4 تمارين فعالة لاستكشاف ذاتك وإطلاق العنان لعقلك الباطن

3 دقيقة
لا وعيك
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: كيف تستكشف لا وعيك الدفين وتسمح له بالانبثاق؟ ثمّة أساليب عديدة تساعدنا على التأمل واليقظة والوعي الكامل بما حولنا، والانغماس في اللحظة الحاضرة. لكن التعمّق في اللاوعي ليس غاية بسيطة يمكن أن نصل إليها في أيّ وقت نشاء، لأنها ليست مسألة إرادة فحسب. يقدّم المقال التالي 4 أساليب متنوعة يمكن أن تساعدك على استكشاف لا وعيك والتعمّق في مخزونه النفسي.

“أريد أن أسترشد باللاوعي”. هذه العبارة تلخّص الخطأ الأول الذي نرتكبه وفقاً للطبيب والمختص في التنويم المغناطيسي جان مارك بناييم (Jean-Marc Benhaiem)، الذي صدر كتابه الأخير بعنوان “فن التنويم مع فرانسوا روستانغ” (L’Art de l’hypnose avec François Roustang) عن دار النشر أوديل جاكوب (Odile Jacob). يقول جان مارك بناييم: “الوصول إلى اللاوعي ليس مسألة إرادة فحسب، من الأفضل أن نسمح له بالتعبير عن مخزونه وأن نعزّز إمكانية انبثاقه”. لتحقيق ذلك يجب أن تتخلّى عن السيطرة. “عليك أن تتخلّى عن سيطرة العقل الذي يفكّر وتسمح لنفسك باستشعار جسدك، أن تعطّل قشرة الدماغ المسؤولة عن التفكير المنطقي لتنشّط القشرة الفرعية التي تتجاوب تلقائياً مع ما هو صالح لك”. تقبُّل الواقع والتخلّي عن السيطرة أمر في متناول الجميع. “نحن نحتفظ في الذاكرة بهذا النهج الفطري القديم الذي يتّبعه الرضيع أيضاً، لكنّنا أصبحنا أقلّ استخداماً له، المطلوب إذاً هو أن نعود إلى ممارسته، ليس من الضروري أن نفعل ذلك دائماً، ولكن أن نفعله بانتظام على الأقلّ”. هناك طريق سالكة إلى اللاوعي إذاً، بل هناك “عدّة” طرق. لا تحتاج إلى أيّ تحضيرات، عليك فقط أن تتّخذ وضعية مريحة مدّة 10 دقائق ثم تغوص في تأمل ذاتك.

1. التأمل

وفقاً لجان مارك بناييم يجب أن نغيّر اسم “اليقظة الذهنية الكاملة” ونستخدم بدلاً منه مصطلح “عدم اليقظة الذهنية الكاملة”. “هناك مختصّون مثل الفيلسوف الفرنسي فابريس ميدال (Fabrice Midal) يفضّلون استخدام مصطلح الحضور الكامل، لأن الأمر يتعلّق فعلاً بتحويل الانتباه نحو ما يحدث في الحاضر، وتعزيز الحضور الفعلي لفائدة الذات، من حقّك أن تُبحر في عالمك الذهني، لكنّ السرّ يكمن في عدم تعلّقك به كي تتمكّن من تعزيز مرونتك، راقب ما يحدث وتقبّله ثم دعه يتبدّد تلقائياً”. يشبه هذا المبدأ فكرة “الارتباط الحرّ” في العلاج المرتكز على التحليل النفسي حيث يُطلب من المريض أن يبوح بما يدور في ذهنه بالكامل. التمرينركّز على ما يحدث بداخلك هنا والآن. ابدأ بمراقبة التنفس دون أن تغيّر إيقاعه، ثم تأمّل المعلومات التي تنقلها إليك حواسّك الخمس. ماذا ترى؟ مكتبك أم المصباح الذي يضيء غرفتك؟ ماذا تسمع؟ الضجيج أم صوت تهاطل المطر؟ ما الشيء الذي تلمسه؟ هل تلمس مقعد الأريكة؟ ماذا تشمّ؟ رائحة الخشب أم هواء المكيّف؟ ما الطعم الذي تتذوّقه بلسانك؟ هل هو طعم معجون الأسنان؟ ستلاحظ أن الأفكار تظهر وتختفي، فلا تحاول السيطرة عليها. افسح المجال أيضاً لبروز عاطفة ما. ما العاطفة التي تشعر بها؟ هل هي حزن أم فرح؟ راقب ببساطة ما ينبع من داخلك.

