كيف تتعامل مع الأشخاص الكثيري الشكوى؟

4 دقائق
الشكوى
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: كيف تتعامل مع الشخص الكثير الشكوى الذي لا يقبل الحلول أو النصائح ويظن دائماً أن الحياة غاية في السوء؟

نواجه جميعاً أياماً سيئة ونحتاج إلى الشكوى منها، سواء إلى الأصدقاء أو أحد أفراد العائلة؛ ولكن قضاء الوقت مع شخص دائم الشكوى يُعد استنزافاً للطاقة، وبخاصة حين تتأكد أن هذا الشخص لا يقبل الحلول. ووقتها، سيصل بك الأمر إلى الخوف من فتح رسائله أو مجرد رؤية اسمه على هاتفك لأنك متأكد أنك ستتلقى سيلاً جديداً من الشكاوى التي لا تتوقف ولا تجدي معها النصائح، وإليك في هذا المقال كيفية التعامل مع الأشخاص الكثيري الشكوى.

ما أنواع الشكوى؟

يوضح الطبيب النفسي روبرت بيسواس دينر (Robert Biswas-Diener) إن الشكوى تعني ببساطة التعبير عن عدم الرضا، وعادةً ما تحدث في أعقاب موقف سلبي مثل ازدحام حركة المرور أو الحصول على خدمة سيئة أو التعرض لخيبة الأمل من أحد المقربين. ولا تتوقف الشكوى على المواقف فحسب؛ بل إنها مرتبطة بالعوامل الشخصية كذلك، ويضيف الطبيب روبرت إن الشكوى تتجلى في عدة أشكال:

  1. الشكوى المفيدة: والغرض منها حل المشكلة؛ مثل أن تخبر زوجتك بشأن الإنفاق الزائد على بطاقة الائتمان.
  2. الشكوى بغرض التنفيس: وعادة ما يميل من يشتكي بغرض التنفيس إلى إظهار غضبه وإحباطه وخيبة أمله بشأن المواقف السلبية التي يتعرض لها.
  3. التذمر المزمن: لدى المتذمر ميل دائم إلى اجترار المشكلات والتركيز على النكبات التي يتعرض لها.

لماذا يلجأ بعض الأشخاص إلى الشكوى؟

تشير اختصاصية علم النفس الإيجابي، الدكتورة إليزابيث سكوت (Elizabeth Scott) إلى أن الشكوى جزء طبيعي من التواصل البشري، وتعتقد أن الأشخاص يلجؤون إلى الشكوى لعدة أسباب؛ منها:

  1. التنظيم العاطفي: أحياناً تكون الشكوى هي الطريقة التي يلجأ إليها بعض الناس من أجل تنظيم عواطفه والتنفيس عن غضبه؛ وذلك رغبة في تقليل حدة المشاعر المؤلمة.
  2. الحالة المزاجية: قد يشتكي بعض الأشخاص على نحو مستمر لأنه يعاني حالات مزاجية سلبية؛ ولكن المشكلة أن الشكوى تزيد الحالة المزاجية السلبية؛ ومن ثَمَّ يدور الشخص في حلقة مفرغة.
  3. التأثر بالبيئة المحيطة: إن وجود الفرد مع أشخاص يميلون إلى الشكوى كثيراً يمكن أن يجعله أكثر عرضة للتعبير عن مشكلاتهم، وفي هذه الحالة تكون الشكوى المشتركة شكلاً من أشكال الترابط الاجتماعي.

وفي سياق متصل، أسرد مؤلف كتاب "عالم خالٍ من الشكاوى"، ويل بوين (Will Bowen) عدة أسباب رئيسة لشكوى الناس وهي:

  1. الرغبة في تجنُّب اتخاذ القرارات والتهرب من المسؤولية: كم مرة في حياتك صادفت ذلك الشخص الذي يحكي لك الكثير من المشكلات وحين تقترح عليه الحلول يستمر في التذمر مدعياً أن ثمة الكثير من المشكلات التي لا حل لها؟
  2. الشكوى من أجل التفاخر بالفوقية: يشتكي البعض ليبدو بمظهر الشخص المثالي، وبطريقة أو بأخرى، يرغب في التفاخر بالمعايير العالية التي يلتزم بها ولا يفي بها الآخرون.
  3. الشكوى من أجل تبرير السلوك السيئ والتقاعس عن العمل: في بعض الأحيان، تكون الشكوى شكلاً من أشكال الدفاع الذاتي؛ مثل أن يأتي أحد الموظفين إلى العمل متأخراً وفور دخوله إلى المكتب يشتكي من الازدحام المروري.

