ملخص: هل سألت نفسك من قبل: مَن الأكثر عدوانية؛ الرجال أم النساء؟ الحقيقة أن الإجابة قد تبدو بديهية للغاية للبعض وهي أن الرجال أكثر عدوانية وعنفاً؛ لكن الواقع مختلف قليلاً، فوفقاً للدراسات العلمية؛ الأمر شديد التعقيد ولا توجه له إجابة سهلة، وإليكم في هذا المقال الفرق بين السلوك العدواني عند الرجل وعند المرأة.
محتويات المقال
توجد عدة اختلافات بين الرجال والنساء؛ ومن بين أهم تلك الاختلافات السلوكية تأتي العدوانية. وبغض النظر عن الجنس، يتبنى الأطفال سلوك العدوانية بين سن الثانية إلى الرابعة؛ لكن الفتيات يتعلمن كيفية قمع تلك السلوكيات العدوانية بسرعة أكبر، وبحلول سن البلوغ، تكون ثمة فجوة كبرى بين الجنسين في العدوانية، ففي رأيكم مَن الأكثر عدوانية؛ الرجل أم المرأة؟ إليكم الإجابة في هذا المقال من خلال الدراسات العلمية الحديثة.
ما هو السلوك العدواني؟
العدوان هو سلوك اجتماعي معقد له أسباب ومظاهر عديدة، والحقيقة أنه يتخذ أشكالاً مختلفة؛ حيث يمكن أن يكون العدوان جسدياً مثل الصفع أو لفظياً مثل الصراخ والإساءة، ويمكن أن يكون مباشراً بطبيعته مثل الانتقام من زميل في العمل، أو غير مباشر بهدف إلحاق الضرر بالسمعة وذلك مثل نشر شائعات حول زميل العمل من وراء ظهره.
أنواع السلوك العدواني
يؤكد أستاذ علم النفس، ريان مارتن (Ryan Martin)، إن الرجال والنساء يغضبون بالوتيرة نفسها تقريباً؛ لكن الرجال يميلون إلى التعبير عن غضبهم بطريقة أكثر عدوانية، وعادة ما ينقسم السلوك العدواني إلى فئتين هما:
- العدوان الاندفاعي: وهذا النوع من العدوان يُعرف أيضاً باسم "العدوان العاطفي"، وعادة ما ينبع مباشرة من المشاعر التي تمر بها في تلك اللحظة. وإذا لم تتمكن من الوصول إلى الشخص أو الشيء الذي يزعجك، فقد تعيد توجيه هذا العدوان نحو شيء أو شخص يمكنك الوصول إليه؛ بما يشمل نفسك. ومن أهم أمثلة العدوان الاندفاعي:
- إذا قاطعتك سيارة أخرى في حركة المرور وبدأت الصراخ وتوبيخ السائق الآخر، فأنت تعاني العدوان الاندفاعي.
- إذا تلقيت هدية من صديق لك ولم تعجبك هذه الهدية فبدلاً من الاعتذار عن قبولها قررت أن ترميها على الأرض وتدوس عليها فهذا عدوان اندفاعي.
- العدوان المعرفي: ويمكن أن يُطلق على هذا النوع أيضاً اسم "العدوان الذرائعي". ويرتكز على التخطيط والنية المسبقة لتحقيق رغبة أو هدف معين. وهذا العدوان ليس مبنياً على الغضب؛ لكنه يهدف بالأساس إلى إلحاق الأذى بشخص آخر، ويمكن أن يحدث العدوان المعرفي في مكان العمل، أو في البيئات الاجتماعية، أو بين مجموعات الأصدقاء، أو في المدرسة. ومن أهم أمثلة العدوان المعرفي:
- حين يقوم أحد الأشخاص بتخريب عمل زميله في العمل للحصول على فرصة أفضل للترقية.
- شخص يؤذي سيارة صديقه حتى يتأخر عن موعد مهم.
اقرأ أيضاً: 9 سلوكيات عدوانية في العلاقات كيف تكتشفها وتتعامل معها؟
ما الفرق بين العدوان والعنف؟
غالباً ما نصادف مصطلحَيّ "العدوان والعنف" معاً، وقد نعتقد أنهما مصطلح واحد لا ينفصل. صحيح أن العدوان والعنف غالباً ما يتزامنان لكنهما في الواقع شيئان مختلفان؛ حيث يشير العنف إلى الاعتداء الشديد الذي يهدف إلى التسبب في ضرر جسيم، وبعبارة أخرى: العدوان لا ينطوي دائماً على العنف؛ لكن العنف ينطوي دائماً على العدوان.
لنفترض معاً أنك غضبت من أخيك في أثناء مشاجرة وألقيت كتابك في أحد أنحاء الغرفة بسبب الإحباط. لم تقصد أن تضربه؛ لكن الكتاب ضرب رأسه مخلفاً كدمة. سيكون ذلك عملاً من أعمال العدوان الجسدي ولكن ليس بالضرورة العنف؛ أما إذا ا قمت بدفع أخيك إلى الحائط ثم ضربته بهدف إيذائه، فسيكون ذلك عملاً من أعمال العنف.
4 علامات للسلوك العدواني
غالباً ما ينطوي العدوان على أذىً جسدي أو لفظي؛ لكنه قد يشمل أيضاً الإكراه أو التلاعب، ومجرد التفكير في إيذاء شخص أو الشعور بالغضب ليس عدواناً كما أن إيذاء شخص عن طريق الخطأ ليس عدواناً. وهذه أهم علامات السلوك العدواني:
- العدوان الجسدي مثل الضرب واللكم والصفع وأي أفعال أخرى تسبب الأذى الجسدي.