2. التنويم المغناطيسي الذاتي

لماذا ينجح التنويم المغناطيسي مثلاً عندما نرغب في التوقّف عن التدخين؟ “لأنّ شرايينك ورئتيك تدركان جيداً أن التبغ سامّ، بينما يرى عقلك أن تدخين السيجارة ضروري، ويمثّل لحظة استراحة مستحقّة”. لذا؛ فإن المختّص في التنويم المغناطيسي لا يستهدف العقل خلال الجلسات العلاجية بل يركّز على الجسد. “لكنّنا نمارس جميعاً التنويم المغناطيسي الذاتي للتكيّف وتجاوز فشل ما على سبيل المثال أو تغيير حالاتنا النفسية”. يمكننا إذاً اللجوء إلى هذا النهج لتحقيق هدف محدّد هو إيقاظ اللاوعي. التمرينأفرغ عقلك، “ابدأ بتخيّل محتوى أفكارك ومخاوفك وهمومك، وما يشوش ذهنك، واصنع من ذلك كلّه كرة خيالية من الصوف على سبيل المثال، ثم تخيّل أنها تسري في جسدك، تخيّلها وهي تنزل من رأسك إلى أسفل رقبتك وتمرّ بذراعيك، ثم تعبر حوضك وأسفل ساقيك وصولاً إلى قدميك. وواصل تخيّلك حتّى تفرغ عقلك تماماً”.

3. التمرين الآسيوي

“كي تلج عالم الإبداع لا بدّ أن تتخلّص من أيّ شكل من أشكال السيطرة وتعيد اكتشاف مزايا العفوية والشكّ وعدم اليقين، يمرّ الدماغ في رحلته بين الوعي واللاوعي بحالة ارتباك، والفنانون هم الذين يعرفون في الغالب كيفية التعامل مع هذه اللحظات الملهمة، حيث يفاجَؤون في أوج حالة الركود الإبداعي التي قد تعتريهم بانبثاق إشراقة إبداعية”.

التمرينأسهل مداخل الإبداع الرسم والكتابة التلقائية اللذان يوصفان أحياناً بأنهما أسلوبان إبداعيان إسقاطيان أو بديهيان أو موجّهان. لن تحتاج إذاً إلّا إلى ورقة أو مذكرة مخصّصة لهذا التمرين وبعض الأقلام الجافة أو الملونة. اختر موضوعاً معيناً (الثقة أو الحبّ أو غير ذلك) أو سؤالاً يشغل بالك ثم دوّن على الورق ما يخطر في ذهنك. لا تحاول أن تنجز رسماً “متقناً” أو تكتب عبارات “صحيحة”، أو تفسّر ما كتبته أو تعلّق عليه، لأن المطلوب هو أن تستسلم لتدفّق مشاعرك وأفكارك. إذا كنت من محبّي الموسيقى فجرّب الموسيقى العفوية، وإذا كنت تحبّ التقنيات الثلاثية الأبعاد، فجرّب فنّ النحت.

4. العلاقة مع الكائنات الحيّة

“للغوص في الذات يمكننا أيضاً أن نسعى إلى الاتحاد مع عالم الأحياء، لأننا لا نكتشف ذواتنا إلا برفقة الآخرين حيث تظهر الأحاسيس والعواطف والأفكار والصور الدفينة”. فالتعامل مع الطبيعة والحيوانات والأطفال يترك دائماً أثره.

التمرين“راقب ما حولك بنظرة علمية، يمكنك مثلاً أن تحصي عدد الأشجار أو الأطفال، أو تلاحظ لون البحر أو ألوان الحيوانات، ثم توقّف عن استخدام عقلك، واستشعر ما يحدث”. هل أنت مرتاح في هذا المكان إلى جانب هذه الكائنات الحية؟ هل تتنفّس بهدوء؟ هل تشعر بالأمان؟ هل تشعر أنك في مكانك الطبيعي؟ “يدرك جسدك هذا كلّه، يكفي أن تنتقل من تصور خارجي إلى تصوّر داخليّ أكثر عمقاً”، ثم تنغمس في قوة الطبيعة وتستعيد طبيعتك الآدمية أو الطفولية.

اقرأ أيضاً: