"هذا العالم نشيده فينهار، ثم نشيده ثانيةً فننهار نحن".
تصادفني الجملة البليغة السابقة بين حين وآخر على منصات التواصل الاجتماعي، ويعبر ناشروها عن انهيار قواهم وعدم قدرتهم على المحاولة من جديد، والاستسلام لحالة: "قُل للرياح تأتي كيفما شاءت، فما عادت سُفننا تشتهي شيئاً"، وفي الحقيقة إن الكلمات التي يعبر بها الأشخاص عن شعورهم بفقدان الرغبة في المحاولة تكون مأساوية وتعكس ألماً دفيناً بداخلهم، لذا سأحاول في هذا المقال أن أقدم لهم إرشادات عملية تساعدهم على الخروج من هذه المساحة التي قد تؤدي إلى تجمد حياتهم.
1. لا تقسُ على نفسك
عندما تخور قواك وتشعر بأنه لا جدوى من المحاولة مجدداً فلا تحكم على نفسك في هذا التوقيت بالتراخي أو الفشل، بل كن رحيماً بها، وحاول بدلاً من لومها أن تتفهم الأسباب التي جعلتك تصل إلى هذا القرار ثم تعمل على معالجتها، فمثلاً إذا كان الفشل يخيفك فجرب أن تفكر في استمتاعك بالمهام التي ستؤديها بغض النظر عن نتيجتها، أو تحدد أهدافاً محددة تستطيع تحقيقها بدلاً من الأهداف الضخمة التي قد تشعرك بالإحباط.
2. استكشف محيطك كأنك تراه أول مرة
هل مارست المشي الاستكشافي من قبل؟ ينطوي هذا النوع من المشي على ملاحظة الأشياء التي لم تلاحظها من قبل، ويعدّ أحد الأساليب المساعدة على تنمية التفكير الإبداعي ومن ثم تعزيز قدرتك على حل المشكلات، وهذا سيجعلك بدرجة كبيرة تستوعب واقعك وفقاً لمنظور جديد يدفعك إلى المحاولة مرة أخرى مطبقاً حلولاً وطرائق لم تكن قد خطرت على ذهنك.
اقرأ أيضاً: 4 روائح طبيعية لتخفيف القلق وتحسين الحالة المزاجية
3. قلل تعرض دماغك للتشويش
نعيش في عصر أصبحت فيه وسائل التواصل الاجتماعي والضغوط الحياتية المستمرة تمثل مصدراً ليس هيناً للتشويش على أدمغتنا قد يصل إلى حد فقداننا لرؤية البوصلة التي تحدد الوجهة التي نبتغيها، ومن ثم نجد أنفسنا وقعنا في فخ عدم رغبتنا في المحاولة من جديد عندما نقع، نتيجة توهمنا أن حياتنا لا تستحق لأننا نرى أنها حياة أقل جودة من تلك التي نراها على حسابات المؤثرين، أو ظناً منا أن الضغوط التي تواجهنا لا توجد لها أي حلول ممكنة، وهذا يعكس أن الحل العملي في هذه الأوقات هو الابتعاد عن كل تلك المشوشات والعمل على تصفية الذهن منها.
اقرأ أيضاً: نصائح لتقليص الوقت الذي تقضيه في تصفح وسائل التواصل الاجتماعي
4. جرب السباحة عكس التيار
ينصحك استشاري العلاج النفسي ياسر عبد الرحمن الغامدي بألا تنتظر شغفك حتى تتحرك وتمارس أنشطتك المعتادة، إنما عليك أن تفعل عكس ما تمليه عليك نفسك حتى تستعيد حماسك تدريجياً. وقد يساعدك على ذلك أن تدوّن يومياً أفعالاً بسيطة تؤديها لا لشيء سوى أن تحافظ على نشاطك، لأنك إذا استسلمت ستجد أن كل يوم هو أسوأ من الذي قبله ولا حل سوى بالتحرك إلى الأمام.
وقد تُيسر عليك قاعدة العشر دقائق الخطوة السابقة، وتعني هذه القاعدة أنك في حال شعرت بعدم قدرتك على أداء مهمة ما فجرب أن تعطيها فقط عشر دقائق من وقتك على سبيل التجربة، هذا سيكسر الحاجز بينك وبينها وستجد نفسك غالباً تمتلك طاقة أكثر مما تتوقع، وبعد مرور عشر دقائق اسأل نفسك إن كنت تريد الاستمرار أم لا؟ وعلى الأرجح ستكون إجابتك بالإيجاب.
5. امزج بين المشقة والمتعة
أحد الأسباب الرئيسية التي تدفعك إلى القول: "لم أعد قادراً على المحاولة من جديد"، هو أن المهام التي تؤديها روتينية مملة ليس بها تشويق أو تجديد، وللتغلب على هذه الإشكالية جرب أن تؤدي مهامك بآلية جديدة تمزج فيها بين المشقة والمتعة، فمثلاً أشعل شمعة معطرة في مكتب عملك أو استمع إلى الموسيقى في أثناء ممارسة الرياضة، أو شارك تقدُّمك في مهمة ما مع صديقك المقرب، المهم ألا تعمل بالطريقة المملة نفسها حتى لا تجد نفسك قد انهرت مجدداً.
اقرأ أيضاً: تأثير زيغارنيك: لماذا نتذكر المهام غير المكتملة أكثر من غيرها؟
6. أخبر من يحبونك بما تعانيه
مجرد قضائك الوقت مع أشخاص يمكنهم دعمك في هذه الفترة الحرجة قد يسهم في تحسين حالتك المزاجية، نعم ربما تشعر برغبتك في الانعزال مع نفسك قليلاً وهذا أمر لا بأس به حتى تتفهم ما يحدث معك، لكنك عندما تشارك مشاعرك في نطاق دائرتك المقربة ستسمح لهم بدعمك وتقديم حلول فعالة لك لتتجاوز هذه المرحلة الصعبة من حياتك.
7. اعتنِ بذاتك
نحن في النهاية بشر نعيش بأجساد وأرواح تحتاج إلى صيانة دورية حتى لا تتعطل، لذا من الضروري أن تضع خطة واضحة لهذه الصيانة تشمل ممارسة الرياضة والخروج من وقت إلى آخر في الطبيعة، والنوم ما يكفيك من ساعات والالتزام بنمط غذائي صحي، واكتشاف مهارات تساعدك على التعامل مع الضغوط، إلى جانب الحرص على تجنب العادات غير الصحية.
8. لا تتردد في طلب المساعدة عند الحاجة
في حال استمرت رغبتك في عدم المحاولة مجدداً أكثر من أسبوعين، فهذا يعني أن طلب مساعدة المعالج النفسي بات ضرورياً حتى تستبعد الأسباب الأكثر خطورة مثل إصابتك باضطراب نفسي أو مرض جسدي.
اقرأ أيضاً: كيف تمنح دماغك استراحة من ضغوط الحياة اليومية؟