- العدوان اللفظي مثل التنمر والشتائم الملاحظات القاسية وغير اللطيفة التي تهدف إلى التسبب بالضيق والألم، ويندرج خطاب الكراهية تحت بند هذه الفئة.
- العدوانية السلبية مثل تجاهل شخص ما في أثناء مناسبة اجتماعية.
- العدوان عبر الإنترنت وهو أحد أساليب العدوان غير الجسدي الذي يمكن أن يسبب ضرراً جسيماً للآخرين.
ما الأسباب التي تؤدي إلى السلوك العدواني؟
عادة لا يكون للسلوك العدواني سبب واحد محدد؛ حيث إن هناك عدداً من العوامل يمكن أن تسهم في السلوك العدواني؛ مثل:
- العوامل البيولوجية: قد تكون الاختلالات في بعض الهرمونات مثل هرمون التستوستيرون والكورتيزول، والناقلات العصبية مثل السيروتونين والدوبامين وحمض غاما أمينو بيوتريك (GABA)، مرتبطة بالعدوانية. يمكن أن تؤثر بنية الدماغ أيضاً في العدوان؛ حيث يميل الأشخاص الذين يعانون تشوهات هيكلية في اللوزة الدماغية إلى إظهار عدوانية أكثر من أقرانهم.
- العوامل البيئية: تلعب الطريقة التي ينشأ بها الأفراد دوراً في مدى انخراطهم بالسلوك العدواني؛ حيث إن الأشخاص الذين نشؤوا وهم يشهدون العدوان أكثر عرضةً إلى الاعتقاد أن العنف والعداء مقبولان اجتماعياً؛ كما أن التعرض للصدمة في أثناء الطفولة يمكن أن يؤدي إلى السلوك العدواني في مرحلة البلوغ.
- العوامل النفسية: يمكن أن ترتبط عدةٌ من حالات الصحة النفسية بالسلوك العدواني؛ بما فيها:
- اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD).
- الاضطراب الثنائي القطب.
- اضطراب الشخصية الحدية (BPD).
- اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).
- اضطراب التحدي المعارض (ODD).
اقرأ أيضاً: كيف تكتشف الشخصية العدوانية السلبية؟
ما العوامل التي تؤثر في السلوك العدواني عند الرجل والمرأة؟
أكدت دراسة بحثية نشرتها جامعة شيكاغو (University of Chicago) أن الرجال في الثقافات كافةً أكثر عدوانية جسدياً من النساء. ووفقاً لما ذكره مكتب الأمم المتحدة المعنيّ بالمخدرات والجريمة؛ فإن الرجال أكثر عنفاً من النساء، وعادة ما ينشأ هذا الاختلاف بين الجنسين بسبب عوامل بيولوجية واجتماعية، وتأتي البداية من عمل هرمون التستوستيرون الذي يؤدي إلى إنتاج سلوكيات ذكورية مثل العدوان والسعي الجنسي إلى الإناث.
والاختلاف الآخر بين الجنسين يرجع إلى عوامل اجتماعية وثقافية؛ فمنذ قديم الزمان، كان الرجال يشاركون في الحرب ويذهبون إلى الصيد لأنهم أقوى جسدياً من النساء، وقديماً كانت الحروب وسيلة من أجل كسب المكانة الاجتماعية؛ وهكذا تطور الأمر وأصبحت غالبية الثقافات تكافئ الرجال لكونهم محاربين وتعاقب النساء لكونهن عدوانيات. في الواقع، تحرّم الأعراف الاجتماعية الاعتداء الجسدي على النساء، وعندما تتصرف النساء بعدوانية وتكون مهيمنة، فغالباً ما يواجهن رد فعل عنيفاً ضدهن؛ ولهذا تختار نساء عديدات التصرف على نحو أقل عدوانية لأن الأدوار الجندرية تنص على أنه لا ينبغي للمرأة أن تتصرف بعدوانية حتى لو استُفزَّت؛ ولكن هل هذا يعني بالفعل أن الرجال أكثر عدوانية من النساء؟
هل المرأة أكثر عدوانية من الرجل؟
ظل علماء النفس يدرسون السلوك العدواني منذ ستينات القرن الماضي، وتكمن قوة تلك الدراسات المتطورة في قدرة الباحثين على التعامل مع المتغيرات الحديثة؛ حيث تشير دراسة بحثية أجرتها المكتبة الوطنية للطب (The National Library of Medicine NLM) إلى أنه وعلى الرغم من أن الرجال يُعَدّون أكثر عدواناً من الناحية الجسدية، فإن النساء ينخرطن في صور أخرى من السلوك العدواني؛ حيث يستخدمن العدوان غير المباشر بدرجة مساوية أو أكبر من الرجال.
ويحدث العدوان غير المباشر عندما يقوم شخص ما بإيذاء شخص آخر خفية؛ ويشمل نشر الشائعات الكاذبة، والنميمة، واستبعاد الآخرين من مجموعة اجتماعية، والتلميحات دون اتهام مباشر، وانتقاد مظاهر الآخرين أو شخصياتهم. وفي سياق متصل، يؤكد المختص النفسي عبد الله الجطيلي إن عدوانية المرأة أكثر تخفياً من الرجال ويصعب كشفها، ويشير الجطيلي إلى دراسة بحثية نشرتها دورية الفروقات الفردية والشخصية (Personality and Individual Differences) توضح أن النساء التنافسيات ينصحن النساء الأخريات بقص شعرهن حتى لو كان بصحة جيدة وذلك بهدف تقليل جاذبيتهن في أعين الآخرين، ولا يقتصر عدوان النساء على ذلك؛ حيث يمتد ليشمل التلاعب النفسي من خلال النصائح غير الصادقة أو المخادعة.