هل السيطرة على أحلامك الجليّة فكرة جيدة؟

التحكّم في أحلامك
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

إن تحقيق رغباتك في الحلم فكرةٌ مثيرةٌ للاهتمام. في أثناء الحلم الصّافي؛ يمكنك التحكم في أيّ موقفٍ؛ بحيث تستطيع إطلاق العنان لأوهامك. ولكن ما هو الهدف من التحكّم في أحلامك؟ وكيف يمكن تحقيق ذلك؟ فيما يلي بعض التوضيحات.
في الحقيقة؛ إن مفهوم الانغماس في حلمٍ ما مع إمكانية التحكم في ما يحدث أثناءه؛ قد يبدو أمراً جذاباً، ومع ذلك؛ توجد بعض العرَاقيل. في هذا السياق؛ يوضّح مختص علم النفس ولغة الأحلام تريستان موير: أنه على الرغم من أن الرغبة في السيطرة على الحلم أصبحت غايةً “منتشرةً” اليوم؛ فإنها تساهم في “خلق عوالمَ رائعةٍ”، وتساعد على “الهروب من الواقع”. إنها سبيلٌ لخلق حياةٍ بديلةٍ في نومك بطريقة ما. ويقارن تريستان موير ذلك بـ “عالمٍ من الأطفال الذين يعانون من مشاكل في الأعصاب أو يتألمون”، مشيراً إلى قراءة فرويد؛ ما وراء مبدأ اللذة، الذي يقول: “إن النفس مرتبطةٌ بالمتعة، أو المعاناة (العاطفيّة) كما يرتبط الأهل بالفرد”.

من وجهة نظرٍ تحليليةٍ، فإن الحلم الواضح أو الواعي، ليس له أهميةٌ كبيرةٌ إذا تم استخدامه للإدراك البسيط للأوهام أو الرغبات اليومية. ووفقاً للمحلل النفسيّ؛ في أثناء الأحلام التلقائية “يقترح اللاوعي أفكاراً على الحالم”؛ ما يجعل من الممكن تحليل معلوماتٍ معيّنة عن الذات. وعلى العكس من ذلك، فعندما يتولى الوعي ويختار الحالم موضوعاته الخاصة؛ يكون التحليل متحيزاً نوعا ما.

بالإضافة إلى ذلك؛ يمكن أن تكون العودة إلى الواقع معقّدةً بعض الشيء، بالنسبة لأولئك الذين اختاروا تحقيق رغباتهم. في هذا الشأن؛ تشير رهف البالغة من العمر 22 سنة، إلى أنها تعيش صعوبةً معيّنةً في تحديد “الحد الفاصل بين الحلم والواقع”. وتشرح قائلةً؛ “عندما أتحكم في حلمي، أعرف ما أفعله وأكون على درايةٍ بأفعالي؛ ولكن يبقى لدي انطباعٌ بأنه حلمُ حقيقيّ. لكن عندما استيقظَت؛ شعرَت بالصدمة وقالت: “في اليوم التالي تلقيت صفعةً على وجهي بمجرد العودة إلى الواقع، أعتقد أن ما فعلته لم يكن صحيحاً. من هذه الزاوية؛ يمكن للتحكم في الحلم أن يترك الحالم في حالة من الإحباط. ومع ذلك، فإن معرفة كيفية التحكم في أحلامك يمكن أن تصبح طريقة ممتعةً، إذا تغيرت الدوافع.

الاستخدام العلاجي

يمكننا اختيار ترويض أحلامنا لأسباب مختلفةٍ. وإذا تم القيام بها بحكمةٍ وتأطيرٍ من خلال متابعةٍ علاجيةٍ، فمن الممكن استخلاص شيءٍ مثيرٍ للاهتمام. يوضح تريستان موير: “من اللحظة التي نكون فيها قادرين على خلق المشاهد؛ يمكننا أن نحدد مواضيع معيّنةٍ في اللاواعي”. ونتيجةً لذلك؛ “يمكن التركيز على هذا الموضوع، الذي غالباً ما يكون محزناً”. على سبيل المثال؛ في حالة الشخص القلق الذي يرغب في العثور على إجاباتٍ لمخَاوفه؛ تصبح ممارسة الأحلام الواضحة مفيدةً. وهكذا؛ سيكون هذا الشخص مُتحكّماً في حلمه، وبناءً على نصيحة أحد المعالجين؛ يمكنه دعوة مخاوفه إلى ذهنه من أجل مواجهتها وفهمها وإيجاد حل لها.

