ملخص: هل أنت من هواة أفلام الأبطال الخارقين مثل باتمان أو سوبرمان؟ قد يكون هذا خبراً ساراً لأن لهذه الأفلام فائدة أخرى أهم من التسلية والترفيه، فوفقاً لدراسة علمية حديثة فإن شخصيات هذه الأفلام تلهمنا على نحو أعمق مما نتصور، وتعزّز لدينا خصلة الإيثار. يتمتع الأبطال الخياليون عادة بسمات مثل الشجاعة والقدرة على التحمل والهيبة، وقد يساعدنا التماهي مع شخصياتهم على التحلي بالمزيد من الإيثار والتعاطف مع الآخرين. واستنتجت الدراسة ذلك بعد إجراء تجربة أولى شاهد خلالها المشاركون مشهداً من فيلم "باتمان ضد سوبرمان" يظهر فيه البطل وهو ينقذ أسيرة من أشرار مسلحين، وأدى ذلك إلى تعزيز السلوك الاجتماعي لدى المشاهدين. وفي التجربة الثانية ركزت الدراسة على الحس الأخلاقي للبطل ودوره في تحفيز الإيثار والتعاطف، حيث اتضح ميل المشاركين إلى تبرير سلوكياته العنيفة نظراً إلى اعتقادهم أنها في الصالح العام. وخلُصت الدراسة إلى أن تصور الأبطال الخارقين باعتبارهم منقذين ومدافعين عن الآخرين يعزز التعاطف مع سلوكياتهم والتعامل بإيثار مع مَن حولنا.
محتويات المقال
يجد هواة الأفلام السينمائية في معظم الأحيان شخصية تترك لديهم انطباعاً مؤثراً. قد تكون هذه الشخصية خصماً يميلون إلى كراهيته، أو شخصاً رومانسياً يحلمون بلقائه أو بطلاً يودون أن يكونوا مثله. ومن الشائع أن تكون لنا قدوة نتمنى أن نتماهى معها أكثر، لكنها قد تؤثر فينا بطريقة أعمق مما نعتقد.
يتمتع بعض الأبطال الخياليين بخصال ومزايا أفضل من آخرين، مثل الشجاعة والقدرة على التحمل والإلهام والنزاهة والهيبة. وهذا ما ينطبق على الأبطال الخارقين مثلاً. والجانب المشرق في هذا الأمر هو أن إعجابك بهم قد يؤدي دوراً في بناء شخصيتك وميلك إلى الإيثار.
دراسة علمية ترصد تأثير الأبطال الخارقين في سلوك المشاهدين
في دراسة نشرتها دورية علم النفس (The Journal of Psychology) اهتم الباحثان كارلوس إدواردو بيمينتيل (Carlos Eduardo Pimentel) وإيزابيلا لياندرا سيلفا سانتوس (Isabella Leandra Silva Santos) بموضوع تأثير أفلام الأبطال الخارقين في سلوكياتنا الاجتماعية. يشير مفهوم السلوكيات الاجتماعية إلى الأفعال المخصصة لمساعدة الآخرين وفقاً لمقال المختصة في التأهيل النفسي الاجتماعي كيندرا شيري (Kendra Cherry) في موقع فيري ويل مايند (Very Well Mind). وكتبت عن ذلك ما يلي: "تهتم هذه الأعمال بحقوق الآخرين ومشاعرهم ورفاهتهم، وتشمل السلوكيات التي يمكن وصفها بالاجتماعية، التعاطف مع الآخرين والاهتمام بهم". فهل هناك من هو أكثر اهتماماً بالآخرين من الأبطال الخارقين في السينما؟
لإنجاز دراستهما العلمية أجرى الباحثان تجربتين. في التجربة الأولى وزّعا 200 مشارك برازيلي عشوائياً على مجموعتين: الأولى تجريبية والثانية مجموعة ضابطة. شاهد المشاركون في المجموعة التجريبية مشهداً من فيلم "باتمان ضد سوبرمان" (Batman v Superman) تقل مدته عن 5 دقائق. في هذا المشهد يظهر باتمان وهو يقاتل العديد من الأشرار المسلحين لإنقاذ الشخصية الأسيرة مارتا وفقاً لما ذكره موقع ساي بوست (PsyPost)، في حين شاهدت المجموعة الضابطة مقطعاً محايداً.
بعد المشاهدة كان على المشاركين تبنّي سلوك اجتماعي يتمثل في توزيع قطع شوكولاتة على مشاركين جدد في تجربة أخرى. واستخدم الباحثان عدد قطع الشوكولاتة التي وزعها كل مشارك مؤشراً لقياس درجة سلوكه الاجتماعي. كما عملا أيضاً على تقييم مستوى التعاطف الذي يظهره. في التجربة الثانية أضاف الباحثان عاملاً آخر هو التبرير الأخلاقي. فطلبا من المشاركين تقييم سلوكيات باتمان العنيفة، وهل هي مبررة أو لا.
الحس الأخلاقي للأبطال الخارقين محفّز على الإيثار
كشفت النتائج أن المشاركين الذين شاهدوا مشهد البطل الخارق أفادوا بأنهم شعروا بمستويات أعلى من التعاطف، مقارنة بالمشاركين المنتمين إلى المجموعة الضابطة. وقد اعتمد الباحثان على مفهوم التعاطف الترابطي نظراً إلى أنهما أخذا بعين الاعتبار صوراً مختلفة من التعاطف. كما أن المشاركين أظهروا تماهياً أكبر مع شخصية باتمان، التي أثرت في سلوكياتهم بعد التجربة، إذ منحوا كمية من الشوكولاتة أكثر قليلاً من المشاركين المنتمين إلى المجموعة الضابطة.
وفي التجربة الثانية كان المشاركون الذين شاهدوا مشهد البطل الخارق أكثر ميلاً إلى تبرير سلوك باتمان العنيف. وقادهم هذا الاعتقاد إلى مستويات أعلى من السلوك الاجتماعي. لذا؛ افترض الباحثان أن تصور الأبطال الخارقين باعتبارهم منقذين ومدافعين عن الآخرين، ربما دفع المشاهدين إلى قبول سلوكياتهم العنيفة باعتبارها ضرورية للصالح العام، وهو الاعتقاد الذي تحول بعد ذلك إلى رغبة في مساعدة الآخرين. وبالتالي، فإن التماهي مع الشخصيات وتبرير أفعالها قد يكون وراء تعزيز السلوكيات الاجتماعية الإيجابية بعد المشاهدة.