية دون الالتفات إلى تأثير ذلك فيهم.

ويشير اختصاصي علم النفس العصبي الشرعي والمحلل النفسي، ريتشارد ليتيري (Richard Lettieri) في مقاله إلى 7 خصائص تنبهك إلى أنك تتعامل مع شخصية سيكوباتية:

  1. جاذبيةٌ سطحية: يبدو هذا الشخص ساحراً في البداية ويسعى إلى التعرف على الآخرين ليبدو أنه محبوب، ثم ما يلبث أن يظهر كشخص متلاعب وسطحي المشاعر لا يشعر بمن حوله.
  2. إحساسٌ متزايد بقيمة الذات ونمطُ حياة طفيلي: يسعى هذا الشخص دائماً إلى نسب النجاح لنفسه سواء كان يستحق ذلك أو لا؛ ما يدفعه إلى التقليل من قيمة الآخرين الذين يعتبرهم منافسين له. ولا تقتصر رغبته على الفوز فحسب بل الهيمنة أيضاً، وإذا كانت درجة السيكوباتية عالية لديه فقد يكون على استعداد للعنف إذا لزم الأمر.
  3. خداع: ترتبط هذه السمة بتقدير الذات المشوّه، وضعف القدرة على الارتباط بالآخرين عاطفياً، والحاجة إلى أن يكون في المقدمة دائماً. وللوصول إلى ذلك؛ يكذب السيكوباتي ويخدع الآخرين ويتلاعب بهم حتى يصل إلى ما يريد.
  4. مشاعرُ ضحلة: ينخرط السيكوباتي بشكل سطحي مع الآخرين، وقد يبدو حاضراً فقط بهدف استخدام هذه العلاقات للحصول على مزايا خاصة واستخدامها لتلبية تطلعاته الشخصية والمهنية.
  5. مللٌ وحاجة إلى التحفيز المستمر: يرتبط الميل إلى الشعور بالملل مع السطحية العاطفية وعدم وجود تواصل حقيقي مع الآخرين في هذه الحالة، بالرغبة القوية في البحث عن التحفيز؛ حيث يسعى الشخص السيكوباتي بشدة إلى اغتنام الفرص والانخراط في سلوكيات محفوفة بالمخاطر. وعلى الرغم من أن سلوكه قد يتسبب في قلق الآخرين منه في العمل؛ إلا أنه قد يحظى أيضاً بالإعجاب لسلوكه المغامر واستعداده لاستغلال الطرف الآخر.
  6. تاريخٌ من السلوك غير الأخلاقي: نظراً لانعدام الضوابط الأخلاقية لدى السيكوباتي، فإن رغبته في البحث عن الإثارة ليست لها حدود وقد يرتكب أفعالاً غير أخلاقية لتلبية تلك الرغبة الكامنة.
  7. لغزُ التناقضات: نتيجة لمهاراتهم في التلاعب والخداع؛ يمكن أن يصعب التعرّف إلى شخصية السيكوباتيين بسبب مهاراتهم في تقديم أنفسهم على أنهم أشخاص محبوبون وحساسون.

ما الفرق بين الشخص السيكوباتي والنرجسي؟

على الرغم من وجود بعض التشابهات بين الشخصيتين كالافتقار إلى الضوابط الأخلاقية وعدم القدرة على التعاطف مع الآخرين والرغبة في السيطرة عليهم لتحقيق الأهداف الشخصية؛ إلا أن هناك فروقات واضحة بينهما تجعل منهما شخصيتَين مستقلتَين وفقاً للاختصاصية النفسية هبة مختار سليمان.

ومن أبرز الصفات التي توضح الفرق بين الشخص السيكوباتي والنرجسي:

  • يريد النرجسي جذب اهتمام الآخرين للإعجاب به ومعاملته بطريقة خاصة، بينما يتجاهل السيكوباتي مشاعر الآخرين ولا يكترث بها.
  • يتلاعب الشخص النرجسي بالآخرين فقط لدعم صورته وكسب الاهتمام، بينما يتلاعب الشخص السيكوباتي بهم من أجل التسلية دون الاكتراث بصورته أمام الآخرين.
  • يتلقى ضحايا الشخص النرجسي ضرراً أقل حدة ويكون معنوياً عادةً، بينما يتضرر ضحايا الشخص السيكوباتي ضرراً أكبر قد يكون جسدياً.
  • لا يهدف الشخص النرجسي إلى إحداث ضرر بالغ بالآخرين أو يتلذذ بإيذائهم، على عكس الشخص السيكوباتي الذي لا يُظهر ندماً أو تعاطفاً مع ضحيته؛ بل وقد يستمتع بالأذى الذي تسبَّب به.
  • يحافظ الشخص النرجسي على مكانته في وظيفته ويحاول تطوير نفسه دائماً ليكون الأفضل، بينما لا يستطيع الشخص السيكوباتي أحياناً الحفاظ على وظيفة معينة بسبب تهوره في العمل وعدم اكتراثه بنتائج أفعاله.

