هل يتعرّف المصابون بارتفاع ضغط الدم على مشاعر الغضب لدى الآخرين بشكل أكبر؟

2 دقائق
ارتفاع ضغط الدم

يعاني أكثر من مليار شخص حول العالم من ارتفاع ضغط الدم، بمعدل 1 من كل 4 رجال، و1 من كل 5 نساء، وهو سبب رئيسي للوفاة المبكرة في جميع أنحاء العالم بحسب منظمة الصحة العالمية (WHO).

وتشير دراسة إيرانية أجراها باحثون من جامعتيّ زاهدان وجرش للعلوم الطبية، إلى أن معدل الانتشار الإجمالي لارتفاع ضغط الدم في منطقة الشرق الأوسط حتى عام 2019، كان نحو 24.36% لمن يعانون من ارتفاع ضغط الدم، ونحو 28.60% لمن هم في المرحلة التي تسبق الإصابة به.

ضغط الدم والمشاعر

هناك علاقة قوية بين ضغط الدم والمشاعر، فهو يؤثِّر ويتأثر بها. في دراسة منشورة بدورية "الطب النفسي الجسدي" (Psychosomatic Medicine)؛ والتي بحثت في فروقات ضغط الدم المرتبطة بالسعادة والغضب والقلق، أشارت النتائج إلى أن الاستثارة العاطفية تزيد من ضغط الدم بنسب متفاوتة؛ حيث كانت الضغوط خلال حالات الغضب أو القلق أعلى وسطياً من تلك التي كانت موجودة في حالة السعادة.

وقد تكون التأثيرات العاطفية أكبر لدى الأفراد الذين يعانون بالفعل من ارتفاع ضغط الدم. بالإضافة إلى ذلك؛ ترتبط طرق التعبير عن ذلك الغضب بضغط الدم أيضاً. تشير دراسة يابانية من جامعة "تسوكوبا" (Tsukuba) إلى أن الرجال الذين لا يعبِّرون عن غضبهم قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم.

اقرأ أيضاً: ما هي أفضل طرق التنفيس عن الغضب؟

ارتفاع ضغط الدم والتحيز لمشاعر الغضب

في دراسة حديثة من "جامعة كونستانس" (University of Konstanz) الألمانية، أراد الباحثون فهم العوامل النفسية والاجتماعية التي قد تساهم في ارتفاع ضغط الدم بشكل أفضل. وتوصلوا إلى أن الرجال المصابين بارتفاع ضغط الدم غالباً ما يتعرّفون على تعبيرات الغضب عند النظر إلى وجه شخص آخر أكثر من المشاعر الأخرى التي تُظهرها تعبيرات وجهه أيضاً.

علاوة على ذلك، فهم يبالغون في التعرف على الغضب الظاهر في تعبيرات وجه الآخرين مقارنة بالآخرين الذين يتمتعون بمستويات ضغط دم منضبطة.

ومن ثم فإن ذلك التحيُّز في التعرف على الغضب يساهم في زيادة ضغط الدم بمرور الوقت إذا كان الشخص يغضب بشكل متكرر ومكثف؛ وهو ما يسمى بـ "سمة الغضب" (Anger Trait).

ما هي سمة الغضب؟

عموماً؛ يتم تعريف سمة الغضب على أنها نزعة إلى إدراك مجموعة واسعة من المواقف على أنها مزعجة أو محبِطة، والميل إلى الاستجابة لمثل هذه المواقف بازدياد مشاعر الغضب، وهي ترتبط بارتفاع ضغط الدم.

وفقاً لدراسة من جامعة "خنان" (Henan) الصينية؛ تتنبأ المستويات العالية من سمة الغضب ببعض العواقب الصحية السلبية. فقد يعاني الأفراد الغاضبون من ارتفاع ضغط الدم ومشاكل نفسية أخرى مثل الشخصية الحدية والزيادة في الأفكار الانتحارية. كما يطول الضرر علاقاتهم الاجتماعية، ويتلقون دعماً اجتماعياً أقل، ولديهم معدلات طلاق مرتفعة.

التعرّف إلى المشاعر المختلطة

في دراسة جامعة كونستانس الحديثة المنشورة بمجلة دوريات الطب السلوكي (Annals of Behavioral Medicine) في 22 مارس/آذار 2022 ؛ والتي أُجريت على 145 رجلاً يعانون من ارتفاع ضغط الدم، قدّم الباحثون للمشاركين صوراً مختلفة لأشخاص غاضبين.

ومع ذلك، فإن تعبيرات وجوه الأشخاص في الصور لم تعرض الغضب فقط؛ بل جمعت الغضب مع واحد من ثلاثة مشاعر أخرى: الخوف والسعادة والحزن. ذلك لأنه في الحياة اليومية نادراً ما تُظهر وجوه الناس عاطفة واحدة فقط، ولأن المشاعر المختلطة هي الأكثر انتشاراً.

كما أظهرت كل صورة عاطفة متفاوتة الشدة، وسُئل المشاركون عن المشاعر التي رأَوْها في الصور. تقول "أليسا أوير" (Alisa Auer)؛ عالمة نفس الصحة البيولوجية والمؤلفة الرئيسية للدراسة: "يتعرف الرجال المصابون بارتفاع ضغط الدم على الغضب أكثر من أي عاطفة أخرى، لذلك فقد بالغوا في الغضب الظاهر على وجوه الآخرين".

اقرأ أيضاً: كيف يمكن التحكم في الغضب بشكل أفضل؟

تحسين علاج ارتفاع ضغط الدم

تضيف أوير أن الخطوة التي تلي تلك الدراسة تتمثّل في تقديم مزيد من الدعم الموجَّه للأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم، والتفكير في طرق علاجية تعالج تصور الشخص للبيئات الاجتماعية من أجل حمايته من التعرُّض المفرط لغضب الآخرين.

وأخيراً؛ قد تكون مثل هذه التدخُّلات العلاجية مهمة لأن أدوية خفض ضغط الدم تعالج عواقب ارتفاع ضغط الدم؛ ولكنها لا تعالج الأسباب المحتَمَلة.

المحتوى محمي