ملخص: يظن بعض الأشخاص أن حيواتهم خارج نطاقات سيطرتهم، فكل الأحداث التي تقع لهم، من وجهة نظرهم، هي نتيجة تآمر العالم ضدهم؛ وذلك يشير إلى معاناتهم عقلية الضحية التي تؤدي إلى جعلهم كثيري الشكوى من كون الحياة غير عادلة. وعلى الرغم من أن هذا السلوك يأتي بمكاسب على المدى القريب، فإنه مؤذٍ للغاية على المدى البعيد، ويتفاقم إلى درجة أن يعيش الفرد حياته كرد فعل، فما أسباب عقلية الضحية؟ وكيف يمكن التعافي منها؟ الإجابة في هذا المقال.
محتويات المقال
من المعتاد أن نتذمر قليلاً عندما لا تسير الأمور حسبما نتمنى، ومن الطبيعي أن يكون هذا لوقت محدود ثم نعود إلى استئناف حيواتنا. لكن هناك بعض الأشخاص الذين ترافقهم حالة التذمر السابقة على طول الخط، فعندما تقابلهم، غالباً ما ستجدهم يرددون أن الحياة ظالمة ولا توجد أي فائدة من محاولة تحسينها، وأن الأشخاص كلهم خائنون؛ لذا فالأفضل الابتعاد عن البشر، إلى جانب اعتقادهم أنهم يتعرضون إلى الاضطهاد من محيطهم!
وفي علم النفس، يُعرف ما يعانيه هؤلاء بـ "عقلية الضحية" (Victim Mentality)، فما أسبابها؟ وكيف يمكن التعافي منها؟ هذا ما سنجيب عنه بالتفصيل في مقالنا.
ما هي عقلية الضحية (Victim Mentality)؟
تظهر عقلية الضحية في كون الشخص يتصرف دائماً متقمصاً دور الضحية، فيدعي أن الأشياء التي تحدث له كلها ناتجة من أخطاء الآخرين؛ مثل شريك حياته أو عائلته أو زميله في العمل أو صديقه. في النهاية، يوجد شخص ما يتحمل المسؤولية عن سوء الأحوال التي يعيشها، وذلك ما يجعله كثير الشكوى من الطريقة التي يسير بها العالم ولا ترضيه.
وفي الوقت نفسه، عندما توجهه إلى تحمل المسؤولية الشخصية والعمل على تحسين حاله، يرفض مشيراً إلى أن الظروف ليست تحت سيطرته حتى يتمكن من النجاح في ذلك. ويدور أصحاب عقلية الضحية غالباً حول 3 معتقدات رئيسة هي:
- حدثت لي أشياء سيئة في الماضي وستستمر في الحدوث.
- الآخرون هم المسؤولون عن سوء حظي وتدهور حالي.
- لا توجد أي فائدة من محاولة التغيير لأنها لن تنجح.
ما الذي يجعل بعض الأشخاص يرتدون قناع الضحية؟
يوضح الاستشاري النفسي إبراهيم بو زيداني، إن هناك نوعين للأشخاص أصحاب عقلية الضحية: الأول يلعب دور الضحية بمكر ويستعملها كآلية دفاعية؛ بينما النوع الثاني لشخص يعاني مشكلات حقيقية في التعامل مع تحديات الواقع.
لكن من الضروري الوعي بأنه لا يوجد شخص يولد بعقلية الضحية، فهي سلوك مكتسب يتصل في بعض الأحيان بمرور الشخص بتجارب مؤلمة لا يستطيع الهروب منها فيلجأ إلى الاعتقاد بأنه لا يوجد أي شيء يفعله تجاه سوء حاله، فيفقد بمرور الوقت السيطرة على حياته على الرغم من قدرته على فعل ذلك وخلع قناع الضحية الذي يرتديه.
