ملخص: هل حلمت يوماً بالشهرة وبريق الأضواء؟ هل تخيلت نفسك وأنت تسير على السجادة الحمراء في أحد المهرجانات الفنية في قمة تألقك ونجوميتك؟ هل شاهدت تلك الحفلات وظننت أن حياة المشاهير مثالية وخالية من المشكلات؟ الحقيقة أن هذا الأمر ليس صحيحاً، فقد يكون المشاهير أكثر عرضة إلى الإصابة ببعض الاضطرابات النفسية التي سنتعرف إليها من خلال هذا المقال.
محتويات المقال
كيف تبدو لك حياة المشاهير؟ هل تعتقد أنها مثالية وخالية من المشكلات وضغوط الحياة لأنهم يملكون المال والشهرة؟ الحقيقة أن الكثيرين يعتقدون أن حياة المشاهير صاخبة ومليئة بالحفلات والأعمال الفنية والنجاح والحماس والمهرجانات العالمية والسير بخطى واثقة على السجادة الحمراء مع التقاط الصور الرائعة التي يبدون من خلالها مثاليين ومتألقين، وهذا هو الجانب المشرق الذي نراه جميعاً خلف الكاميرات والشاشات.
ولكن ثمة جانب آخر أشد ظلاماً لا ترصده الكاميرا؛ شبح مرعب يطوف حول العديد منهم ويضعهم تحت الضغط النفسي، وفور أن تتلاشى الكاميرا وتُغلق عليهم الأبواب، تطل الاضطرابات النفسية بوجهها، وتداهم حيواتهم؛ حيث أكدت استشارية الطب النفسي، فاطمة كعكي، إن المشاهير أكثر عرضة إلى الإصابة بالاضطرابات النفسية بسبب الضغط الذي يعيشونه، إضافة إلى المجهود المضني المطلوب منهم في العمل، وأضافت كعكي إن الثراء والشهرة لا يعكسان أبداً سعادة الأشخاص ورضاهم عن الحياة؛ ولهذا فإن المشاهير ليسوا بمنأىً عن الإصابة بالاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والوسواس القهري والقلق والتوتر النفسي، وإليكم أهم الاضطرابات النفسية التي ترتفع احتمالية إصابة المشاهير بها من جراء البقاء تحت الأضواء.
1. الاكتئاب
ترى أستاذة علم النفس، أنانيا سينها (Ananya Sinha)، إن المشاهير يعيشون حياة مليئة بالضغط النفسي تشبه السير على حبل مشدود بين حاجة المرء إلى تجربة الذات الحقيقية وعدم إحباط الآخرين؛ لأن ذلك سوف يؤدي إلى فقدان شهرته وأفول نجمه، وتضيف سينها إن هذا الضغط يؤدي في نهاية المطاف إلى الإصابة بالاكتئاب.
ويمكن القول إن العلاقة بين الشهرة والاكتئاب ليست سببية، ومع ذلك، قد يعاني المشاهير الاكتئاب أكثر من غيرهم بسبب نمط حيواتهم؛ إذ غالباً ما يعيش المشاهير حياة ساحرة وبرّاقة مليئة بالأضواء. ومن أجل الحفاظ على هذه الحياة أمام الجمهور والمتابعين؛ يتعرضون إلى الضغط الرهيب الناتج عن الرغبة في الحفاظ على الصورة المثالية؛ الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بمشاعر الحزن واليأس، ثم تأتي فيما بعد مرحلة الاكتئاب. وبالإضافة إلى الرغبة العارمة في الحفاظ على الصورة المثالية، فإن مجتمع الشهرة وصناعة الترفيه لا يمكن التنبؤ بتغيراته. وعليه؛ قد تتحول أعلى مستويات النجاح بسرعة إلى أدنى مراحل الانتكاسة المهنية، والحقيقة أن العيش في حالة دائمة من مشاعر الخوف والشك الذاتي عادة ما يؤدي إلى الإصابة بالاكتئاب.
على الجانب الآخر، يشعر الكثير من المشاهير بالعزلة والوحدة ويجدون صعوبة بالغة في تكوين صداقات حقيقية. علاوة على ذلك، فإن الوصمة المحيطة بالصحة النفسية يمكن أن تمنع المشاهير من طلب المساعدة عندما يكونون في أمسّ الحاجة إليها، وقد يؤدي الخوف من الحكم عليهم أو الإضرار بصورتهم العامة إلى المعاناة في صمت؛ ما يؤدي إلى تفاقم مشاعر الاكتئاب.