مثال آخر للمساهمة المفيدة؟ طَرد الكوابيس. على سبيل المثال؛ “إذا وجد الفرد نفسه في حلمٍ مزعجٍ، فيمكنه أن يدرك أنه في حلم ويغير مسَاره كما يشاء”. كيف يتم تحقيق ذلك؟ إذا كانت هذه آليّةً فطريةً للبعض، فإنها تستوجب في بعض الأحيان التدريب لتحقيق هذه النتيجة.

تعلم أن تتحكم في أحلامك

لإيجاد حلّ لمخاوفك في أثناء نومك؛ يوجد عددٌ كبيرٌ من النصائح؛ ومنها عملية الاستقراء التي تُمَارَس قبل النوم.  وتبعاً لما ذكره المحلل النفسي: “يكفي أن نقترح على عقولنا الفكرة التي نرغب في العمل عليها في الحلم لمدة أسبوعٍ أو أسبوعين”.

قد تستغرق عملية الاستقراء وقتاً حتى تؤتي ثمارها؛ لكن عليك أن تكون مثابراً.

وبالمثل؛ يُعدّ اختبار الواقع أحد الأساليب الممكنة التي تتطلّب العمل اليومي. في هذا الصدد؛ يشرح ماتيو بيرود، من خلال كتابه “دليل لتعلّم الأحلام الواضحة” (Guide d’apprentissage des rêves lucides): “إن هذا إجراءٌ نقوم به لنعرف ما إذا كنا نحلم أو لا. والهدف من ذلك هو القيام بهذا العمل في الحلم. كما تتضمّن هذه العملية جعل الدماغ معتاداً على التشكيك في صحة العالم من حوله”.

استيقظ في الواقع، اسأل نفسك: “هل أنا أحلم؟” بعد تكرار العملية؛ يعتاد دماغك على طرح هذا السؤال على نفسه. وهكذا؛ ستكون قادراً على سؤال نفسك. فبمجرد أن تنام في حلمك وتراقب البيئة من حولك؛ ستصبح الإجابة واضحة.

تمارينٌ لإتقان الحلم الجليّ

باتباع هذا المفهوم؛ يمكن أن تساعدك بعض التمارين البسيطة على اكتساب الوعي بأحلامك. وبذات المبدأ؛ يجب تنفيذها عدة مراتٍ في الواقع من أجل إعادة إنتاجها في الحلم ومراقبة النتيجة. على سبيل المثال؛ تدرّب على النظر إلى يديك في الحياة الواقعية وعدّ أصابعك. لديك 10 منها، افعل ذلك عدة مراتٍ في اليوم حتى يحفظ عقلك هذا الفعل. وهكذا، فبمجرد أن تنام؛ ستكون لديك القدرة على تجربة ذلك في حلمك، وإذا كان في يديك أكثر أو أقلّ من 10 أصابع، فإن الإجابة واضحة: أنت تحلم وستكون على درايةٍ بذلك.

اختبارٌ آخر يحتاج التكرار؛ قراءة نص، أو الوقت. خلال النهار؛ تدرب على قراءة النص أو الوقت. ارفع عينيك عن ذلك لبضع لحظاتٍ، ثم أعد قراءة الوقت الذي لم يكن من المفترَض أن يتغير إلا للانتقال إلى الدقيقة التالية. عندما تعيد هذا الإجراء في أثناء نومك؛ ستجد بالتأكيد أن الوقت مختلفٌ أو غير متّسقٍ، وأن النص مشوّشٌ وضبابيّ. بالنسبة لمعظم المدمنين على هواتفهم الذكية؛ ستلاحظ اختلافاً في كتابة الرسائل القصيرة. ففي حلمهم، تبدو الأحرف الموجودة على لوحة المفاتيح غير واضحةٍ، وتصبح الرسالة معقدةً في أثناء الكتابة.

في تحليله، يذكر ماتيو بيرود أيضاً “اختبار القفز” بالإضافة إلى اختبار “الذاكرة”. اختبَار القفز يتمثّل في محاولة القفز في الهواء في حلمك. ولذلك؛ يدعوك المؤلف لتسأل: هل تهبط على قدميك أم تحلّق فوق الأرض بشكلٍ يشبه الأشباح؟ إذا أدركت أنك منتشٍ؛ ستعرف أنك تحلم!

ويتطلّب الاختبار الثاني أن تسأل نفسك: “هل ما زلت أحلم؟ ماذا كنت أفعل قبل بضع دقائق؟ أو هل أتذكر أنني استيقظت في غرفتي في ذلك الصباح؟ إذا لم يخطر ببالك شيءٌ، فأنت تحلم.

تماماً مثل الرياضة التنافسية؛ يتطلب تعلم التحكم في أحلامك الصبر والمثابرة؛ ولكن مع القليل من الممارسة، فإن مفتاح الأحلام سيكون بين يديك!

المحتوى محمي !!