من رمش العين غير المرغوب، إلى تكشير الوجه غير المنضبط أو حتى تطهير الحلق باستمرار… هي بعض أعراض اضطراب التشنجات اللاإرادية العصبية التي يعاني منها نسبة كبيرة من الأطفال دون سن 12 عاماً. يعاني 2 إلى 6% من الأطفال دون سن 12 عاماً من التشنجات اللاإرادية، وبينما تهدأ معظم هذه التشنجات -كما تحدث- بسرعة، فإنها يمكن أن تكون سبباً رئيسياً لقلق الوالدين. ولكن هل هذه التشنجات اللاإرادية لدى الطفل مدعاة للقلق حقاً؟ ومتى يكون من الضروري مراجعة الطبيب؟ تجيبنا عن هذه الأسئلة فرانسين لوسير؛ المختصة في علم النفس العصبي.
- اضطراب شائع وعادةً ما يكون خفيفاً
- لا تخلط بين التشنجات اللاإرادية والاضطرابات الأخرى
- من يجب أن أستشير؟ وما هي كيفية علاج التشنجات اللاإرادية المستمرة؟
"يعاني ابني البالغ من العمر 5 سنوات العديد من التشنجات اللاإرادية، فماذا أفعل؟"،" يعاني ابني البالغ من العمر ثماني سنوات من ارتعاش في الفم منذ 8 أشهر، كيف يمكنني تهدئته؟" هناك على الإنترنت عدد لا يحصى من شهادات الآباء القلقين بشأن التشنجات اللاإرادية التي يعاني منها أطفالهم، وتعد المظاهر المرتبطة بها؛ مثل تكشير الوجه دون سبب، أو إصدار أصوات مزعجة أو تطهير الحلق طوال الوقت، مصدراً حقيقياً للقلق بالنسبة لهم. كما أن كثرة شهادات الآباء حول هذا الموضوع هي بسبب ارتفاع معدل انتشار هذه التشنجات بين الأطفال، واعتماداً على طريقة الحساب؛ تراوح نسبة الأطفال الذين يعانون منها بين 2 و 6% وقد تصل وفقاً لبعض التقديرات، إلى 18.5%!
اضطراب شائع وعادة ما يكون خفيفاً
وتوضح فرانسين لوسير؛ المختصة في علم النفس العصبي ومؤلفة كتاب "التشنجات اللاإرادية؟ الوسواس القهري؟ أزمات متفجرة؟ ... متلازمة توريت" (Tics ? TOC ? Crises explosives ?... Un syndrome de Gilles de la Tourette)، أن اضطراب التشنجات اللاإرادية لدى الأطفال، وإن كان شائعاً نسبياً، فهو يُعتبر حميداً بصفة عامة. "تعد التشنجات اللاإرادية العصبية شائعة لدى الأطفال، خاصة في سن السادسة أو السابعة، ولا داعي للقلق حيال ذلك. إذا ظهر هذا الاضطراب بعد هذا العمر لمدة تزيد عن عام، وكان مصحوباً بأعراض أخرى، فقد تكون الاستشارة الطبية خطوة جيدة. وبالمثل، فمن المفيد رؤية الطبيب إذا بدا أن التشنج اللاإرادي "مهاجر"؛ أي أنه يغير موقعه التشريحي - على سبيل المثال: رمش العين الذي يتحول إلى اهتزازٍ في الكتف".
وتؤكد غالبية البيانات الطبية المتاحة اليوم أن التشنجات اللاإرادية، سواء كانت عابرة -أي عندما تكون تلقائية أو مؤقتة- أو مزمنة، أو عندما تعود كنوبات، لا ينبغي أن تكون مصدر قلق خاصة إذا لم تكن مصحوبة بأعراض أخرى. كما ثبت أن التشنج العصبي عند الطفل يظهر كرد فعل لديه عندما يواجه فترات من التوتر أو القلق، أو يتعرض لأحداث يمكن أن تزعزع استقراره، وهي تترافق بطريقة طبيعية مع مراحل نموه.
