هل تنسى ما يقوله الآخرون سريعاً؟ إليك استراتيجيات فعالة لتتذكر أحاديثهم

4 دقيقة
الذاكرة العاملة
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

في عصر تغمره المشتتات الرقمية والضوضاء الذهنية، أصبح الحفاظ على التركيز والاستماع الفعال تحدياً حقيقياً. كثيرون يجدون أنفسهم ينسون تفاصيل المحادثات أو يفقدون خيط الحديث دون قصد. لكن تحسين الذاكرة السمعية والانتباه ممكن من خلال مجموعة من الممارسات البسيطة والمجربة:

  • احرص…

هل سبق أن خرجت من محادثة طويلة مع أصدقائك أو فريق عملك لتكتشف بعد مرور عدة دقائق أنك لا تتذكر سوى ملامح المتحدث ونبرة صوته؟ هل شعرت من قبل بالإرباك لأنك نسيت تفصيلاً مهماً ذكره مديرك في الاجتماع الأسبوعي؟ الحقيقة أن فقدان القدرة على تذكر ما يقال في الأحاديث لا يؤثر في جودة تواصلك مع الآخرين فحسب، لكنه ينعكس أيضاًَ على صورتك المهنية والاجتماعية، وذلك لأن الشخص الذي يصغي جيداً ويتذكر تفاصيل المحادثات المهمة يترك انطباعاَ بالاهتمام والذكاء، وعلى الجانب الآخر فإن ذاكرة هذا الشخص العاملة تتسم بالفعالية، فما هو دور الذاكرة العاملة في تذكر المحادثات؟ وما هي أهم الاستراتيجيات التي يمكن اتباعها لتذكر ما يقوله الناس في أحاديثهم معك؟ الإجابة ستجدها في هذا المقال.

ما هي الذاكرة العاملة؟ ومتى تستخدمها؟

هل تساءلت يوماً عن قدرة عقلك المذهلة على إنجاز قائمة مهامك، وتتبع الأحاديث المهمة خلال يومك الحافل؟ يبدو الأمر سهلاً، لكن ذاكرتك العاملة هي البطل المجهول الذي يتفاعل مع تفاصيل يومك المتغيرة باستمرار، ويمكن القول إن الذاكرة العاملة هي نظام التخزين والمعالجة قصير المدى في دماغك؛ حيث تحتفظ بالمعلومات فترة كافية لاستخدامها في اللحظة المناسبة، تخيلها تشبه وحدة تخزين مؤقتة في دماغك أو سبورة ذهنية، تكتب فيها المعلومات بإيجاز لتتمكن من إنجاز مهامك اليومية، واتخاذ القرارات، وفهم الأفكار المهمة، وتتبع المحادثات.

كما تساعدك الذاكرة العاملة على تعلم مهارات أساسية مثل التفكير المنطقي، وتنظيم الأفكار، والتخطيط، وتعدد المهام، وحل المشكلات، واتخاذ القرارات؛ ما يجعلها حيوية لإدارة الحياة اليومية وتحقيق الأهداف. وعادة ما تستخدم ذاكرتك العاملة خلال اليوم في إنجاز هذه المهام:

  1. تذكر التعليمات، مثل اتباع وصفة معينة في أثناء الطهو.
  2. إجراء عمليات حسابية ذهنية، مثل حساب التكلفة الإجمالية للبقالة في أثناء التسوق.
  3. متابعة المحادثات اليومية، ما يتيح لك الاستماع والرد بفعالية.
  4. تدوين الملاحظات في أثناء الاجتماع أو المحاضرة، حيث تتذكر ما قيل للتو في أثناء كتابته.
  5. تذكر رقم هاتف فترة كافية للاتصال به.

وعلى الرغم من أهمية الذاكرة العاملة في حياتك فإنها لا تعمل بمفردها، بل تعتمد على مهارات وظيفية تنفيذية أخرى، مثل الانتباه؛ إذ يساعد التحكم في الانتباه على إبقاء ذاكرتك العاملة متيقظة؛ فبينما تستقبل معلومات جديدة، يحدد الانتباه المادة التي تستحق الاهتمام، وهو أساسي في نقل المعلومات إلى ذاكرتك القصيرة المدى، والمعروفة أيضاً باسم الترميز.

اقرأ أيضاً: 7 نصائح لتمارس الاستماع الفعال

ما هي التحديات التي تواجه الذاكرة العاملة في المحادثات الاجتماعية؟

يمكن لذاكرتك العاملية أن تؤدي العديد من المهام اليومية بفعالية مثل تدوين الملاحظات، ووضع إشارات بصرية لنفسك لتذكيرك بخطتك، وضبط تذكير مسبق من أجل الرد على رسائل البريد الإلكتروني. وعلى الرغم من ذلك، قد يكون تنظيم ذاكرتك في المحادثات أمراً صعباً لعدة أسباب، منها على سبيل المثال:

  1. تعتمد المحادثات اعتماداً كبيراً على حاستك السمعية، لكنها لا تشرك دائماً الحواس الأخرى التي تسهل التركيز والتذكر.
  2. غالباً ما تفتقر المحادثات اليومية إلى الهيكل والتنظيم الواضحين. على سبيل المثال، قد ينتقل المتحدث من موضوع إلى آخر بسرعة، وهذا لا يحدث مع باقي مهام يومك، مثل تذكر رقم هاتف فترة قصيرة.
  3. لا تعتمد المحادثات على ذاكرتك فقط، لكنها تتطلب أيضاً الاستجابة والرد بفعالية وهو أمر قد يكون صعباً.