اقرأ أيضاً: كيف أتعامل مع مديري النرجسي؟

هل ينجح السيكوباتيون في مجال العمل؟

بينما يُظهر السيكوباتيون صفات تنذر بصعوبة اندماجهم في المجموعات والحفاظ على وظائفهم؛ إلا أن بعض السيكوباتيين يكون متحدثاً بارعاً في البداية ويشق طريقه في العمل ويتدرج في السلم الوظيفي.

ولمعرفة أي نوع من السيكوباتيين يمكن أن يترقى في مجال عمله وأيهم ينتهي به المطاف كمجرم؛ كشفت نتائج دراسة منشورة في دورية "البحث في الشخصية" (Research in Personality) أن كلا النوعين من السيكوباتيين يُظهران الصفات الأساسية نفسها؛ مثل خيانة الأمانة والاستغلال والغطرسة وانخفاض الشعور بالندم والقسوة؛ لكن ما يفصل السيكوباتيين الناجحين عن البقية هو ضميرهم الذي يجعلهم أقل اندفاعاً وإهمالاً من غيرهم، ولذلك من غير المرجح أن يتم اللحاق بهم.

كذلك، قد تكون بضع سماتهم السيكوباتية ميزة في الأعمال التجارية. على سبيل المثال؛ هم عملياً محصنون ضد الإجهاد والتوتر لذا فهم قادرون على الحفاظ على هدوئهم في خضمّ الأزمات لتنجح خططهم في خداع الآخرين والتأثير في الناس، وفي كثير من الأحيان يترقون في مكان العمل على الرغم من الجانب المظلم لشخصياتهم.

كيف تتعامل مع زميل عمل سيكوباتي؟

يُعد التعامل مع شخص سيكوباتي في مكان العمل أمراً مرهقاً، ويُلحق أضراراً جسيمة بالصحة النفسية سواء كان ذلك الشخص رئيسك في العمل أو زميلك أو حتى مرؤوساً، ويكمن مفتاح التعامل معه بنجاح في أن تكون استباقياً وأن تقيِّم تكتيكاته المتلاعبة ولا تنخدع بها.

وفيما يلي بعض النصائح المقدَّمة من المعالجة النفسية إيمي مورين (Amy Morin) للتعامل مع زميلك السيكوباتي:

  • لا تخَف: يحاول السيكوباتيين السيطرة على الآخرين بالتهديد والعدوان، فقد يحاولون إظهار سيطرتهم وتفوقهم عليك عند الحديث أو قد يوجهون إليك تهديدات مستترة. في تلك الحالة، حافظ على موقفك بطريقة حازمة وأبلغ الموارد البشرية عن أي محاولة من جانبهم للتنمر.
  • ابقَ هادئاً: يمنح شعورك بالخوف أو التوتر السيكوباتيين فرصة للتلاعب بمشاعرك ويجعلهم أقوى منك، لذلك تدرب على التزام الهدوء أمامهم.
  • لا تصدّق أكاذيبهم وأعذارهم: عندما يشعر السيكوباتيين بأنهم محاصرون بنتائج أفعالهم المشينة يلومون الآخرين، ويؤدي الاستماع إلى أعذارهم وإظهار التعاطف مع مشكلاتهم دوراً في تشتيت انتباهك، فلا تصدق محاولاتهم إثباتَ أنهم ضحايا.
  • اردع محاولاتهم تأدية دور الضحية: عندما يحاول الشخص السيكوباتي إلقاء اللوم على شخص آخر، غيّر مجرى المحادثة وقل شيئاً مثل: "هل أنت بخير؟ لقد شعرت أنك متوتر بعض الشىء في اجتماع اليوم"؛ حيث يمكن للإشارة إلى عيوبهم أن تجرّدهم من قدرتهم على التلاعب.

اقرأ ايضاً: ما الأساليب التي يستخدمها المتلاعب عاطفياً؟ وكيف تواجهها؟

10 خطوات للانفصال عن شريك سيكوباتي

لا شك في أن البقاء في علاقة مع شخص معتل نفسياً أمر بالغ الصعوبة، لقدرته على التلاعب بالآخرين والكذب المرضي وغيرها من الصفات التي تضع الطرف الآخر في حالة مستمرة من عدم الارتياح أو فهم ما يحدث، لذلك من المهم أن تعرف كيفية إنهاء هذه العلاقة.

ويؤدي الخوف دوراً مهماً في أداء الشخص السيكوباتي، وتعزز رغبتك أو محاولتك الانفصال خوفه من فقدانك فيحاول ردعك بشتى السُّبل، لذلك يجب ألا تلتفت لأعذاره الكاذبة وفقاً للاختصاصية الاجتماعية الإكلينيكية، جيني جاكوبسن (Jenni Jacobsen).