وقد واجه الممثل اللبناني، طارق سويد، معركة صعبة مع الاكتئاب المزمن؛ حيث أكد أنه قضى سنوات طويلة من عمره يشعر بالحرج من الاعتراف بمعاناته سواء أمام المقربين أو حتى بينه وبين نفسه، ويشير سويد إلى أنه عانى نوبات الهلع إلى درجة أنه كان ينتظر الموت في كل مرة تداهمه فيها؛ ما جعله بعد الكثير من الوقت يلجأ إلى العلاج النفسي المتخصص.
علاوة على ذلك، كشفت المطربة المصرية أنغام عبر مشاركتها في برنامج الإعلامي أنس بوخش (ABtalks)، عن معاناتها مع مرض الاكتئاب التي امتدت سنوات طويلة، تناولت خلالها أنغام الكثير من أدوية الاكتئاب، وقد صرحت أنغام بأنها فشلت فشلاً ذريعاً في مجابهة هذا المرض.
اقرأ أيضاً: من فان غوخ إلى ليدي غاغا: تعرف إلى مشاهير عانوا من الاكتئاب
2. اضطراب تشوه الجسم (Body dysmorphic disorder)
يوضح الطبيب النفسي، ليث العبادي، إن اضطراب تشوه الجسم يجعل المصابين به مهووسين بشأن العيوب في مظهرهم الجسدي، وغالباً ما تكون هذه العيوب غير ملحوظة للآخرين؛ لكن الأفكار والأحاسيس المتعلقة بالمظهر قد تستنزف مشاعر الأشخاص وتستهلك طاقتهم وتؤثر في حيواتهم اليومية؛ إذ يمكن أن يقضوا ساعات طويلة أمام المرآة يفكرون في عيوبهم الجسدية، وقد يؤدي اضطراب تشوه الجسم إلى التوتر والقلق.
ويؤثر اضطراب تشوه الجسم بشدة في المشاهير؛ وذلك لأن صورتهم الجسدية لا ترتبط فقط برؤيتهم لأنفسهم ولكنها تمتد لتشمل نظرة الجماهير إليهم، وعلى الجانب الآخر، يعاني المشاهير فجوة كبرى بين الصورة المثالية التي يرسمها لهم الآخرون وصورتهم الحقيقية في الواقع. وفي سياق متصل، يمكن القول إن حياة المشاهير ترتكز على المحتوى المرتكز على الصور، وتلك الصور عادة ما تُعدّل تعديلاً كبيراً، وعلى الرغم من ذلك، تؤدي إلى ارتفاع معايير الجمال التي لا يمكن تحقيقها، وقد يقع المشاهير في فخ المقارنة مع النجوم الآخرين؛ ما يؤدي إلى زيادة عدم الرضا عن المظهر.
ويمكن القول إن المغني العالمي الراحل مايكل جاكسون (Michael Jackson) هو التجسيد الواقعي لاضطراب تشوه الجسم؛ حيث قضى عمره وهو يحاول البحث عن صورة الجسم والشكل المثالية؛ إذ كان رافضاً هويته الإفريقية وشعره المجعد وبشرته السمراء. ونتيجة لذلك؛ أجرى 100 عملية تجميل جراحية بدّل خلالها شكل أنفه وتجويف الخدين وذقنه وحتى شعره، هذا بالإضافة إلى حقن البوتوكس وتبييض بشرته ونفخ شفتيه.
