ملخص: تشكّل إصابة أحد الزوجين بانفصام الشخصية أحد أصعب التحديّات في الزواج، فليس من السهل التعايش مع شريك يرى أو يسمع أشياء غير موجودة أو يتصرّف بغرابة، ولا يمكن الاعتماد عليه للالتزام بالمسؤوليات الزوجية؛ ما يعني أن الحفاظ على علاقة زوجية متوازنة مع شريك مصاب بانفصام الشخصية يتطلّب الكثير من الصبر والتفهّم والدعم. نتعرَّف في هذا المقال إلى عدة نصائح للتعامل مع الشريك المصاب بانفصام الشخصية والتواصل معه.
محتويات المقال
ويُعدّ هذا الاضطراب الأقلّ شيوعاً مقارنة بالعديد من الاضطرابات النفسية الأخرى وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، وهو يميل إلى الظهور في وقت مبكّر من العمر؛ بين أواخر مرحلة المراهقة والعشرينيات، ويظهر لدى الرجال أكثر من النساء.
ويوضّح المدير الإكلينيكي لبرنامج "أبحاث الفصام وثنائي القطب" في مستشفى ماكلين في ماساتشوستس بأميركا، دوست أونغر (Dost Öngür) إنّه من الصعب تكوين روابط وثيقة مع الفصام، فالمصابون يكونون قد تزوجوا قبل تشخيص إصابتهم؛ إذ يميل العزّاب المصابون بانفصام الشخصية إلى عدم الارتباط.
ما هو انفصام الشخصية؟ وما أسباب الإصابة به؟
انفصام الشخصية (Schizophrenia) هو اضطراب نفسي يرى المصاب به الواقع بصورة غير حقيقية، وينتج من ذلك بعض الأعراض مثل الهلوسة والتفكير الحاد المضطرب والأوهام والتخيّلات؛ إذ تكون سلوكيات المُصاب مضطربة، وقد تُضعف أداءه اليومي وتعوقه.
يحتاج المصابون بالفصام إلى علاج مدى الحياة. وقد يساعدهم تلقّي العلاج مبكراً في السيطرة على أعراضهم قبل تفاقمها أو حدوث مضاعفات خطِرة؛ كما قد يساعد ذلك في تحسين الأعراض على المدى الطويل.
ليس معروفاً بالضبط ما الذي يُسبّب مرض انفصام الشخصية؛ لكن يشير الباحثون إلى أن مزيجاً من عوامل مختلفة كالوراثة، وكيمياء الدماغ واختلاف بنيته، والبيئة المحيطة، وتجارب الحياة مثل الفقر والإجهاد، ومشكلات التغذية، وإمكانية التعرّض لفيروسات قبل الولادة؛ كلّها عوامل قد تسهم في تطوّر هذا الاضطراب.
وقد يخلط الناس بين اضطراب الفصام واضطراب الهوية الانفصالي (Dissociative Identity Disorder) الذي كان يُشار إليه سابقاً بـ "اضطراب الشخصية المتعددة أو الشخصية المنقسمة"، لتشابه بعض العلامات ظاهرياً.
إلا أن الشخص الذي يعاني من الأخير لديه هويتان مميزتان أو أكثر موجودتان وتتحكمان فيه بالتناوب، بينما يعاني مريض الفصام من أعراض ذهانية تجعله يختبر الواقع بطرائق مشوّهة، وقد تظهر الأعراض وتختفي لدى البعض، وقد تصبح مستقرّة بمرور الوقت بالنسبة إلى آخرين.
اقرأ أيضاً: دليلك لفهم مرض انفصام الشخصية
ما العلامات التي تدل إلى أن الزوجة أو الزوج مصاب بانفصام الشخصية؟
من الجدير بالذكر أن الطبيب النفسي هو وحده القادر على تشخيص الإصابة بالفصام، والمعلومات الآتي ذكرها ليست كافية لتأكيد إصابة شخص ما بهذا الاضطراب. ونذكر أبرز علامات الفصام التي يمكن أن تلاحظها الزوجة (أو الزوج) بوضوح؛ وهي كالتالي:
- يتحدّث زوجكِ عن سماعه أصواتاً غير موجودة.
- تجدين صعوبة في فهم زوجكِ في بعض الأحيان لأنه يقفز من موضوع إلى آخر.
- يبدو تفكير زوجكِ غير منطقي أو غريب.
- تلاحظين أن زوجكِ يقوم بحركات غريبة.
- يبدو زوجكِ في بعض الأحيان سطحياً جداً من الناحية العاطفية. فعلى سبيل المثال؛ قد لا يتفاعل مع حدث مميّز مثل حصولكِ على ترقية في العمل.
- لا يستطيع زوجكِ وضع خطط أو ليس لديه دافع لإنجاز أي شيء.
- قد يبدو أن زوجكِ لا يشعر بالسعادة.
