ملخص: يُغري عالم الأحلام العديد من الناس، فمنهم من يهتم بتفسير رموزها، ومنهم من يهتم بإمكانية التحكم في الحلم أو عيش تجربة ما يسمى بـ "الأحلام الصافية". انضم معنا للاطلاع على تفاصيل مشوقة حولها، وتعرف إلى تقنيات تساعدك على خوض هذه التجربة.
محتويات المقال
في الأحلام، يتلاشى الواقع ويطغى الخيال وأغرب ما يمكن أن يعيشه إنسان. لذلك؛ نجد أن عالم الأحلام استحوذ على فضول الإنسان على مر العصور. يوضّح استشاري الطب النفسي، عمرو سليمان، إن الأصل في الأحلام هو ما نعيشه ونخزنه في ذاكراتنا من عددٍ هائل من المعلومات. وتعد الأحلام أحد المعايير المعتمَدة لتقييم الصحة النفسية والعقلية للأشخاص.
لكن ماذا لو علمت أن بإمكانك التحكم ببعض مجرياتها؟ تعدّ الأحلام الصافية تجربة آسرة ومميزة، وقد تعود بالفائدة على صاحبها كذلك. وتحدث حين يدرك الأفراد أنهم يحلمون في أثناء أحلامهم، فيتمكنون من السيطرة على بعض جوانبها.
ما الأحلام الصافية؟
تسمى "الأحلام الصافية" (Lucid Dreams)، ويُشار إليها أيضاً باسم "الأحلام الجليّة"، عندما تكون مدركاً خلال حلمك بأنك تحلم فقط، وأحياناً قد تستطيع التحكّم في مجريات الحلم. وتحدث هذه الحالة في الغالب في أثناء نوم حركة العين السريعة (REM)، ويختبرها نحو 55% من الأشخاص مرةً واحدة في حيواتهم على الأقل.
قاد عالم النفس الفيزيولوجي ستيفن لابيرج (Stephen LaBerge) أبحاثاً رائدة في مجال الأحلام الصافية؛ ما ساعد على اكتشاف الفوائد العلاجية للحلم الصافي إذا ما تعلّمه الفرد من خلال تقنياتٍ مختلفة، ومارسها على النحو الكافي؛ إذ قد يكون مفيداً في علاج حالاتٍ مثل القلق، واضطراب ما بعد الصدمة، والكوابيس المتكررة.
مَن الأشخاص الأكثر عرضة إلى اختبار الأحلام الصافية؟
وجدت دراسة نُشرت عام 2016 أجراها باحثون في كلية الطب مانهايم/هايدلبرغ (Medical Faculty Mannheim/Heidelberg University) الألمانية، إن الأحلام الجليّة، تكون أكثر شيوعاً في مرحلة الطفولة بدءاً من سن الثالثة أو الرابعة تقريباً، وتقل بعد سن 25 عاماً. وقد وجد الباحثون كذلك أن بعض السمات الشخصية مثل الانفتاح على التجارب الجديدة ترتبط على نحوٍ إيجابي بأحلام أكثر صفاءً. وقد حدّدوا سمة العصابية (Neuroticism) التي تتمظهر في القلق والاكتئاب بوصفها عاملاً مرتبطاً بتكرارٍ أكبر لتلك الأحلام؛ بينما لم يكن لسماتٍ شخصية أخرى مثل الطيبة أيّ تأثير.
ما فوائد الأحلام الصافية؟
يحاول علماء كثيرون مثل عالم الأعصاب الأميركي، كين بالر (Ken Paller)، من جامعة نورث ويسترن الأميركية (Northwestern University)، فهم كيفية عمل أدمغتنا في أثناء الأحلام الصافية. لقد وجد أن أجزاء معينة من الدماغ؛ مثل قشرة الفص الجبهي (Prefrontal cortex) المسؤولة عن الوظائف التنفيذية؛ مثل التفكير وحلّ المشكلات، والعواطف، والقشرة الجدارية (Parietal Cortex) المسؤولة عن الانتباه ومعالجة المعلومات الحسية، تكونان أكثر نشاطاً في أثناء هذه الأحلام.