لا تخلط بين اضطراب التشنجات اللاإرادية العصبية والاضطرابات الأخرى
يمكن أن يكون مظهر بعض التشنجات اللاإرادية لافتاً أكثر من غيره؛ كما هو الحال عندما يكون لدى الطفل تشنج في الوجه مصحوب بتعبيرات قوية، أو عندما يصدر أصواتاً مزعجة بفمه، مثل النباح أو الهدر. ومع ذلك؛ ليس هناك عرّات (تشنجات لا إرادية) -بسيطة أو معقدة- أكثر إثارة للقلق من غيرها. هناك بالمجمل أربعة أنواع من التشنجات اللاإرادية:
- العرّات الحركية "البسيطة"؛ مثل رمش العينين، والتكشير، واهتزاز الكتف أو الرقبة، وانقباض عضلات معينة، وما إلى ذلك.
- العرّات الحركية "المعقدة": وهي تبدو سلوكيات عادية ولكنها غير مناسبة لأنها شديدة ومتكررة؛ مثل اهتزاز الرأس، والحاجة إلى لمس أشياء معينة، والقيام بإيماءات غير مناسبة، وما إلى ذلك.
- التشنجات اللاإرادية الصوتية البسيطة؛ مثل تطهير الحلق، والزمجرة، وضوضاء الفم.
- التشنجات اللاإرادية الصوتية المعقدة: اللفظ مع المعنى؛ مثل الإهانات والألفاظ النابية.
ومع ذلك؛ يبدو أن بعض التشنجات اللاإرادية يمكن أن تكون مزعجة أكثر من غيرها. تقول فرانسين لوسير: "ولكن على العموم - باستثناء حالة متلازمة توريت، فإن التشنجات اللاإرادية خلال مرحلة الطفولة تُعتبر معتدلة ولا تعيق حياة الطفل".
"وبالتالي؛ يجب ألا نخلط بين التشنجات اللاإرادية واضطرابات الوسواس القهري، فليس لهما نفس الأصل العصبي. في حالة اضطراب الوسواس القهري عموماً؛ يكون لدى المصاب به شعور بالالتزام النفسي، إذا غسلت يدي، فذلك لأن لدي انطباع بأنني مصاب بمرض ما، وإذا قمت بتشغيل الضوء أو إيقافه بطريقة قهرية، فذلك لأنني خائف، إذا لم أفعل ذلك؛ ستحدث لي كارثة. لا توجد مثل هذه النية في حالة التشنجات اللاإرادية، فعلى الرغم من أن الرغبة في التعبير عن التشنج اللاإرادي يمكن أن تنتج إحساساً غير سار في الجسد، فليس هنالك سلوك رمزي مصاحب لها".
من يجب أن أستشير؟ وما هي كيفية علاج التشنجات اللاإرادية المستمرة؟
عندما تصبح التشنجات اللاإرادية عنيفة للغاية، أو عندما تكون مصحوبة بمظاهر أخرى؛ مثل الاضطرابات السلوكية على سبيل المثال، فإن رد الفعل الجيد الأول هو عدم تهويل الموقف وعدم جعل الطفل يشعر بالذنب بسبب سلوكه. أما الخطوة الأولى المُوصى بها هي استشارة طبيبك العام حتى تتمكن من إجراء تشخيص واضح، وربما التساؤل عن احتمال وجود متلازمة توريت.
إذا كان اضطراب التشنجات اللاإرادية العصبية متأزماً، فقد يُنصح باستشارة طبيب نفسي الذي قد يصف أحياناً أدوية مهدئة أو مضادات الذهان. كما يمكن أن تكون بعض تقنيات الاسترخاء؛ ثل التأمل أو السوفرولوجيا، أو العلاجات السلوكية المعرفية مفيدة لتهدئة نوبات التشنجات اللاإرادية أو لتعليم الطفل كيفية إدارة هذه النوبات إدارة أفضل.