ملخص: كثيراً ما ننزعج من الإيقاع اليومي المزدحم بالأعمال والواجبات المهنية والشخصية، ونشعر كأننا في دوامة لا تتوقف. تدفعنا بعض الأفكار النمطية إلى الاعتقاد أنّ هذا الانشغال الدائم مضرّ بالصحة، لكن العلم يثبت أنّ هذه الخلاصة ليست صحيحة بالضرورة. فربّما ينطوي الانشغال الدائم على فوائد صحية نفسية وعصبية مهمّة يجب أن نغتنمها. إليك التفاصيل.
لا شكّ أنك تعرف شخصاً لا يتوقف عن العمل أبداً. وإذا لم تكن تعرفه، فربّما لأنّ هذا الشخص هو أنت. قد يكون جدولك الزمني مزدحماً ولا مجال فيه لأوقات الفراغ في ظل انشغالك بالعمل أو الدراسة أو اللقاءات مع الأصدقاء أو أفراد الأسرة أو ممارسة الأنشطة الترفيهية أو الرياضية أو غير ذلك.
يبدو لنا هذا الإيقاع اليومي مرهقاً، لكننا ننظر إلى أصحابه بمزيج من الانبهار والإعجاب، ونحن نتساءل: كيف يتمكّنون من إنجاز ذلك كلّه؟ علاوة على ذلك فقد يكشف ميل الفرد إلى الانشغال الدائم جوانب مهمة من حالة صحته النفسية أكثر ممّا نتصور.
متى يساعدك الانشغال على الشعور بالارتياح؟
كشفت دراسة نشرتها مجلة آفاق في علم أعصاب الشيخوخة (Frontiers in Aging Neuroscience) سنة 2016 أنّ الانشغال الدائم أدّى إلى تحسين الفهم وذاكرة العمل، والذاكرة العرَضية وقدرة الاستدلال وبلورة المعارف لدى أشخاص تتراوح أعمارهم بين 50 و89 عاماً. وأفاد مقال نشره موقع فيري ويل مايند (VeryWellMind) أنّ الشعور بالانشغال الدائم في أيّ سنّ يمكن أن يحسّن تقدير الفرد لذاته من خلال تعزيز شعوره بالأهمية وزيادة إحساسه بالجدوى.
تقول المختصة النفسية شيان براينت (Cheyenne Bryant) في تصريح لموقع سايك سنترال (PsychCentral): "الانشغال الدائم يمكن أن يساعدك على الشعور بالارتياح، ولا سيّما إذا كان مرتبطاً بالإنتاجية، فهي تؤدي إلى إفراز هرمون السعادة الإندورفين، وهذه التجربة يمكن أن تمنحك شعوراً بالقوة والثقة وتخلق في الوقت ذاته زخماً إيجابياً في حياتك". من البديهي إذاً أن تكون المواظبة على مستوى معين من النشاط مفيدة للروح المعنوية. لكن العبء الزائد قد يكون أحياناً إشارة إلى ظاهرة غير صحية.
الانشغال الدائم: هل يعكس سلوك التجنّب؟
الرغبة أو الإنتاجية أو الحيوية الكبيرة ليست دائماً السبب الذي يقف وراء الميل إلى الانشغال الدائم. فبعض الناس ينخرط عن وعي أو دونه في العديد من الأنشطة لتجنّب مواجهة بعض المشكلات. في هذا السياق، حدّدت المعالجة النفسية سارة كوبوريك (Sara Kuburic) عدّة أسباب محتملة تقف وراء سلوك التجنّب. وقد أشارت إلى أن هناك 4 أسباب قد تصبح دوافع مضرّة بالصحة النفسية:
- صعوبة وضع الحدود أو إعلان الرفض.
- الحاجة إلى إثبات قيمة الذات.
- الحاجة الماسّة إلى كبت المشاعر أو الأفكار المزعجة.
- رفض التغيّر أو التطور.
قد يؤدي هذا النهج الذي يرتكز على كبت بعض المشاعر إلى "تراكم العواطف التي قد تظهر في شكل غضب أو إحباط أو استياء أو عزلة أو حالات نفسية أخرى غير صحية"وفقاً لشيان براينت.
اقرأ أيضاً: 8 نصائح تساعدك على التوقف عن الإشفاق الضار على ذاتك