يوضّح عالم الأعصاب الإدراكي وأستاذ الأبحاث في جامعة تكساس في أوستن (University of Texas at Austin)، بنجامين بيرد (Benjamin Baird)، إن الحلم الصافي يمكن أن يساعد الأشخاص على الإبداع، وفهم أنفسهم على نحوٍ أفضل وحتى تحسين بعض من مهاراتهم الرياضية مثلاً.
اقرأ أيضاً: ما الذي تخبرك به أحلامك؟ وما دورها في حياتك؟
كيف يمكنك التحكّم في أحلامك واختبار الأحلام الصافية؟
إذا كنت ترغب في الحصول على أحلام صافية، فيمكنك تعلّم تقنيات معينة لتحقيقها؛ ولكن قد تكون ثمّة جوانب سلبية محتملة لذلك. ففي دراسة حديثة نُشرت في مجلة سليب أدفنسنز Sleep) Advances) عام 2022، حلّل الباحثون الأحلام الصافية لـ 400 شخص، واكتشفوا تأثيراتٍ إيجابية وأخرى سلبية؛ حيث تضمّن الجانب الإيجابي تحسّن الأحلام، والاستيقاظ بمزاجٍ إيجابي، وقلة الكوابيس. بينما تضمّن الجانب السلبي الشعور بأنهم عالقون، أو عدم الحصول على نوم جيدٍ. والآن إذا أردت زيادة احتمالية اختبارك لتجربة الأحلام الصافية، فيما يلي بعض الطرائق لتحفيز الحلم الجلّي:
- تحقّق من واقعك: يساعدك تفحّص الواقع؛ أي سؤال نفسك بين الفينة والأخرى عما إذا كنت تحلم أو لا، أو إذا كنت تختبر أمراً مستحيلاً جسدياً في الواقع، على التمرّن ذهنياً على الملاحظة والانتباه اللذين تحتاج إليهما للتحكّم في أحد جوانب أحلامك الصافية.
- استخدم تقنية وايلد (WILD): تتضمّن تقنية وايلد وتعني "الحلم الجلي الناجم عن الاستيقاظ" (Wake-Initiated Lucid Dream)، العودة الفورية إلى النوم بعد الاستيقاظ من النوم عدّة ساعات؛ حيث تركّز على نيتك في عيش تجربة الحلم الصافي في أثناء دخولك في النوم.
- استخدم تقنية مايلد (MILD): تتضمّن تقنية مايلد، وتعني "الحثّ التذكيري للأحلام الصافية" (Mnemonic Induction of Lucid Dreams)، قضاء بضع دقائق في التركيز على نيتك في الحصول على حلم جليّ قبل أن تغفو.
- احتفظ بيومياتك الشخصية: اكتب كل ما يمكنك تذكّره عن أحلامك في الليلة السابقة عندما تستيقظ. سيساعدك ذلك على أن تصبح أكثر درايةً بأحلامك، وتبدأ ملاحظة أنماطها وموضوعاتها. هذا سيجعل من السهل إدراك أنك تحلم في أثناء الحلم نفسه.
- جرّب التخيّل الإبداعي (Visualization): أغمض عينيك وتخيّل نفسك في موقفٍ تدرك فيه أنك تحلم. سيساعدك تخيّل سيناريو حلمٍ معين مثل أنك تطير أو تمشي عبر بابٍ إلى عالم آخر، على الدخول مباشرة إلى الحلم الصافي بعد حالة اليقظة.
- التنويم المغناطيسى: في جلسة التنويم المغناطيسي، سيساعدك المعالج على إراحة جسدك، وتركيز عقلك على صوته واقتراحاته؛ ما سيجعلك أكثر انفتاحاً على عيش تجربة الحلم الصافي.
اقرأ أيضاً: ما هي أحلام اليقظة الرومانسية؟ وكيف تؤذي صحتك النفسية؟
وختاماً، على مر العصور، كان البشر مفتونين بالأحلام وتفسيراتها. يمكن أن تكون الأحلام مسلية أو محيرة أو حتى مخيفة؛ لكن تخيل لو كان بإمكانك التحكم في بعض جوانبها؟! تعد الأحلام الصافية تجربة فريدة لها فوائد محتملة مثل مساعدة الأشخاص على الإبداع. ماذا إذاً لو جربت بعض التقنيات المذكورة في هذا المقال لتعيش الحلم الصافي؟!