ما هو الإصغاء العميق؟ وكيف يجعلك قائداً أكثر تأثيراً؟

4 دقيقة
الإنصات العميق
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

هل سبق أن تحدثت إلى مديرك في العمل وشعرت أنه مهتم بكل كلمة تقولها؟ هذه هي قوة الإصغاء العميق، والذي يعد أداة فعالة من أجل تعزيز التواصل، وحين تمارس هذا النوع من الإصغاء؛ أنت لا تمنح نفسك الوقت والمساحة الكافية لاستيعاب ما يقوله الطرف الآخر في المحادثة فحسب، بل تشجعه أيضاً على الشعور بأن صوته مسموع، وهذه خطوة أساسية في بناء علاقة وطيدة مع الموظفين، فما هي أهم فوائد الإصغاء العميق؟ وكيف يمكن تعزيزه عند القادة؟ الإجابة عبر هذا المقال.

ما هو الإصغاء العميق؟ 

الإصغاء العميق مهارة مكتسبة ترتكز على اختيار الحضور الكامل في المحادثة، والتركيز التام على ما يقوله الطرف الآخر، ومن ثم، يتضمن أيضاً اختياراً واعياً بعدم الاستسلام لمصادر التشتت المختلفة، لذلك حين تختار الإصغاء العميق إلى الآخرين، فأنت في هذه الحالة:

  • تنتبه جيداً لما يقوله الشخص الآخر، وكيف يقوله.
  • تتحلى بالفضول لمعرفة ما سيقوله، ولماذا يقوله.
  • تستمع للحصول على أفكار جديدة.
  • تتمهل حتى تفهم جيداً العناصر التي ذكرت خلال المحادثة كافة.

كيف يُعزّز الإصغاء العميق مهارتك قائداً؟

الاستماع مهم جداً لأداء الفريق في العمل؛ فقد يسبب القائد المتسلط والمُصادر للآراء خوفاً للموظفين، ويجعلهم غير راغبين في التواصل، وهذا قد يؤدي إلى خلل في سير العمل وانخفاض الإنتاجية، وعادة ما يعزز الإصغاء العميق مهاراتك بصفتك قائداً للأسباب التالية:

  1. يوفر الإنصات العميق المعرفة، ويسمح لك بالتركيز على وجهات النظر المختلفة التي تُعزز قدراتك القيادية، إضافة إلى أن الانفتاح على الملاحظات، والأفكار الجديدة من فريقك يساعدك على التعلم والنمو بصفتك قائداً.
  2. الإنصات العميق لأعضاء فريقك يظهر اهتمامك، وهذا ينشئ بيئة عمل قائمة على الثقة، وفي الوقت نفسه، يزيد حماسهم والتزامهم بعملهم.
  3. إذا لم تعر اهتماماً كافياً لما يقوله موظفوك، فلن تفهم التحديات التي تواجههم، ما قد يدفعك إلى تقديم نصائح أو توصيات غير فعالة لا تُعالج جذور المشكلة.
  4. الإنصات الفعال يشجع التعاطف، ويحسن عملية اتخاذ القرار، ويغرس ثقافة الاحترام والتفاهم، ما يؤدي إلى الإبداع والابتكار.

اقرأ أيضاً: ما المقصود بحسن الاستماع؟

تعرّف إلى أهم عناصر الإنصات الفعال 

تشرح مختصة لغة الجسد، جان هارغريف، أن الإنصات العميق يرتكز على عدة عناصر أساسية، وهي:

1. التواصل البصري 

هو العنصر الذي يوضح لأعضاء فريقك أنك منخرط تماماً ومهتم بما يقال، ومن الإرشادات الجيدة التي ينصح باتباعها قاعدة 80/20، حيث تلتقي عيناك في 80% من الوقت بعيني الطرف الآخر في الحديث، وفي 20% من الوقت، تحاول جمع المعلومات من خلال اللغة غير المنطوقة التي قد تظهر على ملامح الوجه كالابتسامة.

2. التركيز على الحضور في المحادثة 

يتحدث الشخص العادي ما بين 135 و160 كلمة في الدقيقة، لكن دماغه يعالج ما بين 400 و600 كلمة في الدقيقة، هذا يعني أن عقلك أسرع بكثير من فم الطرف الآخر في المحادثة، ما يسهّل على عقلك الشرود والتشتت، ولهذا حاول قدر الإمكان تجنب مصادر التشتت، وكن حاضراً حتى تستوعب ما يقوله أعضاء الفريق، وتتمكن من الرد عليهم.

3. رد الفعل غير اللفظي 

لا يوجد ما هو أسوأ من التحدث إلى شخص لا يقدم أي رد فعل، إنه مثل التحدث إلى حائط، لذلك ابذل جهداً ورد على الآخر من خلال إيماءة عابرة، أو ابتسامة، أو أي إشارة أخرى، قد تبدو هذه الإشارات غير مهمة، لكنها تملك تأثيراً كبيراً في إظهار اهتمامك وتفهمك وانخراطك في المحادثة.

ما هي تكلفة عدم الإنصات العميق إلى فريق العمل؟

تنشأ مشكلة كبيرة في المؤسسات والشركات عندما لا يخصص القادة وقتاً للإنصات العميق؛ إذ يمكن أن يؤدي غياب الإنصات العميق إلى:

  1. انهيار التواصل فعندما يسيطر القائد على كل محادثة دون أن يسمح للآخرين بالتعبير عن أفكارهم بالكامل، قد تُفقَد تفاصيل مهمة، وكثيراً ما يؤدي هذا الإغفال إلى عدم توافق الأولويات، وعدم تلبية التوقعات، وتنامي الشعور بخيبة الأمل بين أعضاء الفريق.
  2. إذا اقتصرت وظيفة القائد على إعطاء الأوامر والتوجيهات من أعلى إلى أسفل دون الإنصات بصدق لمخاوف الموظفين، فإن عدم اليقين الناتج عن ذلك سيؤدي إلى تفاقم مشاعر القلق والتوتر، وانخفاض الإنتاجية.
  3. عندما لا يستمع القادة، فإنهم يخاطرون باتخاذ قرارات لا تعالج تعقيدات الموقف بصورة كاملة، وهذا قد يؤدي إلى أخطاء مكلفة تؤثر في الشركة بأكملها.
  4. حين يختار القائد أن يفرض رأيه باستمرار، سيشعر الموظفون بتجاهل مخاوفهم وأفكارهم، ويخلق ذلك بيئة عمل سامة تقل فيها احتمالية التعبير عن الآراء، وتتآكل فيها الثقة، وتبقى إمكانات الفريق غير مستغلة.

ما قصدت قوله هو التالي: عندما لا ينصت القادة بعمق، تبدأ حلقة مفرغة؛ حيث يؤدي ضعف التواصل إلى ارتكاب الأخطاء، التي بدورها تولد المزيد من سوء التواصل، وتتكرر هذه الدورة باستمرار، ما يلحق ضرراً طويل الأمد بكفاءة الشركة ومعنويات الفريق.

اقرأ أيضاً: من وحي علم النفس: كيف تصبح قائداً ناجحاً؟

7 إرشادات تساعدك على تبني مهارات الإنصات العميق مع فريق عملك

ينبع الإنصات العميق من الرغبة الحقيقية في فهم الشخص أو الموقف بصورة أفضل والتواصل معه بصدق، وعندما تُنصت بعمق، يجب أن تفعل ذلك دون أحكام مسبقة أو أفكار مسبقة، إذ تتعامل مع المحادثة بصفتها رحلة استكشاف، وحتى تبني هذه المهارة المهمة، اتبع الإرشادات التالية:

1. اصنع بيئة صحية للحوار 

الخطوة الأولى لإتقان الإنصات العميق هي صنع بيئة تشجع على الحوار المفتوح بما يتضمن تحديد توقعات واضحة بشأن التواصل، سواءً في الاجتماعات الرسمية أم في التفاعلات اليومية، يمكنك على سبيل المثال، وضع قواعد أساسية للعصف الذهني، والسماح لكل شخص بوقت محدد للتحدث، مع تقليل المقاطعات إلى أدنى حد، وفي أثناء الإنصات إليهم كرر النقاط الرئيسية لضمان فهمك لها بصورة صحيحة، وبذلك تكون قد خلقت ثقافة يشعر فيها الجميع بتقدير آرائهم.

2. طوّر ذكاءك العاطفي 

الذكاء العاطفي هو القدرة على إدراك مشاعرك وفهمها وتنظيمها، وهو أيضاً القدرة على إدراك مشاعر الآخرين وفهمها والتعاطف معها، ويمكن القول إن تنظيم مشاعرك وفهم مشاعر الآخرين أمر أساسي لتكون منصتاً فعالاً إلى الآخرين.

3. قلل مشتتات الانتباه 

عندما يدخل أحد أعضاء الفريق مكتبك، أغلق حاسوبك المحمول وضع هاتفك جانباً، لأن هذا الأمر يشعره باهتمامك لما سيقوله، علاوة على أن إزالة المشتتات تمكنك من منح الشخص الآخر انتباهك الكامل، ما يساعدك على رصد الإشارات غير اللفظية وقراءة ما بين السطور.

4. كُن صبوراً 

حتى تتمكن من فهم الأفكار التي يتحدث عنها الطرف الآخر، ويتاح لعقلك الوقت الكافي لمعالجة المعلومات التي يتلقاها، اكبح رغبتك في المشاركة بأفكارك وحلولك، لأن هذا يحد حماس الطرف الآخر ويمنعه من استكمال أفكاره.

5. أنصت بعقل منفتح 

قلل الأحكام أو التعليقات السلبية، ولا تدخل المحادثة بأفكار أو تقييمات مسبقة فهذا سيضعف قدرتك على الإنصات، لذلك استهدف الاستماع بعقل منفتح، وحاول قدر الإمكان أن تستوعب أفكار الطرف الآخر، وفي هذا السياق، يؤكد استشاري الطب النفسي، محمد اليوسف، على ضرورة عدم إطلاق الأحكام في أثناء الإنصات إلى الآخرين، لأن ذلك ينقلك تلقائياً من حالة الاستماع الفعال إلى الانتقائي، وعندها ستنتقي من الكلام ما يؤيد انطباعاتك وتتغافل عما سواه!

اقرأ أيضاً: كيف تعزز المرونة في بيئة العمل المشاعر الإيجابية والإنجاز؟

6. حافظ على التواصل البصري ولغة الجسد المنفتحة

عند التحدث إلى أحد الموظفين، حافظ على تواصل بصري ثابت، واتخاذ وضعية جسد منفتحة، لأن هذا التواصل غير اللفظي يعزز رسالة أنك منخرط تماماً في الحوار، ويشير إلى المتحدث بأهمية كلماته، ويخلق مساحة مناسبة للحوار الصادق.

7. اطرح أسئلة توضيحية 

إذا لم تكن متأكداً من إحدى الأفكار، طرح أسئلة تشجع على مزيد من التوضيح، على سبيل المثال أخبر الطرف الآخر أنك بحاجة إلى معرفة السبب الجذري للمشكلة، وهذا سوف يوضح أنك لا تتابع المعلومات فحسب، بل تشارك بفعالية في الحوار.

المحتوى محمي