هل تشعر أنك مسؤول عن كل شيء؟ إليك طوق النجاة

الإحساس المفرط بالمسؤولية
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: الإحساس المفرط بالمسؤولية هو ذلك الشعور الذي ينتابك بأنك مسؤول عن كل ما يدور حولك، كيف تتعامل مع هذا الإحساس المرهق؟ إليكم أهم الطرائق في هذا المقال.

ما هو الإحساس المفرط بالمسؤولية، في البداية لنتخيل معاً هذا الموقف؛ أنت تجلس على مكتبك داخل العمل، تجلس بجوار زميلك الذي يملك قائمة طويلة بالمهام المؤجلة، وعلى الفور تتدفق داخل رأسك فكرة مفادها بأنك إن لم تتصرف حالاً فسوف تكون مسؤولاً إذا لم تنته تلك المهام، ماذا لو تعرض للتوبيخ الشديد من المدير؟ كيف سيكون الوضع إذا طُرد من العمل وبقي عاطلاً؟

والحقيقة أن هذه السيناريوهات لن تحدث على الأرجح ومع ذلك مجرد التفكير فيها يرعبك ويثير قلقك ويجعلك تشعر بأنه وبسببك أنت فقط سوف تحدث مأساة، هذا هو الشعور المفرط بالمسؤولية، كيف إذن يمكن التعامل معه؟ إليكم بعض النصائح في هذا المقال:

ما هو الإحساس المفرط بالمسؤولية؟

توضح الطبيبة والباحثة في العلوم الصحية أليسيا براتر (Alicia M. Prater) مفهوم المسؤولية المفرطة بأنه تحيز معرفي يعتقد الفرد من خلاله أنه مسؤول بشكل شخصي عن أحداث خارجة عن إرادته، وغالباً ما يعود هذا التحيز إلى الإحساس بالذنب، والشخص الذي يعاني من المسؤولية المفرطة يلوم نفسه على الاختيارات التي يتخذها أشخاص آخرون، وغالبًا ما يكون لديه أفكار تدخلية تتحمل مسؤولية الضرر الناجم عن أفعال شخص آخر، وغالباً ما تؤدي هذه التصرفات إلى عدة مشكلات مثل الشعور بالقلق الدائم والذنب والخيانة.

أسباب الشعور بالمسؤولية المفرطة 

أغلبنا يشعر بالمسؤولية ولكن هناك من يبالغون في هذا الشعور إلى درجة غير ممكنة، لماذا يفعلون ذلك، وما هي أسباب شعورهم بالمسؤولية الزائدة؟

  1. التنشئة الاجتماعية الخاطئة: تعتقد الطبيبة براتر أن السبب الرئيسي في الشعور بالمسؤولية الزائدة هو التنشئة الاجتماعية الخاطئة؛ خاصة حين يضع الوالدان توقعات غير مناسبة ومعايير مستحيلة أمام أطفالهم، حينذاك تُخلق دورة مكتملة من الشعور بالنقص والعقاب يغذيها الإحساس بالذنب ولوم الذات والعار والقلق.
  2. الإصابة باضطراب الوسواس القهري: الشعور بالمسؤولية الزائدة هو أحد التشوهات المعرفية المرتبطة بالوسواس القهري، ففي الوقت الذي يشعر فيه أغلبنا بالقلق من حدوث بعض الأشياء فإن مريض الوسواس القهري لا يستطيع التحكم في أفكاره، وبالتالي قد يلجأ إلى تحمل المسؤولية الزائدة من أجل إيقاف أفكاره المؤلمة حول احتمالية حدوث الأشياء السيئة.

علامات الإحساس بالمسؤولية الزائدة 

يصاحب الشعور بالمسؤولية المفرطة عدة علامات أهمها:

  1. إرضاء الناس، والتي قد تكون محاولة للتحكم في شعور الآخرين تجاهك.
  2. المبالغة في البحث عن التهديدات غير المحتملة لأنك تشعر أنه من واجبك منع حدوثها.
  3. الموافقة على القيام بشيء لا نريد القيام به.
  4. محاولة التأكد من أن كل شخص آخر يشعر أنه بخير.
  5. التحدث نيابة عن أي شخص آخر قادر على التحدث عن نفسه.
  6. حتى عندما تشعر بالإرهاق لا يمكنك التوقف عن الشعور بالمسؤولية.
  7. تضع احتياجات الآخرين في المقام الأول.
  8. الشعور الدائم بالذنب.
  9. تجنب الصراع