اقرأ أيضاً: ما هو اضطراب تشوه الجسم؟ ولماذا ينتشر بين المشاهير على نحو أكبر
3. اضطرابات القلق
إذا كنت تعاني اضطرابات القلق، فأنت حتماً تواجه مواقف حياتك اليومية بالخوف والتوتر، وعادة ما يصاحب تلك المشاعر بعض الأعراض الجسدية مثل ارتفاع معدل ضربات القلب وفرط التعرق، والحقيقة أن المشاهير قد يتعرضون إلى الإصابة باضطرابات القلق أكثر من غيرهم بسبب الضغط الاجتماعي؛ حيث إنهم يستمدون احترامهم لذواتهم، من مصادر خارجية مثل اهتمام الجماهير أو المعجبين، وتفاعلات وسائل التواصل الاجتماعي وآراء الآخرين عنهم. ونظراً إلى أن تقديرهم لذواتهم يعتمد على مصادر خارجية، فقد يتأرجح ذلك التقدير صعوداً وهبوطاً وفقاً للآخرين؛ إذا حصلوا على تقييمات إيجابية سيشعرون بالسعادة، وإذا تعرضوا إلى النقد سيغلب عليهم الحزن.
ويمكن القول إن الشخص الذي يعتمد في تقديره لذاته على رؤية الآخرين ونظراتهم وتقييمهم غالباً ما يجد صعوبة بالغة في الشعور بالسعادة أو الرضا خارج أعين الجماهير، وبعيداً عن نظرة الاحترام والتقدير التي يبحث عنها المشاهير بين الجماهير، فإن عملهم يرتكز بالأساس على الأداء، ويتوقع منهم الجمهور دوماً الإبهار ولهذا يشعرون بالقلق.
وعادة ما يرتبط البقاء تحت الأضواء بالقلق؛ فخلال عام 2017، كشفت المغنية الأميركية أريانا غراندي (Ariana Grande) أنها دوماً كانت تعاني القلق؛ الذي وصل إلى أعلى مستوياته خلال عام 2019 متجسداً في نوبة هلع كبرى أدت إلى إلغاء إحدى حفلاتها في بلجيكا، ووقتذاك، أعلنت غراندي عن أنها بذلت كل ما في وسعها لكنها لم تستطع إخفاء الأمر.
4. اضطراب الوسواس القهري (OCD)
هو نوع من الاضطرابات النفسية التي ترتبط بالقلق، وعادة ما تترافق مع هذا الاضطراب الأفعال القهرية؛ وهي سلوكيات متكررة يشعر الشخص المصاب بالوسواس القهري بأنه مضطر إلى فعلها، هذا إلى جانب الهواجس؛ وهي أفكار متكررة وغير مرغوب فيها وتدخلية تسبب ضيقاً شديداً للفرد الذي يعانيها.
ويشرح الطبيب النفسي، ديف ريس (Dave Reiss)، إن سمات الشهرة تتشابه إلى حد كبيرة مع صفات الوسواس القهري؛ فكلاهما يرتكز على التكريس بطريقة مفرطة على العمل والمثابرة والأفعال التكرارية، ويضيف ريس إن اضطراب الوسواس القهري قد يساعد المشاهير على تحقيق النجاح والمزيد من الشهرة.
وفي هذا السياق، أوضحت ابنة الموسيقار المصري الراحل محمد عبد الوهاب، إن والدها كان يعاني الوسواس القهري، وكان مهتماً اهتماماً كبيراً بالنظافة إلى درجة أنه كان يغسل الصابون قبل أن يغسل به يديه، وقد كشفت المطربة الإماراتية بلقيس أنها مُصابة أيضاً بالوسواس القهري ومهووسة بالنظافة.
5. اضطراب الشخصية الارتيابية أو البارانويا (PPD)
هو اضطراب نفسي عصبي يتميز بنمط من عدم الثقة والشك في الآخرين دون وجود سبب كافٍ للشك، والأشخاص المصابون بهذا الاضطراب يكونون دائماً على أهبة الاستعداد، معتقدين أن الآخرين يحاولون باستمرار التقليل من شؤونهم أو إيذاءَهم أو تهديدهم.
وقد كشف الممثل والفنان المصري، خالد الصاوي، عن معاناته البارانويا؛ حيث إنه كان يتعامل مع الضلالات على أنها قناعات. وأوضح الصاوي إنه تلقى العلاج النفسي مدة 3 أشهر ثم توقف بعد أن طلب منه الطبيب النفسي عدم زيادة عيادته مجدداً، خاصة بعد أن تورط الصاوي في شجار من أجل الطبيب. ويشرح الصاوي إنه يتوهم دائماً أن الآخرين يقللون من شأنه، وحين تتمكن منه هذه الفكرة لا يرى أمامه ويصدقها تماماً.