اتبع هذه الاستراتيجيات لتتذكر ما يقوله الناس في أحاديثهم معك

تعد الذاكرة العاملة ضرورية للإنتاجية، وذلك لأنها تساعدك على تخزين الكثير من المعلومات واستيعابها، ما يحسن الفهم والكفاءة، كما أنها تمكنك من تتبع مسار الاجتماعات. وحتى تركز على ما يقوله الناس في أحاديثهم معك سواء بالعمل أم خارجه، جرب الاستراتيجيات التالية:

1. احرص على تدوين الملاحظات في أثناء المحادثات 

يمكنك اتباع هذه الاستراتيجية في محادثات العمل فحسب. على سبيل المثال، إذا كنت تحضر اجتماعاً مع مدير الفريق، وأخبرك ببعض المهام التي عليك إنجازها، في هذه الحالة، سيكون تدوين الملاحظات مقبولاً اجتماعياً، يمكنك أن تقول للمدير "أريد تدوين خطوات العمل جميعها حتى أتمكن من إنجازها وفق الشكل المطلوب".

2. تخيل كل ما تريد تذكره

في أثناء محادثتك مع أصدقائك أو أحد أفراد أسرتك، لن تتمكن من تدوين الملاحظات، وفي هذه الحالة، يمكنك استخدام مخيلتك حتى تتذكر ما يقوله الناس في أحاديثهم معك. على سبيل المثال، تخيل أن صديقك يسرد عليك قصة، وكل معلومة يقولها هي جزء من نسيج القصة التي تتخيلها داخل عقلك، في هذه الحالة، سوف تتذكر ما يقوله لاحقاً، فإذا أخبرك صديقك أن طفله الصغير يحب لعب الكرة، ارسم داخل عقلك صورة طفل صغير يلعب بالكرة؛ وقتها لن تنسى هذا التفصيل المهم.

اقرأ أيضاً: ما هي تقنية الساندويتش؟ وكيف تطبقها لتنسحب من المحادثات بلباقة؟ 

3. كن واعياً 

قبل بدء المحادثة، ضع هاتفك جانباً، وتواصل بصرياً، واطرح أي أفكار أخرى تخطر ببالك، وعلى الجانب الآخر، كن منفتحاً ومستعداً لاستقبال أفكار وآراء جديدة، ومهما كانت المحادثة مملة، تعهد بالبقاء حاضراً في اللحظة الحالية، ابذل قصارى جهدك لمقاومة الانغماس في أفكارك الخاصة، أو تشتيت انتباهك عبر تفقد إشعارات هاتفك.

4. جرب استراتيجية الصدى 

تشبه هذه الاستراتيجية فكرة "صدى الصوت"، وتتطلب الإنصات لما يقوله المتحدث باهتمام، ثم تكرار ما قاله، ويمكن القول إن هذا الأمر يساعدك على التركيز في المحادثة، كما يوفر لك بعض الوقت إذا كنت لا تزال تحاول إيجاد طريقة مناسبة للرد.

وعلى الجانب الآخر، يمكنك طرح الأسئلة من أجل إثراء النقاش. على سبيل المثال، إذا أخبرك صديقك أو زميلك في العمل أنه يحس بالتوتر في أثناء بدء العمل، يمكنك أن تسأله "كيف تتعامل مع هذا الشعور؟"؛ الحقيقة أن سؤالك سوف يجعله يحس بالاهتمام من جانبك وأنك تركز على المحادثة، بالإضافة إلى ذلك فإن إجابته سوف تدفع المحادثة إلى الأمام.

5. اشحن دماغك بالنوم الهادئ 

تخيل أنك لم تحظ بقسط كاف من النوم ليلاً، وحين ذهبت إلى العمل وجدت زميلك يتحدث إليك في أمر مهم يخص اجتماع الأمس، وقتها لن تتمكن من تذكر تفاصيل الاجتماع لأن دماغك مشوش وضبابي، لهذا عليك أن تنال قسطاً كافياً من النوم كل يوم، وذلك لأن النوم العميق يرتب المعلومات التي جمعت طوال اليوم لتتمكن من استخدامها مرة أخرى.

وفي هذا السياق، يحذر الطبيب النفسي، إبراهيم حمدي، من أن قلة النوم تسبب أعراضاً شبيهة بالفصام، حيث تؤدي إلى تفكك في التفكير وانفصال عن الواقع، وهلوسات سمعية، ويؤكد حمدي أن النوم هو خط الدفاع الأول عن عقلك.

اقرأ أيضاً: احذر: قلة النوم قد تكشف جانبك المظلم في العمل!

6. مارس التمارين الرياضية بانتظام 

تحسن التمارين الرياضية التي تمارسها بانتظام تدفق الدم، كما أنها تزود دماغك بالأوكسجين وتحافظ على صحته، ويمكن القول إن النشاط البدني ينعش دماغك لأنه يحفز عملية تكوين خلايا دماغية جديدة ويقوي روابطها، ما يعزز ذاكرتك العاملة ويجعلك تتذكر ما يقوله الناس بسهولة ويسر، ومن أهم التمارين الرياضية التي يمكنك ممارستها المشي السريع مدة 30 دقيقة، أو الرقص، أو ركوب الدراجة، المهم هو تحريك جسمك للحفاظ على دماغك في أفضل حالاته.

المحتوى محمي