- يمتلك زوجكِ معتقدات غريبة للغاية؛ مثل الاعتقاد القوي بأن الحكومة تتجسّس عليه!
وهناك أعراض معرفية يمكن الخلط بينها وبين أنواع الاضطرابات الأخرى بسهولة؛ وتتمثل في مواجهة المريض صعوبة في التوظيف، إلى جانب عدم قدرته على الاستيعاب واستخدام المعلومات في اتخاذ القرارات نتيجة عدم قدرته على التركيز، ومشكلات الذاكرة قصيرة الأمد.
ما صعوبات التعامل مع الزوجة أو الزوج المصاب بانفصام الشخصية؟
يتشارك الأزواج واجبات يوميّة مثل المهام المنزلية والأعباء المالية؛ لكن الأمر قد يختلف حين يكون أحد الزوجين مصاباً بالفصام، فقد يحتاج إلى مساعدة إضافية في إدارة التزاماته. ويمكن تلخيص أبرز التحديّات والصعوبات التي تخص انفصام الشخصية والزواج كالتالي:
- الواجبات المنزلية: يؤثر الفصام في طريقة قراءة الشخص للإشارات الاجتماعية، ويعني ذلك أن الزوج قد لا يكون قادراً على معرفة ما تحتاجه زوجته أو التعرّف إلى مسؤولياته في المنزل.
- الموارد المالية: قد يؤثّر الفصام في قدرة الأشخاص على العمل حتى بعد استقرار أعراضهم؛ كما يمكن أن تؤثّر أدوية مرض انفصام الشخصية في الموارد المالية للأسرة إذا كانت باهظة الثمن.
- العلاقة الحميمية: قد يتسبّب الفصام أو بعض الأدوية المضادة للذهان في جعل الشخص المصاب أقل اهتماماً بممارسة الجنس مع زوجته.
- التفاعل الاجتماعي: قد يتصرّف الأشخاص المصابون بالفصام بطريقة غير عقلانية لأنهم يجدون صعوبة في التفكير بوضوح، ويواجهون المشاعر الصعبة يوميّاً؛ ما يسبب الإرباك أو الخوف أو الأذى لباقي أفراد الأسرة.
10 طرائق للتعامل مع الزوجة أو الزوج المصاب بانفصام الشخصية
تقترح المختصة الأميركية في العمل الاجتماعي، جيني جاكوبسن (Jenni Jacobsen) عدة طرائق للتكيّف مع تحديّات انفصام الشخصية والزواج والتعايش مع الزوجة أو الزوج المصاب:
- لا تأخذي الأمور على محملٍ شخصي: تذكّري أن مشكلات زوجكِ التواصلية أو الحميمية سببها اضطرابه وليس أفعالك.
- كوّني شبكة دعم: أنشئي دائرة موثوقة من الأصدقاء وأفراد العائلة لتقديم الدعم والتفهّم لوضعك.
- اطلبي العلاج: يمكن أن تساعدكِ الاستشارة الزوجية في التغلّب على تحديّات العلاقة وتحسين التواصل.
- انضمّي إلى مجموعة دعم: التواصل مع الآخرين في مواقف مماثلة يخفّف مشاعر العزلة.
- أعطي الأولوية للرعاية الذاتية: الاعتناء بنفسكِ يجعل دعم زوجكِ أسهل.
- كوني هادئة في مواجهة الأفكار اللاعقلانية: لا تحاولي إقناع زوجكِ بأنه مخطئ حين يخبرك عن أفكاره اللاعقلانية؛ بل حافظي على هدوئكِ وأبدي الاحترام في ردودك.
- استعدّي لحالات الطوارئ: يجب أن تكون لديكِ خطّة، فتعرفين متى تطلبين المساعدة إذا ما أظهر زوجكِ أيّ أفكار انتحارية أو واجه هلوسات تشكّل خطراً على نفسه أو الآخرين.
- شجّعي زوجكِ على تلقّي العلاج: ادعمي التزام زوجكِ بالعلاج المستمر.
- تحلَّي بالصبر في رحلة العلاج: من المهم أن تدركي أن التحسّن قد يكون تدريجياً وقد تحدث نكسات في أثناء رحلة العلاج.
- حدّدي أهدافاً قابلة للتحقيق: ساعدي شريكك على وضع أهداف صغيرة يمكنكما إدارتها لتعزيز التقدّم.
اقرأ أيضاً: ما يجب معرفته لمساعدة المصابين باضطراب انفصام الشخصية
وختاماً، يمكن أن يكون انفصام الشخصية والزواج من أكثر التعقيدات التي يمكن أن يواجهها شريك الشخص المصاب بالفصام، فتلك مثل أيّ علاقة؛ تتطلّب الصبر والتفهم والدعم باستمرار. ويكمن السرّ في تعزيز الاتحاد والتناغم في تقبّل التحديّات التي تأتي مع مرض انفصام الشخصية، والبحث عن سُبُل واستراتيجيات للتغلّب عليها في الوقت نفسه.