لماذا هناك أشخاص يخافون من الاتصال الجسدي؟

3 دقائق
الاتصال الجسدي

يخافون من الأحضان والقبلات، ويهربون من الأماكن المزدحمة. حين يحاول الآخرون لمسهم واحتضانهم والتربيت على أكتافهم، فإنهم ينسحبون بمجرد لمسهم. لماذا يخافون من الاتصال الجسدي؟

  • ما هو السبب في ذلك؟
  • ماضٍ مقفل
  • الخوف من ردة الفعل الشديدة
  • من يمكنه لمسهم؟
  • ما العمل؟
  • نصيحة للعائلة والأصدقاء
  • شهادة

ما هو السبب في ذلك؟

مي تبلغ من العمر 29 عاماً، ترقص وتخرج وتحب، يبدو أنها تشعر بالرضا عن نفسها. ومع ذلك، فهي لا تطيق أن يضع أحد يده على كتفها أو أن يضمها أو حتى يلمس شعرها. تقول: "أشعر بأن لمسي أسوأ من أن يراني أحد ما عارية. أشعر أني مكشوفة، وبالاختناق، كما لو أنها بداية النهاية".

لكن ما الذي تخافه؟ تقول طبيبة الأمراض الجلدية والمحللة النفسية سيلفي كونسولي، أن الجسم يمتلك ذاكرة ويحمل علامات غير مرئية، وتضيف: "خصوصاً الأماكن التي تتعرّض للمس الشخصيات الأبوية في مرحلة الطفولة، وألاحظ أن هؤلاء الأشخاص الذين يعانون من رهاب اللمس غالباً ما يكون لديهم تاريخ جسدي معقد إلى حد ما مع والدتهم. إذاً؛ الهروب من الاتصال الجسدي هو وسيلة لعدم فتح صندوق الذكريات المؤلمة الكبير".

ماضٍ مقفل

تكتب الروائية أليس فيرني في روايتها "الجسد الثرثار" (La Conversation amoureuse Jai lu): "وبدون وعي، يعلم الجميع أن جسدهم هو الشاهد على قصتهم". يوضح المحلل النفسي باسكال هنري كيلر: "يمكن لكل فرد أن يروي قصة حياته من خلال ما حدث لجسده، ومن خلال الذاكرة التي يمتلكها، ومن خلال ما قيل له، من قبيل "لقد كنت لائقاً في مثل هذا العمر" و"لديك يدا والدك"، "تلك الندبة على جسدك لأنك كنت متهوراً"... وهكذا فإن رفض أن يتم لمسك هو رفض الكشف عن هذا الماضي الذي لا تنساه.

الخوف من ردة الفعل الشديدة

اللمس، من بين حواسنا الخمس، هو الحاسة الوحيدة التي يمكن أن تكون متبادلةً. عندما ألمس أحداً ما، فإني أُلمس أيضاً، ويمكن أن يكون هذا اللمس مخيفاً بأكثر من طريقة. تقول كوثر؛ 33 عاماً: "إذا لمسني أحدهم؛ يتولد لدي شعورٌ بأنهم قد يتمادون ويفعلون أي شيء، أو أني قد أصبح ملكاً لهم، فأصبح عدوانيةً فجأةً". تخشى كوثر أن يؤذيها الآخرون أو تطغى عليها مشاعرها، كما لو أنها لا تثق بحدودها الجسدية والنفسية، لذلك تعتبر جسدها -وتحديداً سطح التلامس والتبادل الخارجي- كدرعٍ واقٍ فقط.

من يمكنه لمسهم؟

يقول باسكال هنري كيلر: "وفقاً لفرويد؛ يجب ألا ننسى أن أي مكانٍ في الجسد يمكن أن يعمل كمنطقةٍ مثيرة للشهوة الجنسية، وأن كل ما يتعلق به مرتبط بالهوية النفسية-الجنسية". بنظرةٍ متعمقةٍ أكثر، فإن التجنب المعمم كما يبدو، في الواقع يتعلق فقط بتجنبٍ محدد. السؤال الذي يطرح نفسه بعد ذلك: "من هو هذا الآخر الذي لا أطيق معه تجربة اللمس التي تثير الشهوة الجنسية؟ من الواضح أن جميع الفرضيات ممكنة، ولن يتمكن سوى العمل العلاجي من فك رموز هذه الانطباعات الجسدية".