إذا كنت ضحية شريك سيكوباتي، يمكنك تطبيق الخطوات التالية للانفصال عنه بأمان والحفاظ على صحتك النفسية:

  1. لا تلُم نفسك: إذا كنت تفكر في الانفصال عن شريك سيكوباتي فمن المحتمل أن يلقي عليك اللوم في مشكلات العلاقة بمعظمها، ليعزز شعورك بالذنب ويصعّب عليك إنهاء العلاقة، لذلك يجب أن تدرك أن هذه المشكلات ليست بسببك بالضرورة.
  2. لا تختلق أعذاراً لسلوكه: عندما تختلق أعذاراً لسلوك شخص معتل نفسياً على أمل أن يتغير، ستبقى محاصراً في هذه العلاقة. لذلك بدلاً من تبرير سلوكه، تعرَّف على حقيقة هذا الشخص من تصرفاته.
  3. توقَّف عن الاعتقاد بأنه سيتغير: قد تتأخر عن معرفة كيفية ترك شريك مريض نفسياً لأنه يَعِد بالتغيير، وأنت تصدقه. افهم أنه يحاول بذلك الاستمرار في التلاعب بك، وسيصبح إنهاء العلاقة أسهل بمجرد أن تدرك أن سلوكه لن يتغير.
  4. لا تقع ضحية التهديدات الانتحارية: يُعد التهديد بالانتحار عند إشارتك إلى رغبتك في إنهاء العلاقة أحد أساليب التلاعب التي قد يستخدمها الشريك السيكوباتي. وعلى الرغم من أن الأمر يبدو قاسياً؛ إلا أنه لا يمكنك البقاء لمجرد أن شريكك يهدد بالانتحار. قد يبدو الانفصال عن شخص سيكوباتي مستحيلاً بسبب تهديداته غير الحقيقية؛ ولكن لا تدعه يتحكم في حياتك.
  5. كُن مستعداً: من المهم أن تعرف كيف ستسير حياتك قبل أن تنفصل عن معتل نفسياً، ويتضمن ذلك العثور على مكان للسكن وفصل أموالك عن أمواله وما إلى هنالك؛ حيث من المرجح أن يسعى السيكوباتيون الذين يتم ازدراؤهم إلى الانتقام عند انتهاء العلاقة سواء باستنزاف حسابك المصرفي أو التسبب في أضرار أخرى.
  6. اعزله عن حياتك تماماً: من أهم النصائح التي تساعدك على الانفصال عن معتل نفسياً قطع الاتصال معه تماماً، فقد يحاول التواصل معك من وقت إلى آخر ويقسم بأنه قد تغيّر أو يعترف بحبه الذي لا يموت لك. يجب أن تتجاهل تلك المحاولات في التواصل لأنها قد تُحيي أمل إصلاح العلاقة. كذلك يجب ألا تبقى على اتصال معه كصديق، فقد يحاول التلاعب بك لتدخلا في علاقة عاطفية من جديد.
  7. تجاهَل محاولاته لتشويه سمعتك: عندما تنفصل عن شريك سيكوباتي فإنك تؤذي غروره بشكل كبير. ورداً على ذلك، من المرجح أن يشن حملة لتشويه سمعتك ويخبر كل شخص في حياتك كم أنت مروع. تجاهل هذا السلوك، فأنت تعرف الحقيقة جيداً ويجب ألا تدافع عن نفسك ضد تكتيكاته في التلاعب.
  8. خذ الوقت الكافي للشفاء: من المحتمل أن تشعر بأذىً شديد حتى لو تعلمت كيفية الانفصال عن معتل نفسياً، لأنك كنت في حالة حب عميق له حتى لو لم تكن لديه مشاعر حقيقية تجاهك، فلا بأس أن تأخذ بعض الوقت للحزن والشفاء.
  9. اطلب الدعم: من المهم الحصول على الدعم في هذه الفترة كي تتجاوزها بسلام، ويمكنك الحصول عليه من الأصدقاء وأفراد الأسرة. من المحتمل أن البعض منهم قد اكتشف الآثار الضارة لعلاقتك مسبقاً ولذلك سيود مساعدتك على المضي قدماً والعثور على السعادة مرة أخرى.
  10. مارِس الرعاية الذاتية: ربما تلوم نفسك بسبب الوقوع في حب شخص سيكوباتي. ولكن بدلاً من التركيز على الأفكار السلبية تجاه نفسك، خذ وقتاً للاعتناء بنفسك وافعل الأشياء التي تستمتع بها؛ مثل ممارسة رياضية جديدة أو تناول الطعام الصحي أو تعلم لغة جديدة، فعندما تهتم بنفسك ستلاحظ أنك تشعر بالتحسن.

اقرأ أيضاً: كيف يخدع المتلاعبون بالمشاعر ضحاياهم؟

وأخيراً، يمكن تجنُّب الدخول في علاقة مع شخص سيكوباتي في المستقبل بمراجعة إشارات الإنذار التي ربما تكون قد لاحظتها في شريكك المضطرب نفسياً؛ كالسلوكيات التي لاحظتها في وقت مبكر وأصبحت في النهاية مشكلات كبيرة. قُم بتدوين هذه المشكلات حتى تتمكن من تجنّبها في العلاقات المستقبلية، فأنت تستحق علاقة صحية.

المحتوى محمي