علامات الأشخاص الكثيري الشكوى 

يحتاج معظم الناس إلى التعبير عن إحباطه من وقت لآخر؛ كما يحتاج معظمنا إلى التحدث مع أصدقائه عن المشاعر التي تراوده، سواء الإيجابية منها أو السلبية؛ ولكن ثمة علامات تدل على الأشخاص الكثيري الشكوى، وهذه العلامات هي:

  1. الشكوى من دون التفكير في إيجاد الحلول.
  2. التركيز بشدة على أحداث الماضي التي لا يمكن تغييرها.
  3. الشعور بالندم المستمر وتمني عودة الماضي.
  4. امتلاك نظرة سلبية إلى الحياة وعدم الرغبة في تغييرها.
  5. جعلك تشعر بالعجز واليأس.
  6. التحدث بعصبية والشعور بالقلق الدائم.

كيف تتعامل مع الأشخاص الكثيري الشكوى؟

يؤكد أستاذ علم النفس بجامعة كليمسون في ساوث كارولينا وأحد الباحثين الأوائل الذين درسوا الشكوى، روبن كوالسكي (Robin Kowalski) إن الأشخاص الذين يشتكون على نحو مستمر عادة ما يبحثون عن الاهتمام حتى لو كان هذا الاهتمام سلبياً، وإليكم أهم طرق التعامل مع الأشخاص الكثيري الشكوى:

  1. التعاطف: يؤكد الاستشاري النفسي والاجتماعي، الدكتور محمد الخالدي أهمية التعاطف في التعامل مع الشخص الكثير الشكوى، ويضيف إن ثمة فرقاً بين التعاطف وتقمص الحالة؛ ولهذا فإنه ينصح بضرورة التعاطف دون الانغماس في مشكلات الشخص.
  2. الاهتمام: وفقاً لما ذكره الدكتور محمد الخالدي؛ فإن حالة الشكوى تحقق لدى الإنسان الشاكي نوعاً من النشوة، فيصبح هذا الإنسان يشكو على نحو مستمر لأنه يحتاج إلى مشاعر الاهتمام من الطرف الآخر.
  3. تغيير الموضوع: يعتقد الدكتور روبن كوالسكي إن الأشخاص الكثيري الشكوى سيغيرون مواقفهم إذا غيرت المحادثة في اتجاه يثير اهتمامهم. على سبيل المثال؛ إذا اشتكى لك صديقك من رئيسه في العمل فاسأله عن الموظف الجديد.
  4. الإنصات: حتى لو بدت لك الشكاوى سخيفة وعديمة الجدوى، لا تغمض عينيك أو تتململ أو تتحقق من بريدك الإلكتروني؛ ولكن بدلاً من ذلك أخبر ذلك الشخص إنك تسمعه، ففي الكثير من الأحيان يتحول أحدهم إلى شخص دائم الشكوى لأنه لم يجد من يستمع إليه ويُظهر الاهتمام بمشكلاته.
  5. عدم إخبارهم إن الأمور ليست بهذا السوء: آخر ما يود الشخص الدائم الشكوى الاستماع إليه هو أن مشكلته ليست بهذا السوء؛ لأنه يشعر وقتها بأن الشخص الذي يستمع إليه لا يأخذ مشكلته على محمل الجد، وفي الوقت نفسه لا تجعله يشعر بأنه يبالغ في شكواه لأنه وقتها سيبحث عن أشياء أخرى للشكوى منها فقط حتى يقنعك بأن الأمور في الحقيقة سيئة للغاية وبأنه لا يبالغ.
  6. الابتعاد ووضع الحدود: من المحبط سماع الشكاوى نفسها مراراً وتكراراً، وبخاصة مع رفض الحلول والنصائح؛ لذلك يوصي الطبيب النفسي ريك برينكمان (Rick Brinkman) بضرورة وضع حدود للأشخاص الكثيري الشكوى، ففي النهاية أنت لست مسؤولاً عن سعادة الآخرين أو رفاهيتهم.

ختاماً، حاول دائماً أن تتفهم موقف الشخص الكثير الشكوى ولكن لا تتقمص حالته، وحين تشعر بأنه لا يتوقف عن الشكوى ابتعد عنه دون أن تجرح مشاعره. ومن وقت لآخر، حاول أن تساعده على تغيير نمط تفكيره وتذكر أن الأشخاص الكثيري الشكوى ليسوا سيئين.

المحتوى محمي