العلاقة المتشابكة بين المسؤولية الزائدة واضطراب الوسواس القهري 

تؤكد المستشارة النفسية وأخصائية علم نفس الأسرة آر واي لانغام (R. Y. Langham) أن الشك والخوف هما السمتان الرئيسيتان لاضطراب الوسواس القهري، لكنه ليس الخوف المعتاد يومياً الأمر أكثر حدة واستمرارية، وبالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الوسواس القهري فإن المسؤولية المفرطة تمكنهم من السيطرة ولو قليلاً على الشك والخوف؛ فالطريقة الوحيدة لإيقاف الهواجس والأفكار التي تحتل عقل مريض الوسواس القهري هي تحمل المسؤولية المفرطة نيابة عن الآخرين.

وعلى الرغم استحواذ إحساس الخوف من حدوث شيء سيئ لدى الأشخاص الذين يعانون من الوسواس القهري إلا أن هذا الخوف غالباً ما يركز على سلامة الآخرين – وليس بالضرورة أنفسهم، حيث يتجاهل الكثير من المصابين بالوسواس القهري صحتهم وسلامتهم وسعادتهم، ويركزون على ما يحدث مع الآخرين. هذا مثال رئيسي على الشعور بالمسؤولية المفرطة.

نصائح وإرشادات عملية للتغلب على الشعور المفرط بالمسؤولية 

قدمت الأخصائية النفسية الإكلينيكية في مركز القلق والاضطرابات بجامعة بوسطن، إلين هندريسكن (Ellen Hendriksen) عدة نصائح وإرشادات من أجل التغلب على الإحساس المفرط بالمسؤولي، من أهمها:

  1. إعادة المسؤوليات: تنصح هندريكسن بالتعامل مع المسؤوليات المفرطة بنفس طريقة التعامل مع كتب الاستعارة ولهذا يجب إعادتها لأصحابها مرة أخرى؛ ففي العمل على سبيل المثال إذا كنت تقوم بأعباء ليست من اختصاصك اطلب بلطف من الآخرين القيام بمسئولياتهم.
  2. قبول المساعدة: تدرب على قبول كل ما يُمنح لك، اقبل المجاملات، واقبل عروض المساعدة ولا تفكر في كيفية ردها أو في أنك تُثقل كاهل من يقدمها؛ بدلاً من ذلك، فكّر في الأمر على أنه طريقة لمشاركة الشعور بالدعم الذي يجعلك تشعر بالرضا. بعد ذلك، وبمجرد أن تشعر بالارتياح لقبول المساعدة سوف ننتقل إلى الخطوة الأكبر وهي طلب المساعدة.
  3. إعادة صياغة أفكارك حول إنقاذ الآخرين: حين تشعر بالمسؤولية المفرطة عن الآخرين فهذا يعني شعورك بأنك كفء وبأن الآخرين غير أكفاء أو على الأقل أقل كفاءة منك، ولهذا تخلَ عن المسؤولية المفرطة من أجل مساعدة الآخرين على تطوير مهاراتهم.

وفي سياق متصل أكد استشارى الطب النفسي والعلاج المعرفي السلوكي دكتور حسين آل عماد على ضرورة الالتزام ببعض الإرشادات من أجل التغلب على الشعور بالمسؤولية المفرطة مثل:

  • فرز المهام بدقة بين مسؤولياتي ومسؤوليات الآخرين.
  • تفويض المهام من أجل تخفيف الأعباء.
  • التصالح مع فكرة محدودية الطاقة ومع فكرة أننا لن نقدر على تحمل كل مسؤوليات الآخرين.
  • قول لا ورسم الحدود بوضوح ولطف مع الآخرين.

في النهاية عزيزي الشخص الذي يتحمل المسؤولية المفرطة نيابة عن الآخرين؛ ركز على حبك للمحيطين عوضاً عن إهدار الطاقة على خوفك من عدم قيامك بما يكفي لأجلهم. اسمح لنفسك بالتفكير ملياً في شعورك بالرضا بدلاً من الرغبة العارمة في المساعدة؛ في البداية سوف تجد نفسك في دوامة الشعور بالذنب ولكن هذا الشعور يمكن التغلب عليه من خلال استراتيجيات الرعاية الذاتية مثل اليوغا والتأمل وتمارين اليقظة وممارسة الهوايات الإبداعية.