ما العمل؟

حلل الموقف

تعرّضت للمس، فتشعر بالقلق. لنحاول تفكيك شفرة هذا القلق؛ ما النوايا التي تنسبها إلى الشخص الذي وضع يده عليك؟ هل هي ذات صلة بالسياق، بعادات هذا الشخص اللمسية معك، ومع الآخرين أيضاً؟ ماذا كان يمكن أن يقصد؟ سيساعدك التمييز بين الأكثر منطقيةً والأكثر احتماليةً على تهدئة مخاوفك.

المس نفسك

نظراً لصعوبة تجنب اللمس، فقد يكون من المريح محاولة اكتشاف الأحاسيس الممتعة التي يوفرها اللمس من خلال لمس نفسك بنفسك بطريقتك الخاصة؛ الأمر الذي من شأنه أن يحسّن علاقتك مع جسدك. على سبيل المثال: يمكنك وضع بعض الكريم المرطب على راحتي يديك وأصابعك وتدليك رقبتك وكتفيك للتخلص من التوتر فيهما. وفي وقت النوم، استرخِ عن طريق تدليك قدميك.

نصيحة للعائلة والأصدقاء

هل يحاول الابتعاد عنك بمجرد الاقتراب منه أو وضع يدك على كتفه أو خده؟ لا تنزعج، في أغلب الأحيان هو لا يرفضك؛ لكنه يرفض ما يمكن أن تمثله لمستك على بشرته. تجنب الإصرار أو القول، "لا أعاني من الطاعون"، وبدلاً عن ذلك؛ المسه بطريقةٍ يمكنه التحكم فيها، أو حاول دعوته إلى لمسك بنفسه بطريقةٍ يتقبلها.

على سبيل المثال: عند قول مرحباً، لا تقبله، وقل له "ألن تقبلني؟". سيشعر الطرف الآخر -من خلال السماح له باتخاذ القرار باللمس- بأنه أقل ارتباكاً. إذا لم يعمل ذلك، فاقترح عليه إشارةً أو رمزاً جديداً للمس يكون أقل تهديداً له، لتحيته.

شهادة

سمر؛ 37 عاماً، مصورة فيديو: لقد حولت بشرتي إلى درع

"عندما كنت طفلة، كنت أتذمر عندما يقبلني أحدهم أو يعانقني. وحين كان عمري حوالي 10-12 عاماً، طورت استراتيجية "عدوانيةً" لتجنب الاتصال الجسدي مع الآخرين. بمجرد أن أستشعر أن شخصاً ما سيلمسني، أبدأ في التحرك والتشنج والابتعاد عنه. عندما أصبح عمري 16 عاماً، بدأت أعاني حقاً من اللمس. كنت أحمر خجلاً كثيراً، ليس فقط عندما يلمسني أحدهم؛ ولكن حتى قبل ذلك، بمجرد أن يقترب مني شخص ما. في كثيرٍ من الأحيان؛ كنت أجلس في نهاية اليوم وحدي، أشعر بالاختناق وأبكي. بدأت أعاني من الأكزيما ومن رهابٍ حقيقي من اللمس؛ ما دفعني لاستشارة محلل نفسي. بفضله؛ أدركت أنني حولت بشرتي إلى درع حتى لا يؤثّر الآخرون عليّ جسدياً أو عاطفياً. كنت أعبر عن رفضي لأمي ورغبتها بامتلاكي ومعرفة كل أسراري وإبقائي بالقرب منها. لقد أنقذ التحليل النفسي بشرتي حقاً!".

المحتوى محمي