ويسهم بعض الأسباب، إلى جانب التجارب المؤلمة، في ظهور عقلية الضحية؛ مثل استمتاع البعض باهتمام الآخرين الذي تجلبه سلوكيات عقلية الضحية التي تثير تعاطف الآخرين وشعورهم بالأسف تجاهه، إلى جانب أن تلك السلوكيات تجعل الفرد بعيداً عن تحمل المسؤولية أو وضعه في مكان تحمل نتائج القرارات. لذا؛ يمكن وصفها بأنها تنتمى إلى الممارسات التجنبية التي تؤدي بمرور الوقت إلى فقدان القدرة على النمو الذاتي وتناقص الثقة بالنفس.
7 علامات تشير إلى عقلية الضحية
يوجد العديد من العلامات التي إذا ما ظهرت على شخص فهي تشير إلى معاناته عقلية الضحية؛ وأهمها:
- لوم الآخرين على الطريقة التي تسير بها حياته ورؤية أنهم جميعاً أفضل حالاً منه.
- الاعتقاد بأن الأحداث كلها تدور ضده وأن الحياة غير عادلة.
- مواجهة صعوبة في التعامل مع المشكلات والشعور بالعجز تجاهها.
- اتخاذ موقف سلبي تجاه القرارات الحياتية.
- الشعور بفقدان الأمان عند التعرض إلى انتقادات من الآخرين.
- التوافق مع الأشخاص الذين يلومون الآخرين ويشكون من حيواتهم على الدوام.
- عدم القدرة على تقييم الذات وتغييرها إلى الأفضل.
كيف تتعافى من عقلية الضحية؟
ربما يكون من الصعب عليك أن تعترف بوجود مشكلة تعرقل حياتك ويستوجب عليك حلها إذا كنت تعاني عقلية الضحية؛ لكن ذلك يمثل الخطوة الأولى على طريق التعافي، وسيساعدك بعض هذه الإرشادات:
1. ابحث عن جذور عقلية الضحية وعالجها
ربما تقدم لك عقلية الضحية بعض الفوائد المؤقتة مثل الحصول على التعاطف الدائم من الآخرين، أو تجنبهم إسناد بعض المهمات الكبيرة إليك. لذا؛ ابحث عن الأسباب الحقيقة التي تجعلك تنتهج هذا الأسلوب واعمل على تغييره عن طريق اتباع سلوكيات صحية تجعلك تعيش محققاً لذاتك وفخوراً بها.
2. تحمَّل مسؤولية حياتك
ظروفك السيئة، حتى وإن لم تكن ناتجة من أخطائك الشخصية، فإنها ستظل مسؤوليتك وحدك، وحتى لو لم تتسبب بها، فذلك لا يعني ألا تتفاعل معها بأفضل صورة ولا تصر على تغيير واقعك. لذا؛ جرب أن تحدد فعلاً أو اثنين صغيرين يمكنك القيام بهما لإحداث تغيير إيجابي في حياتك وابدأهما، وستجد أن طريق تحسين حياتك أصبحت أسهل شيئاً فشيئاً.
3. تَلطَّف بنفسك
يشعر الكثير من الأشخاص الذين يعانون عقلية الضحية بأن العالم يتآمر ضدهم وأن مَن حولهم يحاولون عرقلتهم، وينبع ذلك أحياناً من صدمات حياتية سابقة؛ لكن العيش دائماً على أهبة الاستعداد سيستنزفك نفسياً ويجعلك تجد صعوبة في مسامحة نفسك، ويكمن الحل في أن تقتنع بأن ماضيك لا يحدد ملامح مستقبلك، فكن لطيفاً مع ذاتك وذكرها بأنك تستحق التعلم من الأخطاء التي لا تقلل أبداً من قيمتها.
4. لا تتردد في طلب مساعدة المختص النفسي
يتصل الكشف عن عقلية الضحية بحدوث صدمة نفسية أحياناً، وهذا يعني الحاجة إلى مساعدة مختص نفسي من أجل تجاوزها بنجاح، ومنعها من التأثير في الحياة اليومية بدرجة بالغة.