لماذا قد تشعر بالاكتئاب مع انتهاء فصل الصيف؟ وكيف تتعامل معه؟

4 دقيقة
الاكتئاب مع انتهاء فصل الصيف
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

هل تخيّم عليك مشاعر الكآبة مع انتهاء فصل الصيف؟ الحقيقة إن هذا الوقت من العام قد يثير بداخلي طوفاناً من المشاعر السلبية، فالصيف يعني النهارات المشمسة الطويلة، والطقس الدافئ، وموسم الإجازات، والذهاب إلى شواطئ البحر مع الاستمتاع بنسيمها، ومع انتهاء الصيف تأتي الأيام القصيرة، الملبدة بالغيوم. علاوة على ذلك، يجب على الوالدين الاستعداد لإدارة جداول المدرسة المزدحمة، والاستيقاظ مبكراً، والتأكد من أن كل شيء منظم، وفي الكثير من الأوقات، قد يَصعب استيعاب هذا كله في وقت واحد! فكيف تتعامل مع كآبة انتهاء فصل الصيف وتستعد للأيام الغائمة؟ الإجابة من خلال هذا المقال.

هل كآبة نهاية الصيف هي الاضطراب العاطفي الموسمي (SAD)؟

على الرغم من أن كآبة نهاية الصيف والاضطراب العاطفي الموسمي (SAD) يشتركان في بعض أوجه التشابه، فإنهما ليسا الشيء نفسه. الاضطراب العاطفي الموسمي هو حالة يمكن تشخيصها؛ في حين أن كآبة نهاية الصيف ليست كذلك. وتشرح المعالجة النفسية، بوني سكوت (Bonnie Scott)، إن الاضطراب العاطفي هو نوع من الاكتئاب يحدث موسمياً مع تغير الفصول وعادة ما يأتي خلال الشتاء.

ويشرح المختص النفسي، عبد الله الأطرم، إن أعراض الاضطراب الموسمي تتسم بالشعور بالخمول وانخفاض الطاقة والتركيز، والنوم المفرط، والإحساس باليأس، واضطراب الشهية؛ بمعنى الشعور بالرغبة الشديدة في تناول الكربوهيدرات، والإفراط في الأكل، أو الامتناع عن تناول الطعام، وفقدان الاهتمام بالأنشطة المختلفة والعمل؛ وترجع هذه الأعراض جزئياً إلى اختلال توازن هرمون السيروتونين. وعلى النقيض من ذلك، فإن كآبة نهاية الصيف، على الرغم من أنها تتسم بالحزن، فإنها لا تتطلب تدخلاً طبياً، علاوة على أنها لا تستمر وقتاً طويلاً.

اقرأ أيضاً: غياب الشمس يهدد نفسيتك، فماذا تعرف عن العلاج بالضوء؟

لماذا نشعر بالحزن والكآبة مع نهاية فصل الصيف؟

هناك عدة أسباب قد تجعل بعض الأشخاص يشعرون بالحزن أو القلق أو حتى الاكتئاب خلال هذا الوقت من العام؛ ومن أهم هذه الأسباب:

1. تغير نمط الحياة

فخلال الصيف يخرج الكثير من الأشخاص من أجل مقابلة أصدقائهم، وأحياناً يسافرون إلى المدن الساحلية ويضعون الخطط من أجل الاستمتاع بالطقس الرائع؛ ولكن الآن كل شيء قد تغير، خاصة مع العودة إلى العمل أو التغير التدريجي في الطقس، أو بداية موسم المدارس؛ ما يجعلهم يشعرون باليأس بشأن الأشهر الأكثر برودة القادمة.

2. قلة ضوء الشمس

يمكن أن تؤثر الأيام الأقصر وقلة ضوء النهار في الحالة المزاجية ومستويات الطاقة؛ حيث يؤدي نقص التعرض إلى أشعة الشمس إلى نقص فيتامين د المرتبط بزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب أو تفاقم حدته. علاوة على ذلك، فإن انخفاض مستويات ضوء الشمس خلال أشهر الشتاء يمكن أن يتسبب في إنتاج كمية أقل من هرمون السيروتونين وكمية أكبر من الميلاتونين؛ ويمكن أن يؤدي نقص السيروتونين في الدماغ إلى تفاقم أعراض الاكتئاب، بالإضافة أن زيادة الميلاتونين -مادة كيميائية تنتجها خلال ساعات الظلام لتشجيع النوم- يمكن أن تسبب الخمول.

3. الانفصال الاجتماعي

يمكن أن يؤدي انخفاض التجمعات والأحداث الاجتماعية إلى الشعور بالعزلة وفقدان الروابط الوثيقة.

اقرأ أيضاً: كيف ولماذا يظهر الاضطراب العاطفي الموسمي في فصل الصيف؟

كيف تتعامل مع كآبة انتهاء فصل الصيف؟

إذا كنت تعاني كآبة نهاية الصيف، فاعلم أن العديد من الأشخاص يعانون المشاعر نفسها وأنك لست وحدك. إليك بعض الاستراتيجيات التي تُمكنك الاستفادة منها للمساعدة في التغلب على تلك الكآبة والتطلع إلى الأشهر المقبلة:

1. اعترف بمشاعرك

إن تجنب المشاعر المعقدة قد يؤدي في بعض الأوقات إلى تفاقم حدتها؛ ولهذا اسمح لمشاعرك بالظهور، واعترف بها لأن هذا الاعتراف هو المفتاح الرئيس من أجل مساعدتك على التحسن. وفي أثناء هذا الوقت، يمكنك تدوين مشاعرك وأخذ الوقت الكافي للتعامل معها.

2. ابحث عن طريقة إبداعية للحفاظ على ذكرياتك الصيفية

ماذا فعلت هذا الصيف؟ سواء ذهبت إلى الحفلات الموسيقية أو المتنزهات الترفيهية، أو قضيت أيامك مسترخياً على الشاطئ أو ذهبت في مغامرة رائعة، فمن المحتمل أن يكون لديك الكثير من التذكارات الصغيرة من متعتك الصيفية الملقاة في كل مكان. بدلاً من ترك قسائم التذاكر والصور داخل هاتفك المحمول، حاول تحويلها إلى تحفة فنية. سواء كنت تفضل ألبومات القصاصات أو الكولاج، فابحث عن طريقة لتحويل إجازتك الصيفية إلى شيء تُمكنك رؤيته باستمرار والحفاظ عليه.

3. خصص بعض الوقت من أجل تحقيق أهدافك

يمكن أن توفر لك الأيام الباردة بعض الوقت في جدولك اليومي. إذا لم تكن تقضي وقتك بالخارج، فماذا يمكنك أن تفعل؟ اقض بعض الوقت في التعرف على نفسك والتفكير في أهدافك؛ أين تريد أن تكون في العام المقبل في هذا الوقت، أو بعد 5 سنوات من الآن؟ كيف يمكنك الوصول إلى هناك؟

4. تعرض إلى ضوء الشمس

يمكن أن يساعد التعرض إلى ضوء الشمس الطبيعي، وخاصة في الصباح، على خفض إنتاج هرمون الميلاتونين المحفز للنوم وزيادة إنتاج هرمون السيروتونين الذي يحسن الحالة المزاجية. علاوة على ذلك، فإن أشعة الشمس هي المصدر الرئيس لفيتامين د في الجسم؛ الذي يرتبط بالتحكم في الحالة المزاجية ومنع أعراض الاكتئاب. ولهذه الأسباب؛ عليك التعرض إلى ضوء الشمس مع نهاية فصل الصيف حتى تشعر بالتحسن. تُمكنك على سبيل المثال ممارسة رياضة المشي في الصباح الباكر.

5. حاول أن تتقبل التغيير

ربما يكون فصل الصيف هو الموسم المفضل لدى الكثيرين؛ لأنه يجلب معه أياماً أطول وأكثر إشراقاً، ووفرة من اللحظات التي تقضيها في الخارج، وزيادة الفرصة لقضاء الوقت في الإجازة الصيفية، وبمجرد الشعور بأن هذا كله يقترب من نهايته، وتذكر اللحظات الجميلة التي ربما تكون قد صنعتها خلال الصيف، فمن المفهوم أن تحس بالحزن بشأن الانتقال إلى الخريف ثم الشتاء.

لكن بدلاً من محاربة الفصول المتغيرة والخوف منها بلا توقف، حاول أن تتقبل هذا التحول قدر الإمكان؛ فكر في جوانب الخريف والشتاء التي تستمتع بها، فكر في الطقس البارد، والملابس الصوفية المريحة، وزخات المطر، والطعام الساخن والمشروبات الدافئة مثل الشوكولاتة الساخنة التي تكون أكثر متعة خلال أشهر الشتاء.

6. أعطِ الأولوية للعناية الذاتية

توفر لك العطلة الصيفية الوقت الكافي لنفسك، فالانتقال فجأة من أيام هادئة بجانب البحر إلى جدول أعمال مزدحم مع ليالٍ طويلة تقضيها في إكمال الواجبات المنزلية أمر مرهق؛ ما يجعل العناية الذاتية أكثر أهمية من أي وقت مضى. ولهذا؛ إذا وجدت نفسك متوتراً أو قلقاً، تراجع خطوة إلى الوراء وافعل الأشياء التي تجعلك سعيداً. بالطبع، يجب أن تأخذ عملك ودراستك على محمل الجد؛ ولكن ليس إلى الحد الذي تضر فيه بصحتك النفسية.

7. اصنع لنفسك مساحة مريحة في المنزل

مع برودة الطقس، لا يوجد شيء أكثر راحة من وجود مساحة مريحة في المنزل للاختباء فيها؛ ولهذا يجب عليك خلق جو دافئ وجذاب في مساحة المعيشة الخاصة بك، يمكن لمثل هذه البيئة المريحة أن تجعل الانتقال إلى الخريف أشبه باحتضان ترحيبي بدلاً من تحول مزعج.

8. أعِدْ تنظيم حياتك

قد تشعر أحياناً بالإرهاق والكآبة بسبب حجم المسؤوليات الذي ينتظرك بعد انتهاء إجازة الصيف؛ هناك موسم العودة إلى المدارس ومن ثَمّ الاستيقاظ مبكراً كل صباح، مع متابعة الأنشطة المدرسية. ولهذا؛ بدلاً من الاستسلام للشعور بالحزن، خصص وقتاً لمدة أسبوع قبل أن تعود إلى روتينك لترتيب أمورك، حتى لا تضطر إلى التسرع في التنظيم بمجرد عودتك.

المحتوى محمي